تم اصدار الكتاب الالكتروني الاول للسلسلة على موقع Smashwords و قريبا على كيندل

لتحميل الكتاب الأول :

https://www.smashwords.com/books/view/1004863

برجاء دعمكم للرواية لو عجبتكم و لو بتعليق على الصفحة

وشكرا

د.أحمد خشبة مؤلف الرواية

-أنا أداة القدر . أنا المستقبل و الماضي و لم أكن قط حاضرا . كنت ممزقة بين هوياتي القاتلة , الآن أعتبر الأرض كلها موطني و هويتي , فأنا بلا هوية . معاركي لم أخضها في بداية اللعبة .. معاركي بدأت من داخلي , ولم أنتصر على أي معركة بداخلي . لذلك رحت أبحث عن معارك بخارجي لكي أحقق أي إنتصار . لم أكن أجد نفسي في الحياة من حولي , وجدت نفسي في الألعاب التي كانت تعطيني إحتمالات لا نهائية لكل ردة فعل من أفعالي . أدرك عقلي أنني لا أجيد الحياة سوى بوسائل محدودة , أو بمعنى أدق بوسيلة واحدة أن أحيى حياة أخرى في عالم آخر حتى لو كان إفتراضيا . الجيد في المعارك أنني بت أعرف أنه لا شيء أسوأ سيحدث , كل الأشياء السيئة قد حدثت بالفعل . لا أتوقع أن يكون هناك أسوأ من هذا . لكنني كنت مخطئة , فلعبتي الأخيرة جعلتني أدرك المعنى الحقيقي لكلمة سيء . لولاك لكنت في مستقبل مظلم لا أعرف مخرجا منه قط . توفت أمي لأجد نفسي وحيدة , فأبي قد تركني كما ترك من قبل أمي . حينها شعرت أنني قد مررت بأسوأ تجربة في حياتي . لكن حين اختفت أختي الكبرى و صرت بالفعل وحيدة في عالم غريب شعرت أنه لا يوجد أسوأ من ذلك . حتى حين نجحت في الألعاب و شعرت ببصيص أمل لمأنوبيسقبل جيد لطمني الواقع لأجد نفسي أسيرة حبيسة مرغمة لا مخيرة لأخسر بذلك كل شيء في حياتي . لا يوجد أسوأ من ذلك , لا يوجد من حظه أعثر مني . لكني الآن أعرف أنني كنت مخطئة , فلولا هذا الحظ السيء لما وجدتك , و لما شعرت بمدى تأثير دفئك على عالمي البارد . أنت الآن هو حظي الجيد و مستقبلي القوي و حاضري الآمن . أنا بذرة في جزيرة ارتوت من ماء مالح فكلحت و لولا مطر سحابتك العذب الذي سقاني فأنبتني و جعلني شجرة عظيمة مورقة تحاول الإقتراب من سمائك أكثر . لو اختفيت لمت , و لو بقيت لحييت .

كان هذا ردها في بالها , لكنها ابتلعت ريقها و معها كل هذه الكلمات لتقول بإقتضاب :

-أنا ولدت في مصر من أم مصرية و أب أمريكي و بعدها عشت في أمريكا بعدما توفت أمي , حينها كنت في الحادية عشر و اختفت بعدها أختي من أمي و تركني أبي لأعيش بمفردي . اعتمدت على نفسي للدراسة و العمل كلاعبة محترفة في الألعاب الإفتراضية حتى لعبت ريونيد و أنت تعرف الباقي .

-هل لديكِ أخت ؟ هذا لم أكن أتوقعه !

-بلى , هي أكبر مني بكثير لكنها مهووسة بالعلم للدرجة التي ارتحلت فيها لألمانيا كي تدرس علم الكم و من هناك بدأت رحلة أكاديمية بحتة في هذا الدرب .

صمت إبرو متذكرا ما قامت به حيال أزمة إبتزاز الأمريكان لأعضاء فريقه و هي من بينهم . مؤكد أن مئتي و خمسة قد أخبرها حينها برغبته في التواصل مع الألمان , لذا خبت ما حدث عنه و حاولت إنقاذ أختها بنفسها . شعر بمدى ضعفها و قوتها , بمدى خوفها و عزيمتها . رغم ضيقه لكنه زاد إعجابا بها . اكتفى بالإبتسام ثم قال :

-وماذا عن دراستكِ ؟ تخليتي عنها مثلي أم بقيتي فيها ؟

-لقد درست حتى الثانوية , أما الجامعة فهي تحتاج لمبالغ طائلة لذا كنت أنوي أن أستثمر الكثير من أموالي الصغيرة في ريونيد . لكن على ما يبدو أن هذا الحلم لن يتحقق .

