,# الفصل الثالث والعشرون:
استيقظت في صباح اليوم التالي وشعور ثقيل يضغط على صدري. لم تكن أحلامي مريحة، فقد كانت مليئة بالظلال المتحركة والوجوه الغاضبة والهمسات المقلقة. كان الجدال مع سيلينا الليلة الماضية يتردد في ذهني، وشعرت بمزيج من الذنب والقلق والإحباط ولكن لم اهتم قليلاً.
أجبرت نفسي على النهوض والاستعداد ليوم دراسي آخر. أثناء مروري بالمرآة، توقفت للحظة ونظرت إلى انعكاسي. هل كنت أتغير أيضًا؟ هل كان سحر الظل يؤثر عليّ بطرق لم أدركها؟ كان عليّ أن أكون أكثر يقظة، ليس فقط تجاه الآخرين، ولكن أيضًا تجاه نفسي.
كان الذهاب إلى الفصول الدراسية أشبه بالسير في حقل ألغام. كنت أتجنب النظر في اتجاه سيلينا، وهي بدورها كانت تتجاهلني ببرود واضح. كان التوتر بيننا ملموسًا، وشعرت بأن الطلاب الآخرين يلاحظون المسافة الباردة التي تشكلت فجأة بيننا. كنا قد أصبحنا ثنائيًا غير متوقع في الأيام القليلة الماضية، وتدريبنا المشترك لم يكن سرًا تمامًا. الآن، كان انفصالنا المفاجئ يثير التكهنات والهمسات.
حاولت التركيز على دراستي، لكن عقلي كان شاردًا. كنت أفكر في سيلينا، وفي داميان، وفي المراقبين القدامى. كنت أفكر في الكتاب القديم وشفرة الظل، وفي القوة المتنامية بداخلي. كان هناك الكثير من الخيوط المتشابكة، وشعرت بأنني أفقد السيطرة على الوضع.
خلال فترة الاستراحة بين الفصول، توجهت إلى المكتبة مرة أخرى، لكن هذه المرة بمفردي. لم أكن أبحث عن معلومات محددة، بل كنت أحتاج فقط إلى مكان هادئ للتفكير وربما لمواصلة تمارين التطهير. جلست في زاوية منعزلة، وأغمضت عيني، وحاولت التركيز على تهدئة عقلي وتنظيف نفسي من تأثيرات الظلال.
"أليكس؟ هل كل شيء على ما يرام؟"
فتحت عيني متفاجئًا. كانت إيلارا واقفة أمامي، تنظر إليّ بقلق في عينيها الدافئتين. كانت إيلارا، الطالبة اللطيفة والذكية التي ساعدتني في أيامي الأولى في الأكاديمية، والتي بدت دائمًا وكأنها ترى ما وراء قناعي البارد.
"إيلارا"، قلت، وحاولت رسم ابتسامة صغيرة على وجهي. "نعم، أنا بخير. فقط... أحتاج إلى بعض الهدوء".
"هل أنت متأكد؟" سألت، وجلست على الكرسي المقابل لي. "لقد بدوت متوترًا جدًا مؤخرًا. وهناك... شائعات".
"شائعات؟" كررت، وشعرت بالانزعاج. "عن ماذا؟"
"عنك وعن سيلينا آيسلين"، قالت بتردد. "الجميع يتحدث عن كيف كنتم قريبين جدًا، والآن بالكاد تنظرون إلى بعضكم البعض. هل حدث شيء بينكما؟"
تنهدت. لم أكن أرغب في مناقشة هذا الأمر مع أي شخص، خاصة ليس مع إيلارا اللطيفة والبريئة. لكنني لم أستطع أيضًا الكذب عليها.
"الأمر معقد، إيلارا"، قلت بصدق. "سيلينا وأنا... لدينا بعض الخلافات. نحن نعمل على حلها".
"خلافات؟" قالت إيلارا، وعبست قليلاً. "سيلينا يمكن أن تكون... صعبة. إنها منعزلة جدًا، والناس يقولون إن لديها جانبًا مظلمًا. أرجوك كن حذرًا، أليكس".
"أنا حذر"، أكدت لها. "لكن سيلينا ليست شريرة كما يعتقد البعض. إنها فقط... معقدة". وجدت نفسي أدافع عنها بشكل غير متوقع، ربما بسبب الشعور بالذنب.
نظرت إليّ إيلارا بعمق، وبدا وكأنها تقرأ شيئًا في وجهي. "أعلم أنك ترى الخير في الناس، أليكس. وهذا شيء رائع. لكن في بعض الأحيان، يمكن للظلام أن يكون أعمق مما نتخيل. لا تدعه يلتهمك أيضًا".
