# الفصل الثامن عشر:
تجمدت في مكاني، وشفرة الظل باردة وثقيلة في حزامي، والكتاب القديم يضغط على ظهري داخل الحقيبة. سيلينا آيسلين. هنا. في الحديقة السرية. كيف؟ ولماذا؟ هل رأتني أخرج من الممر السري؟ هل عرفت ما وجدته في الأسفل؟
وقفت سيلينا بلا حراك في الظل العميق تحت شجرة السرو، وشعرها الفضي يلمع بشكل خافت في ضوء القمر المتسلل عبر الأغصان. لم أستطع رؤية تعابير وجهها بوضوح، لكن وقفتها كانت متوترة، ويداها مشدودتان إلى جانبيها. لم تكن تبدو مرتاحة أو عادية. كانت تبدو وكأنها تنتظر شيئًا، أو تستعد لشيء ما.
"آيسلين-سان"، قلت بصوت هادئ وحذر، محاولاً إخفاء المفاجأة والقلق في نبرتي. "ماذا تفعلين هنا في هذا الوقت المتأخر؟"
لم ترد على الفور. استمرت في مراقبتي لعدة ثوانٍ أخرى، وعيناها الجليديتان تحدقان فيّ من الظلام. ثم خطت خطوة إلى الأمام، خارج ظل الشجرة، إلى ضوء القمر الخافت. الآن استطعت رؤية وجهها بوضوح أكبر. كانت شاحبة، وعيناها واسعتان، وهناك تعبير معقد على وجهها - مزيج من الفضول، والريبة، وربما... الخوف؟
"كنت أبحث عنك، إيستر"، قالت بصوت منخفض ومسيطر عليه بصعوبة. "لقد اختفيت. لم يرك أحد منذ فترة ما بعد الظهر".
رفعت حاجبي. "هل كنتِ تتبعيني؟"
"كنت قلقة"، قالت، متجاهلة سؤالي المباشر. "لقد سمعت الشائعات... عن نادي الأبحاث السحرية. عن اهتمامهم بك. وعن اختفائك الليلة. اعتقدت أنهم ربما... فعلوا شيئًا لك".
نظرت إليها بشك. هل كانت قلقة حقًا؟ أم أن لديها دوافع أخرى؟ سيلينا آيسلين لم تكن من النوع الذي يقلق بشأن الآخرين، خاصة شخص مثلي. كانت دائمًا منعزلة وباردة، تركز فقط على أهدافها الخاصة.
"أنا بخير، آيسلين-سان"، قلت ببرود. "كما ترين، أنا هنا. لم يفعل لي أحد أي شيء".
"لكنك لم تكن هنا قبل قليل"، قالت، وعيناها تضيقان قليلاً وهي تنظر نحو الجدار الحجري خلفي، حيث كان الممر السري مخفيًا. "لقد كنت في هذه الحديقة لأكثر من ساعة. لم يكن هناك أحد هنا. ثم فجأة، ظهرت. من أين أتيت، إيستر؟"
شعرت بقلبي يخفق بشكل أسرع. لقد عرفت. ربما لم ترني أخرج مباشرة، لكنها كانت ذكية بما يكفي لتجميع القطع. اختفائي المفاجئ، ظهور شخص ما في الحديقة، وجودي هنا الآن... لا بد أنها اشتبهت في وجود ممر سري.
"كنت أتدرب في مكان قريب"، كذبت، محاولاً الحفاظ على هدوئي. "هذه الحديقة مكان جيد للتأمل".
ضحكت سيلينا ضحكة قصيرة وباردة، خالية من أي مرح. "التأمل؟ في منتصف الليل؟ بينما يبحث عنك أعضاء نادي الأبحاث السحرية؟ لا تحاول خداعي، إيستر. أعرف أن هناك شيئًا يحدث معك. شيء يتعلق بالظلال".
تجمدت. كيف عرفت عن الظلال؟ هل كان الأمر واضحًا إلى هذا الحد؟ هل رأتني أستخدم قوتي؟ أم أنها مجرد تخمين ذكي بناءً على اهتمام نادي الأبحاث بي؟
"لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه"، قلت، وصوتي ثابت رغم الاضطراب الداخلي.
خطت سيلينا خطوة أخرى نحوي، وعيناها تحدقان في عيني مباشرة. "لا تكذب عليّ، إيستر. لقد رأيت ذلك. في قتالك مع ماركوس. الطريقة التي تحركت بها، السرعة، القوة... لم تكن طبيعية. كانت هناك... لمسة من الظلام فيها. نفس الظلام الذي أشعر به ينبعث منك الآن".
شعرت بالصدمة. لقد لاحظت شيئًا في قتالي مع ماركوس؟ لم أكن أعتقد أنني استخدمت أي شيء يتعلق بالظلال بشكل واضح في ذلك الوقت. هل كانت مجرد هلوسة من رحيق القمر؟ أم أن قوتي كانت تتسرب دون وعي مني؟ والأهم من ذلك، كيف يمكن لسيلينا أن "تشعر" بالظلام الذي ينبعث مني؟ هل لديها هي أيضًا نوع من القدرة المتعلقة بالظلال؟
"أنتِ تتخيلين أشياء، آيسلين-سان"، قلت، لكن صوتي كان أقل ثقة هذه المرة.