-لا تحزني , فمستقبل العالم كله مرهون الآن بريونيد . كلما كنا مبادرين جريئين أكثر كلما كنا أكثر قوة و ثراءا و سلطة .

-أتمنى أن يأتي زمان لا يوجد فيه سوى واقع اللعبة و يصبح العالم الحالي مجرد ماضي بعيد .

-هذه أمنية جيدة , سأتمناها معكِ .

كان إبرو يدرك أن تلك ليست أمنية بل الحقيقة . سيختفي العالم و سيبقى فقط واقع ريونيد . سيتحولون تدريجيا لمن شاهدهم في عالم ريونيد , سواء من سكان شونتي و بقية مدن ريونيد و على رأسهم أبيدون , أو سواء عالم خرب مدمر تماما من قبل وحوش سوميل كعالم ريلانت . أو لا هذا و لا ذاك مجرد رقم وسط أرقام كثيرة تعبر عن عدد العوالم التابعة لريونيد , فلا يزيدوا الواقع تأثيرا ولا يقللوا من المستقبل تعديلا . لو كان بيده الإختيار لاختار الواقع الأول , لكنه يعرف أنه مجرد لاعب في نطاق من نطق كثيرة باللعبة , و أن من يحدد مصير العالم بأكمله ليس هو و لا أي شخص آخر بل من يقدر على السيطرة على أكبر قدر ممكن من المدينة المقدسة . شعرت آية بدفء كلماته و قوة غريبة استمدتها مما قاله لتتحرك من تلقاء نفسها و تجلس إلى جواره ثم أراحت رأسها على صدره لتسمع دقات قلبه . لم يتحدث أي منهم و اكتفيا بالجلوس هكذا طيلة الرحلة التي استمرت لساعة و نصف تقريبا . ما إن شعرا بتوقف العربة حتى ترجل إبرو منها برفقة أية التي كانت تمسك يديه . نظرت حولها لتتفاجيء أنها ليست في مقر المؤتمرات الذي حضرت فيه من قبل بل كان على مسافة قريبة منه , فهذا المبنى الهائل الذي يحتضن بعد قليل المزاد العلني كان على مد البصر . أما الآن فهما يقفان أمام مبنى صغير يبلغ إرتفاعه خمسة طوابق فحسب . لم يكن شيء يميزه سوى أنه كان يقف أمامه الآن رجل نحيل ذكرها على الفور بمئتي و خمسة . تحرك إبرو محيا إياه قائلا :

-مرحبا بك يا سراج . هل جهزت كل شيء ؟

-بلى يا إبرو . كل شيء جاهز بالداخل .

-لتجعل رجالك ينقلون أجزاء الكبسولتين إذن .

-هل أحضرت كبسولتك معك ؟ لقد ظننت أنك لن تقدر على نقلها لذا وفرت لكما كبسولتين بالفعل .

ابتسم إبرو حين سمع ذلك . شعور جيد أن يكون معك شخص يفكر في كل التفاصيل الدقيقة فربما تسقط منك بعضها سهوا . هذا أشعره بالطمأنينة أكثر حيث قال :

-لا مشكلة إذن . هل قمت بإزالة أجزاء التجسس فيها ؟

نظر سراج نحوه بغرابة و هو يقول :

-هذا يذكرني بشيء غريب , فكل الكبسولات التي جائتنا بعد إنضمام مصر للصين كانت خالية من تلك الأجسام .

تذكر إبرو قديما أن من قام بفك و تركيب الكبسولات من قبل لم يكتشفوا فيها أي أجسام غريبة . على ما يبدو أن ذلك الإجراء كان إحترازيا من قبل الدول الكبرى للاعبي نطق العالم المختلفة لكن حين يدخل كل اللاعبين في اللعبة لا يحتاجون لهذا الإجراء .

-لا مشكلة إذن . سنستخدم الكبسولات التي وفرتها بالداخل . هيا يا آية .

