# الفصل الأربعون:

أصبحت الأكاديمية أشبه برقعة شطرنج عملاقة، وكنت أنا اللاعب الأكثر غموضًا وقوة، وإن لم أكن الملك بالضرورة. كل قطعة أخرى – البطلات المهووسات، ليليث الغامضة، كلارا الطموحة، لونا الهادئة، وحتى "عبدة النسيان" المختبئون في الظلال – كانت تتحرك وفقًا لقواعدها الخاصة، لكن كل تحركاتها كانت تتأثر بوجودي، بقراراتي، وبالقوة المظلمة التي أصبحت مرادفة لاسمي.

التحالف الحذر الذي بدأته مع كلارا، رئيسة مجلس الطلاب، أضاف طبقة جديدة من التعقيد إلى هذه اللعبة. لم تكن كلارا مدفوعة بالهوس أو العاطفة، بل بالمنطق البارد والرغبة في السلطة. رأت فيّ أداة قوية، أو ربما وحشًا يمكن ترويضه وتوجيهه لخدمة أهدافها في "إعادة النظام" إلى الأكاديمية – نظام تكون هي في قمته بالطبع. وكنت أنا، بدوري، أرى فيها وسيلة للوصول إلى معلومات وموارد لم تكن متاحة لي من قبل، وربما درعًا مؤقتًا ضد بعض التهديدات.

"الأكاديمية في حالة من الفوضى، أليكس"، قالت لي كلارا في إحدى اجتماعاتنا السرية، التي كانت تعقد عادة في مكتبها المنيع أو في زوايا منسية من المكتبة. "الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم. الطلاب خائفون. الأساتذة منقسمون. وهذا ليس جيدًا لأحد". عيناها الخضراوان الحادتان كانتا تدرسانني، تحاولان قياس رد فعلي.

"الفوضى يمكن أن تكون سلمًا، كلارا"، رددت ببرود، مستعيرًا عبارة سمعتها في إحدى رؤى القلادة من ماضٍ سحيق. "أولئك الذين يخشونها لن يتسلقوا أبدًا".

ابتسمت ابتسامة خافتة. "أنا لا أخشى الفوضى، أليكس. أنا أستغلها. تمامًا مثلك. لكن الفوضى غير المنضبطة مدمرة. ما نحتاجه هو نظام جديد، نظام أقوى وأكثر كفاءة. نظام يمكننا نحن أن نشكله".

كانت "نحن" التي استخدمتها محسوبة، تمامًا كما كانت "نحن" التي استخدمتها مع سيلينا. لكن مع كلارا، كان الأمر مختلفًا. لم يكن هناك أي تظاهر بالعاطفة. كانت صفقة باردة، تحالف مصالح. وهذا، بطريقة ما، كان أكثر راحة. لم أكن مضطرًا للتعامل مع المشاعر الهشة أو التوقعات غير الواقعية.

"وما هو دوري في هذا النظام الجديد الذي تتخيلينه؟" سألت، وأنا أنظر إليها بتحدٍ.

"أنت القوة، أليكس"، قالت بصراحة. "أنت الردع. أنت الظل الذي سيجعل الآخرين يفكرون مرتين قبل تحدي النظام. وأنا... أنا سأكون الوجه، العقل المدبر، الشخص الذي يضع القواعد ويضمن تطبيقها".

كان عرضًا مغريًا، وإن كان مليئًا بالمخاطر. أن أكون "الظل" يعني أن أظل في الظلام، أن أكون الأداة الخفية. لكنه يعني أيضًا أن أمتلك قوة حقيقية، قوة التأثير على الأحداث دون أن أكون في دائرة الضوء بشكل مباشر. وهذا يتناسب مع طبيعتي النرجسية التي كانت تستمتع بالسيطرة الخفية.

"سأفكر في الأمر"، قلت ببرود. "لكن لا تتوقعي مني أن أكون مجرد بيدق في لعبتكِ، كلارا. أنا ألعب لعبتي الخاصة دائمًا".

"لم أتوقع أقل من ذلك"، ردت بابتسامة واثقة.

