# الفصل السادس عشر:

لم أتوقف عن الركض حتى وصلت إلى أمان غرفتي نسبيًا، وأغلقت الباب خلفي وأسندت ظهري إليه، وأنفاسي تتصاعد في صدري. لم يكن الخوف هو ما دفعني للركض، بل كان مزيجًا من الغضب والحذر الشديد. "أداة؟ وسيلة لتحقيق غاية؟" كلمات داميان كروفت تردد صداها في ذهني، وأشعلت غضبًا باردًا بداخلي. لن أكون بيدقًا في لعبة أي شخص آخر. لقد جئت إلى هذا العالم لأصنع مصيري بنفسي، وليس لأتبع أجندة غامضة لمجموعة من الطلاب المتعجرفين الذين يلعبون بالسحر المحظور.

لكن الغضب كان ممزوجًا بالقلق. لقد عرفوا عن قدرتي على التحكم في الظلال. كيف؟ والأهم من ذلك، ماذا كانوا يخططون لفعله بهذه المعرفة؟ تهديد داميان باستخدام "طرق أخرى لضمان التعاون" لم يكن مجرد كلام فارغ. شعرت بأن هؤلاء الأشخاص خطرون، وأنهم لن يترددوا في استخدام القوة أو الإكراه لتحقيق أهدافهم.

والصورة في المرآة... ذلك الظل الذي يشبهني، بعينيه المتوهجتين وابتسامته الشريرة. ماذا كان ذلك؟ هل كان مجرد هلوسة ناتجة عن التوتر والظلام؟ أم كان شيئًا أكثر... واقعية؟ هل كان انعكاسًا للجزء المظلم الذي أيقظه رحيق القمر؟ أم كان كيانًا منفصلاً، أحد "المراقبين القدامى" الذين ذكرتهم الملاحظة؟ وإشارته نحوي ثم نحو غرفة الأرشيف... هل كان يحذرني من داميان ومجموعته؟ أم يدعوني للانضمام إليهم؟

كانت الأسئلة تتكاثر، والإجابات تتضاءل. شعرت بأنني محاصر بين قوى لا أفهمها تمامًا. من ناحية، كان هناك نادي الأبحاث السحرية، الذين يعرفون سري ويريدون استخدامي. ومن ناحية أخرى، كان هناك هؤلاء المراقبون الغامضون في الظلال، الذين يبدو أنهم مهتمون بي أيضًا، ولأسباب غير معروفة.

وفوق كل ذلك، كان لا يزال هناك الدين الذي يلوح في الأفق، والبلطجية الذين قد يعودون في أي لحظة. والآن، كان عليّ أيضًا أن أقلق بشأن سيلينا آيسلين، التي بدت وكأنها تراقب كل تحركاتي بنظرتها الجليدية.

أدركت أن الهدوء النسبي الذي استمتعت به في الأيام القليلة الماضية قد انتهى. لقد دخلت مرحلة جديدة وأكثر خطورة من اللعبة. لم يعد بإمكاني الاعتماد على الحذر والتدريب البطيء فقط. كنت بحاجة إلى القوة، وكنت بحاجة إليها بسرعة. ليس فقط لسداد الدين، ولكن للدفاع عن نفسي ضد التهديدات المتزايدة من حولي.

اتخذت قرارًا. سأضاعف جهودي في التدريب، وسأدفع نفسي إلى أقصى الحدود. وسأبحث بنشاط عن طرق أخرى لزيادة قوتي وفهمي للظلال، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة.

في الأيام التالية، تحول روتيني إلى نظام تدريب مكثف وشبه مهووس. استيقظت قبل الفجر بساعات، ومارست تمارين الإطالة والتحمل الأساسية حتى كاد جسدي ينهار. حضرت فصولي الدراسية، لكن عقلي كان غالبًا مشغولاً بتحليل تقنيات الظل أو التخطيط لخطوتي التالية. وفي كل لحظة فراغ، وفي وقت متأخر من الليل، كنت أعود إلى تدريبي السري على التحكم في الظلال.

لم أعد أكتفي بالتلاعبات الصغيرة. بدأت في محاولة القيام بأشياء أكثر تعقيدًا وجرأة. حاولت "سحب" الظلال من محيطي وتجميعها حولي، لخلق عباءة مؤقتة من الظلام لتعزيز التخفي. كان الأمر صعبًا للغاية، وشعرت وكأنني أحاول جمع الدخان بيداي. لكن في بعض الأحيان، للحظات وجيزة، شعرت بأن الظلال المحيطة بي أصبحت أكثر كثافة، وأن وجودي أصبح أقل وضوحًا.

