الفصل الرابع : الخطوة الأولى في مسار القوة

اقتربت قدما لين فان من البوابة الضخمة التي تعلوها لافتة حجرية سوداء محفور عليها بخط بارز: "مدينة الرياح".

وقف قليلًا يتأملها… لم تكن سوى مدينة من الدرجة المتوسطة في هذه المقاطعة، لكنها بالنسبة لِـ الذي عاش حياة القرى النائية، بدت كأنها عاصمة عظيمة

عند البوابة، ازدحم الناس تجار يقودون عرباتهم، فلاحون يحملون سلال الخضار، صيادون بجلودهم الملطخة بالدماء، وحراس مدججون بالسلاح يتفحصون الداخلين بعين باردة

تسلل لين فان بينهم بهدوء، خطواته ثابتة رغم ثيابه الرثة، وعيناه الحادتان تلتقطان كل تفصيلة كما لو كان يتذكر أيامًا بعيدة في حروبٍ أعتى من هذا المكان بألف مرة

---

داخل المدينة، الشوارع مرصوفة بالحجارة، على جانبيها بسطات الطعام تفوح منها رائحة اللحم المشوي والتوابل الحادة، صرخات الباعة تتعالى

"ترياق الجروح! ثلاثة نحاسيات فقط!"

"سيوف حديدية حادة، صُقلت على يد حداد الطائفة الشرقية!"

ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيه“حقًا… هذه مجرد منطقة ريفية؟ لو رأى أهل قريتي هذا المشهد لظنوه عالمًا سماويًا.”

بعد وقت من التجوال، وصل إلى مبنى شامخ تعلوه لافتة ضخمة: "قاعة الوحوش"

دفع الباب الثقيل فصدر صريرٌ أجش، لتظهر أمامه قاعة واسعة تملؤها رائحة الدم والجلود

صفوف من الصيادين يقفون، كل منهم يحمل جثة وحشٍ أو حقيبة مليئة بالفرائس

خلف المنضدة جلس موظف بوجه شاحب، عيناه ضيقتان كأنهما اعتادتا حساب الأرباح والخسائر أكثر من النظر للوجوه

تقدم لين فان وألقى الحزم التي جمعها على الطاولة.

تفحصها الموظف بعناية، صمت للحظة ثم قال ببرود

"عشرون فضية، لا أكثر."

لم يساومه لين فان، مدّ يده وأخذ العملات المعدنية الثقيلة

لكن قبل أن يبتعد، ارتطم به شاب بملابس حريرية، يحيط به حارسان ضخام، تعلو شفتيه ابتسامة متغطرسة

نظر إلى لين فان من رأسه حتى قدميه وقال باستهزاء

"تجرؤ على الوقوف في طريقي ؟ متسول مثلك يجني عشرين فضية… مثير للشفقة."

ارتعشت أصابع أحد الحراس على مقبض سيفه، لكن الشاب رفع يده ملوّحًا

"لا بأس… قاعة الوحوش مكان محترم، لكن خارجها… سنتحدث."

لم يرد لين فان بكلمة، عيناه الباردتان فقط التقت بعيني الشاب للحظة، تلك النظرة التي جعلت الأخير يتراجع خطوة دون أن يفهم السبب

---

غادر نحو محل للملابس.

الداخل بدا مختلفًا كليًا رفوف منظمة تحمل أردية من قماش خاص يلمع تحت الضوء، وروائح الزهور تعبق في الجو.

اختار لنفسه ثوبًا أزرق غامق مطرز بخيوط فضية، بسيط لكنه أنيق، يبرز وسامته الطبيعية دفع فضيتين بلا تردد

تأمل نفسه في المرآة… وجه طفولي الملامح، شعر أسود فوضوي، وعينان أرجوانيتان مسودتان تشعان بنضجٍ

همس في داخله ساخرًا "حتى هذا الجسد البالي… إنه وسيم "

---

خرج ولم يبدل ثيابه بعد، بل توجه إلى حانة قديمة تعج بالروائح الكريهة والضحكات العالية

ما إن دخل حتى صمت المكان لوهلة، ثم انفجر بعضهم بالضحك

"هاها، انظروا! متسول تجرأ على الدخول!"

"هل ضللت طريقك أيها الصعلوك؟"

لم يكترث لين فان، جلس عند الطاولة وألقى فضية واحدة أمام النادل

"كأس ماء … ومعلومات."

