# الفصل الثاني

ممر أكاديمية أستريا الرئيسي كان تحفة معمارية بحد ذاته. أرضيات من المرمر المصقول تعكس الضوء المتدفق من النوافذ المقوسة الشاهقة التي تصطف على جانبي الجدار، أعمدة رخامية مزخرفة تدعم سقفًا عاليًا مرسومًا عليه مشاهد أسطورية لأبطال قدامى وتنانين مهيبة. كان المكان يعج بالطلاب، أصوات محادثاتهم وضحكاتهم ووقع أقدامهم يتردد صداها في القاعة الفسيحة، خالقة ضجيجًا حيويًا.

لكن بينما كنت أسير، أنا، أو بالأحرى، جسد أليكس فون إيستر، بدا وكأن هذا الضجيج ينحسر حولي، تاركًا وراءه فراغًا ملحوظًا تملؤه الهمسات والنظرات الجانبية. لم أكن بحاجة إلى قدرات خاصة لأشعر بالعيون تتبعني، ولأسمع الكلمات الخافتة التي تُلقى كسهام مسمومة.

"انظروا، إنه إيستر..."

"سمعت أنه تعرض لضرب مبرح بالأمس. يستحق ذلك."

"وجهه لا يزال وسيماً، لكن هذا لا يغير حقيقة أنه قمامة."

"أتساءل كيف لا يزال يجرؤ على إظهار وجهه هنا."

"ربما الضربة أثرت على عقله الضئيل أصلاً."

كانت هذه هي السمعة التي ورثتها. سمعة المتغطرس عديم الموهبة، الظل البائس الذي يحاول يائسًا التشبث بأمجاد عائلته البائدة. لو كنت أليكس الأصلي، لربما انفجرت غضبًا، أو حاولت الرد بتعليقات ساخرة لاذعة، أو ربما انكمشت على نفسي خجلاً وإذلالاً. لكنني لم أكن هو.

حافظت على تعابير وجهي باردة كقناع جليدي، عيناي الرماديتان الداكنتان تحدقان إلى الأمام مباشرة، متجاهلاً الهمسات والنظرات كما لو كانت مجرد ضوضاء خلفية لا تستحق الاهتمام. مشيت بخطوات ثابتة ومحسوبة، ظهري مستقيم، وذقني مرفوع قليلاً، ليس بغطرسة، بل بثقة هادئة وباردة بدت غريبة على جسد أليكس.

هذا التجاهل المتعمد، هذا البرود غير المتوقع، بدا وكأنه يربك المتنمرين أكثر من أي رد فعل آخر. لاحظت كيف أن بعض الهمسات تعثرت، وكيف أن بعض النظرات الساخرة تحولت إلى حيرة أو حتى قلق طفيف. هل جنّ أليكس إيستر؟ هل أثرت الضربة على رأسه حقًا؟

كان هذا بالضبط ما أردته. الارتباك يولد الشك، والشك يمنحني مساحة للمناورة. لن أسمح لهم برؤية أي ضعف. سأكون صخرة جليدية في وجه عاصفتهم.

وفقًا لجدول المحاضرات الذي وجدته في الغرفة، كانت محاضرتي الأولى هي "مقدمة في نظريات المانا". كانت مادة أساسية لجميع طلاب السنة الأولى، بغض النظر عن تخصصهم المستقبلي. توجهت نحو قاعة المحاضرات المخصصة، وهي قاعة ضخمة مدرجة تتسع لمئات الطلاب.

عندما دخلت القاعة، تكرر نفس المشهد. صمت مفاجئ، ثم همسات ونظرات. تجاهلتها مرة أخرى، وبدأت أبحث عن مقعد شاغر. معظم الطلاب كانوا يجلسون في مجموعات صغيرة، يتبادلون الأحاديث والضحكات. المقاعد الأمامية كانت محجوزة للطلاب المتفوقين أو الطموحين، بينما المقاعد الخلفية كانت مأوى للمتمردين أو غير المهتمين. أليكس الأصلي، في محاولة يائسة للظهور بمظهر المتفوق، كان يحاول دائمًا الجلوس في المقدمة، مما يثير سخرية الطلاب الجادين.

