الفصل السادس والأربعون: "ملك"

"هذا شيء لا ينبغي لك قوله، أيها الطفل..."

انطلق صوت رجولي عميق من خلف نيفاليس.

استدار نيفاليس بسرعة، محاولًا اتخاذ وضعية دفاعية، لكن جسده صرخ بالألم. لم يكن قد تعافى بعد.

سقط على الأرض متألمًا.

"اهدأ."

وقعت الكلمة عليه كأمر إلهي... كأن العالم نفسه أُجبر على الطاعة. رعشة جسده توقفت، وضجيج أنفاسه اختفى، وكل شيء من حوله غرق في صمتٍ مطبق.

رفع نيفاليس رأسه ببطء شديد، كأنه يخشى أن يصدر الهواء صوتًا... أن يخالف أوامر ذلك الصوت الغامض.

كان أمامه شيء أسود... إنسان؟

لا... لم يكن بشرًا، لكنه بدا أكثر بشرية من أي إنسان رآه من قبل.

شاب طويل، يقف بثبات كأنه تمثال حيّ لصمت قديم. لم يكن ينتمي إلى هذا العالم.

جسده... كتلة من العتمة الصافية، سوداء كسواد الخلق الأول، تناثرت فيها خيوط من النور الأرجواني، كأنها نجوم تسبح بهدوء في ليل أبدي... لا تضيء، بل تخرق الظلام بوقار.

كان منظره يبعث على الرهبة... الجلالة.

ذكر نيفاليس بذلك التمثال العظيم للمرأة، لكنه كان أعمق، أقدم، أشد.

لكن ما زاد من قلق نيفاليس أن ذلك الشاب... كان عاقد الحاجبين. بدا غاضبًا.

"م...انت."

أراد أن يسأل، لكن الكلمات علقت في حلقه. خاف أن يُفسد ذلك الصمت.

"من أنا؟... هذا ما تودّ سؤاله، أليس كذلك؟"

"ماذا..."

أسرع نيفاليس بتغطية فمه.

"لا تقلق. تكلّم، لن أقتل أحد أبناء مجالي لمجرد أنه وقح... وناكر للجميل."

"وقح؟ ناكر للجميل؟ أردت فقط أن أسأل..."

"بالطبع. وقح... أن تقول عن حربٍ حددت وجود عالمك أنها 'مجرد شيء من الماضي'!

أتدري كم من التضحيات قُدّمت، حتى تنعم أنت وغيرك بالحياة التي تعيشونها الآن؟

تُنكر كل شيء... وتقول: مجرد حرب؟

لم أتوقع يومًا أن أسمع هذا... وفوق ذلك، من أحد أحب أبناء مجالي."

"...أنا آسف."

صمت الشاب. ارتخت حاجباه قليلًا.

هل حقًا... هدأ غضبه لأنني اعتذرت؟

"آه، بالطبع... هذا ما سيحدث، حين تكون زوجتك قديسة."

ردّ عليه مجددًا... وكأنه يسمع أفكاره.

"سألتني من أكون..."

"أنا أحد ملوك هذا العالم. الحاكم المتوّج بالسحر الأعظم.

واحد من العشرة الأقوى في تاريخ أسغار.

وأحد الذين شاركوا في الحرب التي تجاهلتها أنت قبل قليل."

"آسف..."

كرّر نيفاليس اعتذاره، لعلّه يُطفئ نار غضب الشاب مرة أخرى... وقد نفع.

"...عفوًا، ولكن... ما هي أسغار؟"

سألت بصوت خافت.

"آه، صحيح... أنتم لا تعرفون شيئًا عن بقية العالم، بسبب حواجز أونكيس."

"إذا... منشئ الحدود يُدعى أونكيس؟

وهناك بالفعل عالم آخر خلفها."

"أسغار هو اسم عالمنا... أوة ونحن نحتل مكانة جيدة بين العوالم."

"ماذا قلت للتو؟ ترتيب؟

هل هناك عوالم أخرى؟"

صرختُ متفاجئًا بما سمعته. "ترتيب العوالم؟!"

"لماذا الصياح، يا فتى؟

بالطبع هناك عوالم أخرى...

