# الفصل الثاني والعشرون:
عدت إلى غرفتي بعد المواجهة مع داميان كروفت في المكتبة، وعقلي يدور بسرعة. كان هناك الكثير لأفكر فيه - تهديدات داميان المبطنة، وإشارته إلى "قوى أخرى تتحرك"، وبالطبع، سلوك سيلينا المقلق.
بعد أن غادرنا المكتبة، حاولت بلطف أن أضع بعض المسافة بيني وبين سيلينا، متذرعًا بأنني بحاجة إلى الراحة والتفكير في استراتيجيتنا التالية. لم تكن سعيدة بذلك، لكنها وافقت على مضض، مع وعد بأن نلتقي غدًا لمواصلة التدريب. لكن النظرة في عينيها عندما ودعتني كانت مقلقة - مزيج من الحماية والامتلاك والشيء الذي بدأ يشبه الهوس.
جلست على حافة سريري، وأخرجت الكتاب القديم من حقيبتي. كان ثقيلاً في يدي، ليس فقط بسبب وزنه المادي، ولكن أيضًا بسبب المعرفة والمسؤولية التي يحملها. فتحته وبدأت أتصفح صفحاته، أبحث عن أي معلومات قد تساعدني في فهم ما يحدث.
بعد عدة صفحات من التمارين والتعليمات حول التحكم في الظلال، وجدت قسمًا مثيرًا للاهتمام بعنوان "تأثيرات سحر الظل على العقل". بدأت أقرأ بشغف.
"سحر الظل، بطبيعته، يؤثر ليس فقط على العالم المادي، ولكن أيضًا على العقل والروح. أولئك الذين يمارسون سحر الظل يجب أن يكونوا على دراية بهذه التأثيرات ويتخذوا الاحتياطات اللازمة.
أولاً، يمكن لسحر الظل أن يعزز المشاعر القوية، خاصة تلك المرتبطة بالرغبة والخوف والغضب. قد يجد الممارسون أن عواطفهم تصبح أكثر حدة وأقل قابلية للسيطرة مع زيادة استخدامهم للظلال.
ثانيًا، يمكن لسحر الظل أن يخلق روابط نفسية بين الممارسين، خاصة أولئك الذين يتدربون معًا أو يشاركون في طقوس مشتركة. هذه الروابط يمكن أن تكون مفيدة، لكنها قد تصبح أيضًا خطيرة إذا أصبحت مشوهة أو مفرطة.
ثالثًا، وهو الأكثر إثارة للقلق، يمكن لسحر الظل أن يثير حالة تعرف باسم 'ظل الهوس' في أولئك الذين يتعرضون له بشكل مكثف. هذه الحالة تتميز بالانجذاب المفرط والسلوك الاستحواذي تجاه مصدر الظل، غالبًا ممارس قوي. يمكن أن تتطور هذه الحالة ببطء، وتبدأ كإعجاب أو اهتمام بسيط، ثم تتصاعد إلى هوس كامل إذا لم يتم التعامل معها.
لحماية نفسك والآخرين من هذه التأثيرات، يجب اتباع الاحتياطات التالية:
- الحفاظ على توازن صحي بين استخدام سحر الظل والأنشطة الأخرى.
- ممارسة تمارين التطهير والتأريض بانتظام.
- وضع حدود واضحة عند العمل مع الآخرين.
- مراقبة علامات ' الهوس' في نفسك وفي الآخرين، والتدخل في وقت مبكر إذا لزم الأمر."
أغلقت الكتاب ببطء، وشعرت بالقلق يتصاعد في صدري. " الهوس"... هل كان هذا ما يحدث لسيلينا؟ هل كان تدريبنا المكثف معًا، واستخدامنا المتزايد لسحر الظل، يثير هذه الحالة فيها؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكنني مساعدتها؟
كان من الواضح أنني بحاجة إلى اتخاذ بعض الإجراءات. وفقًا للكتاب، كان عليّ وضع حدود واضحة، وممارسة تمارين التطهير، ومراقبة الوضع عن كثب. لكن كيف يمكنني فعل ذلك دون إثارة غضبها أو جعلها تشعر بالرفض؟ كانت سيلينا حليفًا قيمًا، وكنت بحاجة إلى مساعدتها في مواجهة داميان وأبناء الغسق. لكنني لم أستطع السماح لهذا الهوس بالاستمرار في النمو.
قررت أن أبدأ بممارسة تمارين التطهير الموصوفة في الكتاب. كانت بسيطة نسبيًا - سلسلة من التنفس العميق والتأمل، مع التركيز على "تنظيف" نفسي من تأثيرات الظلال. جلست على الأرض في وضعية متربعة، وأغمضت عيني، وبدأت في التنفس ببطء وعمق.
مع كل شهيق، تخيلت الضوء النقي يملأ جسدي. ومع كل زفير، تخيلت الظلال الزائدة تغادر جسدي وتتبدد في الهواء. كررت هذه العملية لعدة دقائق، وشعرت تدريجيًا بالهدوء والوضوح يعودان إلى عقلي.
