55 - المملكة الجنوبية رايدن

لم يعتقد أبدا أن ماحدث لشيسا قد يدخلها في غيبوبة طويلة هكذا فهي لحد الساعة لم تستيقظ بالرغم من أن جروحها بدأت بالإلتئام وريو لازال جالسا قربها بينما الملك سفين يزورهما كل مساء ليتفقد إبنته ويتحدث قليلا مع ريو ...

ففي المرة الأخيرة التي تحدث فيها مع ريو كانت حول شيسا وماضيها الطويل فقال له عندما كانت في الخامسة من عمرها وهو يحاوره ...

الملك سفين:"...إبنتي شيسا لم تكن هكذا أبدا ..."

فقال له ريو:"ماذا تقصد بأنها لم تكن هكذا أبدا؟ ؟.."

الملك سفين:"إبنتي لم تكن لتصبح ماهي عليه اليوم لو لم تسقط في ذلك الجرف الكبير ذلك اليوم ..."

فقال ريو:"جرف؟؟ وماذا حدث بعد ذلك؟؟..."

الملك سفين:"لم نرها منذ ذلك الحين إلى حد الساعة التي أتيتم فيها أنتما ... لقد مرت خمسة عشر سنة منذ تلك الحادثة المأساوية ..."

فقال ريو:"وكيف نجت من تلك الحادثة إذا؟؟ ...ألم تقل أنها كانت في الخامسة من عمرها؟؟.."

فقال الملك سفين وهو مخفض لرأسه وينشابه الحزن:"لا أعلم ... كان من المخطط أنها ستموت لو سقطت من ذلك المكان ..."

صدم ريو مما سمعه ومن ثم قال:"ماذا تقصد بكان من المخطط؟؟ أتقصد أنك كنت تحاول قتل إبنتك؟؟..."

ومن ثم أخفض الملك رأسه وقال:"أجل ... كان يجب في ذلك اليوم أن تموت لكن أنا .. أنا ..."

وبسرعة من ريو لكمه بقبضة قوية دفعته نحو الأرض وصار يصرخ فيه بجنون وهو ممسك له من قميصه قائلا:"ااااااهه أيها الأخرق .... اااااه كيف تكون والدها وأنت كنت تحاول قتلها هاااااااه ؟؟... كيف لك ذلك ؟؟..ههااااااااه كيف أمكنك فعلها بإبنتك الوحيدة؟؟؟..."

وجه الملك أصبح فيه كدمة وهو ينزف من أنفه ومن ثم قال وهو مخفض لرأسه:"... لا أعلم... لا أعلم لما حاولنا فعلها حتى... لقد كانت شيسا ترفض الحكم تماما ... أرادت تدمير الحكم الملكي ..."

توسع بؤبؤ عيني ريو ولكم الملك مجددا قائلا:"... ااااااااعه أفعلت كل هذا لأنها قالت أنها تريد تدمير الحكم؟؟ هل أنت أحمق لهذه الدرجة؟؟؟ ااااااه أيها الغبي لقد كانت مجرد طفلة صغيرة ... كيف أمكنك أنت تفعل بها ذلك بسبب أنها قالت كلاما حتى هي لاتعلم معناه ؟؟....اااااه يالك من أب غبي أخرق مجنون ...أنت لست مثالا للأبوة أنت أسوء من أن تكون أبا..."

زعزعت هذه الكلمات مشاعر الملك ليستسلم لريو ويقول:"...اااهة اااهة لقد ندمت... لقد ندمت بالفعل... ندمت لأنني لم أعتني بإبنتي الوحيدة كما يجب... حتى أنني لم أخبر إبنتي الوحيدة بأنني أحبها اااااعه ... كان علي أن أموت أنا في ذلك اليوم ولا أجعل من إبنتي ضحية لمطالب سياسية ... أاااعهة أرجو أرجو أن تسامحني إبنتي...اااااعه أرجو أن تغفر لي خطيئتي ... حتى لو كلفني ذلك حياتي فأنا مستعد لتقديمها لها ااااعه ..."

ظل ريو واقفا أمامه يناظر منظره المثير للشفقة ودموعه التي تنزل مع إختلاطها بدمائه بسبب ضربته التي أعطاها له ...

ومن ثم إستدار لينصرف من أمامه ولينظر ناحية شيسا حتى به وجدها هي الأخرى تنظر لسطح الغرفة ودموعها قد فاضت من مقلية عينيها ... سارع ريو ناحيتها وقال وهو يصرخ:"شيساااااا ... شيسااااا ...شيساااا ... هل تسمعينني؟...لقد إستفاقت ... شيسا"

بعد صراخه هذا نهض الملك من أمام سرير شيسا وهو يمسح دموعه من عيناه وومسكا جسده بسبب ماحدث قبل قليل ومتجها نحو الباب الذي يؤدي إلى خارج الغرفة ... ومن ثم مباشرة رفعت شيسا يدها بإتجاهه وهي تحاول مناداته لكنها لاتستطيع بسبب اللفافات الطبية التي حول جسمها ... ومن ثم مباشرة أرغمة جسدها على الصراخ لتصرخ بشدة مناجية لوالدها ... لاحظ ريو ذلك فنادى على والدها قائلا:"تعال إلى هنا إن إبنتك تريدك..."

