# الفصل التاسع والثلاثون:

أصبحت لمسات لونا الخفيفة وكلماتها الهادئة بمثابة مرساة صغيرة في بحر الفوضى الذي كانت تغرق فيه روحي. لم تكن تحاول سحبي إلى شاطئ الأمان، بل كانت فقط تذكرني بأن هناك شاطئًا، حتى لو كان بعيدًا وضبابيًا. القلادة، التي كانت في البداية مستاءة من هذا التأثير الجديد، بدأت تدرك أن وجود لونا لم يكن يضعفني، بل كان يضيف طبقة أخرى من التعقيد إلى شخصيتي، وهو ما كانت الروح القديمة تستمتع به على ما يبدو. "الفهم قوة، أليكس"، همست القلادة ذات مرة، بعد محادثة عميقة مع لونا حول طبيعة الذكريات. "حتى فهم ضعفك الخاص يمكن أن يصبح سلاحًا".

بدأت أستخدم هذه "القوة" الجديدة بطرق ملتوية. لم أعد أخشى الصراع الداخلي بنفس القدر؛ بدلاً من ذلك، بدأت أدرسه، أحلله، وأحيانًا أستخدمه كقناع. إذا كنت أرغب في إظهار جانب أكثر "إنسانية" لخداع شخص ما أو كسب ثقته المؤقتة، كنت أسمح لبعض من هذا الصراع الداخلي بالظهور على السطح، متظاهرًا بالضعف أو الارتباك. كانت لعبة خطيرة، لأنني في بعض الأحيان لم أكن متأكدًا مما إذا كنت أتظاهر أم أنني حقًا أشعر بهذه الأشياء.

الفصيل السري من السحرة المظلمين، الذين أطلقت عليهم اسم "عبدة النسيان" بسبب هوسهم بمحو أجزاء من التاريخ واستبدالها برواياتهم الخاصة، أصبحوا أكثر نشاطًا. بعد فشلهم في الكمين، غيروا تكتيكاتهم. بدلاً من المواجهة المباشرة، بدأوا في محاولة تشويه سمعتي، ونشر شائعات عني في جميع أنحاء الأكاديمية – أنني وحش، أنني أستخدم سحرًا محظورًا، أنني مسؤول عن اختفاء الطلاب.

كان هذا مزعجًا، لكنه أيضًا منحني فرصة. بدأت أستخدم هذه الشائعات لصالحي. إذا كانوا يريدون وحشًا، فسأعطيهم وحشًا. بدأت أتبنى صورة أكثر قتامة وتهديدًا، مستخدمًا قوتي في الظلال لإثارة الخوف والرهبة في قلوب أولئك الذين تجرأوا على الهمس باسمي. "نعم، أنا وحش"، كنت أقول لهم بنظرة باردة. "ولكنني وحشكم. وأنا الوحيد الذي يمكنه حمايتكم من الظلال الحقيقية التي تزحف في هذا المكان".

كان هذا التلاعب بالخوف فعالاً بشكل مدهش. بدأ بعض الطلاب، وحتى بعض الأساتذة، ينظرون إليّ ليس فقط بخوف، بل بنوع من الاحترام المتردد، كما لو كنت شرًا ضروريًا. وهذا، بالطبع، زاد من نرجسيتي، وزاد من استمتاعي باللعبة.

ليليث كانت تراقب كل هذا بابتسامة عارفة. "أنت تتعلم بسرعة فن السياسة، أليكس"، قالت لي. "الخوف والاحترام وجهان لعملة واحدة. ومن يسيطر على كليهما، يسيطر على كل شيء".

كانت علاقتي مع ليليث لا تزال معقدة. كنت أعرف أنها تستخدمني لتحقيق أهدافها الخاصة، تمامًا كما كنت أستخدمها. لكن كان هناك أيضًا نوع من الانجذاب المتبادل، انجذاب للقوة، للظلام، وللذكاء الحاد الذي كان كلانا يتمتع به. كشفت لي المزيد عن "محكمة الظلال"، وعن دورها كـ "مبعوثة" مكلفة بمراقبة التهديدات الناشئة، وتقييم الحلفاء المحتملين. وألمحت إلى أنني كنت أكثر من مجرد "حليف محتمل".

