# الفصل الخامس

الليل في أكاديمية أستريا كان له سحر خاص. بعد غروب الشمس، عندما تخفت الأضواء في معظم المباني وتهدأ الأصوات الصاخبة للطلاب، تستيقظ الأكاديمية بطريقة مختلفة. تتحول الممرات الرخامية الفخمة إلى أنفاق من الظلال والضوء الخافت، تتلألأ النوافذ الزجاجية الملونة تحت ضوء القمر، وتبدو التماثيل والمنحوتات وكأنها تتنفس في الظلام.

كنت أنتظر هذه اللحظة منذ أيام. القمر كان شبه مكتمل، يسكب ضوءه الفضي على أراضي الأكاديمية، مما يجعل الليلة مثالية لمهمتي. انتظرت حتى الساعة الحادية عشرة، عندما يكون معظم الطلاب في أجنحتهم السكنية، والحراس في دورياتهم المعتادة التي حفظت توقيتها بعناية خلال الأيام الماضية.

ارتديت ملابس داكنة - سترة سوداء وبنطالاً من نفس اللون، وأحذية خفيفة لتقليل الضوضاء. لم أكن أخطط للتسلل خارج الأكاديمية، لذا لم أكن بحاجة إلى تصريح خروج، لكن التجول في ساعة متأخرة من الليل، خاصة في مناطق مهجورة مثل البرج الشمالي، كان سيثير أسئلة لا أحتاج إليها.

خرجت من غرفتي بهدوء، وأغلقت الباب خلفي بحذر. كان الممر خاليًا، مضاءً فقط بمصابيح زيتية خافتة موضوعة على مسافات متباعدة. تحركت بسرعة ولكن بصمت، متجنبًا الممرات الرئيسية قدر الإمكان، مستخدمًا الطرق الجانبية والسلالم الخلفية التي اكتشفتها خلال استكشافي المتعمد للأكاديمية في الأيام الماضية.

كان البرج الشمالي يقع في أقصى شمال مجمع الأكاديمية، منفصلاً قليلاً عن المباني الرئيسية. كان برجًا قديمًا، يعود تاريخه إلى الأيام الأولى للأكاديمية، عندما كان يستخدم كمرصد فلكي. الآن، كان مهجورًا إلى حد كبير، يستخدم فقط لتخزين معدات قديمة ومهملة، ونادرًا ما يزوره أحد.

وصلت إلى ساحة صغيرة تفصل البرج عن بقية المباني. كان البرج يرتفع أمامي، هيكل حجري داكن يخترق السماء، نوافذه العالية المستديرة تعكس ضوء القمر كعيون فضية باردة. تحركت بحذر عبر الساحة، متجنبًا البقاء في مناطق مكشوفة، ومستخدمًا الظلال كغطاء.

وصلت إلى قاعدة البرج، ووجدت بابًا خشبيًا ثقيلاً مغلقًا بسلسلة وقفل قديم. كان هذا متوقعًا. لم أكن أخطط للدخول إلى البرج نفسه على أي حال. وفقًا للخريطة القديمة التي وجدتها، كانت المنطقة التي أبحث عنها تقع خلف البرج، في مكان ما بين البرج والسور الخارجي للأكاديمية.

درت حول البرج، متحركًا بحذر على الأرض غير المستوية. كان الجزء الخلفي من البرج أكثر إهمالاً، مغطى جزئيًا بالنباتات المتسلقة، ومحاطًا بأعشاب طويلة وشجيرات برية. كان المكان يبدو مهملاً تمامًا، كما لو أن عمال الصيانة نسوا وجوده.

بينما كنت أتقدم، لمحت شيئًا يلمع تحت ضوء القمر. كان تمثالاً حجريًا صغيرًا، نصف مدفون بين الأعشاب الطويلة. اقتربت منه بحذر، وانحنيت لأتفحصه. كان تمثالاً لشخصية إنسانية ترتدي عباءة وتحمل سيفًا، وقفت في وضعية حراسة. وجه التمثال كان منحوتًا بتفاصيل دقيقة، يعبر عن حزن عميق. وعلى خديه، لمعت قطرات من الماء تحت ضوء القمر، كأنها دموع حقيقية.