عاد الملك من هناك وهو مخفض لرأسه مجددا متجنبا رؤية وجه إبنته شيسا ... ومائن إقترب ناحيتها حاولت الكلام معه لكن يبدو أنها لاتستطيع في الفترة الحالية وظل هو متجنبا لرؤيتها إلا أن دموعه خذلته وتساقطت أمامها رغما عنه...

لمسته شيسا بيديها في محاولة لها وإشارة بأنها تريد رؤية وجه والدها الذي هو واقف أمامها...

ومن ثم نظر الملك ناحيتها بسبب إلحاحها ليتفاجئ مما يشاهده الأن ... دموع شيسا تنزل بشدة ومقليتها تكاد تنفجر من دموعها ... ليسقط بعد ذلك جافيا على ركبتيه والذعر قد تخلل جسمه وليصرخ قائلا عندها:"أنا ... ااااه أسف ... ااااعه إبنتي .... ااااااعهه... إبنتي... أنا أسف ... أسف لأنني لم أكن الأب المثالي الذي أردته .... ااااعه أسف لكوني أبا سيئ ... أنا أسف ..."

ضلت شيسا تربت فوق رأسه بينما هو يصرخ ويبكي ويعتذر فيما إقترفه بحقها ...

يشهد ريو هذا المنظر على المباشر بين أب يحاول الاعتذار والإبنة المكفوفة التي سيطرت عليها دموعها ومنعتها من الكلام ...

...بعد ذلك أشارت شيسا لريو بأن يقدم نحوها لنزع أحد اللفافات التي على وجهها فإقترب ريو ناحيتها ونفذ مطلبها ... ومن ثم رفع سريرها للأعلى لتستطيع الوقوف ورؤية ماحولها ...

ومن ثم نهض والدها من عندها وجلس على الكرسي الذي أمامها ...

فقال لها:"شيسا أنا حقا أسف ... حاولت الإعتذار لكن لم تسنح لي الفرصة أبدا ..."

إبتسمت شيسا من ذلك ومن ثم نظرت لسائر جسمها في الفترة الحالية ومسحت دموعها وقالت لوالدها بصوت حنون وهادئ :"أتعرف؟... أتعرف ماذا عانيت في تلك اللحظة؟...أكيد أنت لاتعرف ...أكيد أنك لاتعرف لأنه لم يتم خيانتك من أقرب الأشخاص لقلبك ... أنت لم تشعر بما شعرته في تلك اللحظة أبدا... صوت إنكسار عظامي ... وصوت إرتطام جسمي بالصخور والنزيف الذي عانى منه جسدي في ذلك الوقت والألم الناتج عنه لم يكن أبدا يساوي الألم الذي شعرت به في قلبي بسبب مافعلته لي أنذاك ... ظللت أتسائل حينها لما قد يفعل والدي هذا بي؟؟... لما؟ لما؟لما؟ لما؟ لما فعلت ذلك يا أبي؟... "

تقرب منها والدها ليطلب منها الإعتذار مرة أخرى فنظرت هي لريو بإشارة أخرى بأن يبعده عنها فلب ريو الإشارة وسارع نحوه وقال:"لاتقترب منها ... إجلس وإستمع .."

غض الملك الطرف وغص على قلبه وجلس يستمع لها ودموعه تنزل الواحدة تلو الأخرى مما تقوله شيسا ...

تنحت شيسا جانبا وأكملت كلامها قائلة وهي تشير بيدها لقلبها

:"ظلت الأسئلة تتسلل في عقلي إلى حين أن فقدت وعيي حينها ...لا أعلم كيف ... لكنني قد نجوت من ذلك اليوم بطريقة ما .. بالصدفة وجدت نفسي عند عائلة صغيرة أنقذتني من الموت ... لقد عشت معهم طوال 5سنوات وأنا لم أتلفظ بأي كلمة معهم ...مخافة أن يحدث شيء لهم إن عرفت بأنني لازلت حية ... لكن إبنهم قد دفعني للحديث غصبا عني بعد كل شيء ...وقد كبرت معه أيضا ... ووعدني بأنه لن يتركني أبدا ... لكن في النهاية حتى هو الأخر قد رحل ولم يوفي بوعده لي ... لقد خسرت الكثير من الأشياء يا أبتي ... منذ طفولتي لحد الساعة خسرت الكثير حقا وهذا كله بسببك ... لقد سرقت مني كل شيء يا أبتي ... سرقت طفولتي سرقت ضحكتي سرقت حياتي سرقت مني كل شيء ياوالدي ... أنا ...أنا حقا ...أنا حقا أكرهك ...أكرهك بشدة ..."

