الفصل 33: كتيبة "القتل السماوي"

انقضت الأيام الثلاثة كلمحة بصر، ومع بزوغ فجر اليوم الثالث، وقف جيمس فوق قمة تلة شاهقة تعانق السحاب، وعيناه تشعان ببرود جليدي وهو يرمق "إمبراطورية المياه الزرقاء" التي تلوح في الأفق كفريسة غافلة.

هبت الرياح عاتية، تلاعبت بردائه الملكي، لكنها لم تجرؤ على تحريك جندي واحد من المحيط البشري الذي افترش الأرض تحته.

مئات الآلاف من الجنود، وهالة مرعبة من القوة ملأت الفراغ ما بين السماء والأرض.

انزلقت نظرات جيمس أولاً نحو تلك الكتلة البيضاء المتلألئة، وتمتم في سريرته بصوت يقطر غطرسة: "كتيبة السماء والأرض... ثلاثون ألف صاقل، ثمانون بالمائة منهم وصلوا لمرحلة ’الفارس‘."

تأملهم وهم يقفون كتماثيل من العاج المنحوت، دروعهم البيضاء تعكس ضوء الشمس وكأنها مرايا مقدسة.

وفي مقدمتهم، حلق الجنرال المهيب ممتطياً طائراً أبيض عملاقاً، جناحه الواحد كفيل بحجب الشمس، يفرض هالة من القدسية والرعب في آن واحد.

ارتسمت ابتسامة ساخرة على زاوية فم جيمس وهو يهز رأسه بغير رضى: "منظر بديع، ولكن... هل هذا يكفي؟ ثلاثون ألف فارس لا يساوون شيئاً في معادلة الإبادة التي أريدها. أريد محوهم من الوجود، لا مجرد هزيمتهم."

ثم اتسعت حدقتاه وهو يجول ببصره نحو الموت القادم الذي اشتراه من "النظام". ثلاثة جيوش، كل جيش منها كفيل بإسقاط ممالك.

تمتم جيمس ونشوة القوة تتصاعد في عروقه: "كتيبة الأفعى... كتيبة التنين... وكتيبة فرسان النجم."

افترشت تلك الكتائب السهل كطوفان لا نهاية له. كل كتيبة قوامها مائة ألف صاقل. كان المشهد يبعث القشعريرة؛ فلكل عشرة آلاف جندي قائد يبث رعباً خالصاً بمستوى "الملكية"، وعلى رأس كل كتيبة وقف جنرال طاغية بمستوى "إمبراطوري منخفض"، تتراقص حولهم الطاقة وكأن الفضاء نفسه يخشى الاقتراب منهم.

نظر إلى كتيبة التنين بدروعهم القرمزية التي تبدو وكأن الحمم تجري بداخلها، وإلى كتيبة الأفعى بهالتهم الخضراء السامة التي جعلت العشب يذبل تحت أقدامهم، وأخيراً إلى كتيبة فرسان النجم الذين بدوا وكأنهم قطعة من سماء الليل سقطت على الأرض، يكتنفهم الغموض والرهبة.

ورغم هذا الحشد الذي يزلزل الجبال، ورغم وجود قادة بمستوى أباطرة، تنهد جيمس بعمق، وعيناه لا تزالان متعطشتين للمزيد، وقال بصوت خافت تملؤه الجشعة للسلطة المطلقة:

"ثلاثمائة وثلاثون ألف صاقل.. جنرالات بمستوى إمبراطوري.. وقادة ملوك.. ومع ذلك، يبدو أن هذا لا يكفي لإخماد نيران غضبي. أريد عظمة تطغى على التاريخ نفسه."

"أيها النظام، ألا تملك شيئاً آخر في جعبتك؟" همس جيمس في أعماق عقله، وعيناه لا تزالان مثبتتين على الأفق.

جاء رد النظام فورياً، صوتاً ميكانيكياً يتردد في ثنايا روحه:

[انطق بما تريده يا سيدي.]

ضاقت عينا جيمس، وانبعثت منه نية قتل جعلت الهواء من حوله يثقل كالرصاص: "أريد شيئاً طاغياً... شيئاً يزرع الرعب الخالص في قلوب أعدائي. لا أريد مجرد نصر، أريدهم أن يستسلموا في ثوانٍ من هول المنظر، أريد أن أقتلهم ببطء وعذاب. هل لديك بضاعة تليق بهذا الوصف؟"

ساد صمت قصير قبل أن يجيب النظام:

[هل تريد جنوداً، تقنية، أم سلاحاً يا سيدي؟]

فكر جيمس للحظة، هو يدرك حدوده جيداً. طقطقة أصابعه قد تخيف العامة، لكنها لن تخدش "إمبراطوراً" متقدم المستوى، ومواجهة "قديس" ستكون ضرباً من الانتحار حالياً.

