# الفصل العشرون
في اليوم التالي، التقيت أنا وسيلينا مرة أخرى في غرفة التدريب الخاصة رقم سبعة بعد انتهاء الفصول الدراسية. كنت قد أحضرت معي الكتاب القديم، ميراث الحارس الأول، مخبأً بعناية في حقيبتي. شعرت بثقله، ليس فقط المادي، بل أيضًا ثقل المعرفة والمسؤولية التي يحملها.
كانت سيلينا تنتظرني بالفعل، تقف بنفس الوقفة المتأهبة كما في اليوم السابق. كان هناك توتر خفيف في الهواء، مزيج من الترقب والحذر. لقد أبرمنا تحالفًا، لكن الثقة لم تُبنى بعد بالكامل. كنا لا نزال نقيم بعضنا البعض، ونختبر حدود هذا الاتفاق الجديد.
"أحضرت الكتاب"، قلت ببساطة، وأخرجته من حقيبتي ووضعته على إحدى حصائر التدريب. بدا الكتاب عاديًا للوهلة الأولى، مجرد مجلد قديم مغلف بالجلد الأسود. لكنني شعرت بالطاقة الخافتة التي تنبعث منه، وشعرت بالظلال في الغرفة تتفاعل معه بشكل طفيف.
اقتربت سيلينا ببطء، وعيناها مثبتتان على الكتاب. لم تمد يدها للمسه، بل وقفت على بعد مسافة قصيرة، تدرسه بعناية. "إذن هذا هو... ميراث الحارس الأول"، همست، وصوتها مليء بالرهبة.
"نعم"، قلت. "لقد بدأت في قراءة الصفحات الأولى. إنها مكتوبة بلغة قديمة، لكن لسبب ما، أستطيع فهمها. تتحدث عن المبادئ الأساسية لسحر الظل، وعن أهمية التوازن".
"هل يمكنني...؟" سألت سيلينا، وأشارت نحو الكتاب بتردد.
"بالطبع"، قلت. "لقد اتفقنا على مشاركة المعرفة".
مدت سيلينا يدها ببطء ولمست غلاف الكتاب الجلدي. في اللحظة التي لامسته فيها، رأيت رعشة خفيفة تمر عبر جسدها، واتسعت عيناها قليلاً. "أشعر بها..." همست. "الطاقة القديمة... والمعرفة".
"هل يمكنكِ قراءته أيضًا؟" سألت بفضول.
"لا أعرف"، قالت، وفتحت الكتاب بعناية إلى الصفحة الأولى. حدقت في النص القديم للحظة، وعبست قليلاً. "اللغة تبدو مألوفة بشكل غامض، مثل شيء سمعته في قصص عائلتي القديمة. لكنني لا أستطيع فهم الكلمات مباشرة كما تفعل أنت. يبدو أن اتصالك بالميراث أقوى".
كان ذلك مثيرًا للاهتمام. لماذا كان بإمكاني قراءة الكتاب بينما لم تستطع هي؟ هل كان ذلك بسبب الطريقة التي أيقظت بها قوتي؟ أم أن هناك شيئًا آخر يتعلق بي، شيء لم أكن أعرفه بعد؟
"لا يهم"، قالت سيلينا، وأغلقت الكتاب. "يمكنك أن تقرأ لي. يمكننا دراسته معًا. المهم هو أننا نستطيع الوصول إلى هذه المعرفة الآن".
"حسنًا"، وافقت. "إذن، لنبدأ. تقترح الصفحات الأولى بعض التمارين الأساسية لتطوير التحكم الدقيق في الظلال. ربما يجب أن نبدأ بها؟"
"فكرة جيدة"، قالت سيلينا. "لقد كنت أتدرب بمفردي لسنوات، معتمدة على الغريزة وبعض الأجزاء المتناثرة من المعرفة العائلية. سيكون من المفيد أن أتعلم الأساسيات بشكل منهجي".
قضينا الساعتين التاليتين في دراسة التمارين الموصوفة في الكتاب وممارستها معًا. كانت التمارين بسيطة في المفهوم، لكنها تتطلب تركيزًا كبيرًا وتحكمًا دقيقًا. تعلمنا كيفية "سحب" الظلال من محيطنا وتشكيلها إلى أشكال بسيطة ومستقرة، مثل كرة أو حلقة. تعلمنا كيفية "تثبيت" الظل في مكانه، ومنعه من التبدد أو التحرك مع تغير الضوء. وتعلمنا كيفية "الشعور" بالظلال المحيطة بنا، وتحديد مصادرها وقوتها.
