سفن دولة غاش، تحمل شعار الأسد ذي الشعلتين، كانت عملاقة ومهيبة، تعود بفنونها الحربية إلى عصور وسطى غابرة. أكثر من خمسين سفينة منها احتشدت في بحر ميناء كيتنام، تحمل على متنها عشرة آلاف مقاتل شرس. كل سفينة صُممت لتُظهر القوة الغاشمة لدولة غاش، تلك الدولة التي لا تعرف الرحمة ولا تتوانى عن سحق دولة كمب كلما أتيحت لها الفرصة.
بدأ الهجوم مع فجر اليوم بكمين مُحكم تعرض له الجنرال الأكبر لأقاليم كيتنام. كاد الكمين أن يودي بحياته، لكنه نجح في إبعاده عن ساحة المعركة، وهذا كان كل ما أرادوه. في تلك اللحظة المشؤومة، ظهرت سفن غاش على سواحل ميناء كيتنام. لم يتمكن جيش كيتنام، المكون من خمسة آلاف مقاتل، من الرد بسرعة كافية لصد هذا الهجوم المفاجئ ومنع جنود غاش من النزول إلى أراضيهم. خسروا ميزة كبيرة بسبب تشتتهم بقضية الجنرال، وكان كل هذا من تدبير شخص واحد فقط: الجنرال أريوس ثاسيوس.
كان ثاسيوس جالسًا في إحدى السفن، محاطًا بقادة جنوده. سأل أحد أتباعه: "هل لدى جنود الاستطلاع أي أخبار عن موعد وصول الدعم لجيش كمب؟"
أجاب الرجل: "نعم يا سيدي، بعد يوم سيصل عشرة آلاف جندي."
ظهرت نظرة غضب على وجه ثاسيوس، وقال بصوت حازم: "إذاً، يجب أن ننهي ميناء كيتنام اليوم ونسيطر على القلعة التي في الخلف بأسرع وقت. يجب أن نسيطر على النقاط الحيوية في أسرع وقت ممكن."
كان ثاسيوس يصدر الأوامر لقادته من مكانه، ولكن في تلك اللحظة، دخل جندي مسرعًا وركع أمامه، قائلًا: "سيدي، الجزء الجنوبي يتعرض لضغط شديد!"
نظر ثاسيوس إلى الخريطة أمامه وقال: "هذا الجزء الخاص بالمشاه، لا تهتموا بأمرهم. ركزوا على القوة الأساسية في المنتصف."
كان ميناء كيتنام في خضم معركة ضارية. في الجزء الشمالي والجنوبي، كان هناك ألف مقاتل من كيتنام مقابل ألفين من غاش. لم يكن ثاسيوس قلقًا على الإطلاق بشأن هذين الجزئين، لكن الأهم الآن كان المنتصف، حيث يتمركز مركز الجيشين. كان جيشه يضغط عليهم بقوة، وفي رقعة الحرب، يجب التركيز على الأولويات. هذا ما فعله ثاسيوس، لكنه لم يكن يعلم أن هذا القرار سيكلفه الكثير.
في الجزء الجنوبي، كانت تتمركز وحدة راموس المكونة من مائة جندي. بين هؤلاء الجنود، كان هناك جندي يتصرف بعدوانية شديدة، حتى حلفاؤه لم يفهموا ما يحدث. كان مثل إعصار من الدماء والغضب، يتحرك دون اكتراث لأي شيء. كان سيفه كأنه حاصد الموت. "هل هذا حقًا هو نفس الفتى الضعيف الذي بلل سرواله في المعركة السابقة؟" كان كل من في وحدة راموس يسأل نفس السؤال، ولم يكن هناك أحد يجرؤ على الإجابة. لا توجد إجابة منطقية تتناسب مع هذا السؤال، فكل شيء حول هذا الفتى قد تغير.
