بعد ليلة مرهقة ومتعبة لكل من آنا وتاكاشي اللذان عانا من هجومات أولئك الاشخاص في ليلة البارحة هاهو الإشراق يعلن بزوغه ليبشرهم بيوم جديد وخطوة جديدة ..

طلعت الشمس ولازال تاكاشي نائم على ذلك الجدار حتى أن آنا قد إستيقظت منذ وقت طويل إلا أنها لم ترد إيقاظه وبقيت على حالها حتى إستيقظ وهو يتثاوب بعدما تجامع حوله مجموعة قطط وعصافير في نهاية هذا الطريق ...

نهض من مكانه بسرعة وهو يشهق ومرتاب لأنه لم يجد آنا بقربه فظن أنه قد أضاعها... وبعد ذلك وقف بسرعة ليجدها على مقربة منه وهي تلاعب بعض القطط أمامه مما جعله يشعر بالسخف على نفسه وإتجه ناحيته وقال:"صباح الخير يا آنا ..."

فنظرت آنا ناحيته وقالت:"صباح الخير .." وظلت تجري مع تلك القطط نرة أخرى ...

سمع تاكاشي صوت زفير كبير على ضفة أحد البيوت التي أمامه فدفعه فضوله ليذهب ويرى ماهناك ومائن وصل حتى تبلدت عيناه من حجم المنظر البديع الذي أمامه ... "نهر بريستين العظيم" ...

كان البخار الذي يصعد منه منعش بالطبع بالنسبة لتاكاشي فهو على ضفة عالية منه ومقربة منه... ومن ثم مباشرة أتت آنا له وقالت له:"ماذا هناك يا تاكاشي؟؟؟... لقد أطلت النظر كثيرا في هذا المكان ... "

ثم نظر ناحيتها وليجدها مشيرة بيديها ليحملها عنده لترى مايراه ... فحملها بين ذراعية ووضعها فوق كتفه وقال:"هذا هو نهر بريستين العظيم يا آنا ...أنظري كم هو رائع..."

نظرت آنا بعينين كبيرتين وهي متعجبة مما تراه ومن ثم قالت:"وااااااااه إنه كبير جدا ومملوء بالمياه ... إنه رائع حقا كم هو جميل وااااااه ..."

ومن ثم بدأ تساله وتقول:"ماتلك الأشياء التي تسبح داخله ياتاكاشي؟؟..."

فأجابها:"لا أعلم ماهي لكن أعتقد أنها مجموعة من البط يا آنا..."

فسألته مجددا:ماذا عن ذلك الطائر الأبيض الكبير الذي هناك ؟؟..."

فأجابها:"أعتقد أنها بجعة يا آنا ..."

فقالت آنا:"وااااه أنت تعرف الكثير ياتاكاشي ..."

ومن ثم قال لها تاكاشي:"هاهاها ليس تماما كما تقولين هاهاها ... والأن هناك بعض الطعام أحضرته معي يمكنك الاكل منه يا آنا فأنت لم تأكلي شيئا منذ البارحة ..."

آنا:"حاضرة ولكن ماهو هذا الطعام؟؟..."

تاكاشي:"لا أعلم ماهي لكن أعتقد أنها شطائر لحم كما قال ذلك الطبيب ..."

شعرت آنا بريبة وقالت:"أعتقد أنني سأتناول طعامي الخاص ااهاهاااهاااا..."

فهم تاكاشي ذلك وقال في نفسه بغرابة:"هل تعتقد أنني غريب أطوار بهذا ...ااااخ ياللإحراج ..."

وقال لها مجددا:"لابأس إذا فلتأكلي وبعدها سنمضي قدما في الارجاء ..."

أجواء هادئة في المكان الذي هم فيه قبل الإنطلاقة ببضع دقائق...

...

...

...

وفي مكان أخر بعيد عن بريستيان قليلا وقريب من العاصمة الملكية فريا يوجد مكان جميل يفصله أودية صغيرة وهي فرعية لنهر بريستين العظيم ... في حواف الأودية يوجد بعض الأغنام التي ترعى حول ذلك العشب وبدون أن ننسى الأجواء الرائعة والرياح الدافئة التي سادت في المكان وأصوات العصافير هناك وصفاء المياه فيها مما جعل رؤية الأسماك واضحة جدا بينما يجلس شخصان هناك في وسط حديقة خاصة مليئة بالورود بكل أنواعها يرقبان كل ذلك بين ناظريهم ... شخص منهما عجوز طاعن في السن يرتدي ملابس بيضاء مع عديد الضمادات الملفوفة حول وجهه وبين سائرجسده بينما الأخر جالس ومتكئ بيديه على سيف من الكاتانا لونه بين الأحمر والأسود حاد المنظر لكنه يوحي بأن يعاني بسبب مستخدمه ففيه مظهر عديد للتصدعات بالرغم من صلابة معدنه ولاننسى أيضا فمظهر صاحبه هو الأخر مزري تماما فجل ملابسه ممزقة وشعره طال كثيرا وغطى وجهه حتى لايكاد يعرف بسبب هذا المظهر الذي إكتسحه مع بروز شديد للجروح التي على جسمه والتي غطت سائر جسمه ...