"الحارس الباكي"، همست لنفسي. هذا يجب أن يكون هو. لكن لماذا كان يبكي؟ هل كانت مجرد قطرات ندى كما ذكر الكتاب، أم كان هناك شيء آخر؟

تفحصت التمثال عن قرب. كان قديمًا جدًا، مغطى جزئيًا بالطحالب، لكن النقوش عليه كانت لا تزال واضحة. على قاعدة التمثال، كانت هناك كتابة بلغة قديمة لم أستطع فهمها تمامًا، لكنني استطعت تمييز بعض الكلمات: "حارس"، "قمر"، "دموع"، "مفتاح".

لمست الدموع على وجه التمثال بحذر. كانت باردة وسائلة، لكنها لم تكن مجرد ماء. كانت أكثر كثافة، وتحمل بريقًا فضيًا خفيفًا. شممتها بحذر. كانت لها رائحة غريبة، مزيج من المعدن والأعشاب والشيء الذي لا يمكنني وصفه إلا بـ"السحر".

هذه ليست دموع عادية. هذا سائل سحري من نوع ما. هل هذا هو المفتاح الذي تشير إليه النقوش؟

نظرت حولي، محاولاً فهم كيفية استخدام هذا "المفتاح". خلف التمثال مباشرة، كان هناك جدار حجري قديم، جزء من أساس البرج. بدا عاديًا تمامًا، مغطى بالنباتات المتسلقة. لكن عندما تحركت لأتفحصه عن قرب، لاحظت شيئًا غريبًا. كان هناك نقش دائري صغير على الجدار، بالكاد مرئي تحت النباتات، يشبه في تصميمه النقوش على قاعدة التمثال.

بدأت أفهم. جمعت بعض "الدموع" من وجه التمثال على أطراف أصابعي، ثم مسحتها على النقش الدائري على الجدار. للحظة، لم يحدث شيء. ثم بدأ النقش يتوهج بضوء فضي خافت، وسمعت صوت طقطقة خفيفة من داخل الجدار.

تراجعت خطوة للخلف، وشاهدت بدهشة وهو يتحرك جزء من الجدار للداخل، ثم ينزلق جانبًا، كاشفًا عن فتحة ضيقة بالكاد تكفي لمرور شخص واحد. كان هناك ممر مظلم خلف الفتحة، يؤدي إلى مكان ما تحت الأرض.

ترددت للحظة. كان هذا أكثر مما توقعت. كنت أبحث عن حديقة، لكن ما وجدته كان ممرًا سريًا. هل كانت الحديقة في الداخل؟ أم أن هذا شيء مختلف تمامًا؟

قررت المضي قدمًا. لم أكن قد أتيت إلى هنا لأتراجع الآن. أخرجت من جيبي عصا صغيرة كنت قد أعددتها مسبقًا، ملفوفة بقطعة قماش مغموسة في زيت. أشعلتها باستخدام قدر ضئيل من المانا، مستخدمًا تعويذة "شرارة" بسيطة تعلمتها في الفصل. اشتعلت العصا، مانحة ضوءًا خافتًا ولكنه كافٍ.

دخلت الممر بحذر. كان ضيقًا ومنخفضًا، مما اضطرني للانحناء قليلاً. الجدران كانت من الحجر القديم، رطبة وباردة. تقدمت ببطء، محاولاً تجنب العناكب والحشرات التي كانت تتحرك بعيدًا عن ضوء مشعلي المؤقت.

بعد حوالي عشرين مترًا، اتسع الممر فجأة، وانفتح على غرفة دائرية واسعة. توقفت عند المدخل، ورفعت مشعلي لأرى بشكل أفضل.

ما رأيته جعلني أتنفس بصعوبة من الدهشة. لم تكن غرفة عادية. كانت حديقة داخلية، أو بالأحرى، قبة زجاجية ضخمة مدفونة جزئيًا تحت الأرض. السقف كان من الزجاج الشفاف، يسمح لضوء القمر بالتسلل إلى الداخل، مما يخلق نمطًا من الضوء الفضي على الأرض. وفي كل مكان، كانت هناك نباتات غريبة وجميلة، تتوهج بألوان خافتة - أزرق، وأرجواني، وفضي.

"حديقة القمر الخفية"، همست لنفسي. كانت حقيقية. كانت موجودة بالفعل.

