الفصل 20: سيف الفراغ، القائد الأعلى بيونكا
"سيف التموج!" صرخ فلينغ، وسحب سيفه بقوة هائلة، فتوهجت الشفره بضوء أزرق لامع، وانطلقت موجة طاقة قوية من حوله، جعلت الهواء يتموج بعنف وأدهشت كلاين.
"سيف اللهب!" رد كلاين بابتسامة مليئة بالثقة والغضب، وتصادمت طاقاتهما بسرعة جنونية، فارتجت السماء من الصدمة، وتشوه الفراغ حولهما.
تراجع كلاين قليلًا في الهواء بفعل قوة الضربة، واهتزّ جسده وهو يحاول استعادة توازنه الطائر.
"تبا… إنه قوي جدًا!" تمتم كلاين في نفسه، وهو يراقب فلينغ بعينين متسعتين، وشعور بالدهشة يمتزج بالغضب.
"التموج… الحركة الثالثة… التموج الذهبي!" أعلن فلينغ، وإذا بسيوف ذهبية تولد من الفراغ، تتجه نحو كلاين بمئات النسخ، لامعة ومشتعلة بالطاقة، وكأنها تمطر من السماء.
"ماذا؟!" صرخ كلاين، وعيناه تكادان تخرجان من مكانهما من شدة الصدمة، بينما تحيط به السيوف الذهبية من كل جانب، فتشوه الرياح حوله وأصابعه ترتجف على مقبض سيفه.
"حشرة الجنوب تقضي على فيسكونت من إمبراطورية اللهب… يا للفظاعة!" قال فلينغ وهو يلوّح بيده، فتندفع السيوف الذهبية بسرعة رهيبة نحو كلاين، تاركة أثرًا من الشرر والوميض خلفها.
"الفنون السرية… تنين اللهب!" صرخ كلاين، متراجعًا بسرعة مذهلة، وإذا بتنانين مشتعلة تنبعث من سيفه، تحلق نحو السيوف الذهبية، تحرق الهواء وتترك أثر لهب أحمَر وشرر يطير في كل الاتجاهات.
"تبا… تقنية تنين اللهب غير مكتملة… لو كانت كاملة لأحرقت هذا الأحمق بالكامل… لكن 50٪ منها تكفي لإبطال هذه السيوف، أليس كذلك؟" تمتم كلاين في نفسه، بينما تشتبك التنانين النارية مع السيوف الذهبية، فتتطاير شرارات الضوء والحرارة، وتصدر انفجارات تهز الجو من حولهما.
"يا إلهي… إنها التقنية السرية لعائلة الفيسكونت كينسا!" قال أحد جنرالات إمبراطورية اللهب وهو يحدق باتجاه القتال، وعيناه تتسعان من الدهشة والخوف، فهو يعرف من خبرة السنوات أن من يواجه هذه التنانين لا ينجو بسهولة.
"يبدو أن حشرة الجنوب ستموت اليوم…لم ينجُ أحدٌ قطّ ممن واجهوا تنانين اللهب التابعة لعائلة الفيسكونت كينسا… " قال جنرال آخر بدهشة، وهو يراقب السماء المشتعلة ويدرك مدى الدمار المحتمل.
"اصمت أيها الأحمق… ألا ترى الوضع أمامك؟ إنها غير مكتملة… تجهزوا، إذا وقع أي شيء، سننضم إليهم!" أمر جنرال في مقدمة الآخرين، صوته صارمًا، مع بريق حذر في عينيه، والجميع على أهبة الاستعداد.
"القائد الأعلى… هل سننتدخل حقًا؟" سأل فلنكسان، أحد الجنرالات، صوته يخفي قلقه وسط هذا العنف السماوي.
"نعم… هذا قد يسبب بعض ردود الفعل… لكن ما المشكلة إذا تدخلنا في مبارزة فردية؟" أجاب القائد الأعلى بيونكا وهو يضحك بخفة، وعيناه تلمعان بدهاء، مدركا أن هذه المبارزة لن تُنتهك القوانين فيها إلا لمصلحتهم.
هناك العديد من القوانين التي تحكم الحروب بين الدول في قارة شينيا، ومن أهمها: لا يجوز التدخل في القتالات الفردية التي تسبق مواجهة الجيش.
وإذا خرق أحدهم هذه القاعدة، تُعاقب الدولة المخالفة بشدة.
لكن بيونكا يعلم أن من وضع هذه القوانين هم الإمبراطوريات الأربع…
والآن ثلاث إمبراطوريات تواجه إمبراطورية واحدة، وإذا تم القضاء عليها، فما المشكلة في خرق القواعد التي وضعوها هم أنفسهم؟
في السماء، يستمر التوتر. السيوف الذهبية تتقاطع مع التنانين النارية، والهواء يشتعل حولهما، والجنود من كلا الجانبين يحدقون، مشدوهين من قوة المبارزة.
كل حركة، كل وهج، وكل صرخة تعكس قوة لا تُصدق، وكأن السماء نفسها تهتز من شدة الاشتباك.
"استعدوا جيدًا… في أي لحظة قد يتدخل أولئك الأوغاد!" صرخ فليان، وهو يطفو بثبات في السماء، عيناه تراقبان بيونكا بحدة، وجسده متوتر كأن كل أعصابه مشدودة للمعركة القادمة.