وفي ضل هذا الهدوء بينهما كانت هناك فراشة زرقاء تحوم في الأرجاء بينهما حتى حطت رحالها على زهرة صغيرة أمامهما ... شاهدها ذلك الشخص المتكئ على سيفه وركز بناظريه نحوها حتى به بسرعة خاطفة بسيفه حاول قطعها بمشهد رائع ودقة في التصويب ودقة في القطع إلا أن ذلك لم يفلح فالفراشة طارت منذ اللحظة التي رمى فيها نصل سيفه...

ومن ثم مباشرة إستغل ذلك العجوز هذه الفرصة ليبدأ الحديث فقال له:"إلى متى تنوي القيام بذلك ؟؟"

فأجابه الشخص الأخر بعدما عاد لوضعية جلوسه قائلا:"إلى أن أصل إلى القوة التي تساعدني في الأخذ بثأري أيها الجد ..."

فقال له هذا العجوز مجددا:"ااااه إذا أنت لن تستريح أبدا من هذا..."

فأجابه ذلك الشاب:"كيف أفعل ذلك بينما ذلك اللعين ينعم بحياته؟؟..."

فقال له العجوز مجددا بعد نظرة جادة :"هممم هل أتت تدريباتك نتائجها بالفعل؟ أنت هنا منذ حوالي شهر ونصف منذ تلك الحادثة ..."

فقال له:"لا أعلم ... لقد زدت في الوزن وإمتلئت بالخدوش والجروح .. وأصبحت أملك بعض القوى ... إلا أن هذا لايكفي أريد المزيد من القوة أكثر فأكثر ... أريد أن أكون الأقوى لن أتوقف حتى أصبح الأقوى ..."

فقال له العجوز:"طموحك كبير جدا ... لكن ألا تخشى ضياع نفسك وأنت تبحث عن القوة ؟؟..."

فقال له مجددا:"ولما أخشى ذلك ... لايهم ذلك طالما أكتسب القوة اللازمة لدحر أعدائي ... كل مايهمني هو قتل ذلك اللعين يوكي داكي مهما كلفني ذلك ..."

فقال له ذلك العجوز:"يوكي داكي؟... إذا أنت تريد قتل ملك الأرتوريوس... هل أنت واثق من نفسك في تحدي أقوى شخص في التاريخ لحد الأن؟؟ .. إنه شرير وقوي جدا لم يسبق له مثيل أبدا ... هل انت واثق من ذلك؟؟.."

فأجابه:"ولما تقول هذا الكلام؟ هل تعتقد أنك ستقلل من ثقتي بنفسي فأتراجع عن هذا الهدف؟ خسئت أيها العجوز فالشخص الذي أمامك الأن قد خسر عينه اليسرى في قتال مع يوكي داكي هذا إلا أنه نجى من ذلك ... وهاهو الأن يريد الأخذ بثأره بشدة وبشدة ..."

كان وجهه يشير للشر والخبث فقد نثر نوعا من السوداوية في قلب ذلك العجوز فقال في له:"أنت لم تعد نفس ذلك الطفل المرح الذي عهدناه في الماضي يابني...لقد تغيرت كثيرا... مالذي جرى لك؟ هل هو الإنتقام أم الغضب؟...أزوما"

فقال له وهو ينظر بعيدا:"...لا أعلم أيها الجد...أنا لا أعلم...النار تأكلني كلما سمعت إسمه ...ويزداد غيضي كلما تذكرته...لسبب ما نفسي ملتهبة جدا ...لايوجد مايطفئها غير الأخذ برأسه..."

ومن ثم نظر إليه وقال بصوت رخو يشوبه السعال والعجز

:"أزوما ...لاتدع شعور الإنتقام يسيطر عليك...أنت لست من ذلك النوع..."