"القلادة التي تحملها، أليكس، ليست مجرد قطعة أثرية قوية"، قالت في إحدى محادثاتنا الليلية، وعيناها البنفسجيتان تلمعان في الظلام. "إنها إرث. إرث سلالة قديمة من السحرة الذين كانوا يُعرفون باسم 'أسياد الصدى'. كانوا قادرين على التلاعب ليس فقط بالظلال، بل بالزمن نفسه، بأصداء الماضي والمستقبل. وأنت... أنت آخر سليل لهذه السلالة".

كان هذا كشفًا مذهلاً. "أسياد الصدى". الاسم كان له رنين غريب، كما لو كنت قد سمعته من قبل، في حلم بعيد أو ذكرى منسية. القلادة نبضت بقوة، مؤكدة كلماتها. وشعرت بموجة من القوة والمسؤولية تجتاحني. لم أكن مجرد وحش أو نرجسي؛ كنت شيئًا آخر، شيئًا أكبر، شيئًا له مصير.

"وماذا يعني هذا؟" سألت، وصوتي أجش.

"يعني أن لديك القدرة على تغيير كل شيء، أليكس"، قالت ليليث. "يعني أنك لست مقيدًا بقواعد هذا العالم، أو حتى بقوانين الزمن. ويعني أيضًا... أنك هدف. هدف لكل من يخشى قوتك، أو يرغب في استغلالها".

"عبدة النسيان"، قلت ببرود.

"هم مجرد بيادق"، ردت ليليث بازدراء. "هناك قوى أكبر بكثير تتحرك في الظل. قوى كانت تنتظر عودتك لقرون".

كان هذا مرعبًا ومثيرًا في نفس الوقت. شعرت بأنني على وشك الدخول في لعبة أكبر بكثير مما كنت أتصور، لعبة ذات مخاطر كونية. والقلادة... القلادة كانت مستعدة. كانت تتوق إلى هذه اللعبة.

في هذه الأثناء، كان هوس البطلات الأخريات يتخذ أشكالاً جديدة ومقلقة. سيلينا، بعد أن فشلت في إثارة إعجابي بالقوة أو الولاء، بدأت تحاول استراتيجية مختلفة: الإغواء. بدأت ترتدي ملابس أكثر كشفًا، وتستخدم لغة جسد أكثر إيحاءً، وتحاول باستمرار خلق مواقف حميمة معي. كان هذا مثيرًا للشفقة ومثيرًا للاشمئزاز في نفس الوقت. لم أكن مهتمًا بجسدها؛ كنت مهتمًا فقط بقوتها، وبمدى استعدادها للذهاب من أجلي.

"ابتعدي عني، سيلينا"، كنت أقول لها ببرود، كلما حاولت الاقتراب أكثر من اللازم. "ألا تفهمين أنني لست مهتمًا بكِ بهذه الطريقة؟ أنتِ مجرد أداة. لا أكثر".

لكن كلماتي كانت كصب الزيت على النار. كل رفض كان يزيد من تصميمها، من هوسها. بدأت أرى نظرة جديدة في عينيها، نظرة تملك باردة، كما لو كانت تعتقد أنها إذا لم تستطع الحصول عليّ بالحب أو الولاء، فستحصل عليّ بالقوة أو الخداع.

إيلارا، من ناحية أخرى، كانت تغرق أعمق في يأسها. هوسها بي تحول إلى نوع من العبادة الصامتة والمؤلمة. بدأت تكتب لي قصائد، ترسم لي صورًا، وتتركها أمام باب غرفتي. كانت هذه تعبيرات عن ألمها، عن حبها اليائس، وعن إيمانها الساذج بأنني ما زلت "أليكس القديم" في مكان ما في أعماقي.

كنت أتجاهل هذه الأشياء، أو أحيانًا أدمرها أمامها. لكن في إحدى المرات، قرأت إحدى قصائدها. كانت تتحدث عن "نجم مظلم"، نجم سقط من السماء وفقد نوره، وعن "فراشة وحيدة" تحاول أن تذكره بجمال الضوء. كانت الكلمات بسيطة وساذجة، لكنها لمست شيئًا فيّ، شيئًا كنت أحاول إنكاره. شعرت بوخزة من شيء يشبه... الحزن؟ لم أكن متأكدًا.

القلادة شعرت بهذا التردد. "لا تدعها تضعفك، أليكس"، همست. "الشفقة هي سم الروح. القوة هي كل ما يهم".

