الفصل التاسع والأربعون: "أريد أن أرتاح"

كان وجود العديد من الأعراق شيئًا مفاجئًا للغاية، وخاصة بعد أن علمتُ بشأن أقوى عشرة ومجالاتهم.

لقد كان كل مجالٍ منهم شيئًا استثنائيًا، إبداعًا بالمعنى الحرفي للكلمة.

لم تكن مجرد تقنيات قتالية أو طاقات سحرية وحسب، بل كانت تجليات لمفاهيم تتجاوز الفهم العادي... قوة كل واحدٍ منهم لم تكن فقط نابعة من مهاراته، بل من فهمه العميق لماهيّة القوة نفسها.

كل مجال كان يمثل جزءًا من جوهر صاحبه، امتدادًا لإرادته ونظرته الخاصة للعالم.

"على الأقل، نحن لا نتراجع من حيث القوة العامة."

ما زلت أسمع نبرة الفخر في صوت الملك وهو يقول:

"لكن افخر يا فتى، فحتى في ترتيب أقوى عشرة ملوك، هناك أربعة من البشر... وأنا منهم، بالطبع."

وجود أربعة بشريين ضمن أقوى عشرة في العالم أمر يدعو للفخر، خاصة أن الستة الباقين من أعراق مختلفة.

أعراق لم أتخيل وجودها أصلاً...

"آه... العالم واسع حقًا. من كان ليتخيل وجود كل هذه الكائنات خلف الحدود"

"هذا يزيدني شوقًا."

أريد أن أخرج، أن أرى العالم، أن أتحدث إلى أعراق لم أظن بوجودها، أن أسمع لغات لم تُدوَّن بعد، أن أشهد بعيني روعة مشاهد لم تُذكر حتى في الأساطير، أن أبحث عن المعرفة القديمة... تلك التي فُقدت قبل أن يُولد هذا العصر.

كان نيفاليس دائمًا شغوفًا بالكتب، بالمعرفة، بالحكايات...

لذلك، فإن طلب الملك لم يكن ثقيلًا عليه. بل على العكس، شعر بشيء من الامتنان.

معلومات كهذه، عن أماكن كهذه... لن يجدها هنا، ولن يُعطيها له أي كتاب هناك.

كان الشيء الثاني الذي صدمة كان مسألة أعمار الشخصيات...

ما زلت أسمع تذمّر ذلك الملك من كونه ثاني أقصر الملوك عمرًا.

بحق الجحيم! من يعيش لمدة عشرين ألف سنة ويقول إنه عاش عمرًا قصيرًا؟

إذا كان هذا عمرًا قصيرًا، فنحن بالكاد وُلدنا أصلًا!

لكن، حقًا... إذا قارنّا ذلك بعمر أصحاب الرتبة التاسعة، ففعلاً، لم يعِش حتى ربع عمره.

"اسمع أيها الفتى، أنت تعلم أنه ابتداءً من الرتبة الرابعة، يبدأ العمر بالتمدد بسبب التغيرات التي تطرأ على الجسد.

العمر بين الرتبة الرابعة والخامسة يتضاعف، أما أصحاب الرتبة الخامسة، فيستطيعون العيش حتى 300 عام.

ثم تأتي الرتبة السادسة والتاسعة... تلك انفراجات:

السادسة تبدأ بفرض سلطتك على العالم،

والتاسعة؟ تصبح أنت العالم نفسه."

"لذلك، ابتداءً من الرتبة السادسة، العمر لا يتضاعف، بل يُضرب في عشرة، أي يصبح ثلاثة آلاف عام."

"...إذًا، الرتبة الثامنة يستطيعون العيش لثلاثمئة ألف سنة؟؟"

"أما بالنسبة للرتبة التاسعة، العمر يُضرب في مئة."

"...إ-إذا... ثلاثون مليون سنة؟؟؟ هذا... هذا ببساطة جنون."

"هاهاها! أرأيت كم أنا بائس؟ لم أعِش حتى ربع عمري..."

...

بعد ساعةٍ أخرى من الراحة، كان "غرايف" هو الثاني الذي استيقظ، ولم يمضِ وقت طويل حتى استيقظ "فليكس" أيضًا. كانا يبدوان، مثل "لينا"، متعبَين جدًا.

إذًا، هذه هي إصابة الروح؟ كانت شيئًا خطيرًا بالتأكيد...

قال الملك إنهم سيحتاجون إلى حوالي أسبوعين ليبدؤوا استعادة عافيتهم وتلتئم أرواحهم. بالطبع، هذا لأصحاب الرتبة الرابعة، أما "لينا" بصفتها من الرتبة الخامسة فستستغرق أقل من أسبوع.