كان من المثير للاهتمام أن نرى كيف تختلف أساليبنا. كنت أميل إلى النهج الأكثر هدوءًا وتأملًا، محاولاً "إقناع" الظلال بالتعاون معي. أما سيلينا، فكانت أكثر مباشرة وقوة، تفرض إرادتها على الظلال بقوة أكبر. كان أسلوبها أسرع في تحقيق النتائج الأولية، لكنه بدا أيضًا أقل استقرارًا وأكثر استنزافًا للطاقة.
"أنتِ قوية جدًا"، علقت في مرحلة ما، وأنا أراقبها وهي تشكل سيفًا قصيرًا من الظل النقي، يتلألأ بطاقة مظلمة. "لكنكِ تبدين وكأنكِ تحاربين الظلال بقدر ما تتحكمين فيها".
نظرت إليّ سيلينا، ووجهها متورد قليلاً من الجهد. "هكذا تعلمت دائمًا. الظلال خطيرة وغير متوقعة. يجب السيطرة عليها بقوة، وإلا ستلتهمك".
"الكتاب يقول شيئًا مختلفًا"، قلت بهدوء. "يقول إن الظلال تستجيب بشكل أفضل للتناغم والتفاهم، وليس للقوة الغاشمة. إنها مثل تيار الماء، يمكنك توجيهه، لكن لا يمكنك إجباره على التدفق ضد طبيعته".
عبست سيلينا، ونظرت إلى سيف الظل في يدها، الذي بدأ يتذبذب ويتلاشى قليلاً عند الحواف. "ربما... ربما أنت على حق. أسلوبي دائمًا ما يتركني مرهقة، ويجعل الظلال حولي... مضطربة".
"جربي هذا"، قلت، وأغمضت عيني للحظة، مركزًا على الظلال في الغرفة. ثم فتحت عيني ومددت يدي ببطء. بدأت الظلال تتجمع في راحة يدي، ليس بقوة، بل بلطف، تلتف وتشكل طائرًا صغيرًا داكنًا. كان الطائر يبدو شبه صلب، ورفرف بجناحيه الصغيرين للحظة قبل أن يستقر بهدوء على إصبعي.
نظرت سيلينا إلى طائر الظل بدهشة. "كيف فعلت ذلك؟ بدا الأمر سهلاً للغاية".
"لم يكن سهلاً"، ابتسمت ابتسامة خافتة. "لقد تطلب الأمر تركيزًا كبيرًا. لكنني لم أقاتل الظلال. لقد طلبت منها أن تأتي، أن تتخذ هذا الشكل. لقد استمعت إليها، وشعرت بتدفقها".
حدقت سيلينا في الطائر، ثم في وجهي، وتعبير جديد يظهر في عينيها - مزيج من الإعجاب، والفضول، وربما... شيء آخر؟ شيء أعمق، وأكثر حدة؟
"أرني كيف"، قالت بصوت منخفض، وخطت خطوة أقرب إليّ.
قضينا النصف ساعة التالية وأنا أشرح لها نهجي، وأوجهها خلال عملية الشعور بالظلال والتناغم معها. كانت سيلينا طالبة سريعة التعلم وذكية بشكل لا يصدق. على الرغم من سنوات من التدريب بأسلوب مختلف، إلا أنها استوعبت المفاهيم الجديدة بسرعة وبدأت في تجربتها.
كان هناك شيء حميمي بشكل غريب في هذه العملية - الوقوف بالقرب منها في الغرفة الهادئة، وتوجيه يديها، والشعور بتركيزها الشديد وهي تحاول تقليد تقنياتي. شعرت بتوتر جديد يتشكل بيننا، توتر لم يكن مجرد حذر أو تنافس، بل كان شرارة من نوع مختلف.
لاحظت الطريقة التي كانت تنظر بها إليّ أحيانًا عندما أعتقد أنها لا تنتبه - نظرة طويلة ومكثفة، كما لو كانت تحاول حفظ كل تفصيل في وجهي. ولاحظت كيف كانت شفتيها تنفرج قليلاً عندما أنجح في إظهار تقنية جديدة، وكيف كانت تتنفس بشكل أعمق قليلاً عندما أقف بالقرب منها.
هل كنت أتخيل ذلك؟ أم أن الهوس الذي ذكره مؤلف الأصلي بدأ يتشكل بالفعل، ليس فقط في البطلات الأخريات، ولكن أيضًا في سيلينا آيسلين الباردة والغامضة؟
في نهاية جلسة التدريب، كانت سيلينا قد نجحت في تشكيل زهرة ظل صغيرة ورقيقة، تتفتح وتغلق ببطء في راحة يدها. لم تكن مثالية، وكانت لا تزال تتطلب تركيزًا كبيرًا منها، لكنها كانت خطوة كبيرة بعيدًا عن أسلوبها القوي السابق.
"هذا... مذهل"، همست، وهي تنظر إلى الزهرة بإعجاب. ثم رفعت نظرها إليّ، وابتسامة صغيرة ونادرة تلامس شفتيها. "شكرًا لك، أليكس".
