# الفصل السابع والخمسون

الرقعة الصغيرة التي أعطتني إياها آريا، وعليها ذلك الرمز الغريب، كانت بمثابة جمرة مشتعلة في يدي. كانت تمثل خيارًا، طريقًا محفوفًا بالمخاطر قد يقودني إلى إجابات كنت في أمس الحاجة إليها، أو ربما إلى هلاك محقق. "عندما تكون مستعدًا، اتبع هذا الرمز. سيقودك إلى مكان يمكنك أن تجد فيه بعض الإجابات. وربما بعض الحلفاء". كلمات آريا كانت تتردد في ذهني، ممزوجة بتحذيرها من أن الرحلة ستكون خطيرة ومظلمة.

قضيت الأيام القليلة التالية في صراع داخلي مرير. هل أثق بآريا، الفتاة الهادئة التي ظهرت فجأة في حياتي وبدت وكأنها تعرف الكثير عن أعدائي وعن مصيري؟ أم أنني يجب أن أعتمد على ليليث، التي كانت تبحث بلا كلل في أرشيفاتها، أو حتى على كلارا، التي كانت تحاول بشتى الطرق فرض سيطرتها على الأكاديمية المتداعية؟

الوضع في الأكاديمية لم يكن يسمح بالكثير من التردد. "نساجو المصير" كانوا يشددون قبضتهم، والطلاب كانوا يعيشون في حالة من الرعب واليأس. الحوادث الغريبة أصبحت يومية، والهمسات المظلمة كانت تتردد في كل زاوية. شعرت بأنني أسير على حبل رفيع، وأن أي قرار أتخذه قد يكون له عواقب وخيمة.

ليليث، رغم جهودها الجبارة، لم تتمكن من العثور على الكثير من المعلومات الملموسة عن "نساجي المصير". "إنهم محاطون بالغموض، أليكس"، قالت لي بيأس. "لقد أمضوا قرونًا وهم يمحون آثارهم، ويخفون أسرارهم. أي معلومات نجدها ستكون مجرد فتات، مجرد قطع صغيرة من لغز أكبر بكثير".

كلارا، من جانبها، كانت تزداد يأسًا وقسوة. بدأت تفرض حظر تجول صارمًا، وتجري تحقيقات عشوائية مع الطلاب، وتعاقب أي شخص يشتبه في تورطه في الحوادث الغريبة. كانت الأكاديمية تتحول إلى سجن، والطلاب كانوا يعيشون في خوف دائم، ليس فقط من "نساجي المصير"، بل أيضًا من رئيسة مجلسهم.

"أنت ترى ما يحدث، أليكس!" صرخت في وجهي في إحدى المرات. "الفوضى تلتهمنا! إذا لم نتخذ إجراءات صارمة، فسنضيع جميعًا! وأنت، بدلاً من مساعدتي، تقف مكتوف الأيدي وتراقب!".

"أنا لا أقف مكتوف الأيدي، كلارا"، رددت ببرود. "أنا أفكر. وأنا أبحث عن حلول لا تتضمن تحويل الأكاديمية إلى معسكر اعتقال".

نظرت إليّ كلارا بغضب، لكنني رأيت أيضًا لمحة من اليأس في عينيها. كانت تعرف أنها تفقد السيطرة، وأن أساليبها القمعية لن تحل المشكلة.

في خضم هذه الفوضى، كانت البطلات الأخريات يواصلن دورانهن المحموم حولي، وكل واحدة منهن كانت تمثل تحديًا جديدًا.

سيلينا أصبحت أكثر جرأة في محاولاتها للسيطرة عليّ. لم تعد تكتفي بالمطاردة أو الهدايا، بل بدأت تتدخل بشكل مباشر في علاقاتي مع الآخرين، وتحاول عزلتي عن أي شخص قد تعتبره منافسًا لها. في إحدى المرات، وجدت أن جميع رسائلي من لونا قد تم تمزيقها، مع رسالة من سيلينا تقول: "لا أحد يستحق اهتمامك غيري، يا حبيبي أليكس. وأنا سأحرص على ذلك". كان جنونها يزداد يومًا بعد يوم، وكنت أخشى أنها قد تتسبب في كارثة.