بعد الانتهاء من تمارين التطهير، شعرت بتحسن كبير. كان عقلي أكثر وضوحًا، وشعرت بأنني أستطيع التفكير بشكل أكثر منطقية في الوضع. قررت أن أواجه سيلينا غدًا، وأن أشرح لها بلطف مخاوفي، وأن أقترح أن نأخذ استراحة قصيرة من التدريب المكثف. ربما يمكننا التركيز على البحث بدلاً من ذلك، أو حتى قضاء بعض الوقت بعيدًا عن بعضنا البعض لبضعة أيام.
لكن قبل أن أتمكن من التفكير أكثر في خطتي، سمعت طرقًا خفيفًا على باب غرفتي. نظرت إلى الساعة - كانت متأخرة، بعد وقت النوم الرسمي للأكاديمية. من يمكن أن يكون في هذا الوقت؟
نهضت ببطء، وشعرت بالتوتر يعود. اقتربت من الباب بحذر، وسألت بصوت منخفض: "من هناك؟"
"أليكس... إنها أنا"، جاء صوت سيلينا الهامس من الجانب الآخر. "أحتاج إلى التحدث معك".
شعرت بقلبي يخفق بسرعة. لماذا كانت هنا في هذا الوقت المتأخر؟ وماذا كانت تريد؟ ترددت للحظة، غير متأكد مما يجب فعله. جزء مني أراد تجاهلها، لكنني عرفت أن ذلك قد يجعل الأمور أسوأ. كان من الأفضل مواجهة الوضع الآن، في ظروف خاضعة للسيطرة.
فتحت الباب قليلاً، ورأيت سيلينا واقفة في الممر المظلم. كانت ترتدي رداءً أبيض بسيطًا، وكان شعرها الفضي منسدلاً حول كتفيها. بدت شاحبة وقلقة في ضوء القمر المتسلل عبر النوافذ.
"سيلينا، ماذا تفعلين هنا؟" سألت بهدوء. "إنه متأخر جدًا".
"أعلم ذلك"، قالت، وصوتها مرتجف قليلاً. "لكنني لم أستطع النوم. كنت أفكر في... في ما حدث اليوم. في داميان وتهديداته. وفيك".
فتحت الباب أكثر قليلاً، لكنني لم أدعها للدخول. "نعم، أنا أيضًا كنت أفكر في ذلك. لكن يمكننا التحدث عن هذا غدًا، سيلينا. الآن وقت متأخر، ونحن جميعًا بحاجة إلى الراحة".
"لا أستطيع الانتظار حتى الغد"، قالت بإلحاح، وخطت خطوة نحوي. "أنا... أنا قلقة عليك، أليكس. داميان خطير. وهناك آخرون أكثر خطورة منه. أشعر بهم يراقبوننا، ينتظرون. لا أستطيع أن أتحمل فكرة أن يؤذوك".
كانت عيناها واسعتين ومليئتين بالقلق الحقيقي، لكن كان هناك أيضًا شيء آخر - عيونها تحولت إلي قلوب بدأت أتعرف عليها. كان " الهوس" يتفاقم.
"أنا بخير، سيلينا"، قلت بهدوء وثبات. "وأنا أقدر قلقك. لكننا بحاجة إلى التفكير بوضوح وعقلانية. لا يمكننا السماح للخوف أو... لمشاعر أخرى... بالسيطرة علينا".
"مشاعر أخرى؟" كررت، وعيناها تضيقان قليلاً. "ماذا تعني؟"
أخذت نفسًا عميقًا. كان هذا هو الوقت المناسب للمواجهة، على الرغم من أنه لم يكن الظرف الذي كنت أتمناه. "سيلينا، لقد لاحظت بعض التغييرات في سلوكك مؤخرًا. خاصة تجاهي. أعتقد أن تدريبنا المكثف مع سحر الظل قد يكون له بعض... التأثيرات الجانبية".
"تأثيرات جانبية؟" سألت، وبدت مرتبكة حقًا.
"نعم"، قلت بلطف. "وجدت شيئًا في الكتاب، حالة تسمى 'ظل الهوس'. إنها تحدث عندما يتعرض شخص ما لسحر الظل بشكل مكثف، ويمكن أن تسبب... مشاعر وسلوكيات غير طبيعية".
تجمدت سيلينا للحظة، ثم ضحكت ضحكة قصيرة وغير مريحة. "هل تعتقد أنني... مهووسة بك؟ هل هذا ما تقوله؟"
"أنا قلق فقط من أن سحر الظل قد يؤثر علينا بطرق لم نكن مستعدين لها"، قلت بحذر. "الكتاب يقترح أن نأخذ بعض الاحتياطات، مثل ممارسة تمارين التطهير، ووضع حدود واضحة، وربما أخذ استراحة قصيرة من التدريب المكثف".
تغير وجه سيلينا، وظهر فيه مزيج من الألم والغضب والإنكار. "أنت تريد الابتعاد عني"، قالت، وصوتها يتحول من الهمس إلى حدة. "أنت تعتقد أنني... مجنونة أو شيء من هذا القبيل".