ومن ثم نهض من مكانه وأشار بيده كأنه حامل لسيف ومن ثم ضرب بسرعة خاطفة وهادئة وقال:"عليك أن تكون حاد قاسيا لكن في نفس الوقت حنونا وهادئا... كتلك الفراشة تماما ... ضربتك يسودها الغضب ... تخلص من ذلك الغضب وإقترن مع السيف ومع نفسك ... أزوما ..."

لم يفهم أزوما معنى ذلك فقال:"وماذا سينتج من ذلك؟؟"

فأجابه العجوز بعد جلوسه:"ستفهم بنفسك حينما تصل لتلك المرحلة...ستلوح بالسيف في الهواء بخفة أكبر وستشعر بالإختلاف الشديد في تلك اللحظة ... تخلص من غضبك وسترى كيف ستسري أمورك ... وازن بين مشاعرك وإزرعها في السيف يا أزوما..."

نهض أزوما من مكانه وقال:"دعنا من هذا الأن أنت مجرد رجل عجوز خرف وكلامك مجرد هراء شيخ كبير ليس إلا .. أنا ذاهب الأن ... سأعود في نهاية هذا الشهر ..."

فبعد أول خطوة منه قال له العجوز:"حسنا كما تريد يا أزوما ... لكن مهاراتك لن تتطور مادمت بهذه الثقة الهشة ... ستهب مهب الريح إن حدث شيء ما ..."

فقال له أزوما بغضب مشيرا بسيفه في رقبته:"ماذا تعرف عني أيها العجوز اللعين هاه؟ ألا تخشى أنني سأقتلك وأنهي حياتك السخيفة؟؟..."

فقال له العجوز:"أعلم أنك لن تفعل ذلك أبدا يا أزوما... هذا مخالف لمبادئك على أي حال ...فأنا كل شيء بالنسبة لك"

ثم أخفض أزوما سيفه من رقبته وقال:"لاتتدخل فيما لايعنيك أيها العجوز الخرف... أنت لاتفهم مايحدث ولا ماحدث أنت مجرد عجوز يجلس فوق كرسيه المهتز طيلة اليوم ينظر إلى هذه المروج الطويلة منتظر نهاية أجله ليس إلا ... أنت لاتفهم ماعليك أن تكون ولا حتى مالذي تريد أن تكون لذلك فشلتم في الماضي من قتل هذا الوحش المتجسد يوكي داكي وأنا أعرف كيف أفعل ذلك ..."

فقال له العجوز بعدما ساد في بصره بريق مخيف ولمعان شديد:"...صحيح ماتقوله أنا مجرد رجل عجوز ضعيف البنية ...لكن ماذا عنك؟ أزوما ... هل تعرف كيفية القتال ضد ذلك الوحش؟؟..."

أمسك أزوما ولوح سيفه بالهواء قاطعا تلك الفراشة التي تحوم حولهما قائلا لذلك العجوز بتنهيدة ثقيلة ومغمدا لسيفه في نفس الوقت :"لتهزم وحشا عليك أن تكون وحشا مثله ... وأنا سأكون ذلك الوحش ... لايهم ماسأكون عليه ولكن أنا سأجرد نفسي من إنسانيتي لتحقيق مبتغاي ... مبادئي التي تؤمنون بها كانت مجرد ذريعة لكبت مشاعري تجاهكم طول هذه الفترة حتى أتغاضى عن ماتفعلونه من أفعال طائشة خدمت مصالحكم فقط ... لكن الأن لايهم ماالذي إخترته ... أنا سأتبع هدفي وسأبني قواي كما أريد ..."

بقي العجوز يناظر له وهو يرحل عنه محددا وهو يقول له:"لاتدع الغضب يسيطر عليك أزوما ... أنت فتى طيب .. لاتأخذ نفسك للهلاك يابني..."

...لم يستمع أزوما لكلام العجوز وذهب في طريقه للأمام والغضب باسط سيطرته على قلبه وعلى ذاته وفي نفس الوقت كان هذا المشهد غريبا جدا بحيث قد قلب كل الأحداث رأسا على عقب وتقلب مرعب أصبح في شخصية أزوما فالسواد ساد في قلبه هذه المرة وسيطرت عليه أفكاره بعد فترة طويلة في التفكير فيما يريد فعله وماهو أعقل حل لينتهي من كل هذه المشاكل ويبدو أنه قد إختار الطريق الذي يريد أن يكونه وسيكون طريقا حافلا...

2024/10/04 · 13 مشاهدة · 1407 كلمة
TADAKUNI
نادي الروايات - 2025