كانت كلماتها تحمل صدى مقلقًا لما قرأته في الكتاب، ولما كنت أخشاه بنفسي. هل كانت إيلارا تشعر بشيء؟ هل كانت لديها نوع من الحدس المرأة أو قدرة لم أكن أعرفها؟
"شكرًا لكِ على قلقكِ، إيلارا"، قلت بصدق. "أنا أقدر ذلك حقًا".
ابتسمت إيلارا ابتسامة دافئة. "إذا احتجت إلى أي شيء، أو أردت فقط التحدث، فأنا هنا دائمًا من أجلك، أليكس".
"شكرًا لكِ"، رددت، وشعرت ببعض الراحة من لطفها الصادق. كان وجودها بمثابة نسمة هواء نقي في الجو الخانق الذي كنت أعيش فيه.
بعد مغادرة إيلارا، عدت إلى محاولة التأمل، لكن عقلي كان لا يزال مضطربًا. كانت كلماتها حول الظلام الذي يلتهم الناس تتردد في ذهني. هل كنت أسير في هذا الطريق؟ هل كان تحالفي مع سيلينا، واستكشافي لسحر الظل، يقودني إلى الهاوية؟
كان عليّ أن أجد طريقة لاستعادة السيطرة. كان عليّ أن أضع حدودًا واضحة مع سيلينا، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بتحالفنا. وكان عليّ أن أكون أكثر حذرًا في استخدامي لسحر الظل، وأن أوازن بينه وبين جوانب أخرى من حياتي.
قررت أن أتخطى جلسة التدريب مع سيلينا اليوم. كنت بحاجة إلى مساحة، وكنت بحاجة إلى وقت للتفكير. أرسلت لها رسالة قصيرة عبر جهاز التواصل السحري، أخبرتها فيها بأنني لن أتمكن من الحضور اليوم بسبب "ظروف غير متوقعة"، وأننا يمكننا التحدث غدًا.
لم أتلق ردًا فوريًا، وهو ما كان متوقعًا. كنت أعلم أنها ستكون غاضبة، لكنني كنت آمل أن تمنحها هذه الاستراحة القصيرة أيضًا فرصة للتفكير وتهدئة مشاعرها.
قضيت بقية اليوم أحاول التركيز على دراستي، لكن دون جدوى. كان الشعور بالذنب والقلق يطاردني. هل كنت أفعل الشيء الصحيح؟ هل كنت أدفع حليفتي الوحيدة بعيدًا في وقت كنت في أمس الحاجة إليها؟
في وقت متأخر من بعد الظهر، بينما كنت أسير عائدًا إلى غرفتي، مررت بساحة التدريب الرئيسية. كانت هناك مجموعة من الطلاب يتدربون على المبارزة بالسيف تحت إشراف أحد المدربين. توقفت للحظة لأشاهد، وشعرت بشيء من الحنين إلى الأيام الأكثر بساطة عندما كان همي الوحيد هو تحسين مهاراتي في المبارزة.
وفجأة، لفت انتباهي شخصية تقف بمفردها في زاوية بعيدة من الساحة. كانت سيلينا. كانت تتدرب بمفردها، تتحرك بسرعة ورشاقة قاتلة، وسيف تدريب خشبي في يدها يرسم أقواسًا مميتة في الهواء. كانت حركاتها مليئة بالغضب والقوة المكبوتة، وكان وجهها قناعًا جليديًا من التركيز البارد.
كانت تتدرب بقوة شديدة، كما لو كانت تحاول طرد شياطينها الداخلية من خلال الجهد البدني. وشعرت بأن غضبها موجه... نحوي....أضنها كانت تلعنني في خاطرها.
راقبتها بنظرة باردة، وشعرت بمزيج من فضول بقوتها وغير مهتم قليلاً بمشاعرها. ثم استدرت وواصلت طريقي إلى غرفتي، وشعور ثقيل بالتشاؤم يلفني.
كانت الأمور تزداد تعقيدًا وخطورة. وكان عليّ أن أجد طريقة للتنقل
، هذا المسار المحفوف بالمخاطر، قبل أن تبتلعني الظلال تمامًا.
(اعتذر أن فصل قصير وفصول قادمه سوف تصير قصيره أيضاً ولكن أنا مشغول جداً بموضوع دراسة واحاول قدر الإمكان أن ابذل كل ما لدي في كتابة فصول شكراً علي تفهمكم)