رواية

ريونيد VRMMORPG

تأليف : د. أحمد خشبة

رواية أونلاين تصدر يوميا بمعدل فصلين

لمزيد من الفصول :

www.facebook.com/rioneed

الفصل السادس و الستين

فأثناء وجودها في ذلك المكان الدامي كان أحد من يقومون بإستجوابها ثم الإشراف على تعذيبها شخص يُدعى جيم . لم تعرف هل هذه مصادفة أم بالفعل هو نفس الشخص . لو كان أمامها الآن لما ترددت عن قتله مرات و مرات , لكنها تعرف أن هذا الشخص بعيد تماما عنها . أخذت نفسها عميقا حاولت به تهدئة نفسها مذكرة إياها بأنها الآن في مأمن منهم و لن يقدروا على مس شعرة منها . جعلها هذا تمتلك قدرا من الشجاعة لتقوم بقبول طلب التواصل لتجد صورة الشخص أمامها . كان مقاتل بالرمح لكن هذا لم يكن يهم , ما كان يهم هو ملامحه التي جعلتها تحدق متسمرة نحوه . لقد كان هو بالفعل , إنه جيم نفسه الذي تلذذ كثيرا بصراخها و آلامها .جزت على أسنانها و مشاعر عنيفة تجتاحها من خوف و قلق و غضب و حيرة . سبب حيرتها كان المقصد من محادثته لها . اكتست ملامحها بالجدية و هو تقول و كل كلمة تخرج بعنف منها رغم محاولاتها للتحكم بأعصابها :

-ماذا تريد ؟

-هل هذا هو لقائك مع صديق قديم لكِ ؟ على ما يبدو أنكِ تشعرين أن إبرو قادر بالفعل على حمايتكِ منا .

-صديق قديم ؟ أنت لست بصديق بل أنت عدو . عدو لعين إن استطعت يوما أن ألقاك في اللعبة أو في الواقع فلن أتردد في قتلك .

لم يبدُ أي تغير على ملامح جيم بل بدا لها أنه يستمتع بما تقوله كما لو كانت طفلة تهدد شخصا كبيرا . أشعرها ذلك بمزيد من الحنقة و بدأ يتملكها شعور بالخوف و الذعر سرعان ما تجاوزته من جديد بنجاح ليتحول لشعور من الرغبة في الإنتقام .

-عدو أم صديق لا يهم , فرأيك لا يهمني ولا يهم من خلفي . الآن دعيني أجعلكِ تستيقظي من أحلامك الطفولية . سأرسل لكِ صورة الآن ستجعلك تستيقظين .

وجدت رسالة قادمة منه بداخلها ملف قامت بفتحه لتجد صورة فتاة في بدايات الثلاثينيات و ملامحها مرهقة للغاية . ما جذب إنتباهها أن تلك الفتاة كانت مقيدة على مقعد و فمها مكمم بشريط لاصق . ظلت تحدق نحو صورة تلك الفتاة بذهول تام , لم يمنحها جيم فرصة لإلتقاط أنفاسها قبل أن يقول :

-لا حاجة لي بتعريفك بهويتها , فمن في الدنيا لا يعرف أخته الكبرى ؟

جاء صوت آية مرتعشا و كل ذرة من جسدها ترتجف من فرط الغضب قائلة :

-كيف ؟ إن ليلى في ألمانيا تعمل في مركز للبحوث بشأن طاقة الكم . هذا مستحيل !!!

-لا شيء مستحيل علينا . أتظنين أننا لا نعلم عنكِ كل شيء ؟ لقد قمتِ بعمل رائع بإخفاء هويتها عنا لكن حين صرتِ مهمة للغاية لنا قمنا بالبحث عن كثب حتى استطعنا إيجادها . مجرد رسالة بسيطة لأصدقائنا في ألمانيا بعدها قاموا بالقبض عليها و إرسال تلك الصورة لنا .