كان الجوكر يتحرك بسرعة مذهلة، دون أن يهتم حتى لو تعرض لإصابات طفيفة. نظرًا لأن عدد جنود الأعداء أكبر بكثير من عددهم، فإن سرعته وحدها لن تمنعه من تلقي بعض الضربات. لكن خبرته الواسعة في المعارك على مدار ثلاث حيوات مختلفة جعلته قادرًا على هز مجرى هذه المعركة في الجزء الجنوبي، حتى بدون استخدام ذرة من الطاقة.
صرخ أحد جنود الوحدة: "لقد عرفت ماذا حدث للفتى! لقد تلبسه سيد الحرب دايروس!"
نظر الجميع إلى الجوكر، الذي لم يتوقف عن القتل للحظة واحدة. كان سيفه يخترق أحشاء جنود الأعداء بلا رحمة، وفي بعض الأحيان كان يضع أصابعه في أعينهم. "اللعنة، لماذا الجميع ضعيف بهذا الشكل؟" تمتم في نفسه.
بالرغم من أن الجوكر كان جديدًا على هذا الجسد، إلا أن خبراته المتراكمة من الانتقال بين الأجسام جعلته يخفي هذا العيب. كان يتراقص بالجسد الجديد كما لو كان ملكًا له منذ البداية، ويستخدم السيف دون توقف. كان سريعًا لدرجة أنه لا يوجد جندي واحد ممن مات استطاع أن يتصدى لهجومه.
"أيها الملاعين، لماذا لا تقتربون؟ هل أنتم جبناء مثل أبناء العاهرات؟" قالها بغضب شديد وهو ينظر حوله.
في تلك اللحظة، نظر أحد قادة الأعداء نحوه وقال: "قموا بعمل تشكيلة الترس!"
بدأت مجموعة من عشرة جنود من غاش في تشكيل دائرة حول بعضهم البعض، ووضعوا دروعهم بشكل دائري، وبدأوا في إخراج سيوفهم من الدروع. نظر الجوكر إليهم، ثم أدرك ما يخططون له. لن يستطيع مهاجمتهم بهذا الشكل، وهو لا يملك قوة جسده تمكنه من تدمير تلك الدروع. سرعته لن تكون ذات فائدة كبيرة في هذه الحالة. حلل كل ذلك بسرعة كبيرة، ثم نظر إليهم مرة أخرى وابتسم بخفة.
"أولاف، هل سوف تشاهدني إلى الأبد؟"
كان الجوكر يتحدث إلى شخص واقف بجانبه، ذو جسد كبير ويرتدي على رقبته جلد أسد. كان يحمل فأسًا كبيرة في يده، وكان قائدًا لثلاثين رجلًا.
نظر أولاف إلى الجوكر وقال كالأحمق: "هل تتحدث معي أنا؟"
نظر الجوكر إليه في عينيه وقال: "نعم."
في تلك اللحظة، شعر أولاف بشيء غريب. رجل عاش في الغاب لسنوات طويلة، لم يكن ذكيًا مثل بقية الجنود، لكن كان لديه غريزة قوية للغاية. لذلك، من نظرة واحدة في عيون الجوكر، شعر بتهديد لم يشعر به من قبل، حتى عندما كان يقاتل الأسد الذي يرتدي جلده الآن. نظر إلى رجاله وقال: "هجوووووم!"
انطلق أولاف مع رجاله وهو ينظر إلى الجوكر بدهشة شديدة. "هذا الفتى بالتأكيد ليس نفس الشخص. هل فعلاً سيطر عليه روح السيد الحرب داريوس؟!" فكر في ذلك وهو ينطلق إلى الدروع التي أمامه بكامل قوته، وضربهم بفأسه.
نظر الجوكر إلى المعركة، فوجد القائد الذي أمر الجنود بتكوين هذه التشكيلة. كان سوف ينطلق نحوه، ولكن في تلك اللحظة، أتت يد من الخلف وأمسكته بقوة.
"لا تتحرك إن كنت لا ترغب في الموت."