# الفصل الخمسون:
الهدوء الذي أعقب هزيمة سيلينا وصعود لونا كبطلة النور كان هشًا ومؤقتًا، كهدوء ما قبل العاصفة. وقفنا جميعًا في قلب معبد النور الأول، ننظر إلى لونا التي كانت لا تزال محاطة بهالة ذهبية باهتة، وقوتها الجديدة تنبض بشكل واضح. سيلينا كانت ملقاة على الأرض، فاقدة للوعي، ولكن ملامحها بدت أكثر سلامًا مما رأيتها عليه منذ وقت طويل. ليليث ونايرا كانتا تنظران إلى لونا بمزيج من الدهشة والرهبة، وربما قليل من الغيرة غير المعلنة.
أما أنا، "سيد الصدى"، فقد كنت أشعر بمزيج معقد من المشاعر. جزء مني كان مرتاحًا لأن لونا قد وجدت طريقها، وأنها قد تكون الأمل الذي يحتاجه هذا العالم. لكن جزءًا آخر، الجزء الذي لا يزال يحمل ظلال الماضي ونرجسية الحاضر، كان يشعر بالانزعاج. لم أعد مركز الاهتمام الوحيد، لم تعد قوتي هي القوة الوحيدة التي يعتمد عليها الجميع. القلادة على صدري، "قلب الظلال والصدى"، كانت تنبض ببرود، وكأنها تشاركني هذا الشعور بالاستياء.
"إذن..." بدأ كايل، عضو "جمعية الظل"، الحديث، وابتسامته الماكرة لم تفارق وجهه. "يبدو أن الأمور قد اتخذت منعطفًا مثيرًا للاهتمام. بطلة نور جديدة، وسيد صدى قد وجد توازنه... نوعًا ما".
إلارا، شريكته، أضافت بصوت هادئ ولكنه يحمل وزنًا: "هذا يغير الكثير من الحسابات. "سيد النسيان" لن يقف مكتوف الأيدي. قوته تتعاظم، وأتباعه ينتشرون كالطاعون".
"وما الذي تقترحانه؟" سألت، ونبرتي كانت حادة. لم أكن أثق بهما، لكنني كنت أعرف أنهما يملكان معلومات قد تكون حيوية.
"تحالف"، قال كايل ببساطة. "نحن لسنا أعداء لك بالضرورة، يا سيد الصدى. لدينا عدو مشترك. "سيد النسيان" يهدد بتدمير كل شيء، بما في ذلك "جمعية الظل". نحن نفضل عالمًا فيه بعض النظام، حتى لو كان نظامًا رماديًا، على عالم من الفوضى والنسيان المطلق".
"وما هو الثمن؟" سألت ليليث، وعيناها تضيقان بشك.
"لا شيء سوى التعاون"، ردت إلارا. "نحن نملك معلومات، وأنتم تملكون القوة. معًا، قد يكون لدينا فرصة".
قبل أن أتمكن من الرد، قاطعنا صوت آخر. صوت كان مألوفًا بشكل مقلق، صوت كان يحمل نبرة من الهوس واليأس.
"أليكس..." كان صوت إحدى البطلات الجديدات اللاتي انضممن إلينا مؤخرًا، إلفيرا، ساحرة الدماء ذات الشعر القرمزي والعينين اللتين تشعان بقوة غامضة. كانت قد بقيت في الخلف خلال المعركة مع سيلينا، تراقب بصمت، ولكن الآن، كانت نظراتها مركزة عليّ بشكل كامل، وفيها جوع مرعب.
"أليكس، لقد رأيت قوتك الحقيقية"، قالت إلفيرا، وهي تتقدم نحوي ببطء، وحولها هالة حمراء خافتة. "لقد رأيت الظلام الذي تحتضنه، والصدى الذي تتحكم فيه. إنه... جميل. إنه مثالي".
"ابتعدي عني، إلفيرا"، قلت ببرود، والكلمات تخرج مني كآلية دفاعية. لكن هذه المرة، كان هناك شيء مختلف في نبرتي. لم يكن مجرد برود، بل كان هناك أيضًا لمسة من التلاعب، لمسة من الاستمتاع بهذا الهوس الذي أثيره في نفوسهن.
