الفصل 30: بداية الهيمنة
اصطدمت موجة الطاقة العاتية التي أطلقها فيليب بوجه جيمس مباشرة. توقع الجميع انفجاراً أو توقفاً، لكن الصدمة كانت أن الهجوم تلاشى عند ملامسته لجلد جيمس وكأنه نسيم رقيق لا طاقة مدمرة. لم يهتز، لم يرمش، ولم يبطئ سرعته ولو لكسر من الثانية.
أكمل جيمس اختراقه للهواء كوحش هائج. انضم لينغ إلى فيليب في لحظة يأس، ساحباً سيفه ومطلقاً سيلاً من ضربات "التشي" المركزة، آملاً أن يوقف هذا الجنون. انهالت الضربات على جسد جيمس، لكنها كانت تتكسر وتتلاشى بمجرد ملامسته، وكأنه مصنوع من معدن لا يقهر.
توسعت حدقتا لينغ رعباً، وأدرك الحقيقة المرة: "هذا الشيء... لم يعد أخي."
في اللحظة الأخيرة قبل التصادم، صرخ فيليب بصوت يملؤه الرعب والرجاء: "سيدي، أرجوك توقف! هل فقدت عقلك؟ هذا أخوك يا سيدي! أنا فيليب.. أنا!"
لكن الكلمات كانت كمن ينفخ في الرماد. لم يعر جيمس أي اهتمام لصوت فيليب.
وبحركة خاطفة لا تدركها العين، توقف أمامهما مباشرة.
امتدت يداه ككماشتين من فولاذ، وأطبقت أصابعه على رقبة لينغ ورقبة فيليب في آن واحد. وبقوة جبارة، رفعهما عن الأرض وكأنهما دميتان خفيفتان، مدلياً أقدامهما في الهواء.
"من أنتما... كي تخبراني بما أفعل؟"
ابتسم جيمس ابتسامة واسعة تظهر أسنانه، وهو يقربهما من وجهه، ضاغطاً على حناجرهما ببطء وتلذذ.
حاول لينغ المقاومة، ضرب ذراعي جيمس بكل ما أوتي من قوة، وكذلك فعل فيليب، لكن قبضته كانت صلبة كالجبال الراسيات. بعد لحظات، بدأ وجه لينغ يحتقن بالدماء، وبدأ جسده يتلوى من شدة الاختناق. فيليب لم يكن بحال أفضل، بدأت عيناهما تبرزان من محاجرهما في مشهد مرعب، وأنفاسهما انقطعت تماماً تحت وطأة هذا العناق الميت.
كان جيمس يقتل عائلته وأتباعه بدم بارد وابتسامة مجنونة.
فجأة.. شق صوت حاد سكون الموت.
صفع!
تلتها صفعة أخرى..
صفع!
اهتز وجه جيمس قليلاً، ليس من الألم، بل من المفاجأة. كانت مي لينغ تقف أمامه، والدموع تنهمر على خديها كالأنهار، تنظر إلى الرجل الذي ربته وأحبته وهو يتحول إلى مسخ يعذب نفسه ويقتل أهله.
"هل هكذا علمتك يا جيمس؟!" صرخت بصوت مفجوع، ويدها ترتفع لتهوي على وجهه مرة أخرى بقوة.
صفع!
تجمد جيمس مكانه، وعيناه لا تزالان مثبتتين عليها، لكن قبضته لم ترتخِ بعد.
أمسكت مي لينغ شعر جيمس الأبيض وهزته بعنف وهي تصرخ في وجهه: "هل هكذا تريد الانتقام لعائلتك؟ هل انتقامك هو أن تقتل أخاك وعائلتك بيديك؟! هل تريد قتل عائلتك المتبقية وترك القتلة الحقيقيين يلوذون بالفرار ويضحكون عليك؟!"
اقتربت من وجهه أكثر، وصوتها تحول إلى نحيب غاضب: "أجبني! هل هذا هو انتقامك؟ أجب!"
انهالت عليه بالصفعات المتتالية، كل صفعة كانت تحمل وجع سنوات من الحب والخوف.
صفع.. صفع.. صفع!
تحت وطأة كلماتها وصفعاتها التي أيقظت شيئاً ما في أعماقه، ارتخت أصابع جيمس فجأة.
سقط لينغ وفيليب على الأرض الصلبة بصوت مكتوم، يمسكان رقابهما ويلهثان بشدة، يسحبان الهواء بصعوبة بالغة وكأنهما عادا من الموت للتو، بينما وقف جيمس صامتاً، ينظر إلى مي لينغ بعيون بدأت تفقد بريق الجنون تدريجياً.
"هذا كله صحيح.. هذا بالضبط ما فعلته عندما ماتت أمي. هربت من الواقع وغرقت في الظلام.. تباً، يا لي من أحمق."
ترددت هذه الكلمات في أعماق جيمس وهو ينظر إلى مي لينغ، الدموع تملأ عينيها ويدها ترتفع لصفعه مجدداً.
ولكن هذه المرة، وقبل أن تلامس كفها وجهه، ارتفعت يده بهدوء وأوقفت يدها في الهواء برفق. شهقت مي لينغ من الصدمة، وتسمرت في مكانها.
لم يقل شيئاً، بل جذبها نحوه ورفعها في الهواء، دافناً وجهه في عنقها ومحتضناً إياها بقوة هائلة، قوة من يحاول التمسك بآخر خيط من إنسانيته.