حاولت أيضًا "تشكيل" الظلال إلى أشكال أكثر تحديدًا. بدأت بأشكال بسيطة، مثل كرة أو خنجر من الظل. لم تكن هذه الأشكال صلبة، بل كانت مجرد تجمعات مؤقتة من الظلام، تتلاشى بسرعة بمجرد أن أفقد تركيزي. لكن مجرد القدرة على إعطاء الظلال شكلاً ملموسًا، حتى لو كان مؤقتًا، كان خطوة كبيرة إلى الأمام.

التحدي الأكبر كان محاولة استخدام الظلال للحركة. هل يمكنني "الانزلاق" عبر الظلال، والانتقال من ظل إلى آخر بسرعة؟ كانت الفكرة تبدو وكأنها من روايات الخيال، لكنني شعرت بأنها ممكنة بطريقة ما. قضيت ساعات أحاول "الاندماج" مع ظلي، وأحاول الشعور بالاتصال بين ظلي وظلال أخرى قريبة. لم أحقق أي نجاح ملموس في الانتقال الفعلي، لكنني بدأت أشعر بـ "مسارات" خافتة تربط بين الظلال، مثل خيوط غير مرئية في نسيج الواقع.

كان هذا التدريب المكثف مرهقًا جسديًا وعقليًا. كنت أنام قليلاً، وآكل بالكاد، وأدفع نفسي باستمرار إلى حافة الإرهاق. بدأت الهالات السوداء تظهر تحت عيني، وأصبحت أكثر نحافة وهدوءًا من أي وقت مضى. لاحظ الطلاب الآخرون التغيير، وبدأت الهمسات تتزايد مرة أخرى. البعض اعتقد أنني مريض، والبعض الآخر اعتقد أنني أصبحت مهووسًا بالتدريب بعد فوزي على ماركوس. لم يهمني ما يعتقدونه.

كنت بحاجة إلى مكان أكثر خصوصية وأمانًا للتدريب. غرفتي كانت ضيقة جدًا، والزوايا المهجورة في الفناء لم تكن آمنة تمامًا. تذكرت الحديقة السرية حيث وجدت القارورة والملاحظة. كانت مكانًا منعزلاً ونادرًا ما يزوره أحد. ربما يمكنني استخدامه كمكان للتدريب؟

في إحدى الليالي، تسللت إلى الحديقة السرية مرة أخرى. كانت هادئة ومظلمة كما تذكرتها، وضوء القمر يرسم أنماطًا فضية على الأعشاب والأشجار الميتة. شعرت بالهدوء الغريب الذي يلف المكان، وبالوجود الخافت للظلال التي بدت أكثر كثافة وتقبلاً هنا.

بدأت في ممارسة تمارين الظل الخاصة بي تحت شجرة السرو القديمة في وسط الحديقة. وجدت أن قدرتي على التحكم في الظلال كانت أقوى قليلاً هنا، كما لو أن المكان نفسه كان مشبعًا بنوع من طاقة الظل. تمكنت من الحفاظ على عباءة الظل لفترة أطول، وتمكنت من تشكيل خنجر ظل أكثر وضوحًا واستقرارًا.

وبينما كنت أتدرب، بدأت أفحص المكان بعناية أكبر مما فعلت في المرة الأولى. هل كان هناك أي شيء آخر هنا؟ أي أدلة أخرى حول الشخص الذي ترك القارورة والملاحظة؟ أي أسرار أخرى قد تكون مخبأة في هذا المكان المنسي؟

بحثت حول قاعدة الشجرة القديمة، وبين جذورها المتشابكة. مررت يدي على الحجارة المتشققة للجدار المحيط بالحديقة. لم أجد أي شيء غير عادي في البداية. لكن بعد فترة، لاحظت شيئًا غريبًا في أحد أركان الحديقة، مخبأً جزئيًا خلف شجيرة ذابلة. كان هناك حجر مسطح يبدو مختلفًا قليلاً عن الحجارة الأخرى في الجدار - كان أكثر نعومة، وعليه نقوش باهتة بالكاد يمكن رؤيتها في ضوء القمر.

