# الفصل الرابع عشر:

مرت الأيام القليلة التالية في هدوء نسبي، وهو هدوء شعرت بأنه هش ومؤقت، مثل الهدوء الذي يسبق عاصفة عنيفة. بعد مواجهتي مع روك وعصابته، لم يأتوا لمضايقتي مرة أخرى. يبدو أن تهديدي المبطن وسمعتي الجديدة كبطل حلبة الظل (حتى لو كانت مجرد شائعات بالنسبة لمعظم الناس) كانا كافيين لإبقائهم بعيدين في الوقت الحالي. لكنني لم أخدع نفسي بالاعتقاد بأن المشكلة قد حُلت. كانوا ينتظرون، يراقبون، وربما يخططون. والدين لا يزال قائمًا، يلوح في الأفق كظل مظلم.

استغليت هذا الهدوء المؤقت للتركيز على شيئين رئيسيين: التعافي والتدريب.

كانت عملية التعافي أبطأ مما كنت أرغب. ضلوعي المصابة بكدمات شديدة كانت تسبب لي ألمًا مستمرًا، خاصة عند الحركة أو التنفس بعمق. لم أستطع المشاركة في أي تدريب بدني شاق في البداية، واضطررت إلى التغيب عن بعض فصول المبارزة العملية، مقدمًا عذرًا غامضًا عن "إصابة تدريبية". لحسن الحظ، لم يبدُ أن أحدًا يشك في الأمر كثيرًا، أو ربما لم يهتموا بما يكفي للسؤال.

قضيت معظم وقتي في غرفتي، أقرأ الكتب التي وجدتها (معظمها عن تاريخ السحر أو نظريات القتال الأساسية، لم تكن مفيدة جدًا)، وأمارس التأمل، وأحاول تسريع عملية الشفاء الطبيعية لجسدي. كما بدأت في تحليل الملاحظات التي وجدتها في الحديقة السرية بعناية أكبر. كانت مكتوبة بخط يد متصل وأنيق، ولكنها كانت غامضة ومليئة بالاستعارات. تحدثت عن "توازن الظل والضوء"، وعن "ثمن القوة السهلة"، وعن "المراقبين القدامى الذين يتوقون إلى الصدى". لم أفهم كل شيء، لكنني شعرت بأن هذه الملاحظات تحمل مفاتيح مهمة لفهم طبيعة قوتي والعالم الذي أعيش فيه.

بالإضافة إلى التعافي الجسدي، كنت أعمل أيضًا على التعافي العقلي والعاطفي من تأثير رحيق القمر. البرودة الجليدية والانفصال العاطفي كانا يتلاشيان ببطء، لكنهما تركا وراءهما شعورًا بعدم الارتياح. شعرت بأنني لم أعد نفس الشخص تمامًا. كان هناك جزء مني لا يزال أكثر برودة، أكثر حسابًا، وأكثر وعيًا بالظلام المحيط بي وفي داخلي. لم أكن متأكدًا مما إذا كان هذا تغييرًا دائمًا، أو مجرد أثر جانبي مؤقت. لكنني كنت مصممًا على عدم السماح لهذا الجزء بالسيطرة عليّ.

عندما بدأ الألم في ضلوعي يخف قليلاً بعد حوالي ثلاثة أيام، بدأت في دمج التدريب الخفيف في روتيني اليومي. لم أستطع الذهاب إلى ساحات التدريب الرسمية بعد، خوفًا من تفاقم إصاباتي أو جذب الانتباه غير المرغوب فيه. بدلاً من ذلك، تدربت في غرفتي الضيقة، أو في وقت متأخر من الليل في زوايا مهجورة من فناء الأكاديمية.

ركزت أولاً على الأساسيات. تمارين الإطالة الخفيفة لاستعادة المرونة، وتمارين التنفس العميق (بقدر ما تسمح به ضلوعي) لتركيز ذهني وزيادة تدفق المانا (الضئيل) في جسدي. كما بدأت في ممارسة حركات السيف الأساسية التي تعلمتها في الفصول، باستخدام السيف الخشبي التدريبي الذي احتفظت به. كنت أتحرك ببطء وحذر في البداية، مركزًا على الشكل الصحيح والتوازن، بدلاً من السرعة أو القوة.