أطالت آية التحديق نحو أختها المقيدة و ملامح وجهها المرهقة كانت كما اعتادتها دوما . فليلى كانت ممسوسة بالعلم و تكاد تنسى نفسها و لا تأكل ولا تشرب ولا تنام في سبيل البحث خلف الأسرار العلمية . وسط كل ما مرت به سقط عن بالها إمكانية تهديدها بواسطة أختها , فهي لم تخبر أحدا عن هويتها قط . رغم أنها ليست أختها سوى من الأم إلا أنها كانت ما تبقى لها من ذكرى عن والديها في هذا العالم . مر وقت طويل لم تتحدث معها و إن كانت كثيرا ما كانت تفكر فيها . هل تسببت في أذى مدمر لأختها ؟ لماذا يقوم هذا اللعين بعرض تلك الصورة لها ؟ بدأت تتمالك نفسها رويدا رويدا و شعورها بالغضب بدأ يخالطه شعور بالتفكير مشوبا برغبة قاهرة في الإنتقام . نظرت لجيم في ثبات و عقلها بدأ يعمل في سرعة . إنه يعرض عليها صورتها لأنه لا يرغب في تهديدها بل يرغب في إبتزازها . تذكرت إبرو و ما قام به لتوه . هل يريد جيم عرقلة إبرو ؟ أم يريدها أن تعمل كعميلة مزدوجة ؟ هل يريدون منها تسليم إبرو ؟ هذا الشاب قام بالمخاطرة بكل شيء من أجلها , و لو سنحت لها فرصة فلن تتوانى عن التضحية بحياتها من أجله . لكن ماذا عن أختها ؟ هي بريئة من كل هذه المؤامرات و الدسائس التي تحيط بها , فهل تتخلى عنها ؟ مستحيل !! حينما حزمت أمرها شعرت براحة غريبة في داخلها كما لو كان هذا القرار يتماشى كثيرا مع نفسها . نظرت نحو الصورة من جديد . إن المعلومة المفيدة الوحيدة التي خرجت بها من هذا الملعون أمامها هو أن ليلى ليست بحوذته . كانت تلك المعلومة البسيطة تغير من كل شيء , فهو لا يمسك بالأنشوطة الملتفة حول رقبتها بيده , بل بيد الألمان . هو فقط يحاول الإستفادة من تلك الحادثة قدر الإمكان مستغلا حالتها النفسية الحالية . شعرت بالراحة أكثر و ثقتها في مقدرتها على تخطي هذه العقبة بدأت تتوغل داخلها . لم تفكر ولو للحظة في طلب المعونة من إبرو , فهو قد فعل الكثير بالفعل . عليها أن تتولى حل هذه المعضلة بنفسها , فهي آية درويش , الفتاة التي عاشت ضد كل الظروف الصعبة و الكوارث لتظل حية حتى الآن . إنها قوية و ليست ضعيفة ! لم يشعر جيم الذي يحدق نحوها مستمتعا بتغير تفكيرها فملامحها كانت صلبة لا تشي بشيء . كان يعتقد أنه قد امتلكها أخيرا و أنها ستصبح بيدقا يحركه كما يشاء لذا قال في تلذذ و ثقة :

-لا حاجة لي لقول أنكِ إن لم تنفذي ما أريده منكِ فسيكون مصير أختكِ كمصيرك حين كنتي في قبضتنا .

لمعت عينا آية كما لو كانت تشتعل بنيران الغضب الحارقة . لو كانت النظرات تقتل لقتلته . لم يهتم جيم بنظرتها حيث تابع قائلا :

-لن نطلب منكِ الكثير . هناك معلومات بحوذة هذا الشاب الغريب إبرو . نحن لا نعرف بعد كيف استطاع معرفة كل هذه المعلومات عن اللعبة , فنحن نتفاجيء كثيرا بكل ما يقوم به . نحن نريدك منذ الآن أن تقومي بنقل كل المعلومات التي سنطلبها منكِ . لا يهمنا طريقتكِ في الحصول عليها , لكن أنتِ جميلة و هو يبدو أنه يحبكِ لذا استغلي هذه النقطة جيدا .

رغم شعورها بالإهانة لتنضم إلى قائمة الأذى الطويلة التي قاموا بها ضدها قالت في هدوء يسبق العاصفة :

-ماذا تريد أن تعرف بالضبط ؟

-صديقكِ الحبيب إبرو قام بإعلان أنه سيقوم بعمل مزاد علني لبيع أحجار تأسيس التحالفات في غضون أسبوع . هذا يعني أنه يمتلك وسيلة للحصول على عدد كبير من تلك الأحجار . اللعبة نمطها ثابت في كل النطاقات لذا فطريقته تلك توجد في كل نطاق آخر .

تدخلت آية مقاطعة إياه ببرود :

-إن كان قد استطاع معرفة تلك الطريقة فما يمنعكم من معرفتها ؟

نظر لها جيم بحدة لكنه لم يعلق على كلماتها بل تابع حديثه كما لو لم تتحدث من الأساس :

-بعدما بحثنا خلف هذه الطريقة استنتجنا أنها بحاجة لفريق و لا يمكن لفرد واحد أن يقوم بها . نما إلى علمنا أنه قد أرسل رسائل لكِ و لعدد آخر من اللاعبين لجعلكم تصلون للمستوى العاشر في أسرع وقت ممكن . هذا بالتأكيد له علاقة بطريقة الحصول على الأحجار . حينما تقومين بمساعدته ستعرفين كذلك الطريقة و من ثم يمكنكِ إخبارنا بها و حينها سنحسن معاملة أختكِ جيدا .