"شكراً لكِ.. أعرف ماذا عليَّ أن أفعل الآن."
همس جيمس بكلمات دافئة وهو يربت على ظهرها بحنان، بينما انهارت هي بالبكاء بين ذراعيه، تشعر بعودة "جيمس" الذي تعرفه.
أنزلها برفق، ومسح دموعها بابتسامة مطمئنة، ثم التفت نحو السماء الدموية.
طق
فرقع جيمس إصبعه بصوت حاد. في تلك اللحظة، توقف العذاب. الأجساد المعلقة شُفيت تماماً، الدماء اختفت، وبدأت الأجسام تنزل ببطء لتستقر على الأرض بسلام، وكأن الجاذبية عادت لطبيعتها.
مشى جيمس بخطوات واثقة نحو "كازمان"، الذي كان يرتجف على الأرض، جسده سليم ظاهرياً، لكن المنطقة بين فخذيه كانت فارغة تماماً، دليلاً أبدياً على العذاب الذي ذاقه.
"لأي إمبراطورية تنتمون؟ قلتم..." سأل جيمس بصوت هادئ يخفي خلفه عاصفة.
"إمبراطورية.. إمبراطورية المياه الزرقاء يا سيدي.." تمتم كازمان برعب، صوته رفيع ومهتز بسبب فقدانه لرجولته.
"حسناً."
ابتسم جيمس ابتسامة باردة، ثم أغلق عينيه وتحدث في عقله:
"أيها النظام.. أريد شيئاً يوصل صوتي إلى كامل القارة، هل هناك شيء كهذا في متجرك اللعين؟"
[أجل هناك يا سيدي. "النقل القاري المقدس". يمكنك به أن توصل صوتك وصورتك لأي مكان في قارتك. التكلفة: 10,000 نقطة هيبة.]
نظر جيمس إلى رصيده: [رصيدك الحالي: 125,000 نقطة هيبة]
اتسعت ابتسامته داخلياً. "هممم.. إن هيبتي ازدادت كثيراً. يبدو أن القتل والتعذيب العلني يزيد من نقاط الهيبة بسرعة جنونية.. يبدو أنني سأضطر لسلوك هذا الطريق الدموي أكثر."
لم يتردد لحظة.
"حسناً، سأشتري."
[جاري الشراء... تم النقل إلى مخزونك. هل تريد استخدام "النقل القاري" الآن؟]
"أجل."
[تم التفعيل. تكلم فقط، وسيصبح صوتك قانوناً يسمعه الجميع.]
حك جيمس رقبته بلامبالاة، ثم نطق بصوت عادي، لكن النظام ضخمه ليصبح رعداً:
"احم.. احم."
اهتزت السماء، وتمزقت السحب. رفع الجميع في المدينة رؤوسهم، ليشهقوا بصدمة. وجه جيمس الجميل، بعيون حادة وابتسامة واثقة، كان يغطي قبة السماء بأكملها.
في الجانب الآخر من العالم، شرق إمبراطورية "مينغ".
كانت الأرض تهتز تحت وطأة حرب طاحنة. مئات الآلاف من الجنود يشتبكون في مذبحة دموية، وعشرات الخبراء يتقاتلون في السماء، يطلقون مهارات تدمر الجبال.
وفي أعلى نقطة في السماء، كان هناك قتال من مستوى آخر. "شوان"، إمبراطور إمبراطورية مينغ، يواجه خصمه اللدود "كايروس".
"هاهاها! يبدو أنك وصلت أخيراً لمستوى الإمبراطور يا شوان!" ضحك كايروس وهو يطفو بثقة، هالته تسحق الغيوم من حوله.
"أجل! هل أنت خائف؟" رد شوان وهو يمسح الدماء عن فمه، عيناه تشتعلان غضباً.
"خائف؟ تباً لك! أنت لست سوى إمبراطور ضعيـ..."
قبل أن يكمل كايروس سخريته، حدث أمر جلل.
"احم.. احم."
جاء الصوت من أعالي السماء، أقوى من صوت الرعد، مهيمناً على ساحة المعركة بأكملها. توقفت السيوف، جفت الحناجر، وتسمر الجنود. رفع كايروس وشوان رأسيهما بصدمة، ونظرا إلى السماء التي لم تعد زرقاء.
كانت السماء عبارة عن وجه ضخم لرجل.. رجل ينظر إلى القارة بأكملها كأنها رقعة شطرنج.
"م.. من هذا؟!" تمتم كايروس، والعرق البارد يتصبب من جبينه.
تحركت شفاه الوجه العملاق في السماء، ودوى الصوت في كل زاوية من زوايا القارة، مسموعاً بوضوح في كل أذن:
"اسمعوني جيداً."
ساد صمت مطبق. الوحوش في الغابات توقفت عن الزئير، والطيور توقفت عن التحليق.
تابع جيمس، ونبرته تحمل حكماً بالإعدام لا رجعة فيه:
"إمبراطورية المياه الزرقاء... انتظري فنائك قريباً."
نزلت الكلمات كالصاعقة. في ساحة المعركة، شعر "كايروس" وكأن مطرقة عملاقة ضربت روحه. شحب وجهه حتى صار بلون الأموات، واختل توازنه في الهواء.
"مـ.. ماذا؟!"
ترنح كايروس، وكاد يسقط من السماء من شدة الرعب، بينما حدق شوان في الصورة العملاقة بذهول، مدركاً أن ميزان القوى في العالم قد انقلب للتو بكلمة واحدة.