# الفصل السادس والأربعون:

كان قرار العودة إلى "قلب النسيان" قرارًا صعبًا، لكنه كان ضروريًا. لم نكن نستطيع أن نعيش في خوف دائم، في مطاردة لا نهاية لها للشظايا المتناثرة من وعي "سيد النسيان". كان علينا أن نواجه المصدر، أن نتأكد من أننا قد دمرناه بالكامل، أو أن نجد طريقة لختمه بشكل دائم.

تجمعنا مرة أخرى، أنا وليليث ولونا ونايرا، في مدخل المكتبة المظلمة. هذه المرة، لم تكن سيلينا معنا. بعد المواجهة الأخيرة، وبعد رفضي القاطع لها، بدت وكأنها قد انسحبت، على الأقل في الوقت الحالي. لم أكن أعرف ما إذا كان هذا جيدًا أم سيئًا. جزء مني كان يشعر بالارتياح لغيابها، لكن جزءًا آخر كان يشعر بالقلق، بالقلق من أنها قد تكون تخطط لشيء ما، لشيء أكثر خطورة.

"هل أنتم مستعدون؟" سألت، وأنا أنظر إلى رفاقي. كان هناك توتر في الهواء، توتر ممزوج بالتصميم والخوف.

ليليث أومأت برأسها، وعيناها تلمعان ببريق غريب. "لقد ولدت مستعدة لهذا، أليكس. الظلام هو بيتي".

لونا، على الرغم من أنها كانت تبدو شاحبة وقلقة، وقفت بثبات. "سأكون بجانبك، أليكس. حتى النهاية".

نايرا ابتسمت ابتسامتها الغامضة. "دعنا نرى ما يخبئه لنا هذا المكان المظلم. قد يكون هناك بعض المرح في انتظاري".

دخلنا المكتبة مرة أخرى. كان المكان لا يزال كما تركناه، مظلمًا ومغبرًا ومليئًا بالصمت المخيف. لكن هذه المرة، كان هناك شيء مختلف. شعرت بوجود شيء ما، شيء يراقبنا، شيء ينتظرنا.

"إنه هنا"، همست لونا، وسحرها الضوئي ينبض بشكل ضعيف حولها. "أشعر به. إنه أقوى مما كان عليه من قبل".

لم يكن هذا مطمئنًا. لكن لم يكن هناك وقت للتراجع.

شقنا طريقنا عبر الممرات المظلمة، متجهين نحو الغرفة التي كان فيها "قلب النسيان". كل خطوة كانت تزيد من التوتر، كل ظل كان يبدو وكأنه يخفي تهديدًا جديدًا.

وصلنا أخيرًا إلى الباب الكبير الذي كان يؤدي إلى الغرفة. كان مغلقًا، وكأنه لم يفتح من قبل. لكنني شعرت بالقوة المظلمة تنبعث من خلفه، قوة كانت مألوفة ومخيفة في نفس الوقت.

"هل أنت متأكد من هذا، أليكس؟" سألت ليليث، وصوتها يحمل نبرة من القلق لم أسمعها من قبل.

"علينا أن نتأكد"، رددت، وأنا أضع يدي على الباب. "علينا أن نعرف ما إذا كان لا يزال هناك".

دفعت الباب وفتحت. الغرفة كانت مظلمة، أكثر قتامة مما كانت عليه من قبل. لم يكن هناك صدع أسود في الوسط، لم يكن هناك "قلب نسيان" ينبض. بل كان هناك شيء آخر.

في وسط الغرفة، كان يقف شخص. شخص طويل ونحيل، يرتدي عباءة سوداء تغطي جسده بالكامل، ووجهه مخفي في الظل. كان يقف بلا حراك، وكأنه تمثال، لكنني شعرت بالقوة الهائلة تنبعث منه، قوة كانت أقدم وأكثر رعبًا من أي شيء واجهته من قبل.

"من أنت؟" سألت، وصوتي يحمل تحديًا لم أكن أشعر به حقًا.

