لا... لم أسقط، لكني أحببت منظر السماء من بعيد. لم أعتقد من قبل أن العالم ما هو إلا لحظة صغيرة، وهذه اللحظة دائمة إلى الأبد. كانت الرياح تعصف حولي وكأنها تعبير عن غضبي المتأجج. كنت غاضبًا للغاية من تلك الحشرة التي تجرأت على مواجهتي. كان غضبي يتصاعد كاللهب، مستعدًا لتمزيق السماء.
نظرت نحوه وهمست بحذر، وكأن الكون بأسره يترقب كلماتي: "الضربة القاطعة."
تغطى سيفي بألوان متألقة، تتراقص كالشفق القطبي، وهو يتجه نحوه بسرعة البرق. رفع يده بسرعة ومسك السيف بمهارة، نظر إلي بعينيه المشتعلتين تحديًا وقال: "هل تعتقد أنك ستستطيع قتلهم بعد أن تقتلني؟"
كلماته كانت كالسم في أذني، لكنني لم أكن أهتم بها. نظرت إلى يده التي أمسكت بالسيف وقلت بصوت يتردد صداه في الأفق: "إن لم أستطع أن أقتلهم، سوف أقيدهم حتى أصبح أقوى وأعود."
حدق في وجهي بذهول، ولم يستوعب ما أقول. ثم تجمدت ملامح وجهه فجأة وكأنما أدرك حقيقة مخيفة. قال بصوت مرتجف: "أنت لا تقصد... هذه أرض الأسياد؟!"
ضحكت بصوت عالٍ، ضحكة تملؤها الشماتة والتحدي، وقلت له: "ألم أخبركم قبل أن أدخلكم أنكم على أرضي؟ وما سوف يحدث لكم هو ما سوف أخطط له."
اخترق سيفي يده، وبدأ يتحرك نحو جسده كسهم موجه بدقة قاتلة. صرخت بصوت يملؤه القوة: "شعلة اللهب... سلسلة الموت!"
بدأت الأرض تحت قدميه تتشقق وتخرج منها سلاسل حديدية تتوهج بالجمر، تنطلق نحوه بسرعة لا تصدق. قامت بتقييده بالكامل، وبدأ جسده يتألم ويشتعل. وضعت يدي على وجهه واقتربت منه، همست بصوت يشبه زئير الوحش: "شعلة الفوضى."
بدأت النيران تخرج من يدي بشكل متفجر، لونها أسود كالحبر، وكأنها تحاول ابتلاع الضوء نفسه. شعرت في عيونه بالخوف، خوف يكاد يكون ملموسًا. قال بغضب شديد، وصوته يرتجف من الرعب: "من المستحيل أن أموت هنا! أنا سيد عشيرة السماء، من المستحيل أن تكون هذه نهايتي، من المستحيل أن أموت بهذا الشكل القبيح!"
نظرت إليه بعينين تشتعلان بالغضب والحنق، وقلت: "على مر السنوات قتلت العديد من الأعداء الذين ظنوا أنهم يملكون الخلود بين أيديهم، وأن لا أحد يقدر عليهم. لكني سحقتهم بيدي، وهذا ما سوف يحدث لك أيضاً. سوف أذبحك هنا بيدي."
أدخلت سيفي في صدره المشتعل، واخترق جسده كالنصل في الزبد. بدأ جسده كله في الاشتعال كأنما أصبح شعلة بحد ذاته. كان مقيدًا بالسلاسل، يتلوى من الألم. ظهرت ديمة بجانبي، قالت بصوت مذعور: "سيدي، يجب أن تنهي هذا بسرعة، جسدك لن يتحمل."
نظرت إليها بنظرة تحمل كل معاني الشراسة والجنون، وابتسمت ابتسامة شريرة: "سيدي، أخبرتك أني أخاف من نظرتك تلك."
"لن أموت."
كان ما زال يصرخ ويقاوم، لكن سيفي كان يخترق كل جزء من جسده، يحوله إلى رماد. كانت لحظات من الرعب والدمار، حيث كان كل شيء يتلاشى تحت قوة غضبي العارم.
**********
منذ أن وجدت في هذا العالم، وكل شيء أريده يأتي إليّ. أنا سيد عشيرة السماء، أنا في أعلى مركز في هذا الكون الشاسع. لا أحد يستطيع أن يعترض على كلماتي. الجميع يرتعد من الخوف عندما يراني، أحصل على أي امرأة أريدها. لا يوجد كوكب لا يخاف من ترديد اسمي أو اسم قبيلتي. لكن لماذا، منذ اللحظة التي رأيت فيها هذا الشخص، وأنا دائمًا خائف ومتردد؟
أنا الشخص الذي يتحكم في العالم بأصبعه، أشعر أني أعزل من كل شيء؛ سلطتي، قوتي، كل شيء يتلاشى أمامه. حتى عندما استخدمت طاقتي المحرمه لم أستطع أن أتصدى له. كان لدي هدف واحد في هذه الحياة: أن أكون الأقوى، أن أتحكم في العالم كله دون أن يعترض طريقي أحد. وكان السبيل لذلك هو أن أصنع طفلاً يستطيع أن يصل إلى أرض الخالدين.