إيلارا، للأسف، كانت حالتها تزداد سوءًا. بدأت تعاني من هلوسات مرعبة، وتتحدث عن وحوش تخرج من الجدران، وعن أصوات تأمرها بإيذاء نفسها. لونا كانت تبذل قصارى جهدها لمساعدتها، لكن إيلارا كانت ترفض أي مساعدة، وتصرخ بأنها تستحق العذاب. شعرت بالعجز والإحباط. لم أكن أعرف كيف أساعدها، وكنت أخشى أن أفقدها.

لونا، رغم كل الضغوط والمخاطر، كانت لا تزال صامدة. كانت هي صوت العقل والرحمة في هذا العالم المجنون. كانت تستمع إلى مخاوفي، وتقدم لي الدعم والتشجيع، وتحاول أن تحافظ على بصيص من الأمل في قلبي. "لا تستسلم، أليكس"، قالت لي ذات ليلة، ونحن نجلس في حديقة الأكاديمية المقفرة. "مهما بدا الأمر مظلمًا، هناك دائمًا ضوء في نهاية النفق. وعلينا أن نواصل البحث عنه". كانت كلماتها تعطيني القوة للاستمرار، لكنني أيضًا كنت أخشى أن يتسبب قربي منها في إيذائها. سيلينا كانت تراقبها كالصقر، وكنت أعرف أنها لن تتردد في إيذائها إذا سنحت لها الفرصة.

نايرا، المحاربة الغامضة، كانت لا تزال تظهر وتختفي كالشبح. لكنني لاحظت أنها أصبحت أكثر اهتمامًا بتحركاتي، وبقراراتي. في إحدى المرات، وجدتها تنتظرني خارج غرفتي، وعيناها الأرجوانيتان تلمعان بتحدٍ غريب. "سمعت أنك تفكر في الذهاب في رحلة، أليكس إيستر"، قالت لي بابتسامتها الماكرة. "هل قررت أخيرًا أن تتوقف عن الاختباء وأن تواجه مصيرك؟".

"وما شأنكِ أنتِ بذلك، نايرا؟" سألتها بحذر.

هزت كتفيها. "ربما لا شيء. أو ربما كل شيء. أنا أحب المغامرات، أليكس. وإذا كانت رحلتك ستكون مثيرة للاهتمام، فقد أفكر في الانضمام إليك. بشرط أن تعدني ببعض الإثارة... وبعض الكنوز".

لم أكن أعرف ما إذا كان بإمكاني الوثوق بنايرا. لكن عرضها كان مغريًا. كنت أعرف أنني سأحتاج إلى كل مساعدة يمكنني الحصول عليها إذا كنت سأتبع رمز آريا.

أخيرًا، بعد أيام من التفكير والصراع، اتخذت قراري. لم أعد أستطيع الانتظار. كان عليّ أن أفعل شيئًا. كان عليّ أن أخاطر.

في تلك الليلة، أخرجت الرقعة التي أعطتني إياها آريا. الرمز الذي كان عليها بدا وكأنه ينبض بضوء خافت في الظلام. شعرت بقوة غريبة تجذبني إليه، قوة لا يمكنني مقاومتها.

"حسنًا، آريا"، همست لنفسي. "لنرى إلى أين سيقودني هذا".

خرجت من غرفتي بحذر، وتسللت عبر ممرات الأكاديمية المظلمة. كنت أتوقع أن أجد آريا تنتظرني في مكان ما، لكن لم يكن هناك أي أثر لها. الرمز الذي كان على الرقعة كان هو دليلي الوحيد.

بدأ الرمز يتوهج بشكل أقوى كلما اقتربت من أجزاء معينة من الأكاديمية، أجزاء لم أكن أعرف بوجودها من قبل. قادني عبر ممرات سرية، وسلالم مخفية، وأبواب لم تكن موجودة في الخرائط. شعرت بأنني أدخل إلى قلب الأكاديمية المظلم، إلى مكان لم تطأه قدم إنسان منذ قرون.

أخيرًا، توقفت أمام باب حجري ضخم، عليه نفس الرمز الذي كان على الرقعة. كان الباب مغلقًا بإحكام، ولم يكن هناك أي مقبض أو قفل ظاهر.

