# الفصل الحادي عشر

الهدير في الكهف وصل إلى درجة تصم الآذان عندما وقفت في مواجهة رايزر. كان الحشد متعطشًا للدماء، وكانوا يتوقعون عرضًا وحشيًا من بطلهم. لم يكن أحد تقريبًا يراهن عليّ. كنت الوافد الجديد، المنبوذ. الذي تجرأ على تحدي الجبل. كانت الاحتمالات ضدي بشكل ساحق، ويمكنني الشعور بثقل توقعاتهم الجماعية بالفشل يضغط عليّ.

رايزر لم يتحرك من مكانه. فقط وقف هناك، وفأسه الضخم يستريح على كتفه، وعيناه القاسيتان تحدقان فيّ بلا تعبير. كان ينتظرني لأقوم بالخطوة الأولى، واثقًا تمامًا من قدرته على سحق أي هجوم قد أشنه.

أخذت نفسًا عميقًا، محاولاً تهدئة قلبي الذي كان يخفق بعنف. كان تأثير الرحيق يتلاشى، وشعرت بالبرودة تتسلل إلى أطرافي، وبداية الإرهاق تثقل كاهلي. لكن لم يكن لدي خيار سوى القتال. كان عليّ أن أجد طريقة لهزيمة هذا الوحش.

لم أندفع نحوه. سيكون ذلك انتحارًا. بدلاً من ذلك، بدأت في التحرك حوله ببطء، محافظًا على مسافة آمنة، ومستخدمًا خفة حركتي النسبية لصالحي. كنت أراقبه، أدرس وقفته، طريقة حمله للفأس، أي علامة على نقطة ضعف محتملة.

لكن رايزر بدا وكأنه صخرة صلبة. وقفته كانت ثابتة كالجبل، وقبضته على الفأس كانت قوية وثابتة. لم تكن هناك فتحات واضحة في دفاعه. كان يعتمد على حجمه الهائل وقوته الساحقة لردع أي هجوم.

"هل ستتحرك، أيها الصغير، أم ستقف هناك ترتجف طوال الليل؟" تحدث رايزر أخيرًا، وصوته كان يشبه دجاجه تطلب نجدة (صوت صديقك) .

كان يحاول استفزازي، دفعي إلى هجوم متهور. لم أقع في الفخ. واصلت التحرك، محاولاً استخدام الظلال مرة أخرى، ولكن بحذر أكبر. كان تأثير الرحيق ضعيفًا الآن، وكان عليّ الحفاظ على ما تبقى من المانا المعززة.

حاولت تشويه الظلال حول قدميه، كما فعلت مع جاكس، لكن يبدو أن ذلك لم يؤثر فيه. وقفته كانت ثابتة جدًا، وتوازنه كان مثاليًا. حاولت خلق ومضات ظلام في رؤيته المحيطية، لكنه لم يرمش حتى.

"حيل الظل الصغيرة هذه لن تنفع معي، أيها الصبي"، قال رايزر بضحكة خافتة. "لقد رأيت أفضل منها. هل هذا كل ما لديك؟"

اللعنة علي صوتك! ولكن كان أكثر خبرة ومقاومة مما توقعت. قدرتي على التلاعب بالظلال، في مستواها الحالي، لم تكن كافية لإرباكه أو إعاقته بشكل كبير.

قرر رايزر أنه انتظر بما فيه الكفاية. بخطوة مفاجئة وسريعة بشكل مدهش بالنسبة لحجمه، اندفع نحوي، وأرجح فأسه الضخم في قوس واسع وقاتل. لم يكن هجومًا عشوائيًا، بل كان محسوبًا ليغطي مساحة كبيرة ويجعل التفادي صعبًا.

تراجعت بسرعة، وشعرت بالريح القوية من الفأس وهي تمر على بعد بوصات قليلة من وجهي. كانت القوة المطلقة وراء الضربة مذهلة. لو أصابتني، لكنت قد انقسمت إلى نصفين.

لم يتوقف رايزر. استمر في الضغط عليّ بسلسلة من الضربات القوية والواسعة، مستخدمًا فأسه كسور متحرك من الفولاذ والموت. كل ضربة كانت تجبرني على التراجع، على التفادي بصعوبة. لم يكن لدي أي فرصة للهجوم المضاد. كنت بالكاد أستطيع البقاء على قيد الحياة.

كان الحشد يهتف بجنون، مستمتعًا بالمطاردة. كانوا يصرخون باسم رايزر، ويحثونه على إنهاء الأمر بسرعة.

