تم اصدار الكتاب الالكتروني الاول للسلسلة على موقع Smashwords و قريبا على كيندل

لتحميل الكتاب الأول :

https://www.smashwords.com/books/view/1004863

برجاء دعمكم للرواية لو عجبتكم و لو بتعليق على الصفحة

وشكرا

د.أحمد خشبة مؤلف الرواية

ما إن خرج من اللعبة حتى وجد آية تجلس على مقعد خشبي مريح قد حركته ليصبح أحد أركان الشرفة بالجناح . نظر إبرو لظهرها المواجه له و هو يشعر بالألم . وسط كل الأمور الملقاة على عاتقه قد غفلها و نساها . لم يكن بمقدوره تجنب كل المسئولية التي عليه لكن على أقل تقدير كان يجب أن يكون إلى جوارها في هذا الوقت الحساس . شعر بالذنب من جديد . كان عليه التواجد معها هنا لا في اللعبة , فمهما كان فاللعبة ليست مكانا يسمح له بالتواجد إلى جوارها منعزلا عن كل شيء , فعلى ما يبدو أن الواقع قد تحول لملاذ آمن للهرب من كل ذكرى و ألم . تحرك في بطء محدثا أقل صوت ممكن حتى لا يزعجها لكن على ما يبدو أن محاولته قد باءت بالفشل حيث انتبهت لوجوده لتلتفت محدقة نحوه . رأى آثار دموع باقية على وجنتيها لتمسحها في سرعة و هي تقول محاولة تشتيت إنتباهه عن دموعها :

-هل انتهيت من تجميع أحجار زيم ؟

اتجه نحوها و جذب في طريقه مقعدا أصغر من مقعدها ليجلس إلى جوارها ثم قال محدقا في عينيها :

-كيف حالكِ ؟

ابتسمت في هدوء و هي تقول له :

-اطمأن أنا بخير .

قام بلمس وجنتيها بأنامله ليسير بها على طريق معبد بأشواك دموعها ليشعر بألمها الهائل يجتاحه . لملم آثار الألم خلف أنامله و هو يقول :

-يبدو لي أنكِ لست على ما يرام .

لم تتغير إبتسامتها و هي تجبه قائلة :

-لا تقلق . رغم كل شيء أنا الآن بأمان و هذا ما يكفي .

-هل الأمان يكفيكِ ؟

-بلى , فهذا شيء كنت أفتقده للغاية .

صمت إبرو قليلا محاولا منع نفسه من الخوض في تفاصيل ما مرت به من قبل . كان يريد إحتضانها و إخفائها داخله , فهذا هو تعريف الأمان بالنسبة له . لكنه مهما كان يعرفها و يحبها فهي لا تعرفه ولا تحبه . عليه أن يكون صبورا و ألا يفرض نفسه و لا يتدخل في خصوصياتها . لو أرادت الحديث معه لتحدثت . مادامت لا تريد فلا يجب ألا يفرض ذلك عليها . كان يريد أن يعرف ما الذي حدث لها حتى تلجأ إلى مئتي و خمسة ولا تطلب منه المساعدة . مؤكد أنها تعرض لتهديد جديد . تذكر أنه لا يعرف عن حياتها الشخصية أي معلومة قط . كل المعلومات التي يعرفها مجرد معلومات عامة . لذا قرر أولا أن يستكشفها و أن تستكشفه بعدها تمنى أن تسير الأمور في الطريق الذي يحلم به . لذا قال مغيرا الموضوع :

-أتعرفين أنني لم أسألكِ عن حياتكِ ولا عن عائلتكِ ؟ الحقيقة أريد معرفتك بشكل أفضل .

