# الفصل السادس والخمسون:

اللقاء مع آريا في المكتبة تركني في حالة من الذهول والتأمل العميق. "نساجو المصير"، "مرساة القدر"، أماكن قديمة ومنسية، رحلة خطيرة ومظلمة – كل هذه المفاهيم كانت تدور في رأسي كدوامة، تزيد من شعوري بالضياع والمسؤولية في آن واحد. لم أعد أواجه مجرد أعداء يسعون لقتلي أو السيطرة عليّ؛ لقد أصبحت، على ما يبدو، لاعبًا رئيسيًا في لعبة كونية تتجاوز فهمي، لعبة قد تحدد مصير العالم بأسره.

"كن مستعدًا، أليكس. لأن الرحلة التي نحن على وشك أن نبدأها ستكون خطيرة ومظلمة. وقد لا نعود منها جميعًا". كلمات آريا الأخيرة كانت بمثابة ناقوس خطر، تحذير من أن الطريق أمامي لن يكون سهلاً، وأن الثمن الذي قد أدفعه قد يكون باهظًا للغاية.

في الأيام التي تلت ذلك، حاولت أن أستجمع شتات أفكاري وأن أضع خطة لما يجب فعله. ليليث كانت لا تزال غارقة في أبحاثها، تحاول العثور على أي معلومات إضافية عن "نساجي المصير" وعن الطقوس التي كانوا يخططون لها. لكن التقدم كان بطيئًا، والوقت كان يمر بسرعة.

"لقد وجدت بعض الإشارات إلى أماكن قديمة قد تكون مرتبطة بـ"نساجي المصير""، قالت لي ليليث في إحدى الليالي، وعيناها محمرتان من السهر والتعب. "لكن هذه الأماكن محمية بسحر قديم وقوي، والوصول إليها لن يكون سهلاً. سنحتاج إلى مساعدة، أليكس. مساعدة من أشخاص يمتلكون معرفة وقوة لا نمتلكها".

هل كانت تقصد آريا؟ أم أن هناك آخرين يمكن أن يساعدونا؟ لم أكن متأكدًا. لكن فكرة الاعتماد على الآخرين، خاصة أولئك الذين لا أثق بهم تمامًا، كانت تثير قلقي.

في هذه الأثناء، كانت الأوضاع في الأكاديمية تزداد سوءًا. الحوادث الغريبة لم تتوقف، بل أصبحت أكثر جرأة وخطورة. طلاب يختفون لعدة أيام ثم يعودون وهم في حالة من الذهول، يتحدثون عن رؤى مرعبة وعن أصوات تأمرهم بفعل أشياء فظيعة. الرموز الغامضة لـ"نساجي المصير" أصبحت تظهر في كل مكان، حتى في غرف نوم الطلاب، وكأنهم يتعمدون بث الرعب واليأس في قلوب الجميع.

كلارا، رئيسة مجلس الطلاب، كانت على وشك الانهيار. خططها للسيطرة على الأكاديمية كانت تتبدد أمام عينيها، والفوضى كانت تهدد بابتلاع كل شيء. "علينا أن نفعل شيئًا، أليكس!" صرخت في وجهي في إحدى اجتماعاتنا المتوترة. "لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونشاهد الأكاديمية تنهار! إذا لم نتمكن من استعادة النظام، فإن كل شيء سينتهي!".

كانت كلارا يائسة، وهذا جعلها أكثر خطورة. بدأت تلجأ إلى أساليب أكثر قسوة وصرامة، وتفرض قوانين جديدة صارمة، وتعاقب أي شخص يخالفها بشدة. كانت تحاول أن تظهر بمظهر القائدة القوية، لكنني رأيت الخوف في عينيها، الخوف من الفشل، الخوف من المجهول.

"سأساعدك في حماية الطلاب، كلارا"، قلت لها. "لكنني لن أكون جزءًا من نظامك القمعي. القوة ليست هي الحل الوحيد".

نظرت إليّ كلارا بمرارة. "أنت لا تفهم، أليكس. أحيانًا، تكون القوة هي الحل الوحيد. وأحيانًا، يجب أن نتخذ قرارات صعبة من أجل الصالح العام. حتى لو كان ذلك يعني التضحية ببعض الأشياء... أو بعض الأشخاص".

كلماتها أثارت قلقي. هل كانت كلارا مستعدة للتضحية بأي شيء، أو بأي شخص، من أجل تحقيق أهدافها؟ وهل كنت أنا واحدًا من هؤلاء الأشخاص؟

أما البطلات الأخريات، فكنّ يتعاملن مع الأزمة المتصاعدة بطرقهن المعتادة، التي كانت دائمًا تتمحور حولي.

سيلينا، التي كان هوسها بي قد وصل إلى ذروته، رأت في الفوضى الحالية فرصة للتقرب مني أكثر. "لا تقلق، يا حبيبي أليكس"، همست لي ذات ليلة، وهي تحاول مرة أخرى التسلل إلى سريري. "سأكون درعك وسيفك. سأحميك من كل هذه الأخطار. وكل ما أطلبه في المقابل هو... أنت". كانت عيناها تلمعان بجوع مخيف، وكنت أخشى أنها قد تفقد صوابها تمامًا إذا لم أجد طريقة لإيقافها.

إيلارا، من ناحية أخرى، كانت تزداد ضعفًا وهشاشة. الخوف واليأس كانا يستهلكانها، وبدأت تفقد الاتصال بالواقع. كانت تقضي معظم وقتها في غرفتها، تتحدث إلى نفسها، وترسم صورًا مرعبة على الجدران. لونا كانت تحاول مساعدتها، لكن إيلارا كانت ترفض أي مساعدة، وتصرخ بأنها لا تستحقها، وأنها يجب أن تعاقب على خطاياها.