قررت كسر هذا النمط أيضًا. توجهت نحو أحد المقاعد في الصفوف الوسطى، بالقرب من النافذة، مقعد منعزل قليلاً يسمح لي بمراقبة القاعة دون أن أكون في مركز الاهتمام المباشر. جلست بهدوء، ووضعت حقيبتي الجلدية المتواضعة (مقارنة ببذخ الغرفة) بجانبي. أخرجت دفترًا وقلمًا، مستعدًا لتدوين الملاحظات. ليس لأنني كنت أتوقع تعلم شيء جديد - فمعرفتي باللعبة تتضمن فهمًا جيدًا لنظام المانا - ولكن لأحافظ على مظهر الطالب الجاد والمنعزل.

وبينما كنت أتظاهر بترتيب أدواتي، وقعت عيناي على شخصية لفتت انتباهي على الفور. كانت تجلس في الصف الأمامي، في المنتصف تمامًا. شعر فضي طويل ينسدل على ظهرها كشلال من ضوء القمر السائل، ووجه جانبي مثالي بملامح حادة وباردة كتمثال منحوت من الجليد. كانت ترتدي الزي الرسمي للأكاديمية، لكنها كانت تشع بهالة من التفوق والتعالي تجعلها تبرز حتى في هذه القاعة المليئة بأبناء النبلاء.

سيلينا آيسلين. دوقة المستقبل، الطالبة العبقرية، والجليد الذي لا يذوب. إحدى البطلات الرئيسيات في "أبطال النجوم"، وهدف هوس أليكس الأصلي غير المجدي.

كانت تستمع باهتمام لحديث طالب آخر يجلس بجانبها، لكن حتى في حديثها، بدت عيناها الزرقاوان تحملان برودًا وتركيزًا لا يتزعزع. لم أستطع سماع ما يقولانه من مكاني، لكن لغة جسدها كانت توحي بالثقة والسيطرة. كانت هي مركز الاهتمام في تلك الزاوية من القاعة، الطلاب الآخرون يوجهون إليها نظرات إعجاب أو حسد أو رهبة.

تذكرت تفاعلات أليكس الأصلي معها في اللعبة. كان دائمًا يحاول التقرب منها بطرق مبتذلة، يتفاخر باسم عائلته، أو يحاول التقليل من شأن البطل رايان أمامها، وكانت هي دائمًا تصده بازدراء بارد أو تجاهل تام. كانت تعتبره مجرد حشرة مزعجة.

أشحت بنظري عنها بسرعة، مركزًا على دفتري الفارغ. الاقتراب منها الآن سيكون حماقة. يجب أن أتجنبها قدر الإمكان في الوقت الحالي. هي تمثل "علم موت" كبيرًا بالنسبة لي. أي محاولة للتقرب منها ستُفسر على أنها استمرار لسلوك أليكس الأصلي المثير للشفقة، وقد تثير غضب البطل رايان أو حتى اهتمامها السلبي.

دخل الأستاذ إلى القاعة، وهو رجل في منتصف العمر ذو لحية رمادية مرتبة ونظارات نصف دائرية. ساد الصمت في القاعة، وبدأت المحاضرة. كان الأستاذ، البروفيسور ألدن، معروفًا بصرامته ومعرفته الواسعة. بدأ الحديث عن طبيعة المانا، مصدر كل السحر في هذا العالم، وكيفية تدفقها في البيئة وفي أجساد الكائنات الحية، والنظريات المختلفة حول أصلها وتصنيفاتها.

كنت أعرف معظم هذه المعلومات من اللعبة، لكنني استمعت بانتباه، ودونت بعض الملاحظات الرئيسية. كان من المثير للاهتمام مقارنة معرفتي النظرية من اللعبة بالشرح الأكاديمي المفصل هنا. لاحظت أن البروفيسور ألدن ألقى نظرة خاطفة نحوي عدة مرات، ربما متفاجئًا من هدوئي وانتباهي الظاهري، على عكس سلوك أليكس المعتاد المتمثل في التململ أو النوم أو محاولة إزعاج الطلاب القريبين.