تحركت آية خلفه بعدما قامت بتحية سراج . كانت هذه هي المرة الأولى التي تقابله وجها لوجه . على ما يبدو أنه لا يختلف شيئا عن صورته في اللعبة . دخل ثلاثتهم إلى المبنى لينتقلوا إلى الطابق الخامس . لاحظت آية أن المبنى بالكامل كان خاويا عدا مجموعة من الرجال الذين كانوا يحرسون المدخل و آخرين كانوا عند الطابق الخامس . شعرت أن هذا الترتيب يذكرها بترتيب عسكري . على ما يبدو أن إبرو قد وثق بحمايته و حمايته لسراج و من معه . تمنت ألا يحدث شيء يخالف تلك الثقة . كان المبنى بالكامل مقسم إلى شقتين لكن الطابق الخامس كان على ما يبدو مختلفا فقد تم دمج الشقتين سويا لتصبح شقة واحدة . ما إن دخلت برفقة من أمامها حتى وجدت عددا كبيرا من الرجال يعملون في الصالة الواسعة . بدت الصالة لها أشبه بقاعة سينما صغيرة حيث شغلت شاشة بيضاء حيز حائط بالكامل في حين يقف جهاز إرسال الصورة طائفا في الهواء على مسافة منها . أما الصالة كلها فكانت مليئة بمقاعد وثيرة أشبه بمقاعد السينما . نظرت لما خلف الصالة لتلمح أجسام معدنية في غرفتين يطلان على الطرقة الصغيرة المتصلة بالصالة . لم يكن ذلك سوى كبسولات اللعبة . ما إن دخلوا للصالة حتى توقف الجميع عن العمل و ركزوا بصرهم عليهم . لاحظت رجلا ممتليء الجسد ذي شعر طويل من الجانبين ذي كثافة بسيطة حتى أن فروة رأسه السمراء كانت واضحة بين ثنايا شعره . تحرك هذا الرجل بخطوات متمهلة لكن كل من كان يقف في طريقه كان يتحرك من تلقاء نفسه مفسحا الطريق له . على ما يبدو أن مكانة هذا الرجل كانت أعلى رتبة في هذا المكان . ما إن وصل إليهم حتى مد يده مصافحا إبرو الذي صافحه بدوره و هو يقول :

-مرحبا بك سيد إبرو . لا تعلم مقدار تقدير و إمتناني لكل ما قمت به تجاه مصر .

-أعرفك يا إبرو , هذا محمد منصور و هو نائب رئيس جهاز المخابرات المصري .

-مرحبا بك سيد محمد , سعدت للقائك .

-أنا أكثر سعادة بكثير . أريد أن أناقش كثير من الأمور معك . هل يمكن أن نتحدث بمفردنا ؟ هناك غرفة مخصصة للإجتماعات و معدة ضد أي تجسس . هناك الكثير من التفاصيل التي أرغب في الإأنوبيسفسار عنها منك .

شعر إبرو بالغرابة من طلب محمد فاختلس النظر إلى سراج ليجد وجهه قاتما . أدرك الأمر على الفور , على ما يبدو أن هذا النائب يخشى على تطلعاته و طموحاته من سراج لذا يحاول بتلك الطريقة إجتذابه نحوه و تنحية سراج عن الصورة . ابتسم إبرو فعلى ما يبدو أن هذا الرجل يأنوبيسخف به كثيرا .

-معذرة سيد محمد , فكل شيء يخص اللعبة يمكنك أن تعرفه من خلال سيد سراج , فهو الشخص الوحيد المسئول أمامي من أي جهة رسمية في مصر .

تبدلت ملامح محمد منصور على الفور ليظهر وجها قبيحا لوهلة قبل أن يختفي هذا الوجه على الفور كما ظهر . عادت إبتسامته السمجة على وجهه و هو يقول :

-يجب أن تكون شخصا ذكيا حتى تصل إلى هذه المكانة سيد إبرو . الشخص الذكي هو من يقدر جيدا من يحاول مساعدته ولا يقوم بخلق أعداء له , فهذا أعتبره في نظري غباءا .

لم يكترث إبرو لنبرة التهديد و الإهانة التي حملتها كلماته حيث قال و على وجهه إبتسامة مثيلة لإبتسامة من أمامه :

-الشخص الذكي هو من لا يقف أمام المستقبل . من يملك المستقبل يرسم ملامحه و يمكنه أن يضع شخصا في مكان و كذلك يمكنه أن يزيحه تماما عنه .

ضحك محمد و هو يقول :

-هذا إن استطاع من يملك المستقبل أن يظل حيا حتى يراه !

ضحك إبرو كذلك و هو يقول بعدم إهتمام :

-لا يوجد مكاسب دون مخاطرة خاصة أن قائمة من يريد حياتي طويلة و اسمك فيها لن يضيف لها شيئا .

هذه المرة توقف محمد عن الضحك و نظر نحو إبرو نظرة طويلة كما لو كان يريد قتله بعينيه . لم يكترث إبرو بذلك بل نظر نحو سراج و قال بلهجة بدت آمرة حملت كثيرا من التعالي و عدم الإهتمام :

-لتتصل بالرئيس و تخبره أنني لن أقوم بمجابهة الدول الكبرى و في بلدي شخص تافه يقوم بتهديدي . و لتخبره باسم هذا الرجل و لو لم يتم التعامل معه بطريقة تعجبني فسيكون ردي مؤلما .

2020/02/17 · 511 مشاهدة · 1738 كلمة
Ranmaro
نادي الروايات - 2024