كنت ألهث الآن، والعرق يتصبب على وجهي. كان الإرهاق يتزايد بسرعة، وتأثير الرحيق كان يتلاشى تمامًا. شعرت بالمانا الخاصة بي تعود إلى مستواها الضئيل المعتاد. لم أعد أستطيع استخدام الظلال بشكل فعال.

كنت في ورطة حقيقية. إذا استمر الأمر على هذا النحو، فسوف أُهزم قريبًا. كان عليّ أن أفعل شيئًا.

تذكرت القارورة في جيبي. قطرة أخرى. هل يجب أن أغامر؟

في تلك اللحظة، ارتكب رايزر خطأً بسيطًا. في خضم هجومه الشرس، أرجح فأسه بقوة زائدة قليلاً، مما جعله يفقد توازنه للحظة وجيزة بعد أن أخطأت الضربة هدفها.

رأيت. فرصة ضئيلة.

لم أتردد. اندفعت إلى الأمام، ليس لمهاجمة جسده الضخم، بل لمهاجمة سلاحه. استخدمت خنجري لأضرب بقوة على الساعد الذي يمسك بالفأس، محاولاً إجباره على إرخاء قبضته أو تغيير زاوية سلاحه.

كانت ضربة جريئة ويائسة. تفاجأ رايزر للحظة، لكن قوته كانت هائلة. لم يفلت الفأس، لكن الضربة أزعجته، وجعلته يغير تركيزه للحظة.

استخدمت تلك اللحظة لأقوم بشيء غير متوقع. بدلاً من مواصلة الهجوم أو التراجع، انزلقت على الأرض، متدحرجًا تحت ذراعه المرفوعة التي تحمل الفأس، لأصبح خلفه مباشرة.

كانت حركة محفوفة بالمخاطر للغاية. لو أخطأت في التوقيت، لكان قد سحقني. لكنها نجحت. وجدت نفسي للحظة وجيزة خلف ظهر رايزر غير المحمي.

لم يكن لدي وقت لأفكر. وجهت طعنة سريعة وقوية بخنجري نحو المنطقة الواقعة أسفل قفصه الصدري مباشرة، وهي نقطة ضعف معروفة حتى لأقوى المحاربين إذا تم استهدافها بشكل صحيح سوف ينهزمون.

شعرت بالخنجر يغوص قليلاً، مخترقًا الدرع الجلدي السميك بصعوبة. لم تكن طعنة عميقة، لكنها كانت كافية لإحداث ألم حقيقي.

أطلق رايزر هديرًا من الألم والغضب، واستدار بسرعة لا تصدق، وأرجح كوعه بقوة، وأصابني في جانبي.

طرت في الهواء من قوة الضربة، وسقطت بقوة على أرضية الحلبة على بعد عدة أقدام. شعرت بألم حاد في ضلوعي، وكافحت لالتقاط أنفاسي. كان الهواء قد خرج من رئتي.

"أيها الحشرة الصغيرة!" زمجر رايزر، ووجهه متألم وغاضب. كان ينزف قليلاً من الجرح في ظهره، لكنه بدا أكثر غضبًا من كونه مصابًا بجروح خطيرة. "لقد تجرأت على إصابتي! الآن سأريك معنى الألم الحقيقي!".

بدأ يتقدم نحوي ببطء، وفأسه مرفوع، وعيناه تلمعان بنية قتل واضحة. لم يعد يلعب. كان ينوي إنهاء الأمر.

كنت لا أزال على الأرض، أحاول جاهدًا النهوض، والألم في ضلوعي يجعل كل حركة عذابًا. كنت أعرف أنني لن أستطيع تفادي هجومه التالي. كنت في نهايتي.

إلا إذا...

بيد مرتعشة، وصلت إلى جيبي وأخرجت القارورة الصغيرة. كان الوقت ينفد. كان رايزر يقترب.

فتحت القارورة بسرعة، وبدون تردد هذه المرة، سكبت بضع قطرات من الرحيق الفضي مباشرة في فمي.

كان التأثير فوريًا وقويًا بشكل مذهل. شعرت بموجة هائلة من الطاقة النقية تتدفق عبر جسدي، أقوى بكثير من المرة الأولى. شعرت وكأنني متصل بمصدر قوة لا نهائي. لم تعد المانا مجرد تدفق، بل أصبحت فيضانًا. لم تعد حواسي حادة فحسب، بل أصبحت خارقة. وشعرت بالظلال من حولي تستجيب لي بقوة لم أشعر بها من قبل، تتلوى وتنبض كما لو كانت حية.