لكن هذا ليس شيئًا ينبغي لك الانشغال به الآن.

ما زال أمامك طريق طويل..."

سكت قليلًا وقال الملك بصوت هادئ:

"والآن... سأسألك السؤال ذاته الذي طرحته عليّ.

من أنت؟ أو بالأحرى... ما أنت؟"

أجاب نيفاليس مرتبكًا:

"من أنا؟ اسمي نيفاليس، أما بخصوص... ما أنا، فلست متأكدًا مما تقصده."

هزّ الملك رأسه بضيق:

"لا، لا أريد هذا الهراء. أنا أعرف بالفعل كل من يسكن مجالي. سؤالي أعمق من ذلك... ما أنت؟

روحك غريبة... وقوية جدًا بالنسبة لشخص في مستواك."

قال نيفاليس:

"روحي؟ أجل، إدوارد أخبرني من قبل أن روحي جيدة، وهذا سيساعدني في التدريب على السحر."

بحق الجحيم يا فتي أتسمي روح من الرتبة الثامنة مجرد جيدة؟ تبا لك ولإدوارد ذالك، إذا كان هناك أحد من عصري سمعك تقول هذا، سيفعل بك أشياء لن تحب أن أقولها لك، صدقني.

احمرّ وجه نيفاليس بشدة، شعر كأنه فلاح يتحدث إلى ملك.

أكمل الملك:

"آه، لا يهم... كنت أود معرفة مصدر تلك النقطة الحمراء في روحك،

لكن للأسف، حالتي لا تسمح لي بذلك الآن."

قال نيفاليس بصوت خافت:

"نقطة حمراء؟"

"نعم... تلك الروح من الرتبة الثامنة.

هل ظننت أن روحك الثالثة هي من أنقذتك؟ هاها... يا لك من طفل حالم."

دادت حرارة وجه نيفاليس. لقد قرأ كتب القارة كلها، ومع ذلك يشعر كالأمي أمام هذا الملك.

قال الملك بجدية:

"تلك الروح الحمراء... هي من منعت روحك من التحطم داخل حلقة الزمن.

أم تظن أن روحك الضعيفة كانت ستصمد؟"

"حلقة الزمن؟"

ارتجف جسد نيفاليس فور سماعه، وعاد إليه شبح ذكرياته في "حلقة الموت".

قال بتوتر:

"هل... هل أنت من أنشأ تلك الحلقة؟ وهل تعرف أين أصدقائي؟"

"اهدأ، ما كل هذا التسرع؟

نعم، أنا من أنشأها. أم كنت تفضل أن تموت على يد ذلك الظل اللعين؟

أما أصدقاؤك... فستجدهم ما إن تخرج من هنا."

انهار نيفاليس جالسًا:

"أحياء... هذا كل ما أردت سماعه."

"لكن هذا يعني... أن روحي لم تكن لتصمد؟"

"بالطبع لم تكن. في الحالات العادية، كانت روحك ستتبخر بعد دورتين أو ثلاث... بالكثير.

لكنك... أكملت الحلقة 1842 مرة.

هذا غير منطقي إطلاقًا، والسبب الوحيد هو تلك النقطة الحمراء."

صمت لبرهة، ثم أردف:

"حتى أصحاب الأرواح من الرتبة الخامسة، أعلى ما في قارتكم الآن،

لا يستطيعون تحمل أكثر من عشر دورات."

"ماذااا؟! كل هذا؟

إذا كيف نجا أصدقائي؟"

"لأنهم خاضوا التجربة مرة واحدة فقط.

أعدتهم إلى نقطة دخولهم... لكنك، لم أستطع.

أنت كنت هدف الظل من البداية.

ربما بسبب روحك..."

ارتجف نيفاليس وهو يسترجع مشاهد من إحدى الدورات،

وهُو الآن يُخبرني أني كنت هدف الشيء الذي قاتله.

قرأ الملك أفكاره ورد بابتسامة خافتة:

"فلتفرح على الأقل...

لقد أيقظت شيئًا عظيمًا جدًا أثناء تلك الحلقات."

2025/04/29 · 8 مشاهدة · 810 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025