تقدمت بحذر إلى داخل الحديقة. كان الهواء دافئًا ورطبًا، مليئًا برائحة الأرض والنباتات والسحر. كانت النباتات غريبة، لم أر مثلها من قبل، حتى في اللعبة. زهور تشبه النجوم الصغيرة، تتوهج بضوء أزرق خافت. أعشاب طويلة فضية تتمايل ببطء رغم عدم وجود نسيم. فطريات غريبة تنمو على جذوع الأشجار الصغيرة، تنبض بضوء نابض كأنها تتنفس.

في وسط الحديقة، كانت هناك بركة صغيرة من الماء، تعكس ضوء القمر بشكل مثالي. وحول البركة، نمت مجموعة من النباتات الأكثر غرابة وجمالاً. كانت زهورًا كبيرة تشبه الكؤوس، بتلاتها فضية وقلبها يتوهج بضوء أزرق نابض. كانت مفتوحة تمامًا، موجهة نحو ضوء القمر، كما لو كانت تشربه.

اقتربت من هذه الزهور بحذر. كانت تبدو مألوفة بطريقة ما. ثم تذكرت. "زهرة القمر الفضية". كانت مذكورة في إحدى المهام الجانبية النادرة في اللعبة، كنبات نادر يمكن استخدامه لصنع جرعة تعزز المانا بشكل كبير ولكن مؤقت. لكن في اللعبة، كانت توجد في غابة بعيدة، وليس هنا في الأكاديمية نفسها.

هذا اكتشاف مذهل. إذا كانت هذه هي زهرة القمر الفضية حقًا، فقد وجدت كنزًا ثمينًا. لكن كيف يمكنني التأكد؟ وكيف يمكنني استخدامها؟

تذكرت المعلومات من اللعبة. زهرة القمر الفضية تتفتح فقط تحت ضوء القمر المكتمل، وتنتج رحيقًا سحريًا يمكن جمعه واستخدامه في صنع الجرعات. لكن جمع الرحيق يتطلب حذرًا شديدًا، لأن الزهرة حساسة للغاية ويمكن أن تذبل وتموت إذا تم التعامل معها بخشونة.

نظرت إلى الزهور المتفتحة. كانت جميلة بشكل لا يصدق، تتوهج تحت ضوء القمر. في قلب كل زهرة، كان هناك سائل فضي يلمع، يبدو وكأنه قطرات من ضوء القمر السائل. هذا يجب أن يكون الرحيق.

لكنني لم أكن مستعدًا لجمعه. لم أحضر معي أي حاويات مناسبة، ولم أكن أعرف الطريقة الصحيحة للقيام بذلك دون إتلاف الزهور. كان علي العودة، مستعدًا بشكل أفضل.

لكن قبل أن أغادر، لاحظت شيئًا آخر. في الجانب البعيد من الحديقة، كان هناك رف حجري صغير منحوت في الجدار. وعلى الرف، كان هناك كتاب قديم وبعض الأدوات الصغيرة - سكين فضي صغير، وقارورة زجاجية فارغة، وبعض الأكياس الصغيرة المصنوعة من قماش غريب.

اقتربت من الرف بحذر. كان الكتاب قديمًا جدًا، مغلفًا بجلد باهت ومربوطًا بخيط فضي. فتحته بحذر. كانت صفحاته صفراء وهشة، مكتوبة بخط يدوي أنيق بنفس اللغة القديمة التي رأيتها على التمثال. لكن هذه المرة، كانت هناك رسومات توضيحية تساعد في فهم النص.

كانت الرسومات تظهر طريقة جمع رحيق زهرة القمر الفضية. يجب استخدام السكين الفضي لعمل شق صغير جدًا في قاعدة البتلة، ثم وضع القارورة تحتها لجمع الرحيق المتدفق. يجب القيام بذلك بلطف شديد، وفقط عندما يكون القمر في أوج اكتماله.

كانت هناك أيضًا وصفات لاستخدام الرحيق. الاستخدام الأكثر بساطة كان شرب قطرة واحدة مباشرة، مما يمنح زيادة مؤقتة ولكنها كبيرة في المانا. لكن كانت هناك وصفات أكثر تعقيدًا، تتضمن مزج الرحيق مع مكونات أخرى لصنع جرعات ذات تأثيرات مختلفة - تعزيز القدرة على التحكم في المانا، أو تسريع استعادتها، أو حتى تعزيز قدرات محددة مثل سحر الظل.