لكن كان هناك جانب مظلم لهذه القوة. شعرت ببرودة جليدية تنتشر في عروقي، وشعرت بوعيي يتغير قليلاً. بدأت الأفكار تصبح أكثر حدة، أكثر قسوة. لم يعد الخوف موجودًا، بل حل محله شعور بالهدوء القاتل والتركيز المطلق. كان الأمر أشبه بأن جزءًا مني قد تم إيقافه، وجزء آخر، أكثر بدائية وخطورة، قد تم إيقاظه.

نهضت على قدمي بسرعة، متجاهلاً الألم في ضلوعي. كان رايزر على بعد خطوات قليلة الآن، وفأسه بدأ في الهبوط نحوي.

لكنني كنت أسرع. لم أعد أرى رجل ضخم يحمل فأسًا بل طفل يأرجح الفأس ذهابا وإياباً. رأيت نقاط الضعف، رأيت مسار الهجوم، رأيت الفرص التي لم أكن أراها من قبل.

وبدلاً من التفادي، فعلت شيئًا لم يتوقعه أحد. مددت يدي اليسرى (التي لا تزال ملفوفة بالقماش) نحو الفأس الهابط. وفي نفس الوقت، مددت إرادتي نحو الظل الذي يلقيه الفأس، ونحو الظل الذي يلقيه رايزر نفسه.

لم أحاول إيقاف الفأس بقوتي الجسدية. سيكون ذلك مستحيلاً. بدلاً من ذلك، استخدمت الظلال. جعلت ظل الفأس يلتصق به، يثقله، يبطئه بجزء من الثانية. وجعلت ظل رايزر يلتوي، يسحبه قليلاً إلى الجانب، مما أخل بتوازن ضربته.

اصطدمت يدي الملفوفة بالقماش بجانب نصل الفأس. لم تكن ضربة قوية، بل كانت أشبه بانحراف محسوب. وبسبب التلاعب بالظلال، انحرف مسار الفأس قليلاً، ومر بجانبي بدلاً من أن يشطرني.

لكنني لم أتوقف عند هذا الحد. بينما كان الفأس لا يزال في الهواء، وبينما كان رايزر لا يزال يحاول استعادة توازنه من الانحراف الطفيف، قمت بحركتي التالية.

قفزت إلى الأمام، ليس لأهاجمه، بل لأقفز على ذراعه الضخمة التي تحمل الفأس. استخدمت جسدي كرافعة، ودفعت نفسي للأعلى، لأجد نفسي فجأة أقف على كتف رايزر الضخم.

كانت حركة بهلوانية جريئة ومجنونة، لم يكن بإمكاني حتى تخيل القيام بها قبل لحظات. لكن مع القوة المعززة والتركيز الخارق الذي منحني إياه الرحيق، بدت الحركة طبيعية ومنطقية.

كان رايزر مذهولاً تمامًا. لم يتوقع هذا على الإطلاق. حاول أن يمسك بي، أن يطرحني أرضًا، لكنني كنت أسرع.

ومن موقعي المرتفع على كتفه، كان لدي وصول مباشر إلى رأسه وعنقه.

لم أتردد. استخدمت خنجري، وبكل القوة التي استطعت حشدها، طعنت بقوة في المنطقة الواقعة خلف أذنه مباشرة، وهي نقطة ضعف أخرى معروفة يمكن أن تسبب فقدان الوعي أو حتى الموت إذا تم استهدافها بشكل صحيح.

شعرت بالخنجر يغوص عميقًا هذه المرة. أطلق رايزر هديرًا أخيرًا، هديرًا ممزوجًا بالألم والمفاجأة وعدم التصديق. ثم ارتخت عضلاته الهائلة، وبدأ جسده الضخم يترنح.

قفزت من على كتفه في اللحظة الأخيرة، وهبطت بخفة على قدمي بينما كان جسد رايزر الضخم ينهار على أرضية الحلبة بصوت مدوٍ، محدثًا سحابة من الغبار.

ساد صمت مطبق في الكهف. كان الحشد مذهولاً تمامًا. لم يصدقوا ما رأوه للتو. الوافد الجديد، أليكس، قد هزم البطل الذي لا يقهر، رايزر، بحركة جريئة ومذهلة.

وقفت هناك، وأنفاسي تتسارع قليلاً، والخنجر لا يزال في يدي، يقطر منه دم رايزر. شعرت بالبرودة الجليدية من الرحيق لا تزال تتدفق في عروقي، وشعرت بالظلال من حولي تتراقص وتهمس لي. لقد فزت. لقد هزمت البطل.