كان الأمر محبطًا. جسد أليكس الأصلي لم يكن موهوبًا بشكل خاص في المبارزة، وكنت أشعر بالضعف والبطء مقارنة بما اعتدت عليه في اللعبة. لكنني أجبرت نفسي على المثابرة. كل حركة صحيحة، كل تحسن طفيف، كان خطوة في الاتجاه الصحيح. كنت أعرف أن الأساس القوي هو مفتاح القوة الحقيقية على المدى الطويل.

لكن الجزء الأكثر إثارة للاهتمام (وتحديًا) في تدريبي كان محاولتي لفهم وتطوير قدرتي على التحكم في الظلال بدون مساعدة رحيق القمر.

كما لاحظت سابقًا، بدا أن الرحيق قد فتح قناة دائمة جزئيًا بداخلي، مما سمح لي بالتفاعل مع الظلال حتى بعد تلاشي التأثير الرئيسي. لكن هذا التفاعل كان ضعيفًا وغير مستقر، ويتطلب تركيزًا كبيرًا ويستنزف المانا بسرعة.

بدأت بتجارب بسيطة. جلست في غرفتي، وركزت على ظل شمعة . حاولت أن "أشعر" بالظل،وأجعله يستجيب لإرادتي. في البداية، لم يحدث شيء. كانت الظلال مجرد غياب للضوء، ثابتة وغير مستجيبة.

لكنني تذكرت الشعور الذي انتابني تحت تأثير الرحيق - الشعور بأن الظلال حية، وأنها تستجيب لي. حاولت استحضار هذا الشعور مرة أخرى، ليس بالقوة، بل بالهدوء والتركيز. تخيلت الظل كجزء مني، امتداد لإرادتي.

ببطء، وبشكل متقطع، بدأت ألاحظ تغييرات طفيفة. ظل الشمعة بدا وكأنه يرتعش بشكل غير طبيعي للحظة. ظل الكرسي بدا وكأنه يمتد بجزء صغير من البوصة قبل أن يعود إلى طبيعته. كانت تأثيرات صغيرة جدًا، وبالكاد ملحوظة، لكنها كانت موجودة.

شعرت بموجة من الإثارة. لم يكن الأمر مجرد هلوسة. كان بإمكاني حقًا التأثير على الظلال، حتى بدون الرحيق. كان الأمر يتطلب فقط الطريقة الصحيحة، والتركيز الصحيح، وربما... فهمًا أعمق لطبيعة الظلال نفسها.

بدأت في تجربة تقنيات مختلفة. هل يجب أن "أدفع" الظل بإرادتي؟ أم "أسحبه"؟ هل يجب أن أركز على شكل الظل، أم على الظلام نفسه؟ هل يجب أن أستخدم المانا الخاصة بي لتغذية التلاعب، أم أن الظلال لها مصدر قوتها الخاص؟

لم تكن هناك إجابات سهلة. كان الأمر أشبه بتعلم لغة جديدة وغريبة، لغة الهمسات والحركات الخفية في حافة الرؤية. قضيت ساعات كل يوم في هذه الممارسة الصامتة، أجرب وأفشل، وأتعلم شيئًا فشيئًا.

اكتشفت أن التركيز الهادئ والمستمر كان أكثر فعالية من محاولة فرض إرادتي بقوة. واكتشفت أن استخدام المانا الخاصة بي كان يساعد في "تثبيت" التأثير، لكنه لم يكن ضروريًا دائمًا للتلاعبات الصغيرة. بدا الأمر وكأن الظلال لديها نوع من الطاقة الكامنة الخاصة بها، والتي يمكنني "إقناعها" بالتحرك إذا تواصلت معها بالطريقة الصحيحة.

كما بدأت ألاحظ أن قدرتي على التحكم في الظلال كانت أقوى في الأماكن الأكثر ظلمة، أو في الأوقات التي تكون فيها الظلال أطول وأكثر وضوحًا، مثل عند الفجر أو الغسق. بدا الأمر منطقيًا - كلما زادت "مادة" الظل المتاحة، كان من الأسهل العمل بها.

