# الفصل الثالث:
بعد الاستحمام السريع الذي بالكاد أزال إرهاق جسدي، وتغيير ملابسي إلى زي أكاديمي نظيف، لم أعد إلى غرفتي الفاخرة. بدلاً من ذلك، توجهت مباشرة إلى وجهتي التالية المخطط لها: مكتبة أكاديمية أستريا. لم يكن الدافع هو الرغبة المفاجئة في الدراسة الأكاديمية، بل الحاجة الملحة للمعلومات وللبدء في تنفيذ خطتي السرية لزيادة القوة.
جسد أليكس فون إيستر كان ضعيفًا بشكل مثير للشفقة. لم تكن حصة التدريب البدني مجرد تذكير بذلك، بل كانت صفعة قاسية على وجه الواقع. إذا كنت سأنجو في هذا العالم، ناهيك عن تغيير مصيري، فلا يمكنني الاعتماد على هذه القوة الهزيلة. معرفتي باللعبة كانت سلاحي الأقوى، لكن المعرفة وحدها لا تكفي لصد سيف أو إيقاف تعويذة قاتلة. أحتاج إلى قوة حقيقية وملموسة.
وبينما كنت أسير في الممرات الهادئة نسبيًا الآن، حيث كان معظم الطلاب إما في محاضراتهم التالية أو يستريحون، بدأت أفكر في "نظام" اللعبة. في "أبطال النجوم"، كان لدى اللاعبين نافذة حالة تعرض إحصائياتهم ومهاراتهم ومستوياتهم. هل هذا النظام موجود هنا بالنسبة لي، كشخص تجسد في هذا العالم؟
حاولت التركيز، مستدعيًا في ذهني الأوامر الصوتية أو العقلية التي كانت تستخدم في اللعبة لفتح نافذة الحالة. "الحالة"، "نافذة الحالة"، "عرض الإحصائيات". لم يحدث شيء. لا نافذة زرقاء شفافة ظهرت أمامي، ولا صوت نظام آلي رن في أذني. شعرت بخيبة أمل طفيفة، لكنها لم تكن مفاجئة تمامًا. ربما كان نظام اللعبة مجرد آلية للاعبين، ولا ينطبق على سكان هذا العالم، حتى لو كنت أنا "لاعبًا" سابقًا. أو ربما... ربما كان النظام موجودًا، لكن طريقة الوصول إليه مختلفة، أو أن قدراتي الحالية أضعف من أن تفعّله.
هذا يعني أنني لا أستطيع الاعتماد على طريقة سهلة لتتبع تقدمي أو اكتساب المهارات كما في اللعبة. يجب أن أعتمد على الطرق التقليدية لهذا العالم: التدريب الشاق، دراسة السحر، وربما... استغلال الأسرار التي أعرفها.
لعبة "أبطال النجوم" كانت مليئة بالأسرار: عناصر مخفية، مهام جانبية غير معلمة، مواقع سرية تمنح قدرات خاصة أو معرفة نادرة. أليكس الأصلي، بجهله وغروره، لم يكن ليكتشف أيًا منها. لكنني أعرفها. أعرف عن الكهف المنسي خلف الشلال بالقرب من الأكاديمية حيث يمكن العثور على عشب نادر يعزز المانا بشكل دائم. أعرف عن الكتاب القديم في قسم محظور من المكتبة يحتوي على تعويذة ظل منسية. أعرف عن التاجر الغامض الذي يظهر في زقاق معين في العاصمة ليلاً ويبيع قطعًا أثرية قوية بأسعار بخسة لمن يعرف الكلمات السرية.
هذه الأسرار هي فرصي. يجب أن أصل إليها قبل أي شخص آخر، وقبل أن تتغير الأحداث بشكل كبير بحيث تصبح هذه الأسرار غير متاحة أو عديمة الفائدة. لكن الوصول إليها يتطلب تخطيطًا دقيقًا وحذرًا. لا يمكنني ببساطة التسلل إلى قسم محظور أو التجول خارج الأكاديمية دون إثارة الشكوك، خاصة بسمعتي الحالية.