هذا كان كنزًا حقيقيًا من المعرفة. لكن القمر الليلة لم يكن مكتملاً تمامًا بعد. وفقًا للكتاب، سيكتمل القمر غدًا. هذا يعني أنني سأحتاج إلى العودة غدًا لجمع الرحيق عندما تكون الزهور في ذروة تفتحها.

قررت أخذ القارورة الزجاجية والسكين الفضي معي. كانت أدوات قديمة، لكنها بدت في حالة جيدة، وسأحتاج إليها غدًا. ترددت في أخذ الكتاب أيضًا، لكنني قررت تركه في مكانه. قد يكون هناك سحر يحمي هذا المكان، وأخذ الكتاب قد يثير إنذارًا ما.

بدلاً من ذلك، قضيت بعض الوقت في دراسة الصفحات المتعلقة بزهرة القمر الفضية وجرعاتها، محاولاً حفظ أكبر قدر ممكن من المعلومات. كان هناك الكثير لأتعلمه، لكن الوقت كان يمر، وكنت بحاجة إلى العودة إلى غرفتي قبل أن يلاحظ أحد غيابي.

وضعت القارورة والسكين في جيبي بعناية، وألقيت نظرة أخيرة على الحديقة السحرية. كانت جميلة بشكل لا يصدق، مكان سري من السحر والجمال مخبأ تحت الأكاديمية التي بدت رسمية وصارمة من الخارج. تساءلت من بنى هذا المكان، ولماذا تم نسيانه.

غادرت الحديقة بحذر، وعدت عبر الممر الضيق. عندما وصلت إلى المدخل، لمست النقش الدائري مرة أخرى، وتراجعت للخارج. انغلق الباب الحجري خلفي بصمت، عائدًا ليبدو كجزء عادي من الجدار.

عدت إلى التمثال، ونظرت إليه بامتنان. "شكرًا لك، أيها الحارس الباكي"، همست. للحظة، بدا كما لو أن التمثال ابتسم قليلاً، لكن ربما كان ذلك مجرد خداع للضوء والظل.

بدأت رحلة العودة إلى غرفتي، متحركًا بنفس الحذر الذي جئت به. كان عقلي يعمل بسرعة، يخطط لزيارتي غدًا. سأحتاج إلى التسلل مرة أخرى، هذه المرة عندما يكون القمر مكتملاً تمامًا. سأجمع الرحيق، وأبدأ في تجربة صنع الجرعات البسيطة. إذا نجحت، فقد أكون قادرًا على تعزيز قدراتي بشكل كبير، حتى مع بقاء سعة المانا الأساسية لدي منخفضة.

كانت هذه خطوة أولى حقيقية نحو زيادة قوتي. لم تكن قوة مباشرة وخام مثل التي يمتلكها النبلاء الموهوبون، بل قوة من نوع مختلف - قوة المعرفة السرية، والموارد الخفية، والأدوات التي لا يعرف عنها الآخرون شيئًا.

وصلت إلى غرفتي دون أن يلاحظني أحد، وأغلقت الباب خلفي بهدوء. أخرجت القارورة والسكين من جيبي، وخبأتهما في مكان آمن داخل صندوق سري صنعته في قاع خزانة ملابسي. ثم استلقيت على سريري، عيناي مفتوحتان في الظلام، وعقلي لا يزال يدور حول ما اكتشفته.

غدًا، سأعود. غدًا، ستبدأ رحلتي الحقيقية نحو القوة. وبعدها، من يدري؟ ربما سيأتي يوم لا أكون فيه مجرد ظل يختبئ من الضوء، بل قوة يخشاها حتى أولئك الذين يسخرون مني الآن.

مع هذه الأفكار، غفوت أخيرًا

، وحلمت بحديقة فضية تحت ضوء القمر، وبمستقبل لم يعد محكومًا بمصير أليكس فون إيستر البائس.

2025/04/28 · 173 مشاهدة · 1697 كلمة
Uzuki
نادي الروايات - 2025