"لا، ليس هذا ما أقوله على الإطلاق"، حاولت تهدئتها. "أنا فقط أقترح أن نكون حذرين، وأن نتأكد من أن علاقتنا تظل... صحية ومتوازنة".
"علاقتنا؟" كررت، وعيناها تتوهجان الآن. "ما هي علاقتنا بالضبط، أليكس؟ أنت تقول إننا حلفاء، لكنك تبقيني على مسافة. تشاركني المعرفة والتدريب، لكنك لا تثق بي حقًا. ماذا أنا بالنسبة لك؟"
كان هذا سؤالاً صعبًا، وشعرت بأنني أسير على حبل مشدود. "أنتِ حليفة قيمة، سيلينا. وأنا أحترمك وأقدر مساعدتك. لكننا نعرف بعضنا البعض منذ فترة قصيرة فقط، ونحن في وضع معقد ومحفوف بالمخاطر. أعتقد أننا بحاجة إلى التركيز على فهم قوتنا والتعامل مع التهديدات التي نواجهها، قبل أن نفكر في... أي شيء آخر".
"أي شيء آخر"، كررت بمرارة. "هل هذه هي الطريقة التي ترى بها مشاعري؟ مجرد 'شيء آخر'؟"
"سيلينا، أنا لا أحاول التقليل من شأن مشاعرك"، قلت بصدق. "لكنني أتساءل عما إذا كانت هذه المشاعر... حقيقية، أم أنها متأثرة بسحر الظل".
كان هذا خطأً. رأيت الغضب يشتعل في عينيها، وشعرت بالظلال في الممر تتحرك وتتموج استجابة لانفعالاتها. "كيف تجرؤ على التشكيك في مشاعري؟" همست بغضب. "أنت تعتقد أنني لا أعرف عقلي الخاص؟ أنني مجرد... دمية تتلاعب بها الظلال؟"
"لا، هذا ليس ما أقصده"، حاولت تصحيح الموقف، لكن كان الأوان قد فات.
"أنا أعرف ما أشعر به"، قالت بحدة. "وأنا أعرف ما أريد. وإذا كنت لا تستطيع رؤية ذلك أو تقديره، فهذا خطؤك، وليس خطأ سحر الظل".
استدارت بحدة، وكان شعرها الفضي يتطاير حولها مثل هالة غاضبة. "سأريك أنني لست مهووسة. سأريك أنني أقوى من ذلك. وعندما تحتاج إليّ - وستحتاج إليّ، أليكس - سأكون هناك. لأنني، على عكسك، أعرف ما يعنيه أن تكون مخلصًا".
ثم غادرت، تنزلق في الظلال بسرعة وصمت، تاركة ورائها هواءً باردًا وشعورًا بالذنب والقلق في صدري.
أغلقت الباب ببطء، وتنهدت بعمق. لم تسر المواجهة كما كنت آمل. بدلاً من تهدئة المخاوف وإعادة التوازن، يبدو أنني قد أشعلت غضبها وجرحت مشاعرها. كان هذا يعقد الأمور بشكل كبير. كنت بحاجة إلى سيلينا كحليفة، خاصة مع تهديدات داميان المتزايدة. لكنني لم أستطع السماح لهذا الهوس بالاستمرار في النمو.
عدت إلى سريري وجلست، وعقلي يدور بسرعة. ماذا يجب أن أفعل الآن؟ هل يجب أن أعتذر وأحاول إصلاح العلاقة؟ أم يجب أن أصر على وضع حدود واضحة، حتى لو كان ذلك يعني خسارة حليف قيم؟
وفي خضم كل هذا، كانت هناك مسألة داميان وأبناء الغسق. كانوا يراقبوننا، ينتظرون، يخططون. وكان هناك أيضًا المراقبون القدامى، كيانات غامضة وقوية تلوح في الظلال. كنت محاطًا بالتهديدات والأسرار، وكان الوضع يزداد تعقيدًا مع كل يوم يمر.
شعرت فجأة بالإرهاق، ليس فقط جسديًا، ولكن عاطفيًا وعقليًا أيضًا. كان عليّ أن أنام، أن أريح عقلي، وأن أحاول التفكير بوضوح في الصباح. ربما، مع ضوء النهار، ستبدو الأمور أقل قتامة وتعقيدًا.
استلقيت على سريري، وأغمضت عيني، وحاولت تهدئة عقلي المضطرب. لكن قبل أن أغرق في النوم، خطرت لي فكرة مقلقة: ماذا لو كان "ظل الهوس" لا يؤثر فقط على سيلينا؟ ماذا لو كان يؤثر عليّ أيضًا، بطرق لم أدركها بعد؟
مع هذا السؤال المقلق
تردد في ذهني، غرقت أخيرًا في نوم مضطرب، مليء بأحلام عن ظلال تتحرك وعيون تراقب وأصوات تهمس من الظلام.