نيو جيرسي ٢٠٢٠/٤/١١
الساعه التاسعه صباحًا
يتحرك المتحول ببطئ باحثًا عن اي شكل من أشكال الحياة
صوته جاف مزعج وكأنه انذار لإقتراب خطر محدق
خطر الموت الملتهم للاخضر واليابس
لاحظ المتحول وجود جثة غزال فانطلق نحوها بلهفه
انخفض على ركبتيه وبدأ يلتهم جثة الغزال
وفي تلك اللحظة انطلق شخص ما من بين الازقه المحطمه وقام بضرب المتحول بعصى خشبية بكل قوته حتى تهشم رأسه
بدأ الشاب ذو الشعر البني والعيون الخضراء والجسد الضعيف بتفتيش ملابس المتحول باحثًا عن اي شيء مفيد
وجد في جيبه بعض الدولارات
عندها شعر بالغرابة "نقود؟ هل هو متحول حديث؟ولكن في كل الأحوال ما فائدة حمل النقود؟ هل ما زال احد يستعملها ؟
على كل حال سوف ابقيها معي من اجل النار "
فتش الشاب أكثر ولكن بلا فائدة
وفي نهاية المطاف نهض وبدأ ينفض التراب من على جسده وهو يتنهد "اذًا.....لا غنيمة لسباستيان اليوم أيضًا "
سباستيان زيرو شاب بعمر السبع عشرة سنه
شاب جوال هدفه الوحيد هو عيش يوم آخر في هذا العالم والذي دّكته جحافل المتحولين وجعلته مكان تنبعث منه رائحة الموت في كل مكان
لنعد بالزمن قليلًا قبل قرابة الثلاث سنوات والنصف
عندما بدأ كل شيء
.
.
.
.
كان سباستيان في ذلك الوقت طالب مدرسة متوسطة يعيش أيامه الطبيعية بين الدراسة والدراسة واللعب واللهو
وفي ذات يوم كان سباستيان يتناول الفطور على المائدة بصحبة والديه
وبينما كلا الوالدين يتناقشان حول فواتير الكهرباء و الطعام
كان سباستيان يشاهد رسوم الأطفال المتحركة
حتى قطعت القناة بث الرسوم وظهرت إشارة بث عاجل على التلفاز
اخذ سباستيان جهاز التحكم وبدأ يحاول ان يغير القناة ولكن بلا فائدة
كل القنوات على ذات الشاكلة وتعاني من نفس المشكلة
فقد سباستيان الامل في متابعة رسومه لذلك قرر إنهاء طعامه بسرعه والخروج لكي يصعد في حافلة المدرسة
تعالت اصوات الاب والام بعدما غادر الطفل
حيث كان الاب يشتكي من الفواتير المرتفعة بينما الام تشتكي تضع اللوم عليه
عندها انتهى النقاش بخروج الاب من المنزل غاضباً وذهاب الام نحو غرفتها باكية ثم خلدت إلى النوم.....وكانت نائمة بينما التلفاز ما زال يعمل وهنا بدأ البث العاجل بظهور شخص مرتبك وعنوان بالخط العريض "جائحة من مرض غريب بدأت تفتك بنا"
استيقظت الأم على أصوات السيارات العالية واصوات الناس الفزعه
شعرت بالخوف فخرجت من غرفتها ولكنها لم تجد ايًا من زوجها وابنها
أصيبت بالذعر وبدأت تحاول الإتصال ولكن هاتف زوجها كان مغلقًا
خرجت من المنزل وهي تحاول معرفة ما يجري
بدأت تحاول سؤال الناس ولكن الجميع يذهب في اتجاه واحد ويهرب بدون ان ينظر لها حتى
حينها سمعت صوت احدهم من الخلف
نظرت إليه وكان شخصًا غريب قد خرج من احد البيوت
ركضت في اتجاهه وهي تسأله عن ما يجري ولكنها توقفت فجأة حينما شعرت بأنه هنالك خطب ما به
نظر اليها بعينان حمراوان
تراجعت للخلف خائفة وهي لا تفهم ما يجري....
