# الفصل الثاني والخمسون:

الأيام التي أعقبت ظهور سيرينا الغامضة كانت مشحونة بالتوتر والترقب. الأكاديمية، التي لم تكن قد استعادت أنفاسها بالكامل بعد من "ليلة الأرواح الضائعة"، وجدت نفسها الآن تواجه شبحًا جديدًا من عدم اليقين. اختفاء البروفيسور أرمسترونغ، الذي كان يمثل ركيزة من ركائز النظام القديم، ترك فراغًا في السلطة بدأ الكثيرون يتطلعون لملئه، أو استغغلاله.

أنا، أليكس إيستر، كنت في قلب هذه العاصفة المتجددة. ظهور سيرينا وكلماتها عن القلادة ومصيري أثارت فيّ مزيجًا من الفضول والحذر. من كانت تلك الفتاة؟ وكيف عرفت كل تلك الأشياء؟ القلادة على صدري كانت تنبض بشكل متقطع، وكأنها تحاول أن ترسل لي رسائل مشفرة، أو ربما كانت هي الأخرى تشعر بالاضطراب الذي بدأ يسود الأكاديمية.

كلارا، رئيسة مجلس الطلاب، لم تضيع وقتًا. رأت في الفوضى الحالية فرصة لتعزيز نفوذها وفرض رؤيتها لنظام جديد. بدأت تعقد اجتماعات سرية مع الأساتذة المؤثرين والطلاب الطموحين، وتنسج شبكة من التحالفات والمؤامرات. "الأكاديمية بحاجة إلى قيادة قوية وحاسمة، أليكس"، قالت لي في إحدى تلك الاجتماعات، وعيناها تلمعان بالطموح البارد. "النظام القديم قد انهار، وعلينا أن نبني شيئًا جديدًا من رماده. وأنت، بقوتك الفريدة، يمكنك أن تكون حجر الزاوية في هذا النظام. أو يمكنك أن تكون عقبة يجب إزالتها".

لم تكن تهددني بشكل مباشر، لكن الرسالة كانت واضحة. كلارا كانت مستعدة لفعل أي شيء لتحقيق أهدافها، ولم تكن لتسمح لأحد بالوقوف في طريقها. كنت أعرف أنني يجب أن أكون حذرًا في التعامل معها. تحالفها قد يكون مفيدًا، لكن ثمنه قد يكون باهظًا.

ليليث، من جانبها، كانت تراقب تحركات كلارا بابتسامتها الماكرة. لم تكن مهتمة بالسلطة السياسية بقدر اهتمامها بالقوة السحرية والمعرفة القديمة. لكنها أيضًا رأت في الفراغ الحالي فرصة لتعزيز مكانتها كخبيرة في شؤون الظل والأسرار المظلمة. بدأت تقضي المزيد من الوقت في المكتبة، تبحث في النصوص القديمة، وتحاول كشف المزيد عن "أسياد الصدى" و"سيد النسيان". "الفوضى هي سلم، أليكس"، قالت لي ذات مرة، مقتبسة قولًا مأثورًا. "والأذكياء هم من يعرفون كيف يتسلقونه".

كانت ليليث لا تزال تدربني على استخدام قوة القلادة، لكن تدريباتها أصبحت أكثر كثافة وخطورة. كانت تدفعني إلى أقصى حدودي، وتجبرني على مواجهة جوانب من قوتي لم أكن أعرف بوجودها. "عليك أن تكون أقوى، أليكس"، كانت تقول لي. "لأن أعداءك الحقيقيين لم يظهروا بعد".

أما البطلات الأخريات، فكنّ يتعاملن مع الوضع بطرقهن الخاصة، وكل واحدة منهن كانت تضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى حياتي المشحونة بالفعل.

سيلينا، التي كان هوسها بي قد وصل إلى مستويات خطيرة، أصبحت الآن أكثر عدوانية في محاولاتها للسيطرة عليّ. لم تعد تكتفي بالمطاردة أو الهدايا الغريبة؛ لقد بدأت تتدخل بشكل مباشر في حياتي، وتحاول عزلتي عن أي شخص آخر. في إحدى المرات، وجدت أن جميع ملابسي قد تم استبدالها بملابس جديدة من اختيارها، مع رسالة تقول: "هكذا يجب أن تبدو، يا حبيبي أليكس. هذا هو المظهر الذي يليق بملكي". شعرت بالغضب والاشمئزاز، لكنني أيضًا شعرت بقلق متزايد. سيلينا كانت تفقد السيطرة على نفسها، وكنت أخشى مما قد تفعله بعد ذلك.

إيلارا، التي كانت لا تزال تعيش في حالة من العبادة الخائفة، بدأت تحاول إيجاد دور جديد لها في حياتي. لم تعد تكتفي بترك الهدايا، بل بدأت تحاول "خدمتي" بطرق غريبة. كانت تنظف غرفتي دون إذني، وتعد لي الطعام الذي لم أطلبه، وتتبعني كظلي، وكأنها حارستي الشخصية. "أنا هنا لحمايتك، يا سيدي أليكس"، كانت تقول لي بصوت خافت، وعيناها مليئتان بالولاء المريض. "لن أسمح لأحد بإيذائك". كان هذا محرجًا ومقلقًا في نفس الوقت. لم أكن أريد حارسة شخصية، خاصة واحدة تبدو وكأنها على وشك الانهيار في أي لحظة.