"هل أنا كذلك؟" قالت، وابتسامة صغيرة وساخرة ترتسم على شفتيها. "إذن اشرح لي هذا".
رفعت يدها ببطء، وفي راحة يدها، بدأت تتشكل كرة صغيرة من الظلام الدوار. لم تكن مجرد ظل، بل كانت طاقة مظلمة مركزة، تنبض بقوة خافتة. كانت مشابهة، ولكنها مختلفة، عن الظلال التي كنت أتحكم بها. كانت أكثر... عدوانية، وأكثر فوضوية.
حدقت في كرة الظلام في يدها، وشعرت بالدهشة وعدم التصديق. سيلينا آيسلين... يمكنها أيضًا التحكم في الظلال؟ هل كانت واحدة من "الباحثين عن الظل" الآخرين؟ هل كانت مرتبطة بالميراث الذي وجدته؟ أم أن قوتها جاءت من مصدر مختلف؟
"كما ترى، إيستر"، قالت سيلينا، وصوتها يهبط إلى همس كثيف، "لدينا قواسم مشتركة أكثر مما تعتقد. كلانا يسير في الظل. كلانا يحمل سرًا خطيرًا".
"ماذا تريدين، سيلينا؟" سألت مباشرة، متخليًا عن محاولة الإنكار. لم يعد هناك فائدة. لقد كشفت أوراقها، وكان عليّ أن أعرف ما هي لعبتها.
تلاشت كرة الظلام في يدها. "أريد أن أعرف ما الذي وجدته"، قالت، ونظرت مرة أخرى نحو الجدار الحجري. "أعرف أن هناك شيئًا مخفيًا هنا. شيئًا قديمًا وقويًا. شيئًا يتعلق بمصدر قوتنا. أريد أن أعرف ما هو".
"ولماذا يجب أن أخبرك؟" سألت ببرود.
"لأننا في نفس القارب، إيستر"، قالت بإلحاح. "نادي الأبحاث السحرية ليسوا الوحيدين المهتمين بنا. هناك آخرون يراقبون. آخرون قد يكونون أكثر خطورة. إذا كنا سننجو، فنحن بحاجة إلى العمل معًا. نحتاج إلى فهم طبيعة قوتنا، ومصدرها، وكيفية التحكم فيها".
"العمل معًا؟" كررت بسخرية. "آخر مرة رأيتكِ فيها، كنتِ تراقبينني بنظرة جليدية. لم تبدي أي اهتمام بالعمل الجماعي".
"كنت أحاول فهمك"، قالت. "كنت أحاول معرفة ما إذا كنت تشكل تهديدًا. لكن الآن... أعتقد أننا قد نكون حلفاء. حلفاء (بالضرورة)، ربما، لكن حلفاء رغم ذلك".
نظرت إليها، أحاول قراءة ما وراء كلماتها. هل كانت صادقة؟ هل كانت حقًا تبحث عن حليف؟ أم كانت هذه مجرد خدعة أخرى، طريقة للوصول إلى المعرفة والقوة التي اكتشفتها للتو؟ لم أستطع الوثوق بها. كانت سيلينا دائمًا غامضة وماكرة في اللعبة، تستخدم الآخرين لتحقيق أهدافها الخاصة.
"أنا أعمل بمفردي"، قلت ببرود.
"هذا غباء، إيستر!" قالت بحدة، وفقدت رباطة جأشها للحظة. "أنت لا تفهم ما الذي تواجهه! نادي الأبحاث ليس مجرد مجموعة من الطلاب الفضوليين. إنهم جزء من شيء أكبر، شيء قديم وخطير. وهم ليسوا الوحيدين. هناك قوى أخرى تتحرك في الظل، قوى قد تجعل نادي الأبحاث يبدون كأطفال يلعبون!"
"وما هي هذه القوى الأخرى؟" سألت، والفضول يثير اهتمامي رغم حذري.
"لا أعرف بالضبط"، اعترفت، وعادت نبرتها إلى الهدوء الحذر. "لكنني شعرت بهم. وجود بارد وقديم يراقب من حافة الواقع. نفس النوع من الوجود الذي شعرت به ينبعث منك أحيانًا".
هل كانت تتحدث عن "المراقبين القدامى"؟ هل شعرت بهم هي أيضًا؟ هذا يعني أنهم لم يكونوا مجرد هلوسة. كانوا حقيقيين، وكانوا يراقبوننا كلانا.
"اسمع، إيستر"، قالت سيلينا، وخطت خطوة أخرى أقرب، وصوتها مليء بالإلحاح. "أنا لا أطلب منك أن تثق بي. أعرف أن لدي سمعة. لكنني أطلب منك أن تكون عقلانيًا. نحن أقوى معًا مما نحن عليه بمفردنا. يمكننا مشاركة المعلومات، حماية بعضنا البعض، ومواجهة التهديدات القادمة. ما الذي وجدته في الأسفل؟ هل يمكن أن يساعدنا؟"
نظرت إلى عينيها الجليديتين، ورأيت شيئًا لم أره من قبل - وميض من الضعف، من الخوف الحقيقي. ربما لم تكن تكذب بشأن الخطر. ربما كانت حقًا بحاجة إلى حليف.