"تبا… هل حقًا سيخترقون القواعد؟!" تمتم كين بقلق، وهو يحلق بجانب فليان، قلبه يخفق بعنف، لا يصدق أن قواعد الحروب، التي وضعت منذ مئات السنين، قد تُخترق في معركة واحدة فقط.
"حتى أنا لا أصدق… لكن لنكن حذرين." قال فليان بعينين حذرتين، مراقبًا تحركات بيونكا، مستعدًا لكل احتمال، والهواء من حولهم يتموج من شدة توتر السماء.
"التموج… الحركة الثانية… سيف الفراغ!" صرخ فلينغ بسرعة، وإذا بسيف ذهبي عملاق يخرج من وراء كلاين، متوهجًا بطاقة ساحقة، يخترق الهواء بسرعة رهيبة، تاركًا أثرًا ضوئيًا يقطّع السماء.
انصدم كلاين للحظة، عاجزًا عن فهم كيف سيتفادى ذلك الهجوم الكاسح. حاول أن يلوّي جسده بسرعة خارقة، لكن السيف كان أسرع…
اخترق كتفه مباشرة، ومزّق اللحم والعظم بوحشيّة، دافعًا جسده ليفقد توازنه في الهواء وهو يهوي بلا سيطرة.
"آآآآآه!" شقّ صراخ كلاين السماء كأنّه طعنة هواءٍ متفجرة، صوتٌ ممزّق خرج من أعماق صدره، ممزوجًا بالذهول والوجع والقهر.
الألم كان ينهش جسده بلا رحمة، يزحف من كتفه الممزق إلى ضلوعه، ثم ينتشر كصواعق حارقة في كل خلية من خلاياه.
شعر بقطعة من كتفه تتمزق تمامًا، تنفصل عنه ببطء قاتل قبل أن تنزلق من بين أصابعه المرتجفة، تتدحرج عبر الهواء كجمرٍ منطفئ.
تابعها بعينيه لوهلة، وهو يكاد لا يصدق أن جزءًا منه يتساقط بعيدًا، ملطخًا بالدم والرماد.
الدم اندفع من الجرح بعنف، ساخنًا كالمعدن المنصهر، يتدفق على جلده وعلى صدره، يسيل في خطوط طويلة لاذعة، يلسع جلده بالحرارة، ويمتزج مع الرياح التي تضربه بلا رحمة.
كان يشعر بأن نبضه نفسه يتحول إلى طعنات متتابعة، كل خفقة تصرخ بألم جديد.
وفي تلك اللحظة، بدا له أن السماء تضيق، وأن الهواء نفسه أصبح ثقيلاً، يضغط عليه وعلى جرحه المفتوح الذي يشعّ نارًا وقسوة.
وبرغم السقوط المريع، تمكن في اللحظة الأخيرة من تثبيت نفسه، مستعيدًا توازنه بصعوبة في السماء.
جسده يرتجف، وقدماه بالكاد تقفان على الهواء، كأن الرياح وحدها تحمل بقايا قوته.
في الأسفل، ارتطمت كتفه بالأرض محدثة صوتًا خانقًا، بينما ظل هو معلقًا في الهواء، وكتفه الممزق ينزف بلا توقف…
والغضب واليأس يشتعلان في صدره كالجمر.
"تبا… اللعنة!" زمجر بيونكا، ووجهه احمرّ من شدة الغضب. كان قهره يتضاعف، موجّهًا نحو المشهد أمامه جنراله وصديقه الذي رافقه لسنوات يتهاوى في الهواء وكتفه مقطوع بشكل بشع وأيضًا نحو فلينغ، بسبب الجرأة التي أقدم عليها لتنفيذ تلك الضربة.
قبض بيونكا يده بقوة، واشتعل صدره بحرارة الغضب؛ غضبٌ يجمع بين فقدان رجاله وإثارة الاستفزاز من خصمه.
"سيف الفراغ!" صرخ فلينغ مرة أخرى، وظهر سيف ذهبي آخر من السماء، هذه المرة متجه بسرعة لا تُصدق من يمين كلاين، محمّل بطاقة قاتلة، وكأن السماء نفسها تحاصره.
"تبا… مت!" همس كلاين، عينيه تتسعان، ووجهه شاحب من شدة الرعب، وهو يراقب السيف الذهبي الذي يقترب منه بسرعة جنونية، الرياح تتلاطم من حوله، والهواء يشتعل من الطاقة المتفجرة حول السيف.
بووم… بووم…
انفجر السيف الذهبي في السماء بقوة مذهلة، فتمزقت السحب من حوله، وانبعثت موجات من الطاقة الذهبية امتدت على عشرات الأمتار.
ارتجف الهواء نفسه تحت تأثير الانفجار، وكأن السماء فقدت توازنها للحظة.
تراجع فلينغ للخلف داخليًا، قلبه يرتج بنبضة مفاجأة صافية.
لم يكن يتوقع أن تنفجر تلك الضربة بهذه القوة، ولا أن يتبدد السيف الذهبي بهذه الطريقة المروعة.
وقبل أن يستعيد أنفاسه—
ظهر بيونكا أمامه، مباشرة في قلب الفراغ الذي تركه الانفجار، عيناه متوهجتان بالغضب، وهالته تنفجر حوله كنارٍ ممزوجة بريح حارقة.
_____
استمتعوا❤