"أريد تقنية إن أمكن، شيئاً يرفع قوتي لمستوى الجحيم."

رد النظام ببرود قاطع:

[لا توجد.]

ثم أردف بنبرة خالية من المشاعر ولكنها تحمل إهانة صريحة:

[أيها المضيف... هل أنت غبي؟]

تسمر جيمس مكانه، ورمش بعينيه في ذهول: "هااه؟!"

تجاهل جيمس الإهانة بسرعة، فالموقف لا يحتمل، وابتسامة شريرة عادت لترتسم على محياه: "تباً لك ولسليط لسانك.. حسناً، أريد كتيبة دموية.. كتيبة تفوح منها رائحة الموت. هل عندك؟"

ظهرت شاشة زرقاء شفافة أمام عينيه تعرض بيانات مرعبة: [كتيبة القتل السماوي.]

[التعداد: 1000 فرد.]

[الوصف: يحملون تقنية "التعفن الأسود". طاقتهم تشبه فيروساً روحياً؛ بمجرد حدوث تلامس، يغزو التشي الخاص بهم جسد العدو ويحول دمه إلى سكاكين تمزقه من الداخل. الخصم الذي يفوقهم قوة لا يموت فوراً، بل يذوب ببطء وهو يصرخ، عاجزاً عن إيقاف فناء جسده، مما يزرع الرعب في قلوب جيوش كاملة.]

[القائد: "ملك القتل"، مستوى إمبراطوري متوسط.]

[النائب: مستوى ملكي.]

[الجنود: الألف جميعهم في مستوى "الحكمة".]

ثم ظهر السعر باللون الأحمر الوامض:

[الثمن: 100,000 نقطة.]

انفجر جيمس ضاحكاً بصوت سمعه الجنود القريبون منه:

"هاهاهاها! مائة ألف؟ هل تبيعني ’آيفون 15‘ أم كتيبة؟ هذا سرقة!"

رد النظام بنبرة جادة وحازمة: [نحن لا نمزح هنا يا سيدي. كل تلك الكتائب "الخردة" التي بعتها لك سابقاً لا تساوي جناح بعوضة أمام هذه الكتيبة. ثق بي واشتري.]

رفع جيمس حاجبه، ونظر إلى الشاشة بشك:

"يبدو لي أن النقاط هي مبتغاك الوحيد.. لطالما أردت أن أعرف، ماذا تفعل بهذه النقاط أصلاً؟ تشتري زيتاً لتروسك؟"

رد النظام بفظاظة:

[هذا ليس من شأنك. تريد الشراء؟ اشترِ. لا تريد؟ اذهب وابحث عن نظام آخر ليدللك.]

"أخخخ.. يا لروعة جبر الخواطر لديك،" تنهد جيمس بأسى مصطنع، ثم لمعت عيناه بمكر التجار:

"أريد أن أشتري، ولكن السعر مبالغ فيه. سأدفع 50,000 نقطة فقط."

[70,000 نقطة.] جاء رد النظام فورياً كضربة مطرقة.

"60,000 نقطة، ونتصافح الآن." قال جيمس بسرعة.

[خلاص. لا أريد البيع. إلى اللقاء.] واختفت الشاشة للحظة.

ذعر جيمس وصاح في داخله: "انتظر! انتظر أيها اللعين! 65,000؟"

[...]

لم يجب النظام، وعم الصمت الثقيل.

عض جيمس على شفتيه بغيظ: "تباً لك ولجشعك! سأشتري بسبعين!"

رن صوت النظام مبهجاً وكأنه لم يكن يهدد بالرحيل قبل قليل:

[تم خصم 70,000 نقطة.]

[الرصيد الحالي: 530,000 نقطة.]

[جاري نقل كتيبة "القتل السماوي".]

[حدد مكان وضعهم.. هيا، ليس لدي طوال اليوم.]

اتسعت ابتسامة جيمس وهو يلوح بيده في الهواء وكأنه يمسك فأرة حاسوب غير مرئية.

فجأة، تغطى السهل أمامه بشبكة إحداثيات زرقاء مضيئة لا يراها غيره. تحول المشهد المهيب للجيوش الواقعية إلى ما يشبه ساحة معركة في لعبة استراتيجية من الطراز الرفيع.