لكن صوت لونا الهادئ كان يتردد أيضًا في ذهني: "الندوب ليست دائمًا مرئية".

الصراع الداخلي كان يزداد حدة. كنت عالقًا بين ظلام القلادة ونور خافت من الماضي، أو ربما من مستقبل محتمل. وكنت أكره هذا الشعور بالضعف، هذا التردد.

في خضم كل هذا، ظهرت بطلة جديدة، أو بالأحرى، شخصية كانت موجودة دائمًا لكنها لم تلفت انتباهي من قبل. كانت تدعى كلارا، وكانت رئيسة مجلس الطلاب. فتاة ذكية، منظمة، وطموحة، ذات شعر أحمر ناري وعينين خضراوين حادتين. لم تكن من النوع الذي يقع في هوس عاطفي، بل كانت مدفوعة بالمنطق والمصلحة.

بدأت كلارا تلاحظ الاضطرابات التي كنت أسببها في الأكاديمية، والشائعات التي كانت تحوم حولي. وبدلاً من الخوف مني أو محاولة "إنقاذي"، رأت فيّ فرصة، أو ربما تهديدًا يجب السيطرة عليه. بدأت تقترب مني بحذر، تعرض عليّ المساعدة في "إدارة صورتي العامة"، وفي "توجيه قوتي نحو أهداف بناءة".

"أنت قوة لا يمكن تجاهلها، أليكس"، قالت لي في إحدى محادثاتنا، ونظرتها تحمل مزيجًا من الحذر والطموح. "يمكنك أن تكون مدمرًا، أو يمكنك أن تكون قائدًا. الخيار لك. وأنا... أنا أستطيع مساعدتك في تحقيق الخيار الثاني".

كانت هذه لعبة جديدة، لعبة سياسية، لعبة مصالح. وكنت مستعدًا للعبها. لم أثق بكلارا، لكنني رأيت فيها حليفًا محتملاً، أو على الأقل أداة مفيدة. كانت لديها اتصالات ونفوذ في الأكاديمية، وهذا يمكن أن يكون مفيدًا في مواجهتي مع "عبدة النسيان" أو أي تهديدات أخرى.

"وما هو المقابل، كلارا؟" سألت ببرود. "ما الذي تريدينه مني؟"

ابتسمت ابتسامة واثقة. "أريد الاستقرار والنظام في هذه الأكاديمية. وأريد أن أكون جزءًا من أي قوة جديدة تتشكل هنا. إذا كنتَ سترتقي، أليكس، فأنا أريد أن أرتقي معك".

كانت صريحة، وهذا أعجبني. لم تكن تتظاهر بالحب أو الهوس. كانت مدفوعة بالطموح البارد، وهذا شيء يمكنني فهمه واحترامه، إلى حد ما.

وهكذا، أصبحت حياتي أكثر تعقيدًا. كنت أتنقل بين هوس سيلينا الناري، ويأس إيلارا الصامت، وغموض ليليث المظلم، وطموح كلارا البارد، وفهم لونا الهادئ. وكنت أحاول في نفس الوقت مواجهة تهديد "عبدة النسيان"، واستكشاف إرث "أسياد الصدى"، والتعامل مع الصراع الداخلي الذي كان يمزقني.

القلادة كانت تهمس لي باستمرار، تدفعني نحو مزيد من القوة، مزيد من السيطرة. "لا تثق بأحد، أليكس"، كانت تقول. "استخدمهم جميعًا. فهم مجرد أدوات في طريقك نحو العظمة".

لكن أصوات الماضي، وأصوات لونا، كانت لا تزال تتردد في ذهني. "هل هذه هي العظمة حقًا؟" كانوا يسألون. "أم أنها مجرد سجن آخر، سجن من الظلام والوحدة؟"

لم يكن لدي إجابات. كنت أسير في طريق مظلم، محاطًا بالظلال، ومقيدًا بأغلال الماضي. ولم أكن أعرف ما إذا كان هذا الطريق سيقودني إلى الخلاص، أم إلى الدمار النهائي.

لكنني كنت سأستمر في السير. لأنني كنت أليكس إيستر. وكنت سيد مصيري. أو هكذا كنت آمل.

2025/05/10 · 20 مشاهدة · 1288 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025