مرت المحاضرة دون حوادث. عندما انتهى الوقت، بدأ الطلاب في حزم أمتعتهم والمغادرة. نهضت بهدوء، ووضعت دفتري وقلمي في حقيبتي. بينما كنت أفعل ذلك، شعرت بنظرة ثابتة علي. رفعت رأسي ببطء، وتلاقت عيناي للحظة خاطفة مع عيني سيلينا آيسلين الزرقاوين الجليديتين. كانت تقف على بعد بضعة صفوف، تجمع كتبها، لكن نظرتها كانت موجهة نحوي مباشرة. لم تكن نظرة ازدراء كما توقعت، بل كانت نظرة... تحليلية؟ فضولية؟ باردة كالعادة، ولكن كان هناك شيء مختلف فيها، شيء جعل قشعريرة خفيفة تسري في جسدي.

هل لاحظت التغيير؟ هل أثار برودي اهتمامها؟

قطعت الاتصال البصري أولاً، وأشحت بوجهي، ثم استدرت وبدأت في السير نحو المخرج، محافظًا على خطواتي الهادئة والمحسوبة. لم أنظر خلفي لأرى ما إذا كانت لا تزال تراقبني. لا يجب أن أظهر أي اهتمام بها. يجب أن أبقى في الظل، على الأقل في الوقت الحالي.

المحاضرة التالية كانت "التدريب البدني الأساسي"، والتي تقام في ساحة التدريب الكبرى في الهواء الطلق. كانت هذه مادة أخرى يكرهها أليكس الأصلي، لأنه كان ضعيفًا جسديًا ويتعرض للسخرية دائمًا. بالنسبة لي، كانت تمثل تحديًا وفرصة في نفس الوقت. تحديًا لأن جسد أليكس الحالي ضعيف بالفعل، وفرصة لأنني أعرف أن القوة البدنية مهمة حتى للسحرة، ويمكنني استخدام هذه الحصص كغطاء لبدء تدريبي الخاص.

عندما وصلت إلى ساحة التدريب، كان الطلاب قد بدأوا بالفعل في عمليات الإحماء تحت إشراف مدرب صارم ذي عضلات مفتولة وندبة على وجهه، الكابتن دراكو. مرة أخرى، لفت وصولي الانتباه. همسات ونظرات ساخرة، خاصة من مجموعة من الطلاب ذوي البنية القوية كانوا يقفون معًا. عرفت أحدهم من ذكريات أليكس - بارن، أحد أتباع رايان، وهو الشخص الذي يُفترض أنه ضرب أليكس بالأمس.

تقدم بارن نحوي بابتسامة متعجرفة، وذراعيه مكتوفتين. "أوه، انظروا من هنا. لم أكن أتوقع رؤيتك اليوم، إيستر. ظننت أنك ستختبئ في غرفتك كالجرذ الخائف بعد درس الأمس".

ضحك أصدقاؤه خلفه. شعرت بالعيون كلها تتركز علي، تنتظر رد فعلي. ينتظرون الغضب، أو الخوف، أو الإذلال.

نظرت إلى بارن مباشرة، عيناي باردتان وفارغتان. لم أقل شيئًا للحظة، فقط سمحت للصمت بأن يتمدد. ثم، بصوت هادئ وخالٍ من أي انفعال، قلت: "أنا هنا للتدريب، مثل أي طالب آخر. هل لديك مشكلة مع ذلك؟"

فاجأه ردي الهادئ. توقع صراخًا أو تهديدًا فارغًا. عبس قليلاً، ثم قال بسخرية: "مشكلة؟ لا مشكلة على الإطلاق. فقط تأكد من عدم الوقوف في طريقي، وإلا قد تتعثر 'بالصدفة' مرة أخرى".

لم أرد. فقط أدرت ظهري له ببطء، وتوجهت للانضمام إلى صف الطلاب الذين بدأوا في الجري حول الساحة كجزء من الإحماء. سمعت بارن يتذمر خلفي، لكنه لم يتبعني. ربما شعر بالملل من عدم حصوله على رد الفعل الذي أراده، أو ربما كان يخشى لفت انتباه الكابتن دراكو.