لكن عندما نظرت إلى جسد رايزر الهامد، وإلى الدم على خنجري، لم أشعر بالفرح أو الانتصار. شعرت فقط... بالبرودة. وبالقلق. هل قتلته؟ لم أكن أنوي ذلك، لكن الطعنة كانت عميقة. ماذا لو تجاوزت الحد؟

ركض المنظمون إلى الحلبة، وتفحصوا رايزر بسرعة. بعد لحظة بدت كأنها دهر، أعلن أحدهم: "إنه فاقد للوعي، لكنه لا يزال يتنفس!".

شعرت بموجة من الارتياح تجتاحني، لكنها كانت ممزوجة بشعور غريب بالخيبة. جزء مني، الجزء البارد والقاتل الذي أيقظه الرحيق، كان يريد نتيجة أكثر... حسماً.

هززت رأسي، محاولاً طرد هذه الأفكار المظلمة. كان عليّ السيطرة على هذا التأثير.

أعلن المنظم الرئيسي فوزي بصوت عالٍ، وهذه المرة، انفجر الحشد في جنون حقيقي. لم تكن مجرد هتافات، بل كانت صيحات إعجاب ورهبة. لقد شهدوا شيئًا أسطوريًا. لقد شهدوا صعود ظل جديد في الحلبة.

اقترب مني المنظم الذي تحدثت معه سابقًا، وعيناه تلمعان بإثارة لا يمكن إخفاؤها تحت القناع. "لقد فعلتها، أليكس! لقد فعلتها! لقد هزمت رايزر! لم يصدق أحد أنك تستطيع فعلها!".

سلمني كيسًا أكبر بكثير هذه المرة. كان ثقيلاً بشكل ملحوظ. فتحته بسرعة. كان مليئًا بالقطع الذهبية، مع بعض القطع الفضية والنحاسية أيضًا. قمت بتقدير سريع للمبلغ. كان هناك ما لا يقل عن عشرين قطعة ذهبية.

عشرون قطعة ذهبية! بالإضافة إلى ما كسبته سابقًا، كان لدي الآن حوالي واحد وعشرون ونصف قطعة ذهبية. لا يزال أقل من المائة، لكنه مبلغ كبير جدًا بالنسبة لليلة واحدة من القتال.

"الحشد يحبك، أليكس"، قال المنظم بحماس. "يريدون رؤيتك تقاتل مرة أخرى! هل أنت مستعد لمباراة أخرى؟ يمكننا أن نجد لك خصمًا آخر، والرهانات ستكون أعلى الآن بعد أن أصبحت البطل الجديد!".

نظرت إلى الحشد الصاخب، ثم إلى جسد رايزر الذي كان يتم سحبه من الحلبة، ثم إلى يدي التي كانت لا تزال ترتعش قليلاً من الأدرينالين وتأثير الرحيق.

كنت مرهقًا. كنت أتألم. وكنت قلقًا بشأن تأثير الرحيق عليّ. لكنني أيضًا كنت أقرب إلى هدفي من أي وقت مضى. مباراة أخرى؟ ربما يمكنني كسب المزيد؟

لكن شيئًا ما في داخلي حذرني. لقد دفعت حظي وقدراتي إلى أقصى الحدود الليلة. قد لا أكون محظوظًا في المرة القادمة. وقد يكون تأثير الرحيق التالي أكثر خطورة.

"لا"، قلت للمنظم بصوت هادئ ولكن حازم. "يكفي لهذه الليلة".

بدا المنظم محبطًا قليلاً، لكنه أومأ برأسه. "كما تريد، أيها البطل. لكن تذكر، حلبة الخوف ترحب بك دائمًا. عد عندما تكون مستعدًا لكسب المزيد من المجد... والذهب".

أومأت برأسي، ووضعت كيس النقود الثقيل في جيبي الداخلي. استدرت لأغادر الحلبة، وشققت طريقي بصعوبة عبر الحشد الذي كان لا يزال يهتف باسمي ويحاول لمسي أو التحدث معي.

كنت بحاجة إلى الخروج من هنا. كنت بحاجة إلى العودة إلى غرفتي، وتقييم إصاباتي، والتفكير فيما حدث، والسيطرة على هذه القوة المظلمة التي أيقظتها بداخلي.

وبينما كنت أتوجه نحو مخرج الأنفاق، لم ألاحظ العيون الباردة والجليدية التي كانت تراقبني من الظلال العميق

ة في أحد أركان الكهف. كانت سيلينا آيسلين هناك، وقد شهدت كل شيء. ولم تكن نظرتها تحمل أي إعجاب، بل كانت تحمل برودة جليدية وعزمًا قاتلًا.

2025/05/01 · 103 مشاهدة · 1839 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025