بدأت أستخدم نفوذ كلارا للوصول إلى معلومات حول "عبدة النسيان". كانت لديها شبكة من المخبرين والموالين داخل الأكاديمية، وتمكنت من تزويدي ببعض الخيوط المثيرة للاهتمام. اكتشفت أنهم ليسوا مجرد مجموعة من السحرة المظلمين المهووسين بالتاريخ، بل لديهم أجندة أكثر خطورة: كانوا يسعون لإطلاق العنان لـ "سيد النسيان"، كائن قديم وقوي تم ختمه منذ آلاف السنين، كائن يعتقدون أنه سيجلب "عصرًا جديدًا من الحقيقة" عن طريق محو كل الأكاذيب والأوهام التي بني عليها العالم الحالي – بما في ذلك معظم التاريخ المعروف.

كان هذا مثيرًا للقلق. إذا نجحوا في إطلاق العنان لهذا الكائن، فقد تكون العواقب كارثية. والقلادة... القلادة كانت تشعر بشيء تجاه هذا "سيد النسيان". لم يكن خوفًا، بل كان شيئًا يشبه... المنافسة القديمة؟ أو ربما الكراهية العميقة.

"إنه عدو قديم"، همست القلادة ذات ليلة، وصوتها يحمل برودة جليدية. "عدو للصدى، عدو للحقيقة. يجب إيقافه".

كان هذا تطورًا جديدًا. لأول مرة، كانت القلادة لا تدفعني فقط نحو القوة الشخصية، بل كانت توجهني نحو هدف محدد، هدف يتجاوز مجرد السيطرة على الأكاديمية أو التلاعب بالبطلات. كان هذا يجعل الأمور أكثر إثارة للاهتمام، وأكثر خطورة.

في هذه الأثناء، كانت ليليث تراقب تحركاتي مع كلارا بعيون ضيقة. لم تكن تثق برئيسة مجلس الطلاب، ورأت فيها منافسة على نفوذي. "احذر منها، أليكس"، حذرتني. "إنها ثعبان يرتدي قناعًا من الكفاءة. ستستخدمك ثم تتخلص منك عندما لا تعود بحاجة إليك".

"أنا لست ساذجًا، ليليث"، رددت ببرود. "أنا أعرف كيف أتعامل مع الثعابين. وأحيانًا، يمكن للثعابين أن تكون مفيدة".

استمرت ليليث في تزويدي بالمعلومات عن "محكمة الظلال" وعن إرث "أسياد الصدى". بدأت تدربني على استخدام بعض القدرات الخفية التي كانت كامنة في دمي، قدرات تتجاوز مجرد التلاعب بالظلال. علمتني كيف أستمع إلى "أصداء الزمن"، كيف أرى لمحات من الماضي والمستقبل في الأشياء والأماكن. كانت قدرة مربكة ومذهلة، قدرة فتحت أمامي آفاقًا جديدة من الفهم والقوة.

"أنت تتعلم بسرعة، أليكس"، قالت بإعجاب غير مقنع. "ربما هناك أمل فيك بعد كل شيء".

"الأمل للضعفاء، ليليث"، رددت ببرودتي المعتادة. "أنا أبحث عن القوة".

لكن في أعماقي، كنت أعرف أن الأمر لم يعد بهذه البساطة. الصراع الداخلي، الذي أثارته لونا، كان لا يزال موجودًا. لم أعد أرى العالم مجرد أبيض وأسود، نور وظلام. بدأت أرى ظلالًا من الرمادي، تعقيدات لم أكن أدركها من قبل. وهذا جعلني أكثر حذرًا، وأكثر ترددًا في بعض الأحيان.

هذا التردد لم يمر دون أن يلاحظه أحد. سيلينا، بهوسها الحاد، كانت أول من شعر به. "أنت تتغير مرة أخرى، أليكس"، قالت لي في إحدى المرات، وعيناها تحملان مزيجًا من الأمل والخوف. "أحيانًا... أحيانًا أرى لمحة من الشخص الذي كنت عليه".

"الشخص الذي كنت عليه قد مات، سيلينا"، كررت عبارتي المعتادة، لكن هذه المرة، كان هناك شيء من التعب في صوتي. "ابتعدي عني. لا تحاولي البحث عن أشباح".

لكنها لم تستسلم. هوسها اتخذ منعطفًا جديدًا، منعطفًا أكثر يأسًا. بدأت تؤذي نفسها، في محاولة يائسة لجذب انتباهي، لجعلي أشعر بشيء تجاهها – حتى لو كان مجرد شفقة. رأيتها عدة مرات وكدمات غريبة على ذراعيها، أو جروح صغيرة على يديها. وعندما سألتها عن ذلك، كانت تبتسم ابتسامة حزينة وتقول: "لا شيء. مجرد حوادث سخيفة".