كان الجري صعبًا. جسد أليكس كان أضعف مما توقعت. شعرت برئتي تحترقان وساقاي تؤلماني بعد بضع لفات فقط. الطلاب الآخرون تجاوزوني بسهولة، وبعضهم ألقى بتعليقات ساخرة أثناء مرورهم.

"انظروا إلى النبيل الصغير وهو يلهث!"

"ربما يجب أن يعود إلى غرفته ويستريح!"

تجاهلتهم، وركزت على التنفس، وعلى دفع جسدي للاستمرار. كل خطوة كانت صراعًا، لكنني رفضت التوقف. رفضت أن أمنحهم متعة رؤيتي أستسلم. هذه هي خطوتي الأولى نحو التغيير. يجب أن أتحمل. يجب أن أصبح أقوى.

بعد الجري، جاءت تمارين الضغط والبطن وتمارين أخرى لتقوية الجسد. أديتها بأفضل ما أستطيع، رغم أن أدائي كان مثيرًا للشفقة مقارنة بالآخرين. الكابتن دراكو مر بجانبي، ونظر إلي بنظرة تقييمية. لم يقل شيئًا، لكنني شعرت أنه لاحظ شيئًا - ربما ليس القوة، ولكن الإصرار العنيد في عيني، الإصرار على عدم الاستسلام رغم الضعف الواضح.

أخيرًا، انتهت حصة التدريب البدني. كنت منهكًا تمامًا، عضلاتي تؤلمني، وأتصبب عرقًا. بينما كنت أتوجه نحو غرف تغيير الملابس، مررت بمجموعة من الفتيات كن يتحدثن بهدوء. إحداهن، ذات شعر وردي قصير وعيون خضراء واسعة، بدت مألوفة. ليليا فلاوريل. البطلة الثانية، الفتاة الخجولة ذات القدرة الخاصة.

عندما مررت بجانبها، تعثرت قدمها فجأة، وكادت أن تسقط. في رد فعل غريزي، ربما بسبب ساعات اللعب الطويلة التي جعلتني أتوقع مثل هذه الأحداث، مددت يدي وأمسكت بذراعها، مانعًا إياها من السقوط.

رفعت رأسها بسرعة، ونظرت إلي بعيون واسعة مليئة بالدهشة والخوف قليلاً. "آه... أنا... أنا آسفة! ش-شكرًا لك!"

كانت هذه أول مرة أتحدث فيها معها مباشرة، حتى في اللعبة. في اللعبة، كان أليكس يتجاهلها تمامًا أو يسخر منها لأنها من عامة الشعب. نظرت إليها للحظة، وجهها اللطيف محمر قليلاً من الإحراج. ثم سحبت يدي بهدوء وقلت بصوت بارد ومحايد: "انتبهي لخطواتك في المرة القادمة".

لم أنتظر ردها. استدرت وأكملت طريقي نحو غرف تغيير الملابس، تاركًا إياها تحدق في ظهري بعيون واسعة مليئة بمزيج من الارتباك والامتنان وربما... شيء آخر؟

لم أكن أخطط لهذا اللقاء، لكنه حدث. هل كان هذا "علم" جديد؟ هل إنقاذي لها سيغير شيئًا؟ لا أعرف. كل ما أعرفه هو أنني بحاجة إلى الاستحمام، ثم التوجه إلى المكتبة. لدي الكثير من الأبحاث لأقوم بها. البقاء على قيد الحياة في هذا العالم يتطلب أكثر من مجرد القوة البدنية أو السحر. يتطلب معرفة، وتخطيطًا، وقدرة على التلاعب بالظلال التي بدأت تتجمع حولي.

وبينما كنت أسير في الممر المؤدي إلى غرف التغيير، لم أستطع إلا أن أشعر مرة أخرى بتلك النظرة الباردة والحادة على ظهري. لم ألتفت، لكنني كنت أعرف من هي. سي

لينا آيسلين. يبدو أن الظل الذي أحاول أن أكونه قد بدأ بالفعل في لفت انتباه الجليد.

2025/04/27 · 214 مشاهدة · 1625 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025