معلومة جديدة اكتسبتها من فم هذا الكريه . إنهم يعرفون بإرسال إبرو رسالة لها و لبقية أعضاء الفريق . تذكرت أن إبرو قد أخبرها بوجود عدد آخر من اللاعبين الذين يتبعونه . تذكرت كذلك وجود شابين قد ظهرا في اللقاء المتعلق بستوديوهات الألعاب في القاهرة . لم تكن تعرف أن إبرو قد أرسل رسائل لأعضاء الفريق , فكيف عرف جيم تلك المعلومة ؟ هناك خائن إذن !! بعدما شعرت بالغضب من وجود خائن بين من انتقاهم إبرو ليكونوا من المقربين له تذكرت شيئا آخر . نظرت لصورة أختها المكبلة أمامها لتشعر أن لكل شخص نقطة ضعف . إبرو لن يختار أعضاء فريقه دون تروي , فهذا الفتى لا يقدم على خطوة بدون تفكير عميق و أسباب كثيرة . ما حدث إذن أن جيم و من ورائه قاموا بإبتزاز بقية أعضاء فريق إبرو . كم واحد إذن سقط في شبكتهم ؟ وهل بالفعل هم مجبرون على ذلك أم لا يكترثون بفداحة ما يقومون به . تذكرت أن جيم أخبرها أن إبرو قد أرسل رسائل لأعضاء فريقه , فهذا يعني أنهم قد حاصروا على الأقل فردين إن لم يكن ثلاثة ليقدروا على استنتاج تلك المعلومة . أما عنها فهي أكثر الناس قربا لإبرو و قد اختفت برفقته و بالتالي فلو أرسل إبرو رسائل للجميع فمؤكد أنها من ضمنهم . أما اختيارهم لها و محاولتهم نصب شباكهم حولها دون غيرها فذلك يرجع لمكانتها لدى إبرو , فعلى ما يبدو أنهم توصلوا إلى استنتاج مخيف : إنها كعب أخيل بالنسبة له ! لم تكن مندهشة من وصولهم لهذا الإستنتاج , فما قام به إبرو من مجازفات لإنقاذها لم يكن سرا . جعلها ذلك تدرك مدى أهميتها , مدى أهمية أن تكون قوية ! فإن ظلت ضعيفة فسيصبح إبرو ضعيفا و معرضا للخطر . عليها أن تقوم دوما بإكمال نواقصه و ما يقع منه سهوا , عليها أن تسد ثغراته و هي أكبر ثغرة لديه . حزمت أمرها , فهذه المرة لن تكتفي فقط بإنقاذ ليلى , بل ستقوم بالبحث وراء كل من استطاع جيم و أمثاله الإيقاع بهم و ستحاول بكل جهد حثيث أن تنقذهم . قررت أن تفعل ذلك دون أن تخبر إبرو , فيكفيه ما يقوم به و ما يتحمله من مسئوليات . عليها أن تتولى هذه المهمة بنفسها و لن تكون آخر المهام التي ستنفذها بمفردها بعيدا عنه . نظرت لجيم نظرة عدم إكتراث قائلة :

-امنحنى إذن وقتا حتى أرتقي في المستوى ثم أتحرك لمقابلة إبرو و حينما أعرف شيء سأبلغك .

-أنا في إنتظارك .

أغلق جيم المحادثة من طرفه لتفكر آية من جديد في هذه المقابلة بهدوء . تذكرت كل كلمة قالها جيم و بدأت في تحليلها لتصل إلى استنتاج واحد , إنهم قادرون بالفعل على معرفة طريقة حصول إبرو على الأحجار فهي ليست الوحيدة التي وجدوا نقطة ضعفها . إذن تلك المهمة مجرد إختبار من قبلهم . تذكرت عشقهم البالغ للإختبارات , فهم يشكون طيلة الوقت في كل من يعمل تحتهم . هذه المرة كانت مجرد تقييم لمدى تعاونها معهم , و هذا ما يجعل قبولها أو رفضها التعاون معهم لا يغير من الوضع شيئا . جعلها ذاك تدرك مدى خطورة الوضع الذي فيه إبرو الآن . نظرت لمستواها لتجد أنها بحاجة ليوم على الأكثر حتى تصل لإهناسيا . ماذا عن بقية أعضاء الفريق ؟ مؤكد أنهم لا يقلون عنها في المستوى كثيرا , لذا ففي غضون يوم ليومين في اللعبة سيجتمع الفريق كافة في إهناسيا و يبدأ إبرو حينها بكشف أوراقه لأعدائه دون وعي منه . بحساب فارق الوقت بين الواقع و اللعبة فهذا يعني أن أمامها عشر ساعات على الأكثر . ماذا يمكنها أن تقوم بفعله في هذا الوقت المحدود ؟

2020/02/11 · 524 مشاهدة · 1729 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024