لونا، بوجودها الهادئ، كانت لا تزال تحاول أن تكون صوت العقل في هذه الفوضى. كانت قلقة بشأن سيلينا وإيلارا، وكانت تحاول التحدث معهما، وإقناعهما بأن سلوكهما ليس صحيًا. لكن كلماتها كانت تذهب أدراج الرياح. "إنهن لا يستمعن، أليكس"، قالت لي بحزن. "لقد استسلمن لهوسهن. وأنا أخشى عليهن... وعليك".

علاقة لونا بي كانت تزداد عمقًا، لكن بطريقة هادئة وغير متطلبة. كنا نقضي المزيد من الوقت معًا، نتحدث عن كل شيء وعن لا شيء. وجودها كان يريحني، ويجعلني أشعر بأنني لست وحدي في هذا الجنون. لكن هذا القرب بدأ يثير حفيظة الأخريات، خاصة سيلينا، التي كانت تنظر إلى لونا بنظرات مليئة بالكراهية والغيرة.

نايرا، المحاربة الغامضة، كانت لا تزال تظهر وتختفي بشكل متقطع. لكنني بدأت ألاحظ أنها تراقبني باهتمام متزايد. في إحدى المرات، وجدتها تنتظرني خارج غرفة التدريب، وعيناها الأرجوانيتان تلمعان بتحدٍ غريب. "لقد أصبحت أقوى، أليكس إيستر"، قالت لي. "لكنك لا تزال تفتقر إلى السيطرة. قوتك جامحة وخطيرة. وقد تؤذي نفسك... أو الآخرين".

"وما شأنكِ أنتِ بذلك؟" سألتها ببرود.

ابتسمت نايرا ابتسامة غريبة. "ربما لا شيء. أو ربما كل شيء. أنا أحب القوة، أليكس. وأحب أن أرى كيف يستخدمها الآخرون. أو كيف تستهلكهم".

لم أكن أعرف ما الذي كانت ترمي إليه نايرا، لكن كلماتها أثارت قلقي. هل كانت تحاول تحذيري؟ أم أنها كانت تستمتع بمشاهدتي وأنا أسير على حافة الهاوية؟

في خضم كل هذه التوترات والصراعات، بدأت الأكاديمية تشهد سلسلة من الحوادث الغريبة والمقلقة. طلاب يختفون ثم يظهرون بعد أيام وهم في حالة من الذهول، لا يتذكرون شيئًا مما حدث لهم. أشياء ثمينة تختفي من الغرف المقفلة. رموز غريبة تظهر على الجدران، رموز لم يتعرف عليها أحد، حتى ليليث بكل معرفتها.

كان هناك شعور بأن هناك شيئًا مظلمًا يتحرك في الأكاديمية، شيئًا يتغذى على الفوضى والخوف. هل كان هذا من فعل بقايا "عبدة النسيان"؟ أم أنه كان شيئًا جديدًا، شيئًا مرتبطًا بظهور سيرينا أو بفراغ السلطة الحالي؟

كلارا كانت مقتنعة بأن هذه الحوادث كانت مدبرة، وأن هناك من يحاول زعزعة استقرار الأكاديمية. "علينا أن نجد المسؤولين عن هذا، أليكس"، قالت لي بحزم. "وإلا فإن الأكاديمية ستنهار من الداخل".

ليليث، من ناحية أخرى، كانت تعتقد أن الأمر أكثر تعقيدًا. "هذه ليست مجرد حوادث عشوائية، أليكس"، قالت لي، وعيناها تضيقان بالتركيز. "هناك نمط ما. هناك وعي ما خلف هذه الأحداث. وعي قديم ومظلم".

كنت أميل إلى تصديق ليليث. الشعور الذي كان ينتابني، الشعور بأن هناك عيونًا أخرى تراقبني، لم يختفِ. بل أصبح أقوى. وكنت أخشى أن تكون هذه الحوادث مجرد بداية لشيء أكبر، شيء أكثر خطورة.

في إحدى الليالي، بينما كنت أحاول أن أنام، سمعت همسًا خافتًا في غرفتي. لم يكن صوت أي من البطلات، ولم يكن صوت القلادة. كان صوتًا جديدًا، صوتًا باردًا ومخيفًا، صوتًا بدا وكأنه يأتي من الظلال نفسها.

"أليكس إيستر..." همس الصوت. "نحن نراقبك. ونحن ننتظرك".

نهضت من سريري بسرعة، وقوتي في الظلال تتجمع حولي. "من أنت؟" صرخت.

لم يكن هناك رد. لكنني رأيت شيئًا يتحرك في زاوية الغرفة، شيئًا مظلمًا وغير واضح المعالم. ثم اختفى، وكأنه لم يكن موجودًا قط.

لم أعد أستطيع تجاهل الأمر. كان هناك شيء ما يحدث في الأكاديمية، شيء مرتبط بي، شيء يهدد كل من حولي. وكان عليّ أن أكتشف ما هو، قبل فوات الأوان.

فراغ السلطة كان يفتح الباب أمام قوى جديدة ومظلمة. وأصداء الهمسات الغامضة كانت تنذر بعاصفة قادمة، ع

اصفة قد تكون أكثر تدميرًا من أي شيء واجهته من قبل.

2025/05/17 · 9 مشاهدة · 1075 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025