كانت هذه هي المرة الأولى التي تناديني فيها باسمي الأول. شعرت بشيء يضطرب بداخلي عند سماع صوتها وهي تنطقه.
"على الرحب والسعة، سيلينا"، رددت، وحافظت على هدوئي بصعوبة. "نحن حلفاء الآن، أليس كذلك؟ نساعد بعضنا البعض".
"نعم"، قالت، وابتسامتها تتسع قليلاً. "نحن حلفاء".
ساد الصمت للحظة، ونحن ننظر إلى بعضنا البعض في ضوء الغرفة الخافت. شعرت بالكهرباء في الهواء بيننا، وشعرت بأن شيئًا ما قد تغير بشكل لا رجعة فيه في علاقتنا.
"إذن... ماذا بعد؟" سألت سيلينا أخيرًا، وكسرت الصمت.
"سنواصل التدريب"، قلت. "وسنواصل دراسة الكتاب. هناك الكثير لنتعلمه". أشرت إلى الكتاب الذي كان لا يزال مفتوحًا على الحصيرة. "الصفحات التالية تتحدث عن استخدام شفرة الظل".
اتسعت عينا سيلينا مرة أخرى. "شفرة الظل... هل أنت مستعد لتجربتها؟"
"لا أعرف"، اعترفت. "الكتاب يحذر من أنها أداة قوية وخطيرة. يجب استخدامها بحذر وانضباط. ربما يجب أن نركز على تطوير تحكمنا الأساسي أولاً".
"أتفق معك"، قالت سيلينا. "لا نريد أن نتعجل الأمور ونجذب المزيد من الانتباه غير المرغوب فيه".
"بالحديث عن الانتباه غير المرغوب فيه"، قلت، وتذكرت شيئًا آخر. "هل لاحظتِ أي شيء غريب اليوم؟ أي علامات على أن نادي الأبحاث يراقبنا؟"
هزت سيلينا رأسها. "لا شيء واضح. لكنني أشعر به. الشعور بالمراقبة لم يختف تمامًا. إنهم ينتظرون، يراقبون. علينا أن نكون حذرين للغاية".
"وماذا عن... الآخرين؟" سألت بتردد. "المراقبون القدامى؟ هل شعرتِ بأي شيء منهم؟"
نظرت سيلينا حولي في الغرفة، وعيناها تضيقان قليلاً. "لا... ليس هنا. هذا المكان يبدو... محايدًا. لكن في بعض الأحيان، في أماكن أخرى من الأكاديمية، خاصة الأماكن القديمة أو المظلمة... أشعر بهم. وجود بارد ومنتظر في حافة وعيي".
شعرت بقشعريرة خفيفة. إذن لم أكن الوحيد الذي يشعر بهم.
"علينا أن نكتشف المزيد عنهم"، قلت. "إذا كانوا مهتمين بنا، فنحن بحاجة إلى معرفة السبب، وماذا يريدون".
"أتفق معك"، قالت سيلينا. "ربما يمكننا البحث في الأقسام القديمة من المكتبة؟ الأساطير العائلية التي أعرفها غامضة ومجزأة. قد تكون هناك سجلات أو نصوص أخرى تحتوي على مزيد من المعلومات".
"فكرة جيدة"، قلت. "يمكننا تخصيص بعض الوقت للبحث في الأيام القادمة".
جمعنا أغراضنا، واستعدنا للمغادرة. قبل أن نفتح الباب، توقفت سيلينا ونظرت إليّ مرة أخرى.
"أليكس"، قالت بهدوء. "كن حذرًا. أشعر بأن الأمور ستصبح أكثر خطورة قريبًا".
"سأفعل"، قلت، ونظرت في عينيها الجليديتين. "وأنتِ أيضًا، سيلينا".
غادرنا الغرفة كل في طريقه، لكن هذه المرة، كان هناك شعور مختلف. لم يكن مجرد تحالف ضرورة، بل كان بداية لشيء أعمق، شيء أكثر تعقيدًا. وشعرت بأن الهوس، الذي كان من المفترض أن يكون مجرد عنصر في القصة، قد بدأ يتسلل إلى الواقع بطرق لم أتوقعها.
عدت إلى غرفتي، وعقلي مليء بالأفكار والمشاعر المتضاربة. كان عليّ أن أكون حذرًا، ليس فقط من الأعداء الخارجيين، ولكن أيضًا من التعقيدات
المتزايدة في علاقاتي. كانت الظلال تتجمع، ليس فقط في العالم من حولي، ولكن أيضًا في قلوب أولئك الأقرب إليّ.
(نراكم غداً او يمكن لو شفت تعليقين انزل فصل ثاني ساعه 12)