"أوه، أليكس، لا تقل ذلك"، قالت إلفيرا، وابتسامة غريبة ترتسم على شفتيها. "أنا أفهمك. أنا أفهم ظلامك. أنا الوحيدة التي تستطيع أن تشاركك فيه حقًا. نحن متشابهان، أنت وأنا. نحن ننتمي إلى بعضنا البعض".
"أنتِ لا تعرفين شيئًا عني"، قلت، ولكنني لم أبتعد. جزء مني كان مستمتعًا بهذا الاهتمام، بهذا الهوس. جزء مني كان يريد أن يرى إلى أي مدى ستذهب.
"بل أعرف كل شيء!" صرخت إلفيرا، وعيناها تتوهجان باللون الأحمر. "أعرف أنك تحتاج إلى قوة أكبر! قوة تتجاوز قوة النور الهشة هذه! قوة يمكنني أن أقدمها لك!".
ثم، فعلت شيئًا لم يتوقعه أحد. جرحت كفها بخنجر فضي، وتركت دمها القرمزي يتدفق. بدأت تتمتم بتعويذة قديمة، تعويذة كانت تفوح منها رائحة الموت والدمار.
"إلفيرا! توقفي!" صرخت لونا، وهي ترفع يدها، مستعدة لإطلاق شعاع من النور. لكن إلفيرا كانت أسرع.
"بهذا الدم، أربط مصيري بمصيرك، يا أليكس!" صرخت إلفيرا. "سنكون واحدًا! وقوتنا معًا ستهز أركان هذا العالم!".
دمها المتدفق بدأ يتشكل في الهواء، مكونًا رموزًا غريبة ومقلقة. شعرت بقوة مظلمة تجذبني نحوها، قوة كانت تحاول السيطرة على إرادتي، على روحي.
"لا!" صرخت، وأنا أقاوم هذا الجذب. القلادة على صدري بدأت تنبض بعنف، وكأنها تستجيب لهذا التهديد. شعرت بقوة الظل والصدى تتصاعد في داخلي، قوة كانت تريد أن تدمر كل شيء يقف في طريقها.
في تلك اللحظة، تدخل كايل وإلارا. أطلقا موجة من طاقة الظل نحو إلفيرا، مما أدى إلى تعطيل تعويذتها مؤقتًا.
"أيتها الحمقاء!" صرخ كايل. "هل تعتقدين أنكِ تستطيعين السيطرة على قوة "سيد الصدى" بهذه السهولة؟ أنتِ تلعبين بنار ستحرقكِ!".
إلفيرا نظرت إليهما بغضب. "أنتم! أنتم دائمًا تقفون في طريقي! لكنكم لن تمنعوني هذه المرة!".
اندفعت نحو كايل وإلارا، وسحر دمائها يتطاير في كل مكان. بدأت معركة جديدة، معركة بين ساحرة الدماء المهووسة وعضوي "جمعية الظل" الماكرين.
كنت أشاهد المعركة، وشعرت بالارتباك والغضب. هذا الهوس... كان يدمر كل شيء. كان يحول الناس إلى وحوش. وكان يجعلني... أتساءل عن طبيعتي الحقيقية.
"أليكس..." همست لونا، وهي تقترب مني. "هل أنت بخير؟".
نظرت إليها، ورأيت القلق في عينيها. رأيت النور الذي كانت تحمله. ورأيت التناقض الصارخ بينها وبين الظلام الذي كان يحيط بي، الظلام الذي كنت أجذبه.
"لا أعرف"، قلت بصدق. "لا أعرف ما الذي يحدث لي. لا أعرف من أنا بعد الآن".
القلادة على صدري بدأت تتوهج بقوة أكبر. شعرت برؤى جديدة تتدفق إلى عقلي، رؤى عن الماضي، عن المستقبل، عن الحرب القديمة بين النور والظلام، عن "سيد النسيان"، وعن دوري في كل هذا.
رأيت "سيد النسيان"، كائنًا من الظل الخالص، يمتلك قوة لا يمكن تصورها. رأيته وهو يدمر عوالم بأكملها، ويحول كل شيء إلى غبار ونسيان. ورأيت نفسي... أقف أمامه، أحمل "قلب الظلال والصدى"، وأقاتله في معركة يائسة.