أحد التمارين التي وجدتها مفيدة بشكل خاص هو محاولة "تشكيل" الظلال. كنت أختار ظلًا بسيطًا، مثل ظل يدي على الحائط، وأحاول تغيير شكله ببطء - جعله أطول، أو أقصر، أو تغيير شكل الأصابع. كان الأمر صعبًا للغاية، وتطلب تركيزًا هائلاً. في معظم الأحيان، كان الظل يرتعش أو يتشوه قليلاً قبل أن يعود إلى شكله الأصلي. لكن في بعض الأحيان، للحظات وجيزة، كنت أنجح في إحداث تغيير ملحوظ.

تمرين آخر كان محاولة "تحريك" الظلال. كنت أضع شيئًا صغيرًا، مثل عملة معدنية، على الطاولة، وأحاول استخدام ظله لسحبه أو دفعه عبر السطح. كان هذا أصعب بكثير. لم أتمكن من تحريك العملة نفسها، لكنني شعرت أحيانًا بأنني أستطيع التأثير على "وزن" أو "احتكاك" ظلها، مما يجعلها تبدو وكأنها تقاوم الحركة أو تنزلق بسهولة أكبر.

كان التقدم بطيئًا ومؤلمًا، ومليئًا بالإحباط. لكن كل نجاح صغير، كل وميض من الفهم، كان يغذي تصميمي. كنت أشعر بأنني على حافة اكتشاف شيء مهم، شيء قد يغير كل شيء.

بالطبع، لم يكن تدريبي يقتصر على غرفتي أو الزوايا المظلمة. كان عليّ أيضًا حضور الفصول الدراسية (تلك التي لم أتغيب عنها بسبب الإصابة) والتفاعل مع الطلاب الآخرين. حاولت أن أبقى بعيدًا عن الأنظار قدر الإمكان، متجنبًا أي احتكاك غير ضروري. لم أكن أرغب في جذب المزيد من الانتباه بعد الآن.

لكن يبدو أن الانتباه كان يجدني على أي حال.

في أحد الأيام، بينما كنت أسير في أحد الممرات المزدحمة بين الفصول، شعرت بنظرة ثابتة عليّ. استدرت، ورأيت سيلينا آيسلين تقف على بعد مسافة قصيرة، تتكئ على الحائط، وتراقبني بعينيها الجليديتين. لم تكن تبتسم. لم تكن عابسة. كان تعبيرها محايدًا تمامًا، لكن نظرتها كانت حادة ومخترقة، كما لو كانت تحاول قراءة أعمق أفكاري.

شعرت بقشعريرة تسري في جسدي. هل كانت هنا لتواجهني بشأن حلبة الخوف؟ هل عرفت بطريقة ما عن قتالي مع رايزر؟

توقفت، وأعدت نظرتها بنفس البرود الذي استطعت حشده. لم أتحدث. فقط انتظرت لأرى ما ستفعله.

بعد لحظة بدت طويلة، أومأت برأسها ببطء شديد، إيماءة بالكاد ملحوظة. ثم استدارت وسارت بعيدًا في الاتجاه المعاكس، وشعرها الفضي يلمع تحت ضوء المشاعل المعلقة على الجدران.

تركتني المواجهة الصامتة أشعر بالارتباك والقلق. ماذا كانت تعني تلك الإيماءة؟ هل كانت تحذيرًا؟ أم اعترافًا؟ أم شيئًا آخر تمامًا؟ لم أستطع قراءة سيلينا. كانت لغزًا، لغزًا خطيرًا شعرت بأنه متشابك مع مصيري بطريقة ما.

لم تكن سيلينا هي الوحيدة التي لاحظتني. في اليوم التالي، خلال فترة الغداء في قاعة الطعام (التي أجبرت نفسي على الذهاب إليها للحصول على وجبة لائقة)، اقتربت مني ليليا فلاوريل.