اقتربت وفحصت الحجر عن كثب. كانت النقوش تبدو وكأنها رموز قديمة، تشبه إلى حد ما الرمز الموجود على بطاقة دعوة داميان كروفت، لكنها كانت مختلفة وأكثر تعقيدًا. حاولت دفع الحجر، لكنه لم يتزحزح. بدا وكأنه جزء من الجدار.

لكن عندما مررت يدي على النقوش، شعرت بوخز خافت من الطاقة، وشعرت بالظلال من حولي تتفاعل بشكل طفيف. هل كان هذا نوعًا من الآلية السحرية؟

تذكرت الملاحظة التي وجدتها: "فقط أولئك الذين يفهمون لغة الظل يمكنهم فتح المسار". هل كانت هذه النقوش هي "لغة الظل"؟ وهل كان هناك "مسار" مخفي هنا؟

ركزت على النقوش، وحاولت "قراءتها" ليس بعيني، بل بإحساسي بالظلال. حاولت أن أشعر بالطاقة التي تنبعث منها، وأن أفهم نمطها وتدفقها. كان الأمر صعبًا، مثل محاولة فك شفرة لغة ميتة. لكن ببطء، بدأت أشعر بشيء - إيقاع معين، من "النبضات" في طاقة الظل.

حاولت تقليد هذا الإيقاع بإرادتي، مركزًا طاقتي الظلية على النقوش بنفس التسلسل. في البداية، لم يحدث شيء. لكنني واصلت المحاولة، معدلاً تركيزي وقوة إرادتي.

وفجأة، سمعت صوت طقطقة خافتة. اهتز الحجر المنقوش قليلاً، ثم بدأ ينزلق ببطء إلى الداخل، كاشفًا عن فتحة مظلمة في الجدار خلفه - مدخل يؤدي إلى الأسفل.

تجمدت في مكاني، وقلبي يخفق بقوة. لقد وجدته. لقد فتحت المسار السري. ماذا كان ينتظرني في الأسفل؟ هل كانت هذه هي الإجابات التي كنت أبحث عنها؟ أم مجرد خطر جديد؟

لم يكن لدي وقت طويل للتفكير. سمعت صوت خطوات خافتة تقترب من الحديقة من الخارج. شخص ما كان قادمًا.

كان عليّ اتخاذ قرار سريع. هل أدخل إلى الممر السري وأرى إلى أين يؤدي، مخاطرًا بالمجهول؟ أم أغلق الحجر وأختبئ، وأتجنب المواجهة؟

نظرت إلى الفتحة المظلمة، وشعرت بجاذبية قوية نحوها، جاذبية الظلال التي تنادي من الأعماق. ثم نظرت نحو اتجاه الخطوات القادمة، وشعرت بالخطر المألوف للعالم الخارجي.

قررت. سأدخل.

انزلقت بسرعة عبر الفتحة، وسحبت الحجر المنقوش خلفي. سمعت صوت طقطقة أخرى عندما عاد الحجر إلى مكانه، وأغلقت الفتحة بإحكام. وجدت نفسي في ظلام دامس، في ممر ضيق ومنحدر يؤدي إلى أعماق الأرض.

لم يكن لدي أي فكرة إلى أين يقود هذا الممر، أو ما الذي ينتظرني في نهايته. لكنني شعرت بأنني اتخذت الخطوة الصحيحة. لقد اخترت طريق الظلال، طريق القوة والمعرفة، حتى لو كان محفوفًا بالمخاطر.

بدأت في النزول ببطء وحذر في الممر المظلم، مستخدمًا قدرتي على استشعار الظلال للتنقل. كان الهواء باردًا ورطبًا، ورائحة التراب القديم تملأ المكان. لم يكن هناك أي صوت سوى صوت خطواتي وأنفاسي.

وبينما كنت أتعمق أكثر في المجهول، لم أستطع إلا أن أتساءل: من كان الشخص الذي يقترب من الحديقة؟ هل كان داميان كروفت أو أحد أتباعه؟ هل كانوا يراقبونني؟ أم كان مجرد حارس أو طالب آخر يتجول في وقت متأخر من الليل؟

لم أكن أعرف. لكنني كنت متأكدًا من أن المواجهة قادمة، سواء كان ذلك في

هذا الممر السري، أو في العالم الخارجي. وكان عليّ أن أكون مستعدًا.

(تصبحون على خير)

2025/05/02 · 98 مشاهدة · 1326 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025