لكن الرؤية لم تكن واضحة. لم أكن أعرف ما إذا كنت سأنتصر أم سأهزم. لم أكن أعرف ما إذا كنت سأكون بطلًا أم شريرًا.
وفجأة، شعرت بألم حاد في صدري. القلادة كانت تحترق، وكأنها تحاول الخروج مني. سقطت على ركبتي، وأنا أصرخ من الألم.
"أليكس!" صرخت لونا، وهي تركض نحوي.
لكن قبل أن تصل إليّ، انفجرت القلادة بضوء أسود كثيف. ضوء ابتلع كل شيء من حولي، وجعلني أفقد الوعي.
عندما استيقظت، كنت في مكان مختلف. مكان مظلم وفارغ، مكان بدا وكأنه... عالم النسيان نفسه. لم يكن هناك أحد حولي. كنت وحدي تمامًا.
"أين أنا؟" همست، وصوتي يرتجف.
"أنت في المكان الذي تنتمي إليه"، قال صوت عميق وقوي، صوت بدا وكأنه يأتي من الظلال نفسها.
استدرت، ورأيت أمامي شخصية ضخمة، شخصية مصنوعة من الظل الخالص، وعيناها تشتعلان بلهب أسود. كان هو. "سيد النسيان".
"لقد كنت أنتظرك، يا "سيد الصدى""، قال "سيد النسيان". "أو يجب أن أقول... يا بني".
صُدمت. "ابنك؟ ماذا تقصد؟".
"سيد النسيان" ضحك، ضحكة كانت تحمل كل برودة وظلام الكون. "ألم تخبرك القلادة بالحقيقة كاملة؟ أنت لست مجرد "سيد الصدى". أنت جزء مني. أنت وريثي. أنت... أملي الأخير".
لم أستطع أن أصدق ما أسمعه. هل كان هذا هو مصيري الحقيقي؟ هل كنت مقدرًا لي أن أكون وريث الظلام؟
"لا..." همست، وشعرت باليأس يغمرني مرة أخرى. "لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا".
"سيد النسيان" اقترب مني، وظله الضخم يبتلعني. "لا تقاوم مصيرك، يا بني. انضم إليّ. معًا، سنحكم هذا الكون. معًا، سنجعل كل شيء... ينسى".
مد يده نحوي، يد مصنوعة من الظل، يد كانت تعدني بالقوة والسيطرة والنسيان.
نظرت إلى يده، ثم نظرت إلى قلبي. هل كان هذا هو ما أريده حقًا؟ هل كنت مستعدًا للتخلي عن كل شيء، عن كل من عرفتهم، من أجل هذه القوة المظلمة؟
لم أكن أعرف الإجابة. لكنني كنت أعرف أنني يجب أن أختار. اختيار سيحدد مصيري، ومصير العالم بأسره.
وفي تلك اللحظة، قبل أن أتمكن من اتخاذ قراري، سمعت صوتًا آخر. صوتًا مألوفًا، صوتًا كان يحمل أملًا ضعيفًا.
"أليكس! لا تستسلم!".
كان صوت لونا. بطريقة ما، كانت قد وصلت إليّ، حتى في هذا العالم المظلم.
نظرت نحو مصدر الصوت، ورأيت وميضًا صغيرًا من النور، وميضًا كان يقاوم الظلام الذي يحيط به.
"سيد النسيان" استدار نحو النور، وفي عينيه بريق من الغضب. "أيتها الحشرة المضيئة! كيف تجرؤين على التدخل؟".
"لن أسمح لك بأخذه!" قالت لونا، وصوتها يحمل قوة لم أسمعها من قبل. "إنه ليس ملكك!".
بدأت معركة جديدة، معركة بين النور والظلام، معركة بين لونا و"سيد النسيان". معركة كنت أنا جائزتها.
لم أكن أعرف ماذا أفعل. هل أساعد لونا، وأقاوم مصيري المظلم؟ أم أستسلم لـ"سيد النسيان"، وأصبح وريث الظلام؟
كان هذا هو اختباري النهائي. اختبار سيحدد من أنا حقًا. اختبار سيحدد... نهاية البداية.
نهاية الموسم الأول.
(نراكم بعد فتره من وقت)