لهذا السبب كانت المكتبة هي خطوتي الأولى. أحتاج إلى غطاء. أحتاج إلى سبب وجيه لقضاء ساعات طويلة بمفردي، أو للبحث عن معلومات قد تبدو غريبة. الدراسة هي الغطاء المثالي. من سيشك في طالب، حتى لو كان أليكس إيستر، يقضي وقته في المكتبة، خاصة بعد الأداء الضعيف في التدريب البدني؟ قد يفسرون ذلك على أنه محاولة يائسة للتعويض عن ضعفه الجسدي بالمعرفة النظرية، أو ربما مجرد محاولة لتجنب الآخرين.
وصلت أخيرًا إلى مدخل المكتبة. كان مبنى مهيبًا بذاته، ربما ليس بفخامة القاعة الرئيسية، ولكنه يوحي بالوقار والمعرفة. أبواب خشبية ضخمة مزينة بنقوش معقدة، ونوافذ زجاجية ملونة تلقي بأنماط ضوئية جميلة على الأرضية الحجرية الباردة. رائحة الكتب القديمة والورق والغبار الخفيف كانت تملأ الهواء، ممزوجة بصمت شبه تام لم يقطعه سوى حفيف الصفحات المتقلبة أو الصرير الخافت لقلم يخط على ورق.
كانت المكتبة أقل ازدحامًا بكثير من الممرات. عدد قليل من الطلاب كانوا منتشرين بين الرفوف الشاهقة الممتدة على عدة طوابق، أو يجلسون على الطاولات الخشبية المصقولة، منغمسين في كتبهم. أمينة المكتبة، سيدة عجوز صارمة الملامح ترتدي نظارة سميكة، جلست خلف مكتب ضخم بالقرب من المدخل، تراقب المكان بعيون صقر.
تجاهلت نظرتها المتفحصة وتوجهت مباشرة إلى فهرس المكتبة، وهو عبارة عن سلسلة من الأدراج الخشبية الصغيرة تحتوي على بطاقات مرتبة أبجديًا. تظاهرت بالبحث عن شيء محدد لبضع دقائق، ثم بدأت في التجول بين الرفوف. لم أكن أبحث عن كتاب سحر الظل المنسي بعد - فهذا يتطلب الوصول إلى القسم المحظور، وهو أمر مستحيل حاليًا. كنت أبحث عن شيء آخر، شيء يمكن الوصول إليه، ويمكن أن يكون مفيدًا على المدى القصير.
تذكرت معلومة غامضة من أحد المنتديات التي كنت أرتادها لمناقشة اللعبة. كانت تتحدث عن "حديقة القمر الخفية"، وهي منطقة صغيرة سرية داخل أراضي الأكاديمية نفسها، يُقال إنها تحتوي على نباتات نادرة تتفتح فقط تحت ضوء القمر الكامل، ويمكن استخدامها لصنع جرعات تعزز القدرات مؤقتًا أو تسرع من استعادة المانا. لم تكن هذه المعلومة مؤكدة تمامًا في اللعبة، وكانت تعتبر مجرد إشاعة أو "بيضة عيد فصح" (Easter egg) من قبل الكثيرين. لكنها كانت تستحق التحقق.
المشكلة كانت أن موقع هذه الحديقة المفترض كان غامضًا. الإشارة الوحيدة كانت مرتبطة بـ"تمثال الحارس الباكي" و"ظل البرج الشمالي عند اكتمال القمر". كانت هذه أدلة مبهمة للغاية.
توجهت إلى قسم تاريخ الأكاديمية وقسم الأساطير المحلية. بدأت في سحب الكتب التي بدت ذات صلة: "تاريخ أكاديمية أستريا: المجلد الأول"، "أساطير وحكايات منطقة العاصمة"، "دليل نباتات سولاريس السحرية"، "الهندسة المعمارية لأستريا". حملت مجموعة من الكتب الثقيلة وتوجهت إلى طاولة منعزلة في زاوية هادئة من المكتبة، بالقرب من نافذة تطل على حدائق الأكاديمية.
جلست وبدأت في التصفح. كان الأمر مملاً وشاقًا. الكتب كانت ضخمة، واللغة المستخدمة كانت أكاديمية وجافة. لكنني أجبرت نفسي على التركيز. كنت أبحث عن أي ذكر لـ"تمثال الحارس الباكي" أو "البرج الشمالي" أو أي حدائق سرية أو مخفية داخل الأكاديمية.