ولكن عندما ظننت أني وصلت لهذا الهدف، صنعت طفلة خائنة. تزوجت من شخص من العالم البدائي. ولكن ها هو، من كنت أستهين بقوته، يضع سيفه بداخلي. جسده يخرج طاقة مقدسة لا يستطيع الشخص الطبيعي أن يخرجها. لقد حاولت طوال حياتي أن أخرج هذا النوع من القوة، ولكني لم أستطع، ولكنه يفعلها بسهولة.
"أنا لن أموت."
همست بهذا لنفسي، محاولًا استدعاء ما تبقى من شجاعتي. ولكنه نظر إلي باستخفاف شديد وقال: "اليوم سوف تواجه موتًا أسوأ من أي موتة رأيتها في حياتك."
شعرت بسيفه الذي في جسدي يسحب طاقة الفساد منه. بدأت أشعر بجسدي يصغر في الحجم، يصبح هزيلاً للغاية. لا أعرف كيف يفعل هذا. كانت السلاسل محاطة بي من كل اتجاه، ولم أستطع منعه من فعل ما يفعل. شعرت أني بلا أي قوة على الإطلاق.
كلما حاولت استجماع قواي، كانت تنسحب مني كما ينسحب الماء من بين الأصابع. كان وجودي كله يتقلص، كل ما بنيته، كل سلطتي، كل هيبتي، يتلاشى أمام عيناي. كان العالم الذي كنت أسيطر عليه ينقلب رأسًا على عقب. لم يعد هناك أي أمل، أي مخرج. كنت أرى نهايتي تتجسد أمامي في شخصه، في نظراته التي كانت تحمل قسوة الكون بأسره
"أرجوك لا تقتلني، سوف أعطيك ما تريد!"
ركعت على الأرض، مربوطًا بالسلاسل، أتوسل له أن يتركني على قيد الحياة. لا يهم كم أتعرض للإذلال الآن، فكل شيء سوف ينتهي إن مت. بكيت مثل الصغار وقلت: "سوف أعطيك المال، سوف أعطيك العشيرة، سوف أعطيك أطفالي، ولكن اتركني على قيد الحياة. أرجوك، لا تقتلني."
نظر إلي ثم اقترب من وجهي، وبصق فيه وقال: "أنت حقًا أسوأ من الحشرات."
وضع قدمه على وجهي. كل ذلك وما زال سيفه مغروسًا في أحشائي. شعرت بالاختناق، وكأن روحي تخرج من جسدي. في تلك اللحظة، رأيت زيد، حفيدي، أمام عيني: "جدي، هل أنت مريض؟! هل تشعر أنك بخير؟ هل تريد دواء؟"
أبعد من هنا أيها الطفل الملعون! كنت دائمًا أعنفه بسبب أنه ابن هذا الرجل. لم أعطه فرصة، ولم أعطِ نفسي فرصة لأصبح شخصًا جيدًا. أعتقد أني أستحق ما أنا فيه الآن، أستحق أن أعذب وأهان بهذا الشكل. لم أعرف يومًا معنى أن أكون إنسانًا، لذلك...
همس الجوكر قائلاً: "لذلك لا تستحق أن تموت إنسانًا."
اختفى سيد عشيرة السماء مثل البخار، وأصبح المكان فارغًا تمامًا. نظر الجوكر حوله، فرأى أرض الأسياد، صحراء خاوية وآثارًا مدمرة. نظر إلى المكان بعيون الطفل الذي يتذكر هذا المكان في الماضي، كيف كان النشاط والناس والضحكات تملأ هذا المكان، ولكن الآن، كان مملوءًا بالفراغ والموت.
نظر الجوكر إلى دراكولا وهمس: "دعينا نكمل، لقد حان الوقت."
ركعت دراكولا وقالت: "أوامرك، سيدي."
قال الجوكر: "هل فعلت مع ياما ما قتلتُه لكم؟"
أومأت دراكولا بحزن وقالت: "هل أنت متأكد يا سيدي؟"
"يجب أن أصل إلى هدفي مهما كانت الوسيلة"، قال الجوكر ذلك وتحرك باتجاه معين، وهو يهمس: "انتظرني، يا ملك الملوك."
كانت خطواته واثقة، تحمل في طياتها مزيجًا من الحزن والإصرار. كانت الرياح تعصف حولهما، تحمل ذكريات الأيام الخوالي، وتعصف بالأشباح التي ما زالت تهمس في الآذان بقصص المجد والهزيمة. الجوكر لم يكن ينظر للخلف، فقد كان يعلم أن الطريق الذي اختاره لا يسمح بالعودة.
مع كل خطوة كان يقترب من مصيره، يحمل على عاتقه ثقل العالم الذي تركه خلفه. كانت الأرض تهتز تحت قدميه، وكأنها تعترف بسلطته الجديدة. دراكولا تبعته بصمت، تدرك أن اللحظة الحاسمة قد حانت، وأن كل ما مضى كان مجرد مقدمة لما هو آتٍ.