ظهرت أيقونة حمراء قانية في زاوية رؤيته تحمل اسم [كتيبة القتل السماوي].

مد جيمس سبابته، وسحب الأيقونة لتعلق في الهواء فوق السهل. تحولت الأيقونة إلى "مجسّم شبحي" لألف جندي يسبحون فوق الأرض، يبحثون عن مستقر.

"همم... أين أضع هذه التحفة الفنية؟" تمتم جيمس وهو يحرك إصبعه يميناً ويساراً، فتتحرك الكتيبة الشبحية معه تزامناً.

حاول وضعهم في المقدمة مباشرة أمام كتيبة التنين، فتوهجت الأرض باللون الأحمر وأصدر النظام صوتاً مزعجاً في رأسه:

[بييب! خطأ. لا يمكنك دمج الوحدات، المساحة مشغولة يا غبي.]

"تشه! أعرف، أعرف، كنت أجرب فقط، لا تكن حساساً،" تذمر جيمس وهو يسحب يده للخلف.

حركهم نحو الجناح الأيسر، حيث الظلال تمتد من التلة. تحول لون الشبكة على الأرض إلى الأخضر الساطع.

"أوه، هذا المكان يبدو استراتيجياً.. خاصرة الجيش، مكان مثالي للاغتيال والمباغتة،" قال جيمس وهو يضيق عينيه كلاعب محترف يخطط لهجمة مرتدة، "ولكن لا.. أريدهم في القلب. أريدهم أن يكونوا الخنجر الذي يطعن الصدر مباشرة."

سحب جيمس الكتيبة الشبحية ووضعها في الفجوة الدقيقة بين كتيبة التنين وكتيبة الأفعى.

"هنا! ليكونوا كرأس الحربة السامة وسط الجحيم المشتعل."

[هل تؤكد التموضع؟] سأل النظام بملل.

ضغط جيمس بإصبعه في الهواء بقوة كأنه يضغط زر "Enter": "تم الاعتماد! انشر الفوضى!"

في تلك اللحظة، اختفت الشبكة الزرقاء، وعاد الواقع ليفرض نفسه.. ولكن بصورة مرعبة.

في الفراغ الذي حدده جيمس، لم ينشق التراب ولم تنزل الصواعق.. بل ببساطة، نزف الهواء.

تلطخ الفضاء بضباب أحمر ثقيل ورائحة حديد ودم نفاذة جعلت خيول كتيبة الفرسان تصهل بذعر.

ومن قلب هذا الضباب، تجسد ألف ظل بصمت مطبق.

لم يكن لهم صوت خطوات. ألف مقاتل يرتدون أردية سوداء ممزقة عند الأطراف، وتغطي وجوههم أقنعة بيضاء خالية من الملامح إلا من شق واحد عند العينين يلمع بضوء قرمزي.

وفي مقدمتهم، وقف "ملك القتل".

لم يكن يركب وحشاً، بل كان يجلس على عرش طافٍ مصنوع من العظام السوداء.

هالته لم تكن متفجرة كباقي الجنرالات، بل كانت "ميتة"، كأن الحياة نفسها تذبل بمجرد الاقتراب منه.

نظر جيمس إلى التشكيلة النهائية من فوق التلة، وفرك يديه ببعضهما بحماس طفولي يتناقض مع المشهد الدموي: "يا إلهي، التناناسق في الألوان مذهل! الأحمر والأسود والأبيض.. جيشي يبدو كلوحة فنية مرسومة بدماء الأعداء."

قاطعه النظام بصوت جاف:

[هل انتهيت من اللعب بالدمى؟ العدو بدأ يلاحظ التحركات.]

ضحك جيمس وهو يشبك ذراعيه خلف ظهره، وعادت نظرة الإمبراطور المتعجرف لتعلو وجهه: "فليلاحظوا.. هذا ليس كميناً يا نظام.. هذه جنازة علنية."

***************

اصدقائي خبر محزن، يمكن ان اتوقف ليومين بسبب مشكلة طفيفة في الحاسوب المهم ساخذه للمختص ليرى المشكلة او ساصلحه بنفسي. هذا اخر فصل الان حتى اصلح الحاسوب، سارى ان شاء الله اين المشكلة واحاول حلها، عامة المشكلة في منطقة الشحن تبا.

ساجرب اصلاحه بالمنزل غدا، واذا لم ينجح الامر ساذهب لصاحب الحواسيب وستنتظرون يوما او يومين. اعتذر منكم.

واخــــــــــــــــــــــــيرا سارتاح وانام هاهاها.

2025/12/08 · 195 مشاهدة · 1298 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025