ارتبك العامل للحظة، ثم تغيرت ملامحه إلى احترام مبالغ فيه أمام بريق الفضة.

انحنى وقال

"بالطبع يا سيدي! ماذا تود أن تعرف؟"

كانت المعلومات التي طلبها لين فان بديهية بشكل غريب لكن لم يكن للعامل حق السؤال فقط أجاب

بدأ يسرد المعلومات

اسم الإمبراطورية التي هم فيها الان هو إمبراطورية اللهب السماوي التي تحكمها عائلة يونغ و هي جزء من قارة كبيرة تدعى قارة الغيمة السوداء بخلاف هذه الامبراطورية يوجد 4 إمبراطوريات أخرى

تنقسم إمبراطورية اللهب السماوي الى مقاطعات ثم مدن و عدد المقاطعات تسع، ولكل مقاطعة مدينة رئيسية و

هذه المقاطعة تُعرف باسم مقاطعة السهول الشرقية تهيمن على هذه المقاطعة بعض الطوائف ولكن عائلة لينغ هي من تترأسهم جميعا

الموارد تُكتسب إما عبر الصيد، أو المهمات التي تعلن او من طائفتك و أيضا يمكن شراءها من مختلف المحلات و القاعات التجارية و عادة ما تعرض الموارد النادرة في المزادات

لين فان كان يستمع بهدوء، يلتقط كل كلمة بعناية وكأنها خيوط شبكة يبنيها في ذهنه.

وأخيرًا، غادر نحو أفخم نزل في المدينة

عند المدخل، كان الخدم بملابس أنيقة، تحيط بالمكان أنوار خافتة ورائحة البخور.

ألقى فضية على الطاولة

"خمس ليالٍ."

أُعطي غرفة واسعة، فيها سرير و بعض الأثاث ، نافذة كبيرة تطل على سماء مرصعة بالنجوم

استحم طويلًا، يزيل آثار الدم والعرق والشوائب التي علقت به لأيام

ارتدى ملابسه الجديدة، شعره المبلل انسدل على كتفيه، عيناه انعكستا في المرآة كالليل العميق، هالة غامضة تحيط به

جلس قرب النافذة، نظر إلى القمر المضيء وقال في نفسه بهدوء

“هذه الحياة… سأصنع قدري بيدي.”

جلس لين فان بهدوء على سريره الفاخر في النزل، نافذة الغرفة تطل على قمرٍ مكتمل يسكب ضوءه الفضي على الأرض

أغمض عينيه، وسكنت أنفاسه تدريجيًا، ليبدأ أول خطوة في طريق فنون القتال في هذا العالم

جمع الطاقة

عالم يجلس فيه المتدرب متأملًا، يفتح قلبه وروحه ليتواصل مع السماء والأرض، فيسمح لجسده بالإحساس بتيارات الطاقة البدائية (أو طاقة السماء و الأرض ) و الشعور بالألفة نحوها

عادةً، هذه الخطوة الأولى تستغرق ساعات طويلة من الجهد العقلي ، و التأمل إذ يتعثر معظم المبتدئين في محاولة الإحساس بأول خيط من الطاقة

لكن بالنسبة لـ لين فان…

كان الأمر بديهيًا، كأن جسده خُلق ليتنفس هذه الطاقة

في لحظة واحدة فقط ، أحس بعشرات الخيوط من الطاقة حوله حيث يمكنه امتصاصها بفكرة اذا أراد، واستقر وعيه عليها كما يستقر الطائر على عشه

ابتسم في داخله

"صحيح… هذه ليست المرة الأولى لي. هذا الطريق سرت فيه من قبل."

رغم أن جسده الحالي ضعيف وموهبة صاحبه الأصلي معدومة، إلا أن خبرة الإمبراطور التي لا تُقارن جعلته يقف مباشرة على قمة عالم جمع الطاقة

خطوة واحدة فقط كانت تفصله عن عالم التأسيس… لكن هذه الخطوة لم تكن ممكنة بلا تقنية صقل

تدفقت الذكريات في عقله

ميراثان عظيمان، حصّلهما في أيام مجده حين كان يتجول بين المقابر الإمبراطورية

تقنية الجوهر الإلهي هي طريق مستقيم، يعتمد على المجهود الذاتي الخالص، مقابل تشي نقي لا يُضاهى بأقرانه و من هم بنفس مستواه،مع مخزون كبير وتدفق مستمر للطاقة مع ذلك السرعة كانت بطيئة ، لكنه ثابت وعميق

تقنية التحول الشيطاني تمنح السرعة، القوة، وحتى كمية التشي الهائلة… لكنها طريق مظلم، قائم على امتصاص الحياة من الآخرين. في البداية تبدو مثالية، لكن مع الوقت تتحول إلى لعنة. فمن يمضي بعيدًا فيها، يُبتلع عقله، فيصبح مجنونًا أو شيطانًا لا يرى في العالم سوى الدماء.