بمجرد أن استيقظ "غرايف" و"فليكس" وارتاحا قليلًا، قامت "لينا" وأخبرتنا أننا سنعود. لقد أخبرت الاتحاد بالفعل بخروجنا، وسيكون هناك راحة وعلاج أفضل في المقر.

حمل كلٌّ من "غرايف" و"فليكس" كلًّا من "سيليست" و"ميرا"، فهما لم تستيقظا بعد. رمقني "فليكس" بنظرة جانبية، كنت أعرف ما يريد أن يسأل:

لماذا أنا مستيقظ بينما "سيليست" — وهي أعلى مني رتبة — ما زالت نائمة؟

لكنه لم يسأل. على الأرجح لأنه لم يكن الوقت مناسبًا لذلك.

كان السير بطيئًا للغاية، فكل واحد منا بالكاد يستطيع المشي. لقد بلغنا أقصى حدودنا بالفعل.

كنت بالكاد أجرّ نفسي، وأقاوم ألم الجلوس على الأرض للراحة، ومع ذلك، يبدو أننا لن نتوقف حتى نصل... لسببٍ ما، بدت "لينا" مستعجلة.

...

بعد ساعة من جرّ أقدامنا إلى أقرب مدينة، دخلناها واستأجرنا عربة. ارتمينا جميعًا بداخلها، ثم توجهنا إلى مدينة "هيراس".

لم تكن العربة مريحة بقدر العربة السحرية، ولكن بسبب التعب، غفوت. لم أستيقظ إلا عندما توقفت العربة وأيقظتني "لينا".

نزلنا أمام بوابة مدينة "هيراس". كنت أتمنى حقًا لو أوصلتنا العربة إلى الداخل، ولكن لم يكن مصرحًا للعربات من هذا النوع بالدخول إلى المدينة.

لاحظت، بمجرد نزولنا، أن هناك العديد من الأشخاص يقفون عند بوابة المدينة.

لماذا يقف كل هؤلاء الأشخاص هنا؟ لم يكن مدخل البوابة مزدحمًا هكذا من قبل. ولم تسعفني عيني لمعرفة من هم...

بمجرد أن رأونا، أسرعوا نحونا.

"أوه، ما الذي يفعله أولئك الرفاق في الخارج؟"

قال "فليكس".

لقد كان القادمون أعضاء اتحاد المرتزقة.

بمجرد وصولهم إلينا ورؤية منظرنا، تهاطلت علينا الأسئلة. بدا عليهم القلق حقًا... لكنني، الآن، لم أفكر في شيء سوى أنني أريد أن أرتاح، وبشدة.

"توقفوا عن طرح الأسئلة، ألا ترون حالتهم؟!"

أردت حقًا أن أشكر صاحب هذا الصوت الذي أسكت تلك الضوضاء.

تقدم من بين الأشخاص رجل عجوز ذو شعر أسود تخللته بعض الخصلات البيضاء. كان عضليّ الجسد بالنسبة لمن يُقال عنه "عجوز"، ذو عيون حادة كالصقر.

عرفته على الفور. كان العجوز "أرسيان"، نائب "آدم"، وشخص في منتصف الرتبة الخامسة، مثل "لينا".

"يبدو أنكم مررتم بالكثير، يا رفاق..."

قال وهو ينظر إلينا واحدًا تلو الآخر.

"آسف على ذلك يا لينا، ولكن عليك أن تأتي معي لتعرفي آخر الأخبار التي تحدث الآن... قبل أن تنالي قسطًا من الراحة."

"حسنًا، لا أمانع، يبدو الأمر عاجلًا. لنتكلم ونحن نسير."

أومأت "لينا" برأسها. بدا أنها تعرف قليلًا عن الموضوع.

تساءلتُ حقًا... ما هو الأمر المهم إلى هذه الدرجة؟

لكني لم أهتم كثيرًا. كل ما يهمني الآن... هو الوصول إلى سريري.

سرنا إلى مدخل المدينة مرة أخرى، ولسببٍ ما، عاد الطنين المزعج مجددًا إلى أذني...

"تبًا! فلتصمت بحق الجحيم..."

ضغطت على أذنيّ. أرجو أن يخف هذا الطنين...

...ولكن

ما سمعته بعدها... لم يكن طنينًا... كان صوتًا لم أرد أن أسمعه مرة أخرى.

عـــــــــــــــااااااااااااااااااااااااااااا!!!

لقد كان صُراخًا.

2025/05/01 · 2 مشاهدة · 882 كلمة
Xx_Adam_xx
نادي الروايات - 2025