وضعت الرقعة على الرمز الذي كان على الباب. للحظة، لم يحدث شيء. ثم بدأ الرمزان يتوهجان بضوء ساطع، وشعرت بارتجاج خفيف في الأرض. بدأ الباب الحجري ينزلق ببطء إلى الداخل، كاشفًا عن ممر مظلم ورطب.

ترددت للحظة. هل كان هذا هو المكان الذي قصدته آريا؟ هل كانت الإجابات التي أبحث عنها تنتظرني في هذا الممر المظلم؟ أم أنه كان فخًا، فخًا قد يكلفني حياتي؟

لم يكن هناك وقت للتردد. أخذت نفسًا عميقًا، ودخلت إلى الممر.

كان الممر طويلًا ومتعرجًا، والهواء فيه كان باردًا وثقيلاً. لم يكن هناك أي ضوء، سوى التوهج الخافت الذي كان يصدر من القلادة على صدري. كنت أسير بحذر، وأذناي تلتقطان أي صوت، وعيناي تحاولان اختراق الظلام.

بعد فترة، بدأت أسمع صوتًا خافتًا، صوت همسات غير مفهومة. كان الصوت يزداد قوة كلما تقدمت في الممر. شعرت بالخوف يتسلل إلى قلبي، لكنني واصلت السير.

أخيرًا، وصلت إلى نهاية الممر. كان هناك باب آخر، باب خشبي قديم، عليه نقوش غريبة لم أرها من قبل. الهمسات كانت تأتي من خلف هذا الباب.

فتحت الباب بحذر، ودخلت إلى غرفة واسعة ومستديرة. كانت الغرفة مضاءة بشموع متناثرة، وفي وسطها كانت هناك طاولة حجرية كبيرة، عليها كتاب ضخم مفتوح. وحول الطاولة، كان هناك عدة أشخاص يرتدون أردية داكنة، وجوههم مغطاة بظلال القلنسوات.

كانوا هم. "نساجو المصير".

رفعت رأسي، ورأيت آريا تقف في زاوية الغرفة، تراقبني بعينيها العسليتين الحادتين. لم يكن هناك أي تعبير على وجهها.

"مرحبًا بك، أليكس إيستر"، قال أحد الأشخاص الذين كانوا يرتدون الأردية، وصوته كان باردًا ومخيفًا. "لقد كنا ننتظرك".

شعرت بالخيانة والغضب يتصاعدان في داخلي. هل خدعتني آريا؟ هل قادتني مباشرة إلى أعدائي؟

"ماذا تريدون مني؟" سألت، وقوتي في الظلال تتجمع حولي، مستعدًا للقتال.

ابتسم الشخص الذي كان يتحدث ابتسامة باردة. "نريد منك الكثير، أليكس إيستر. نريد منك أن تساعدنا في إعادة تشكيل العالم. نريد منك أن تكون "مرساة القدر" التي ستسمح لنا بتحقيق رؤيتنا. رؤية عالم مثالي، عالم خالٍ من الفوضى والمعاناة".

"عالمكم المثالي يبدو وكأنه كابوس بالنسبة لي"، رددت ببرود. "وأنا لن أكون أداة في يد أي شخص".

"أنت لا تفهم، أليكس"، قال الشخص. "أنت لا تملك خيارًا. مصيرك مرتبط بنا. وسواء شئت أم أبيت، ستلعب دورك في خطتنا الكبرى".

ثم رفع يده، وبدأت الرموز التي كانت على جدران الغرفة تتوهج بضوء أحمر. شعرت بقوة هائلة تضغط عليّ، قوة تحاول أن تسيطر على عقلي وجسدي.

قاومت بكل ما أوتيت من قوة. القلادة على صدري كانت تنبض بعنف، وتطلق موجات من الطاقة المظلمة التي كانت تتصدى لقوة "نساجي المصير". بدأت معركة إرادات شرسة في تلك الغرفة المظلمة، معركة بيني وبين أولئك الذين كانوا يسعون للسيطرة على القدر نفسه.

لم أكن أعرف ما إذا كنت سأتمكن من الصمود. لكنني كنت أعرف أنني لن أستسلم. سأقاتل حتى النهاية.

لأن مصيري لم يكن ملكًا لأحد سواي.

2025/05/24 · 17 مشاهدة · 1289 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025