...

...

...نظر الملك سفين ناحية إبنته وهو مصدوم من كل كلمة قالتها له وعرف أن إبنته لم ولن تسامحه أبدا على ما إقترفه لذا نهض من مكانه بهدوء ومقلتي عينيه قد إحمرت من دموعه التي حبسها بداخله .. شد نفسه بقوة وعزيمة وتحرك خطوة خطوة في منظر يسوده الحزن وقلبه يتعصر بسبب ماقترفه ... ومن ثم وصل عند الباب وبعد فتحه له أضحى بخطواته للأمام وغلق الباب ورائه ليكمل مسيرته في التقدم خطوة خطوة ... حاول الحراس مساعدته على المشي لكن رفضهم بإشارة من يده وإتجه في رواق المستشفى ماشيا وهو يرتعد حزنا وألما...

سيطرت عليه كلمات شيسا الت كانت "لقد سرقت مني كل شيء يا أبتي" وأيضا "والألم الناتج عنه لم يكن أبدا يساوي الألم الذي شعرت به في قلبي بسبب مافعلته لي أنذاك" وأجهشه التفكير فيهم بشدة ولم يناظر طريقه وصار يترنح في الرواق ويصطدم بالمارة وهو ضرير البصر لايرى من الرواق إلا فراغه فقد سيطرت عليه كلمات شيسا بشدة في تلك اللحظة ولم يعلم ماحل به ... إستمر في المضي قدما حتى وصل بعد وقت إلى قصره الملكي فإستقبله حراسه بتحية كبيرة لكنه لم يأبه لهم وأكمل طريقه داخلا للقصر فوجد زوجته أمامه مع بعض النساء جالسة فلم يلبث لها وصعد الدرج متجها لغرفته ... لاحظت زوجته ذلك فإستماحت من ضيوفها وراحت مسرعة خلف زوجها وعي تسأله عن إبنتها في فرحة منها:"عزيزي مالأخبار؟؟ ... هل شيسا بخير؟؟ هل إستفاقت؟؟..."

أجابها بصوت خافت دون أن يلتف لها:"نعم لقد إستفاقت ...وهي بخير ...مازال معها ذلك المدعو ريوو يرافقها في كل ثانية لذا لاتقلقي ..."

فقالت:"مابك ياعزيزي ؟؟ ... صوتك مترهل جدا ... وحتى مظهرك ... أحدث شيئ لا أعلمه؟؟؟..."

فقال بتأوه:"شيسا...ااااعه شيسا ... شيسا ...اااااعه....اااااعه"

وإنفجر باكيا قرب زوجته فلم يعد يحتمل مما مسه من كلام حتى الأن ... لم يعلم مايقوله أبدا في ذلك الوقت ... لذا سارعت زوجته وأمسكته وأخذته بسرعة ناحية غرفتها ... وبسرعة ألقته على السرير وسارعت وأخضرت بعضا من المهدئات وأعطتها له وإنتظرت لبضع وقت حتى هدئ مما كان عليه وقالت مجددا:"ماذا بك ياعزيزي؟؟ لقد قلت أن شيسا بخير ومن ثم إنفجرت باكيا... هل حدث لشيسا مكروه ما؟؟؟ ...أما ماذا هناك؟؟"

فقال:"أسف لجعلك تقلقين هكذا ... لكن شيسا بخير كما هي لذا لاتقلقي ..."

فقالت:"إذا ماذا بك ياعزيزي؟؟"

فقال بحزن وترهل:"شيسا لن تغفر لنا أبدا ... لقد عانت الكثير جراء مافعلناه ياعزيزتي ..."

فقالت:"ماذا تقصد؟؟"

فقال لها:"لقد قالت لي بأنها تكرهني بشدة ... وأنها لن تسامحني أبدا ..."

فصمتت الملكة مما قاله ووضعت كفها على فمها وغصت الطرف عما قاله وإقتربت من زوجها كثيرا وقالت:"...إنه لأمر محزن حقا... لكن دعنا نعمل على أن نجعلها تسامحنا على مإقترفناه ولو قليلا ..."

فقال الملك:"حتى موتنا لن يكفر عما فعلناه يا عزيزتي ... إنه لخزي كبير لنا أن نعيش هكذا ... الموت أرحم لنا ..."

فقالت:"لالا تقل هذا ...بل يجب علينا أنا نحاول تعويض إبنتنا ماضاع من حياتها عل الأقل ..."