كنت قلقًا جدًا بشأن إيلارا. لم أكن أعرف كيف أساعدها، وكنت أخشى أنها قد تؤذي نفسها بشكل خطير. طلبت من لونا أن تراقبها عن كثب، وأن تخبرني إذا ساءت الأمور.

لونا، بوجودها الهادئ والمريح، كانت لا تزال نقطة ارتكازي في هذه العاصفة. كنا نقضي المزيد من الوقت معًا، نتشارك مخاوفنا وآمالنا. كانت هي الشخص الوحيد الذي شعرت بأنني أستطيع أن أثق به تمامًا، الشخص الوحيد الذي لم يكن يريد مني شيئًا سوى أن أكون بخير. لكن هذا القرب كان يثير غيرة الأخريات، وخاصة سيلينا، التي بدأت تهدد لونا بشكل علني.

"ابتعدي عنه، أيتها الساحرة الصغيرة!" صرخت سيلينا في وجه لونا في إحدى المرات، وهي تدفعها بقوة. "أليكس ملكي! وإذا لم تبتعدي عنه، فسوف أجعلكِ تندمين على اليوم الذي ولدتِ فيه!".

كنت غاضبًا جدًا من سلوك سيلينا، ودافعت عن لونا بشدة. "إذا لمستِها مرة أخرى، سيلينا، أقسم أنني سأجعلكِ تدفعين الثمن غالياً!" هددتها، وقوتي في الظلال تتجمع حولي. تراجعت سيلينا بخوف، لكنني رأيت الكراهية والغيرة تشتعلان في عينيها. كنت أعرف أن هذا الصراع لم ينته بعد.

نايرا، المحاربة الغامضة، كانت لا تزال تظهر وتختفي كعادتها. لكنني لاحظت أنها أصبحت أكثر اهتمامًا بتحركاتي، وبتحقيقاتي عن "نساجي المصير". في إحدى المرات، وجدتها تنتظرني خارج المكتبة، وعيناها الأرجوانيتان تلمعان بفضول غريب.

"سمعت أنك تبحث عن أصدقائنا الجدد، "نساجي المصير""، قالت لي بابتسامتها الماكرة. "هل وجدت أي شيء مثير للاهتمام؟".

"لماذا تهتمين، نايرا؟" سألتها بحذر.

هزت كتفيها. "دعنا نقول فقط إنني لا أحب الأسرار. وإذا كان هناك من يحاول العبث بالقدر، فأنا أريد أن أعرف من هم، وماذا يريدون". ثم اقتربت مني، وخفضت صوتها. "وإذا كنت بحاجة إلى مساعدة، أليكس... مساعدة من شخص لا يخشى أن تتسخ يديه... فأنا هنا".

لم أكن أعرف ما إذا كان بإمكاني الوثوق بنايرا. لكن عرضها كان مغريًا. كنت أعرف أنني سأحتاج إلى كل مساعدة يمكنني الحصول عليها إذا كنت سأواجه "نساجي المصير".

في خضم كل هذه التوترات والصراعات، بدأت آريا، الفتاة الهادئة ذات الشعر البني، تظهر بشكل أكثر انتظامًا في حياتي. لم تعد تكتفي بمراقبتي من بعيد، بل بدأت تقترب مني، وتتحدث معي، وتقدم لي تلميحات غامضة حول ما يجب أن أفعله.

"الوقت يمر بسرعة، أليكس"، قالت لي في إحدى المرات، ونحن نجلس في حديقة الأكاديمية الهادئة. "نساجو المصير يقتربون من هدفهم. وإذا لم تتحرك قريبًا، فسيكون الأوان قد فات".

"ماذا عليّ أن أفعل، آريا؟" سألتها بإحباط. "أنتِ تتحدثين بالألغاز. وأنا لا أعرف بمن أثق".

نظرت إليّ آريا بعينيها العسليتين الحادتين. "الثقة شيء نادر وثمين، أليكس. وعليك أن تختار حلفاءك بحكمة. لكن تذكر، أحيانًا، يكون أكبر خطر هو عدم المخاطرة على الإطلاق". ثم أعطتني قطعة صغيرة من الرق، عليها رمز غريب لم أره من قبل. "عندما تكون مستعدًا، اتبع هذا الرمز. سيقودك إلى مكان يمكنك أن تجد فيه بعض الإجابات. وربما بعض الحلفاء".

"وماذا عنكِ، آريا؟" سألتها. "هل ستكونين هناك؟".

ابتسمت آريا ابتسامة باهتة. "أنا دائمًا في مكان ما، أليكس. أراقب، وأنتظر. ومصيرنا جميعًا متشابك بخيوط لا نراها".

ثم نهضت وغادرت، وتركتني مع الرقعة الغامضة ومع المزيد من الأسئلة والمزيد من الخيارات الصعبة.

تحالفات هشة، خيوط قدر متشابكة، ومستقبل غامض ينتظرني. كنت أسير على حبل مشدود، وأي خطوة خاطئة قد تؤدي إلى كارثة. لكنني لم أكن أستطيع التراجع. كان عليّ أن أواصل السير، أن أواجه المجهول، وأن أحاول أن أجد طريقي في هذا العالم المظلم والمعقد.

لأنني كنت أعرف أن هناك الكثير على المحك. أكثر بكثير مما كنت أتصور.

2025/05/24 · 10 مشاهدة · 1129 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025