كان هذا مقلقًا للغاية. لم أكن أريد أن أكون مسؤولاً عن تدميرها الذاتي. لكنني أيضًا لم أكن أعرف كيف أوقفها. كل محاولة لدفعها بعيدًا كانت تزيد من يأسها، من هوسها.

إيلارا، من ناحية أخرى، بدأت تظهر بعض القوة غير المتوقعة. بعد أن وصلت إلى الحضيض في يأسها، بدأت تبحث عن طرق أخرى للتعامل مع ألمها. بدأت تتدرب بجدية أكبر على سحرها الخاص، سحر الضوء والشفاء. وبدأت تستخدم هذا السحر لمساعدة الآخرين، الطلاب المصابين أو الخائفين. كان هذا طريقها الخاص للتعامل مع الظلام الذي أحطته بها، وكان هناك شيء من الجمال الحزين في ذلك.

لم تحاول "إنقاذي" بعد الآن. بدلاً من ذلك، كانت تنظر إليّ بحزن هادئ، كما لو كنت قضية خاسرة، لكنها قضية لا تزال تهتم بها من بعيد. "أتمنى أن تجد طريقك، أليكس"، قالت لي في إحدى المرات القليلة التي تحدثنا فيها. "أتمنى أن تجد بعض السلام".

"السلام للضعفاء، إيلارا"، رددت ببرود. لكن كلماتها، بطريقة ما، تركت أثرًا.

لونا، بوجودها الهادئ، استمرت في أن تكون مرساتي الصغيرة. لم تكن تقدم لي إجابات، بل كانت تطرح أسئلة، أسئلة جعلتني أفكر، أسئلة تحدت قناعاتي الباردة. "إذا كانت القوة هي كل ما يهم، أليكس"، سألتني ذات مرة، "فلماذا تشعر بهذا الفراغ؟ لماذا تبحث عن شيء آخر في عيون الآخرين؟"

لم يكن لدي إجابة. لكن سؤالها جعلني أشعر بعدم الارتياح. جعلني أتساءل عما إذا كانت القلادة، بكل وعودها بالقوة والمجد، تقودني حقًا إلى ما أريده.

"عبدة النسيان"، مستغلين الفوضى المتزايدة في الأكاديمية، بدأوا في تنفيذ خطتهم بشكل أكثر جرأة. لم يعودوا يكتفون بنشر الشائعات أو الهجمات الصغيرة. بدأوا في استهداف "مواقع الذاكرة" في الأكاديمية – أماكن قديمة تحمل صدى تاريخيًا أو سحريًا قويًا – في محاولة لمحو هذه الذكريات، لإضعاف نسيج الواقع، وتمهيد الطريق لعودة "سيد النسيان".

كان عليّ أن أتحرك. ليس فقط لأن القلادة أمرتني بذلك، وليس فقط لأن كلارا رأت في هذا تهديدًا لنظامها المستقبلي، ولكن أيضًا لأنني شعرت، بطريقة غريبة، بأن هذا الهجوم على الذاكرة، على التاريخ، كان هجومًا عليّ شخصيًا، على إرث "أسياد الصدى" الذي بدأ يتكشف لي.

كانت هذه بداية مرحلة جديدة في لعبة العروش وظلال السلطة التي كانت تدور في الأكاديمية. مرحلة تتطلب مني أن أستخدم كل قوتي، كل ذكائي، وكل حلفائي المحتملين – حتى لو لم أكن أثق بهم. ومرحلة قد تجبرني على مواجهة ليس فقط أعدائي الخارجيين، بل أيضًا الظلال العميقة في روحي.

القلادة كانت تنبض بترقب. "هذه هي فرصتك، أليكس"، همست. "فرصتك لتثبت أنك تستحق إرثك. فرصتك لتصبح السيد الحقيقي للظلال، وللصدى".

لم أكن متأكدًا مما إذا كنت أريد أن أكون هذا السيد. لكنني كنت أعرف أنني لا أستطيع الهروب من مصيري. مهما كان هذا المصير مظلمًا أو معقدًا.

كانت اللعبة مستمرة. وكنت أنا في قلبها. محاطًا بالقوة التي لا يمكن تصورها. ولم يكن هناك طريق للعودة.

2025/05/11 · 17 مشاهدة · 1320 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025