مر الوقت ببطء. قلبت مئات الصفحات المغبرة، وقرأت عن تأسيس الأكاديمية، وعن مديريها السابقين، وعن الطلاب المشهورين الذين تخرجوا منها، وعن الحروب القديمة التي شهدتها المنطقة. تعلمت الكثير عن تاريخ هذا العالم، معلومات لم تكن متوفرة بالتفصيل في اللعبة، لكنني لم أجد أي شيء عن الحديقة الخفية أو التمثال الباكي.
بدأ الإحباط يتسلل إلي. هل كانت تلك المعلومة مجرد خدعة من أحد اللاعبين؟ هل أضيع وقتي الثمين في البحث عن وهم؟
وبينما كنت أتصفح كتاب "الهندسة المعمارية لأستريا"، وهو كتاب مليء بالرسومات التخطيطية والخرائط القديمة لمباني الأكاديمية، لاحظت شيئًا غريبًا في إحدى الخرائط التي تعود إلى فترة التأسيس الأولى للأكاديمية. كانت هناك منطقة صغيرة، تقع خلف البرج الشمالي القديم (الذي كان يستخدم كمرصد فلكي في الماضي ولكنه مهجور الآن)، معلمة بعلامة غريبة وغير موصوفة في مفتاح الخريطة. كانت المنطقة تبدو كحديقة صغيرة أو فناء داخلي، لكنها لم تكن موجودة في الخرائط الأحدث للأكاديمية.
شعرت بنبض خفيف من الإثارة. هل يمكن أن تكون هذه هي؟ المنطقة خلف البرج الشمالي المهجور... هذا يتوافق جزئيًا مع الدليل. لكن ماذا عن "تمثال الحارس الباكي"؟
عدت إلى كتاب "أساطير وحكايات منطقة العاصمة". بدأت في قراءة قسم يتعلق بالأكاديمية نفسها. كان هناك ذكر لأساطير مختلفة حول أشباح تسكن الأبراج القديمة، أو كنوز مخبأة في الأنفاق تحت الأرض. ثم، في فقرة قصيرة وغير واضحة، وجدت ذكرًا لـ"الحارس الحجري الذي يذرف دموع الندى عند الفجر". لم يكن هناك ذكر لموقعه، ولم يطلق عليه اسم "الحارس الباكي"، لكن الوصف كان قريبًا بشكل مثير للفضول.
هل يمكن أن يكون "الحارس الحجري" هو نفسه "الحارس الباكي"؟ وهل "دموع الندى عند الفجر" هي مجرد وصف شاعري، أم أنها تشير إلى شيء آخر؟ والأهم، أين يمكن أن يكون هذا التمثال؟
لم أجد أي معلومات أخرى في الكتب التي معي. ربما أحتاج إلى البحث في سجلات أقدم، أو ربما التحدث إلى موظفين قدامى في الأكاديمية. لكن هذا سيكون خطيرًا ويثير الشكوك.
قررت أن أركز على ما وجدته حتى الآن: منطقة محتملة خلف البرج الشمالي المهجور، وتمثال غامض يسمى "الحارس الحجري". ربما يجب أن أذهب لاستكشاف المنطقة المحيطة بالبرج الشمالي بنفسي، ولكن بحذر شديد وفي وقت لا يراني فيه أحد، ربما في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر.
وبينما كنت أغرق في أفكاري، وأدون ملاحظات سريعة ومشفرة في دفتري (لا يمكنني ترك أدلة واضحة)، سمعت صوتًا هادئًا ومترددًا بالقرب مني.
"ه-هل هذا المقعد شاغر؟"
رفعت رأسي، لأجد ليليا فلاوريل، الفتاة ذات الشعر الوردي التي ساعدتها في وقت سابق، تقف بجانب طاولتي، تحمل كومة من الكتب بين ذراعيها، وتنظر إلي بعيون واسعة تحمل مزيجًا من الخجل والأمل. كانت وجنتاها متوردتين قليلاً.