في تلك الأثناء كان الاب يقود سيارته مسرعاً وفي المقعد الخلفي كان ابنه سباستيان
ولكن وقبل ان يصلا إلى المنزل توقف الاب بسبب الزحام
نظر الاب الى سباستيان "اسمع يا بني علينا الذهاب إلى المنزل سيرًا لكي نحضر امك ونعود حسنًا؟"
هز سباستيان رأسه موافقا ثم نزل كلاهما بسرعه وانطلقلا متوجهين نحو المنزل
وما كان بانتظارهما كان أشبه بالكابوس
كان الشارع قد اصبح امتلئ بحطام السيارات وصرخات الناس
وحتى ان هنالك عدد ليس بقليل من المنازل قد بدأت بالاحتراق
والاسوء ان هنالك جثث متواجده بكثره في المكان
بدأ كلاهما بالحركه بحذر حتى اقتربا من المنزل
توقف سباستيان وهو يشاهد بفزع
لاحظه الاب ووجه ناظريه إلى حيث ينظر
لقد كانت زوجته مستلقيه على الأرض والدماء تسيل من عنقها
هرع الاب لنجدت زوجته وعندما رأى وجهها أبتعد عنها وفاضت عيناه بالدموع
تقدم سباستيان أكثر ليجد والدته قد تم التهام نصف وجهها وتم تمزيق عنقها بشده
وحتى معتدها قد تمزق جزء كبير منها
لم يستطيع سباستيان حتى البكاء من هول الموقف
صرخ والده بقوه
ذُعر سباستيان لانه وجد والده يصرخ ولكن ليس بسبب الحزن
وانما لانه يواجه رجل آخر
رجل ذو عيون حمراء وصوت جاف مخيف صارخ
تراجع سباستيان للخلف وهو مشتت مرعوب بلا حول ولا قوة
امسكته يد فجأة وسحبته إلى داخل احد البيوت
بدأ سباستيان بالصراخ والبكاء ولكن عندها وضع أحدهم يده على فمه وهو يقول "اسكت يا سباستيان
لا تتحدث وإلا سمعونا
لا تقلق هذا انا ريكاردو جاركم انا اكبر منك بأربع سنوات
اتذكرني؟ في حال انك تفعل ارجوك توقف قليلاً عن المقاومة "
توقف سباستيان عن الصراخ ولكنه كان ما زال في حال يرثى لها "ارجوك
لنعد ونساعد والدي"
نظر ريكاردو من خلال النافذة ولم يجد ولا اي اثر لوالد سباستيان
وضع يده على كتف سباستيان "ارجوك
لا مجال لفعل ذلك
سوف نجمع بعض الاغراض ونهرب من هنا
لا يمكننا البقاء
إلا إذا كنت ترغب بأن تلاقي مصير مثل مصير اغلب الأشخاص بالخارج"
وبالرغم ان سباستيان كان ما يزال غير راضي بفكرة ترك والده
ولكنه سلم نفسه للأمر الواقع وقرر تنفيذ ما يأمر به ريكاردو
جمع كلاهما ما يكفي من الطعام والماء والملابس في حقائب وهربا عن طريق التحرك من بين الأبنية والازقه
هرب كلاهما تاركان حياتهما وعائلتهما
كلٌ منهما كان مهموم البال حرج الصدر
ولكن لا مفر من الأمر الواقع
استمرا معا في هذا العالم المدمر يجوالان في كل مكان
ويعيشان في كل مكان
ويحاولان النجاه كل يوم
وتخللت حياتهما تلك العديد من المخاطر
وحتى جمع رفاق آخرين وخسارة رفاق
كان سنوات.....اقرب للجحيم بالنسبة لهما...
.
.
.
الوقت الحاضر سنة ٢٠٢٠
.
.
.
عاد سباستيان إلى المنزل الصغير الذي يعيش فيه برفقة ريكاردو واثنين آخرين
ألقى التحية عليهم وابتسم ريكاردو "إذا اي غنائم اليوم؟"
هز سباستيان رأسه نافيًا
حتى ظهر شاب اشقر قصير وضحك "اجل كالعاده ايها المغامر الابله"
نظر إليه سباستيان بطرف عينه وبضحكه ساخره "اجل
يا لك من ظريف يا كريس"
نظر سباستيان حوله وتسائل "اين اوليفيا ؟"
اجابه ريكاردو "انها نائمه في الداخل
"لم نستطع الحصول على اي معلومات مفيدة سوى أنها بعمر الاربعة عشر"
دخل سباستيان إلى غرفة نومها ونظر إليها
فتاة صغيرة مسكينة عيناها اسودّتا وتورمتا من البكاء وعدم النوم
كان يرى سباستيان في هذه الفتاة نفسه القديمة
ذلك الطفل بنفس العمر ونفس المشاعر ونفس الألم
عزم على إعادتها إلى عائلتها أو أصدقائها مهما كلف الثمن حتى لا تمر هذه الطفلة بما مره به سباستيان في السنوات الماضيه
خرج من الغرفة وهو ينظر الى أصدقائه وابتسم "هي بخير
اعتقد بأنها تحتل لنيل قسط من الراحه فقط
أما الآن ما رأيكم بأن نرى من سيفوز في التحدي اليوم ويصيد اكبر عدد ممكن من المتحولين ؟"
أخذ كلٌ من ريكاردو و وكريس اسلحتهما وقبل ان يخرجا قال ريكاردو "نحن نخرج للتحدي
وانت تبقى هنا تجالس هذه الطفلة حتى نعود
انها دورك"
ثم خرج كلاهما وسط ضحكات كريس العالية على سباستيان
استلقى سباستيان على الأريكة وهو يتنهد من الملل
اغمض عينيه وبدأ يحاول النوم....
وكالعاده كوابيسه تطارده دائما
كوابيس تلك اللحظة التي شاهد فيها والدته ميته
ووالده يواجه المتحولين
ولكنه في كل الاحوال
استمر في نومه العميق
وهو يتمنى الاستيقاظ من هذا الكابوس
أو على الأقل.... الخروج من هذا الواقع إلى واقع اجمل