نظرت آية إليه في تركيز و هي تعرف أنه قد تجنب إثارة الحديث عن أزماتها . شعرت بالإمتنان له , فهي ليست قادرة بعد على الحديث عن تلك الأزمة دون أن تفقد أعصابها و تبكي . هي لا تخشى البكاء أمامه لكن تخشى من تأثير بكائها عليه . يكفي ما قام به من مجازفات من أجلها . لقد عرفت كل التفاصيل التي قام بها إبرو من أجلها . لم يكشف نفسه فحسب بل قام بتقديم عروض للصينيين حتى يقوم بمنح مئتي و خمسة و من خلفه من جهاز إستخباراتي ثمنا مناسبا لإنقاذها . لم تكن تعلم أنها باهظة الثمن , أو على الأقل هذا هو الحال بالنسبة له . لم تكن بحاجة للتفكير في دوافع سؤاله , فما فهمته من حديثه مع مئتي و خمسة أنه قد فطن إلى وقوعها في مشكلة . بالتأكيد قد استنتج أن تلك المشكلة مماثلة لمشكلة البقية لذا هو يريد معرفة كل شيء عنها . نظرت في عينيه بصمت و هي تسأل نفسها سؤالا مهما : لماذا يقوم شخص مثله بكل هذه التضحيات و تعريض نفسه للخطر في سبيل شخص لا يعرف عنه حتى معلوماته الأساسية كأفراد عائلته و نشأته ؟ ما السر الذي يخفيه إبرو عنها و عن العالم كله ؟ رغم جهلها للإجابة إلا أنها شعرت بالإمتنان , فلولا هذا السر لما عرفته , ولولا هذا السر لما شعرت بكل هذا الدفء و الراحة و الطمأنينة و الأمان طالما هي إلى جواره . رغم كرهها المقيت للعبة ريونيد و ما تسببت به من مآسي لها لكنها كانت تشعر كذلك بالعرفان . تضاد داخلها لم يكن الوحيد بل كان هناك تضاد علاقتها به . هل تصارحه بما تشعر به نحوه ؟ هل يشعر هو أيضا بمثل ذلك الشعور نحوها ؟ هي لا تعرف عنه أي شيء و لا حتى الدافع الذي جعله يقوم بإنقاذها . فماذا لو كان سببا آخر خلاف حبه لها ؟ خافت كثيرا من وجود أي فرضية أخرى خلاف ما تشعر به نحوه . لذا نشأ هذا التضاد داخلها , فلو كان يحبها فعليها أن تقترب منه أكثر , و إن لم يكن يحبها عليها أن تبتعد عنه أكثر . حيرتها كانت داخل أسوار نفسها و لم تسمح لتعابير وجهها أن تنقل له شيئا منها , يكفي أنه رآها تبكي ! تغاضت عن كل تلك الأفكار المضطربة و قالت ببطء مجيبة إياه :

-أعتقد أنك تعرف عني كل شيء !

-للأسف لا أعرف سوى أنكِ آية درويش مصرية أمريكية . أما غير ذلك فلا أعرف عنه شيئا .

صمتت قليلا و قالت بتردد :

-غريب أن تقوم ببذل كل ما في استطاعتك لمساعدة شخص مثلي لا تعرفه .

أدرك إبرو على الفور مدى الإضطراب العنيف داخلها من أفكار و تصورات بشأن ما فعله معها . تردد هو أيضا , فهل يخبرها بكل شيء أم يؤجل ذلك للمأنوبيسقبل ؟ نظر لعينيها و قال بعدما حزم أمره :

-لو أخبرتكِ بالحقيقة فلن تصدقيها قط .

ضحكت و هي تقول :

-لماذا ؟ هل أنت قاتل متسلسل ؟ أم من المجانين ؟

اكتفى بالصمت محدقا نحوها . شعرت أنه بالفعل يشعر بالتردد إزاء إخبارها بسره . رغم رغبتها الجامحة في معرفة هذا السر الخطير لكنها قالت :

-لا تخبرني إذن , لكن إن جاء وقت و شعرت فيه بالثقة نحوي فأخبرني .

ابتسم إبرو حين سمع كلماتها ثم قال :

-لو كان هذا شرطك فيمكنني إخبارك الآن بكل شيء .

فاجأها رده المباشر و الذي بدا أنه لم يفكر فيه لتطفو لمحة من الخجل على وجهها . شعرت بدقات قلبها تزيد بشكل ملحوظ فنظرت بعيدا عن عينيه و هي تقول في سرعة :

-لا , لا تخبرني الآن . أخبرني في وقت لاحق و لكن ليس الآن .

صمت إبرو مدركا أنه ربما تسرع في رده , فعلى ما يبدو أنها لا ترغب في التمادي في أي علاقة في الوقت الحالي . فكر قليلا ليجد أن معها كل الحق في ذلك , فهي شخص قد خرج من خضم أزمة مؤلمة و لازالت لا تدري كيف سيكون شكل مستقبلها . أدرك أنه قد تسرع بالفعل لذا هدأ روعه كثيرا قبل أن يقول :

-إذن أخبريني أنتِ عن نفسكِ .

-سأخبرك و تخبرني , ما رأيك ؟

-لا مشكلة لدي .