فقال الملك:"كيف ذلك ؟؟"

فقالت:"...لا أعلم حقا...لطن دعنا نفعل أي شيء يرضيها فقط .."

فقال الملك:"دعكي من هذا ... أنا سأتحمل عبئ كل شيء وحدي ... فأنا صاحب هذه المملكة بعد كل شيء ويجب أن أكون قويا لأجلها...لاتلقي لما قلته بال ياعزيزتي وإذهبي وأكملي مافعلته ..."

ومن ثم بعد وقت قليل فقط إذا جاء أحد الحراس وهو يطرق الباب على الملك قائلا:"ياسيادة الملك أرجو أن لايزعجك هذا ..لكن هناك خبرٌ عاجل نحتاجك فيه ..."

فقال الملك:"أدخل .."

فدخل الحارس قائلا:"أعتذر على إزعاج سيادتك لكن هناك طلب عاجل لحضورك عند وزير الدفاع حالا ..."

فقال الملك:"خيرا ماذا هناك؟ ؟.."

فقال له الحارس:"كشفت أجهزة إستخباراتنا في فريا أن الملك راينهارت يجمع جيشا كبيرا لأمر مجهول ...لذا هنالك إجتماع طارئ في المملكة وأرجو من سيادتك الحضور الأن ..."

فقال الملك:"حسنا إذهب أيها الحارس سآتي بعد وقت قليل ..."

خرج الحراس وجلس الملك رفقة زوجته وهو يفكر فيما يحدث ... هل هذا يعني أن راينهارت سيعلن الحرب على رايدن ... أما أن هنالك شيء مجهول الصمم ...

...

...

...

أما عن تاكاشي فلم يلبث كثيرا في بريستيان فقد وصل لفريا في وقت قصير ... وإشترى من العاصمة مالذ وطاب من الأطعمة لآنا حتى أنه إشترى لها ملابس جديدة حتى لاتثير الشبهات ثم مضى قدما حتى وصل للجهة الشمالية من العاصمة الملكية ليجد دمار هائلا يعاد بنائه من جديد كأن قنبلة قد مسحت كل شيء هناك ... فإقترب من أحد المارة وسأله عن ماذا حدث هنا فأجابه الشخص قائلا:"ألم تسمع؟؟ لقد حدثت خيانة في الأوردر والشخص الذي خانهم قد دمر هذا المكان وهرب..."

فسأله تاكاشي:"ماذا تقصد بالخيانة؟؟..."

فقال له:"...لا أعلم كثيرا لكن الجريدة الملكية قالت أن هذا الشخص إسمه ريو أنازاكي وهو مطلوب للمملكة بقيمة عالية الثمن وزهيدة جدا لمن يعثر عليه حيا أو ميتا ..."

صدم تاكاشي عند سماع إسم ريو ... وياليته لم يسمع به أبدا ثم قال:"شكرا لك يارجل ..."

فذهب ذلك الرجل وتركه غارقا في تفكيره حتى سألته آنا:"ماذا بك ياتاكاشي؟؟ ماذا حل بك فجأة ؟..."

فقال تاكاشي:"لاشيء يا آنا فقد أدهشني حجم هذا الدمار ..."

فقالت آنا:"أنا أيضا قد أدهشني هذا ... لكن كيف حدث هذا؟؟ يبدو أنه شخصا شرير من إفتعل هذا ... مثل ذلك الوحش الذي قتلته يا تاكاشي ..."

فقال تاكاشي ضاحكا:"هاهاها أجل أعتقد ذلك .."

ومن ثم مشى بإتجاه السوق ليبحث عن من يوصله إلى رايدن وفي نفس الوقت تملكه التفكير فيما حدث لريو حتى فعل كل هذا وضل يقول في نفسه:"... ماذا حل به؟؟...لما فعل هذا هنا ... اااعه يا إلهي مالذي دفعه لإرتكاب هذا الدمار... هل هي هايدا؟؟ ... أجل من المحتمل أن تكون هي ... ااااه يا إلهي لما فعله ... أرجو أن تكون بخير فقط ياريو ... سأبحث عنك بعدما أجلب تلك الأدوية للطبيب ... إبقى سالما فقط..."

ومن ثم ضل يمشي حتى إلتقى بعربة ذاهبة بإتجاه رايدن فطلب منه أخذهم معه بما أنه ذاهب إلى هناك ... رفض الشخص في البداية لكن مإن أراه تاكاشي الكثير من المال قبل بذلك وأخذهم معه وهاهم الأن في الطريق إلى رايدن التي يبحثون فيها عن الدواء الذي يريدونه ...

2024/10/08 · 13 مشاهدة · 1989 كلمة
TADAKUNI
نادي الروايات - 2025