لكن هل يمكنني الوثوق بها؟ هل يمكنني مشاركة سر الميراث، سر الكتاب وشفرة الظل، معها؟ كان ذلك مخاطرة كبيرة. إذا خانتني، فقد تستخدم هذه المعرفة والقوة ضدي، أو قد تسلمها إلى أعدائنا.
من ناحية أخرى، إذا كانت تقول الحقيقة، فإن وجود حليف آخر يفهم طبيعة قوتي ويواجه نفس التهديدات قد يكون لا يقدر بثمن. لم أكن أعرف الكثير عن هذا العالم، وعن القوى التي تعمل فيه. ربما كانت سيلينا تعرف أكثر مني. وربما كان العمل معًا هو الطريقة الوحيدة للنجاة.
كان عليّ اتخاذ قرار. هل أرفضها وأواجه كل شيء بمفردي؟ أم أغامر بالثقة بها، وأرى ما إذا كان بإمكاننا تشكيل تحالف حذر؟
"ماذا لو أخبرتك؟" سألت ببطء. "ماذا ستقدمين في المقابل؟"
"سأشاركك كل ما أعرفه"، قالت على الفور. "عن نادي الأبحاث، عن القوى الأخرى التي شعرت بها، وعن طبيعة قوتي الخاصة. وسأقف بجانبك إذا جاءوا من أجلك".
كان عرضًا مغريًا. معلومات وحماية. شيئان كنت في أمس الحاجة إليهما.
"وكيف أعرف أنكِ لن تخونيني في اللحظة التي تحصلين فيها على ما تريدين؟" سألت، وعيناي تحدقان في عينيها.
"ليس لديك أي ضمان"، قالت بصدق قارس. "تمامًا كما ليس لدي أي ضمان بأنك لن تخونني. إنه قفزة في الظلام لكلينا، إيستر. لكنني أعتقد أنها قفزة تستحق المخاطرة. هل أنت كذلك؟"
وقفت هناك للحظة، أزن الخيارات. المخاطرة كانت كبيرة، لكن المكافأة المحتملة كانت أكبر. وإذا كانت سيلينا تقول الحقيقة بشأن الخطر، فقد لا يكون لدي خيار آخر.
"حسنًا"، قلت أخيرًا، واتخذت قراري. "سأخبرك بما وجدته. لكن ليس هنا. وليس الآن". ألقيت نظرة حول الحديقة المظلمة. "هذا المكان ليس آمنًا. ونحن بحاجة إلى التحدث في مكان خاص".
"أين ومتى؟" سألت سيلينا، وبدا عليها بعض الارتياح.
"غدًا، بعد الفصول الدراسية"، قلت. "في غرفة التدريب الخاصة رقم سبعة في الجناح الغربي. إنها نادرًا ما تُستخدم. تأكدي من أن لا أحد يتبعك".
"سأكون هناك"، قالت سيلينا، وأومأت برأسها. "ولا تقلق، أعرف كيف أتعامل مع المتابعين".
"جيد"، قلت. "الآن، أعتقد أنه من الأفضل أن نغادر هذا المكان، كل واحد في طريقه".
"أتفق معك"، قالت سيلينا. ألقت نظرة أخيرة عليّ، نظرة لا تزال تحمل مزيجًا من الحذر والفضول. ثم استدارت وانزلقت مرة أخرى في الظلال، واختفت بسرعة وهدوء كما ظهرت.
وقفت وحدي في الحديقة السرية للحظة أخرى، وأستوعب ما حدث للتو. لقد شكلت تحالفًا غير متوقع مع سيلينا آيسلين، واحدة من أكثر الشخصيات غموضًا وخطورة في الأكاديمية. هل كان هذا قرارًا حكيمًا؟ أم خطأ فادحًا؟
لم أكن أعرف. لكنني شعرت بأن اللعبة قد تغيرت مرة أخرى. لم أعد وحدي في الظل. كان هناك لاعب آخر بجانبي الآن. والسؤال هو، هل سنساعد بعضنا البعض على النجاة، أم سنسحب بعضنا البعض إلى الهاوية؟
تنهدت، وألقيت نظرة أخيرة على الجدار الحجري الذي يخفي الممر السري. كان عليّ العودة إلى غرفتي، ومحاولة الحصول على بعض الراحة قبل يوم الغد الحافل. كان لدي الكثير لأفكر فيه، والكثير لأستعد له.
غادرت الحديقة السرية، وشعرت بثقل الكتاب وشفرة الظل، وثقل ا
لتحالف الجديد، يضغط عليّ. كانت الظلال تتجمع، والمستقبل غير مؤكد. لكن لسبب ما، لم أشعر بالخوف. شعرت... بالترقب.