-إذن لتبدأ انت .

-لماذا ؟ ألم أطلب منكِ أولا ؟

-بلى لكن أنا أريدك أن تخبرني أنت أولا .

ابتسم إبرو قبل أن يقول :

-سأخبركِ و تخبرينني لكن علينا الآن التحرك صوب مقر المزاد و لنتحدث في الطريق .

-هل ستذهب فعلا إلى المزاد ؟

ابتسم إبرو شاعرا بمدى قلقها عليه قبل أن يقول لها :

-بالطبع , فهذا حدث لا يمكنني تفويته .

-لكني أخشى أن يكونوا بإنتظارك هناك .

كان يعرف جيدا من تشير إليهم بحديثها لكنه قال :

-لا تقلقي , فلو حاولوا فعل شيء فلن يقدروا , لأننا لن نكون في نفس المبنى الخاص بالمزاد نفسه .

نظرت نحوه في شك قائلة :

-ماذا تعني ؟

-ستفهمين كل شيء حين نصل إلى هنا . هيا فالوقت ضيق .

نظرت نحوه بغرابة قبل ان تقوم من مكانها لتسير خلفه صوب الجناح . قام إبرو بعدها بطلب إستقبال الفندق ليطلب منهم تحضير سيارته الضخمة لتكون جاهزة أمام بوابة الفندق . بعدها قام بفك كبسولته و كبسولة آية في سرعة أدهشتها . هي لم تكن حاضرة حين أحضر كبسولتها إلى هنا لذا ما فعله أمامها كان شيئا ساحرا و مميزا للغاية . بعد ذلك طلب من الفندق أن ترسل مجموعة من العمال لنقل أجزاء الكبسولتين إلى العربة الضخمة . أثناء ذلك أرسل رسالة مقتضبة إلى هاتف مئتي و خمسة يخبره فيها بما ينتوي فعله . جائته رسالة في غضون لحظات من قبل هاتف مئتي و خمسة تحمل كلمة واحدة : " تم " . كان مسرورا للغاية من فاعلية مئتي و خمسة في تأديته للمهام المنوط بها في الواقع . وجود شخص مثله يكمله للغاية و يجعله يلعب في اللعبة بإطمئنان بالغ . تحرك بعدما انتهى العمال من نقل كل شيء إلى أسفل الفندق ليجد السيارة الضخمة في إنتظاره أمام بوابة الفندق مباشرة . اندهشت آية لوجود سيارة عملاقة مثلها لدى إبرو لذا نظرت نحوه متسائلة فقال بصورة مقتضبة :

-هذه السيارة لعبت دورا كبيرا في مرحلة ما قبل بداية اللعبة .

شعرت بعدم رغبته في الحديث خاصة أنهم كانوا محط أنظار الجميع في الفندق . تحركت في سرعة متبعة خطاه داخل السيارة لتتفاجيء بمدى رحابتها . بدت لها كأنها حجرة استوديو و ليست سيارة ! انشغل إبرو قليلا بإدخال إحداثيات خاصة أرسلها له مئتي و خمسة بعدها فعل خاصية السائق الآلي ثم صعد بصحبة آية صوب الطابق الثاني و السيارة بدأت عملها التلقائي في التحرك صوب هدفها . ما إن جلسا حتى قال في هدوء :

-سأبدأ بنفسي , اسمي إبراهيم و عمري 18 عام . لم أعش في مكان غير مصر . أبواي قد ماتا في حادث و أنا في الثامنة من عمري . بعدها عشت بعض الوقت مع خالي و بعدما أصبحت في السادسة عشر قمت باستلام ميراثي و عشت بمفردي . رغم أنني عشت في القاهرة الحديثة مع والداي حتى صرت في الثامنة إلا أنني عشت في الأسكندرية مع خالي . أحببت الأسكندرية عن القاهرة لذا ظللت في الإسكندرية بعد استلامي لميراثي . لا يوجد لي أي أصدقاء و لا يوجد أي شخص في حياتي . أما عن دراستي فقد تخليت عنها منذ شهر تقريبا . الآن أنا أعتبر نفسي لاعبا محترفا في لعبة ريونيد . لا يوجد لي أي أخوة . أما عن أقاربي فلا يوجد بيني وبينهم أي صلات تواصل إلا نادرا . هذا كل شيء عني . ماذا عنكِ ؟

2020/02/17 · 469 مشاهدة · 1646 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024