الشخص لم يرد. لكنني شعرت به يحدق بي، بعيون باردة وفارغة، عيون بدت وكأنها قد رأت نهاية كل شيء.

"هل أنت... هل أنت "سيد النسيان"؟" سألت لونا، وصوتها يرتجف.

الشخص هز رأسه ببطء. ثم، تحدث بصوت بارد وعميق، صوت بدا وكأنه يأتي من أعماق الفراغ نفسه.

"أنا لست السيد. أنا الحارس".

"الحارس؟" كررت، وشعرت بالارتباك. "حارس ماذا؟".

"أنا حارس هذا المكان"، قال الشخص. "حارس البوابة. حارس الذاكرة والنسيان".

"البوابة؟" سألت ليليث، وعيناها تضيقان. "أي بوابة؟".

"البوابة التي تؤدي إلى ما وراء"، قال الحارس. "البوابة التي تفصل بين هذا العالم والعوالم الأخرى. البوابة التي تفصل بين الوجود والعدم".

شعرت ببرودة تجتاحني. لم نكن نواجه مجرد صدى أو شظية. كنا نواجه شيئًا أكثر جوهرية، شيئًا أكثر خطورة.

"لقد كنتم تتدخلون في أشياء لا تفهمونها"، قال الحارس. "لقد أزعجتم التوازن. لقد فتحتم أبوابًا كان يجب أن تظل مغلقة".

"لقد كنا نحاول حماية عالمنا!" صرخت، وشعرت بالغضب يرتفع في داخلي. "لقد كنا نحاول إيقاف "سيد النسيان" من تدمير كل شيء!".

الحارس هز رأسه مرة أخرى. "سيد النسيان ليس سوى جانب واحد من العملة. هناك قوى أخرى، قوى أقدم وأكثر قوة. قوى لا يمكنكم حتى أن تتخيلوها".

"وماذا تريد منا الآن؟" سألت نايرا، وسوطها يلتف حول يدها، مستعدة للقتال.

"أريدكم أن تغادروا"، قال الحارس. "أريدكم أن تتركوا هذا المكان وشأنه. أريدكم أن تنسوا ما رأيتموه هنا".

"وإذا رفضنا؟" سألت، وصوتي يحمل تحديًا.

الحارس لم يرد. لكنني شعرت بالقوة تتجمع حوله، قوة كانت كافية لسحقنا جميعًا.

"لا يمكننا المغادرة"، قلت، وصوتي ثابت. "لا يمكننا أن نترك هذا التهديد قائمًا. علينا أن نتأكد من أن عالمنا آمن".

الحارس تنهد، تنهيدة بدت وكأنها تحمل حزن العصور. "إذن، ليس لدي خيار آخر".

ثم، تحرك. لم يكن يتحرك بسرعة، بل كان يتحرك برشاقة وقوة، وكأنه جزء من الظل نفسه. وفي يده، ظهر سيف أسود، سيف كان ينبض بطاقة مظلمة، سيف بدا وكأنه مصنوع من النسيان نفسه.

"استعدوا!" صرخت، وأنا أستدعي قوتي في الظلال. القلادة على صدري بدأت تنبض بقوة، تمدني بالقوة، بالذاكرة، بالصدى.

بدأت المعركة. كانت معركة يائسة، معركة ضد كائن بدا وكأنه لا يتأثر بأي شيء. كل ضربة كنا نوجهها إليه كانت تبدو وكأنها تمر من خلاله، وكأنه مصنوع من الدخان. وكل ضربة كان يوجهها إلينا كانت تحمل قوة هائلة، قوة كانت تهدد بتمزيقنا إربًا.

ليليث كانت تقاتل بضراوة، مستخدمة سحر الظل الخاص بها لإنشاء أوهام مربكة ولتوجيه ضربات خادعة. نايرا كانت ترقص حول الحارس، وسوطها يلتف حوله، محاولة إيجاد نقطة ضعف في دفاعاته. لونا كانت تستخدم سحرها الضوئي لحمايتنا ولإضعاف الحارس، لكن قوتها بدت وكأنها لا تؤثر فيه كثيرًا.

