الفصل الثامن والأربعون: "أماكن المعرفة"

مهمة يتوجب عليّ تنفيذها؟ لماذا يجب أن أقوم بمهمة؟ وفوق ذلك، يبدو أن الأمر إجباري!

"ليست إجبارية تمامًا، لكنها ضرورية. أما بالنسبة لسبب اختيارك أنت تحديدًا، فببساطة لأنك مؤهّل لذلك. بوجودك، وامتلاكك لعيون أونكيس، فأنت بالفعل مؤهّل."

وأضاف:

"حتى لو كان هناك من هو أقوى منك وأكثر أهلية، لا أستطيع الوصول إليه الآن. أنت من بوسعي الوصول إليه هنا."

لم يكن هناك داعٍ للجملة الأخيرة...

"حسنًا، مهمة ليست إجبارية ولكنها ضرورية. لماذا هي ضرورية؟"

"لأنك إن لم تُتمّها، سيدمّر العالم."

قالها بابتسامة على وجهه.

؟؟؟

لا أعرف تعببري الآن، ولكن على الأرجح لن يعجبني.

فاتحًا فمي على نهايته وأحدق أمامي بغباء.

"لا تنظر إليّ بتلك النظرة، أنا مهمتي هنا إخبارك بالذي عليك فعله، والباقي يعتمد عليك."

وضعت يدي على وجهي. بحق الجحيم، ما الذي ورطت نفسي به؟

"إذاً، ما هي تلك المهمة؟"

"لا أعرف."

محدقًا بغباء مرة أخرى في الشكل الأسود أمامي، أردت أن أصفعه حقًا.

"ماذا تقصد بـلا تعرف بحق الجحيم؟ هل من المفترض أن أقوم بمهمة لا أعرفها، لكي لا يتدمر العالم؟ العالم الذي لم أعرف عنه سوى جزء صغير؟!"

"لا تنفعل هكذا، يا فتى. قد أكون لا أعرف ما هي المهمة تحديدًا، ولا الطريقة، لكني أعرف ما الذي عليك فعله لتكتشفها."

"أوه... وما الذي عليّ فعله؟"

"اذهب إلى أماكن المعرفة الخمسة. لا تسألني ما الذي يوجد بداخلها، فأنا لم أشارك إلا في صنع واحدة فقط، وبشكل مبهم كذلك."

"وما هي تلك الأماكن؟"

"لست متأكدًا تحديدًا من هدفها. لقد فقدت الكثير من ذكرياتي بعد انقسام روحي. لكنك ستفهم عندما تصل."

"حسنًا... لا معلومات أخرى؟"

رفعت حاجبي بضيق. كنت فعلًا في مزاج سيئ، والآن أصبح عليّ القيام بأمور مزعجة فجأة.

"لا تتجهم هكذا. ليس الأمر أني سأدعك تذهب بدون هدايا. ليست هدايا بالمعنى الحرفي، لكنها أشياء يجب أن تحصل عليها لتتمكن من دخول أماكن المعرفة."

رفع إصبعًا من يده التي تشبه المجرّة وقال:

"أولى هداياي هي طريقة فتح الحدود. وبما أنك تمتلك عيون أونكيس بالفعل، فالأمر سيكون أسهل. فليس أي شخص يستطيع فهم عبقرية عمل ذلك الفتى."

ثم رفع إصبعه الثاني:

"أما بالنسبة للهدية الثانية، فلم يحن وقتها بعد. ستجدها لديك في الوقت المناسب."

أما الثالثة:

لوّح بيده في الهواء، فتلوى الفضاء من حوله وخرج منه شيء ما...

"رآه يخرج من الهواء كأن الفراغ قد انحنى ليُفسح له الطريق. حجر غريب، قاتم كالليل، يأسر النظر من أول وهلة. لم يكن مجرد كتلة صمّاء، بل بدا وكأنه منحوت بدقة مفرطة، مجوف قليلًا في مركزه على سطحه، أمتدت نقوش دقيقة بلون ذهبي باهت."

"خذ."

أعطاه الملك الحجر، حدّق نيفاليس في النقوش قليلاً قبل أن يقرأ بصوت خافت: "رون... القيامة؟"

...

بعد عشر دقائق

تشوّه.

من العدم، خرج شاب ذو شعر أسود وعيون سوداء.

بمجرد ظهوره، بدأ ينظر حوله...

"هاهم... يبدو أن لا أحد منهم استيقظ بعد."

كان هناك، على الأرض أمامه، خمسة أشخاص ممدّدين.

قلت ذلك، وقدماي لم تقوَ على حملي أكثر، فسقطتُ على الأرض.

تمدّدت بجانب رفاقي، أغمضت عيني... أردت حقاً أن أرتاح.

...

فتحت عيني مجدداً، يبدو أنني غفوت قليلاً.

"آه، لم أتوقع أنك أول من يستيقظ منهم."

سمعت صوت لينا.

ابتسمت ورفعت جسدي عن الأرض قائلاً:

"لا شيء كبير... أنا فقط أمتلك روح قو—"

توقفت الكلمات في حلقي عندما رأيتها.

عيناها متورّمتان قليلاً، محمرّتان على الأطراف، تهتزان أحياناً وكأنهما تصارعان للبقاء مفتوحتين.

وجهها شاحب، وعليه آثار إنهاكٍ حاد؛ كمن أُنهِك حد الانطفاء.

تحت عينيها هالات داكنة، وتعبير وجهها كان مزيجاً من الإرهاق، والقلق، والخذلان.

حينما رأيت لينا في تلك الحالة...

تذكّرت "الحلقة"... وتذكّرت أيضًا أنهم لم يعيشوها سوى مرة واحدة فقط.

منتبهة إلى نظراتي، نظرت إلي وقالت بنبرة هادئة:

"لا تفكّر في الأمر كثيراً، فيكتور... لقد كان الأمر بأكمله مجرد وهم."

تمتمت وأنا لا أزال جالساً:

"... أجل، مجرد وهم."

...

جلسنا في أماكننا بصمت، نرتاح، منتظرين البقية ليستيقظوا.

لينا لم تتكلم... بقيت فقط تحدّق في السماء بفتور.

وأنا أيضاً لم أتكلم؛ كنت أعلم أنها غارقة في أفكارها الآن... وبالمثل، كان لدي ما أفكر فية."

تذكّرت كلام ذلك "الملك" مجدداً عن العالم الخارجي.

"عشر قارات، هاه؟"

لا يزال أمامي تسع قارات لأستكشفها... أو على الأقل، القارات التي تحتوي على أماكن المعرفة أو الأطلال.

لكن كان هناك نقطتان أذهلتاني... خصوصاً الثانية.

أولاً، هذا العالم لا يحوي نظام السحر فقط، بل هناك العديد من المسارات والأعراق.

توجد مسارات أخرى، منها مسار السلالة، والذي ينقسم إلى أقسام عدّة.

لكن، حسب ما قاله الملك، لم يتبقَّ الكثير من تلك السلالات في العصر الحالي.

وهناك أيضاً المهارات؛

بعضها فطرية، تولد مع الشخص، وأخرى مكتسبة، تأتي بفعل حدث أو عبر شروط معينة.

أما الأكثر إثارة للاهتمام...

فهو أن السحر ذاته يتفرّع إلى عدّة مسارات.

والمفترض أن تمثّل عيون أونكيس كل هذه المسارات.

بمعنى آخر، إن أردتُ إكمال تلك العيون... فعلي أن أفهم كل هذه الطرق.

...آه، سيكون هذا مزعجًا.

2025/05/01 · 3 مشاهدة · 750 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025