تفاجأت قليلاً. لم أتوقع أن تبادر بالحديث معي، خاصة بعد ردي البارد عليها. نظرت حولي. كانت هناك طاولات أخرى شاغرة في المكتبة، وإن لم تكن كثيرة. لماذا اختارت طاولتي؟
نظرت إليها مباشرة، محافظًا على تعابير وجهي المحايدة. "نعم".
بدا وكأنها ارتاحت قليلاً لسماعي أوافق. جلست بحذر في المقعد المقابل لي، ووضعت كتبها على الطاولة. لاحظت أنها كانت كتبًا عن الأعشاب الطبية والسحر العلاجي الأساسي. يبدو أنها كانت تركز على مجالها الخاص.
ساد الصمت بيننا لبضع لحظات. عدت إلى كتبي، متظاهرًا بالتركيز، لكنني كنت أراقبها بزاوية عيني. بدت متوترة قليلاً، تعض على شفتها السفلى وتلعب بأصابعها. ثم، بصوت خافت بالكاد يُسمع، قالت: "أردت... أردت أن أشكرك مرة أخرى على مساعدتي في وقت سابق. لقد كنت لطيفًا جدًا".
لطيفًا؟ هل وصفت ردي البارد بأنه "لطيف"؟ ربما كانت معتادة على معاملة أسوأ بكثير من الآخرين لدرجة أن مجرد عدم إهانتها يعتبر لطفًا في نظرها. أو ربما... ربما كان هناك شيء آخر في نظرتها.
لم أرفع رأسي هذه المرة. فقط همهمت بصوت خافت كإقرار باستلام شكرها، واستمررت في التظاهر بالقراءة. لم أكن أرغب في تشجيع المزيد من المحادثة. التورط مع أي من البطلات الآن، حتى الخجولة مثل ليليا، كان خطيرًا. كل تفاعل هو تغيير محتمل في مسار القصة، تغيير قد لا أستطيع التنبؤ بنتائجه.
شعرت بخيبة أملها الخفيفة عبر الطاولة. بقيت صامتة بعد ذلك، وفتحت أحد كتبها، وبدأت في القراءة، أو على الأقل التظاهر بذلك. لكنني شعرت بنظراتها الخاطفة نحوي بين الحين والآخر.
كان هذا الوضع غير مريح. وجودها هنا يشتت تركيزي، ويجعلني أشعر بأنني مراقب. لكن طردها سيكون وقحًا ويثير الشكوك أكثر. قررت تجاهلها والاستمرار في بحثي.
أمضيت ساعة أخرى أو نحو ذلك في المكتبة، أقلب الصفحات وأدون الملاحظات، بينما ليليا تجلس في صمت مقابلتي. لم أتحدث معها مرة أخرى، وهي لم تحاول التحدث معي. لكن وجودها كان ثقيلاً وملموسًا.
أخيرًا، قررت أنني جمعت ما يكفي من المعلومات الأولية لهذا اليوم. أغلقت كتبي ونهضت. أومأت ليليا برأسها بخفة عندما نهضت، وهمست "وداعًا" بصوت خافت.
رددت بإيماءة رأس صامتة، ثم حملت كتبي لإعادتها إلى أماكنها، قبل أن أغادر المكتبة. بينما كنت أسير مبتعدًا، لم أستطع إلا أن أتساءل عن سبب اختيار ليليا الجلوس معي. هل كان مجرد امتنان؟ أم أن تفاعلي القصير معها قد زرع بذرة اهتمام غير متوقعة؟
تنهدت داخليًا. يبدو أن تجنب البطلات سيكون أصعب مما ظننت. كل خطوة أقوم بها، كل تغيير أحدثه في سلوك أليكس، يبدو أنه يرسل تموجات عبر نسيج هذا العالم، تموجات تجذب الانتباه غير المرغوب فيه.
يجب أن أكون أكثر حذرًا. يجب أن أخطط لخطواتي التالية بدقة أكبر. الاستكشاف الليلي للبرج الشمالي يبدو الآن أكثر إلحاحًا. أحتاج إلى قوة، وأحتاج إليها بس
رعة، قبل أن تجذبني هذه التفاعلات غير المتوقعة إلى دوامة لا أستطيع الخروج منها.