"أليكس-سونباي!" نادت بصوتها المشرق والمبهج، وهي تشق طريقها نحوي عبر الطاولات المزدحمة. كانت تحمل صينية طعامها، وابتسامة واسعة على وجهها. "لم أرك كثيرًا مؤخرًا! هل كنت مريضًا؟ سمعت أنك أصبت في التدريب".

نظرت إليها. كانت تبدو بريئة ومفعمة بالحيوية كالعادة، وشعرها الوردي القصير يتطاير قليلاً حول وجهها. لكنني لاحظت شيئًا آخر في عينيها اليوم - وميض من الفضول، وربما حتى... القلق؟

"لقد كانت مجرد إصابة طفيفة"، قلت باقتضاب، ولم أدعها للجلوس. "أنا أتعافى".

"أوه، هذا جيد!" قالت، وبدت مرتاحة بصدق. ترددت للحظة، ثم سألت بصوت أكثر هدوءًا، "سونباي... هل كل شيء على ما يرام حقًا؟ لقد بدوت... مختلفًا قليلاً مؤخرًا".

رفعت حاجبي. "مختلفًا؟ كيف؟"

"لا أعرف بالضبط..." قالت، وهي تعض على شفتها السفلية. "أكثر هدوءًا، ربما؟ وأكثر... حدة؟ لقد سمعت أيضًا بعض الشائعات الغريبة... عن قتال في وقت متأخر من الليل..."

تجمدت للحظة. هل وصلت الشائعات عن حلبة الخوف إلى ليليا أيضًا؟ كيف؟ ومن أين؟

"الشائعات مجرد شائعات، فلاوريل-سان"، قلت ببرود، محاولاً إخفاء قلقي. "لا يجب أن تصدقي كل ما تسمعينه في هذه الأكاديمية".

"أعلم، أعلم..." قالت بسرعة. "لكنني فقط... قلقة عليك، سونباي. إذا كنت في أي مشكلة، أو إذا كنت بحاجة إلى أي شيء... يمكنك التحدث معي". قدمت لي ابتسامة صغيرة ومطمئنة.

نظرت إلى ابتسامتها، وشعرت بشعور غريب ومعقد. جزء مني، الجزء القديم الذي يتذكر اللعبة، كان يعرف أن ليليا هي واحدة من البطلات الرئيسيات، شخص من المفترض أن يكون له دور مهم في القصة. وجزء آخر، الجزء البارد والحذر الذي تشكل حديثًا، حذرني من الاقتراب منها، من إشراكها في مشاكلي.

لكن كان هناك جزء ثالث، جزء صغير وضعيف، شعر بالدفء من قلقها الصادق. في هذا العالم البارد والقاسي، حيث بدا الجميع إما عدوًا أو غير مبالٍ، كان وجود شخص يهتم بالفعل أمرًا نادرًا ومفاجئًا.

"أنا أقدر قلقك، فلاوريل-سان"، قلت أخيرًا، وصوتي أكثر ليونة قليلاً مما كنت أنوي. "لكنني بخير. حقًا".

لم تبدُ مقتنعة تمامًا، لكنها أومأت برأسها. "حسنًا، سونباي. فقط اعتن بنفسك، حسنًا؟"

ابتسمت لها ابتسامة خافتة، ثم عدت إلى طعامي، كإشارة إلى أن المحادثة قد انتهت. ترددت ليليا للحظة أخرى، ثم استدارت وذهبت للجلوس مع بعض الفتيات الأخريات عند طاولة قريبة، وإن كانت تلقي نظرات قلقة نحوي بين الحين والآخر.

تركتني المحادثة مع ليليا أفكر. هل كان من الحكمة إبعادها؟ هل يمكن أن تكون حليفًا مفيدًا؟ أم أنها ستكون مجرد عبء آخر، شخص آخر يجب أن أقلق بشأنه وأحميه؟

لم يكن لدي إجابات. كل ما كنت أعرفه هو أن عالمي أصبح أكثر تعقيدًا، وأن الظلال - سواء كانت ظلال الديون، أ

و ظلال القوة، أو ظلال العلاقات الإنسانية - كانت تتجمع حولي، وتنتظر لترى ما سأفعله بعد ذلك.

2025/05/02 · 101 مشاهدة · 1641 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025