أنا كنت أقاتل بكل ما أملك. كنت أستخدم قوة القلادة، قوة الظلال، قوة الصدى. كنت أحاول أن أجد طريقة لإلحاق الأذى بهذا الكائن، لكنه كان يبدو وكأنه لا يقهر.

"إنه قوي جدًا!" صرخت ليليث، وهي تتفادى ضربة من سيف الحارس. "لا يمكننا هزيمته هكذا!".

"علينا أن نجد نقطة ضعفه!" قلت، وأنا أحاول أن أركز، أن أبحث عن أي شيء يمكن أن نستخدمه ضده.

ثم، تذكرت شيئًا. تذكرت كلمات الحارس. "أنا حارس الذاكرة والنسيان".

إذا كان حارس الذاكرة والنسيان، فهذا يعني أنه مرتبط بهما. وهذا يعني أنه قد يكون لديه نقطة ضعف تتعلق بهما.

"لونا!" صرخت. "هل يمكنكِ فعل أي شيء بذاكرته؟ هل يمكنكِ إظهار شيء له، شيء قد يزعزع توازنه؟".

لونا نظرت إليّ، وعيناها مليئتان بالشك. "لا أعرف، أليكس. إنه قوي جدًا. وذاكرته... إنها قديمة جدًا، واسعة جدًا".

"حاولي!" قلت. "ليس لدينا ما نخسره".

لونا أومأت برأسها، وأغلقت عينيها. بدأت تركز، وبدأ سحرها الضوئي يتجمع حولها، ليس كسلاح، بل كجسر، كقناة.

ثم، بدأت ترسل شيئًا نحو الحارس. ليس هجومًا، بل صورة، ذكرى. ذكرى من الماضي البعيد، ذكرى من وقت كان فيه العالم مختلفًا، وقت لم يكن فيه هذا الحارس مجرد حارس، بل كان شيئًا آخر.

الحارس توقف للحظة. بدا وكأنه قد تفاجأ، وكأنه قد رأى شيئًا لم يكن يتوقعه. ثم، اهتز، وكأن شيئًا ما قد تحرك في داخله.

"ما هذا؟" همس، وصوته يحمل نبرة من الارتباك، من الألم.

"إنها ذاكرتك"، قالت لونا، وصوتها هادئ وثابت. "إنها ما كنت عليه. إنها ما فقدته".

الحارس تراجع خطوة إلى الوراء. السيف الأسود في يده بدأ يهتز. الظلال التي كانت تغطي وجهه بدأت تتلاشى، وكشفت عن وجه شاحب وحزين، وجه كان يحمل عبء العصور.

"لا..." همس الحارس. "لا يمكن أن يكون...".

"إنه كذلك"، قلت، وأنا أتقدم نحوه. "أنت لست مجرد حارس. أنت لست مجرد ظل. أنت شيء أكثر. شيء كان لديه أمل، شيء كان لديه حب، شيء كان لديه... ذاكرة".

ثم، فعلت شيئًا لم أكن أعرف أنني أستطيع فعله. مددت يدي، ولمست وجه الحارس. لم يكن هناك مقاومة. لم يكن هناك سوى برودة، وحزن.

"تذكر"، همست. "تذكر من أنت".

وفي تلك اللحظة، حدث شيء مذهل. بدأ الحارس يتغير. لم يعد ذلك الكائن المظلم والمخيف. بل بدأ يتخذ شكلاً أكثر إنسانية، شكلاً كان مألوفًا وغريبًا في نفس الوقت.

ثم، تحدث بصوت لم يعد باردًا أو فارغًا، بل كان مليئًا بالحزن والندم.

"لقد... لقد نسيت".

لم تكن هذه نهاية المعركة. بل كانت بداية شيء آخر. شيء قد يكون أكثر تعقيدًا، أكثر صعوبة. لكنه أيضًا قد يكون... أكثر أملًا.

2025/05/13 · 11 مشاهدة · 1215 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025