تأمل لين فان طويلًا

“الخير؟ الشر؟ الصالح؟ الشيطاني؟… لم يعد ذلك يهم. سأمضي فيما يوافق قلبي و مبادئي سأتبع مساري الخاص لكني… لن أسمح لقوتي أن تسلبني عقلي. إن فقدت نفسي، فما قيمة كل هذا؟”

قرر التخلي عن التحول الشيطاني

مدّ يديه بعناية، وبدأ يدير تقنية الجوهر الإلهي

في اللحظة الأولى، شعر بطاقة السماء والأرض تتدفق فيه ببطء، متحولة إلى طاقة داخلية تنساب عبر مسارات جسده الضيقة والمنغلقة

مع كل دورة، بدأت تلك المسارات تُفتح تدريجيًا، تتوسع وتتحمل المزيد من الطاقة الداخلية

(الطاقة الداخليه هي أول اشكال الطاقة التي يستعملها الفنان القتالي ثم تتطور لتصبح تشي في عالم التحول الجسدي و هذه الطاقة لا يمكنها الخروج من الجسد و اضعف كثيرا من التشي )

عندها… أعلن جسده رسميًا ولادته الجديدة

لقد دخل عالم التأسيس الطبقة الأولى

لكن لين فان لم يتوقف

جسده امتلأ بلهفة غريبة، ذاكرة عضلاته كأنها تتذكر هذا الشعور المألوف

جلس الليل بطوله يدوّر التقنية بلا كلل، يفتح المسار تلو الآخر، وينقّي الطاقة حتى صارت أكثر صفاءً

مع بزوغ الفجر، كان قد تقدم بخطوات مذهلة

غسل وجهه ونزل إلى مطعم النزل

الخادمة التي قدمت له الطعام كادت تفقد توازنها عند رؤيته

بملابسه الزرقاء المطرزة، شعره الأسود الفوضوي الذي انساب على كتفيه رغم انه كان يحتاج إلا تمشيطه ، وعينيه الأرجوانيتين اللتين تشعان بعمقٍ لا يُقاوم، بدا كنَبيلٍ سماوي نزل بين البشر.

أحمرت وجنتاها وهي تقدم الفطور، أما هو فاكتفى بنظرة باردة قبل أن يبدأ الأكل

لم يكن الجمال عنده شيئًا يستحق الانتباه، لقد اعتاد أن يُبهر القديسات والملكات بجسده السابق، فكيف بفتاة خادمة؟

---

بعد أن أنهى طعامه، عاد لغرفته ليتأمل ساعات طويلة أخرى

في خمسة أيام متواصلة من العزلة والتأمل، اخترق المستوى الخامس من عالم التأسيس

لو كان ما فعله معروفا لاعتُبر عبقريًا لا مثيل له، لكن بالنسبة له… لم يكن إلا البداية

وحين انقضت الأيام، دفع ثمن خمس أيام إضافية ليبقى في النزل مدة أطول

لكن هذه المرة، لم يعد حبيس الغرفة

ارتدى ملابسه، وخرج إلى شوارع مدينة الرياح بخطوات واث

قة

جسده الهزيل لم يعد يظهر كما كان، بل بدا كأحد أبناء العائلات النبيلة، هالة هادئة وغامضة تجذب الأنظار أينما مرّ

في طريقه إلى متجر للأعشاب النادرة، توقف فجأة.

عيناه التقتا بوجه مألوف

ذلك الشاب المتغطرس، الذي اصطدم به في قاعة الوحوش… كان واقفًا هناك، يرافقه حرّاسه

اسف على تأخر النشر حدثت بعض المشاكل ... أتركو لنا تقييمكم و رأيكم في تعليق و آسف ان وجدت اخطاء املائية و ان لم يعجبكم اسلوبي سأغيره ليتماشى مع اذواقكم

2025/08/17 · 8 مشاهدة · 1362 كلمة
Rudy
نادي الروايات - 2025