الفصل 37: وثيقة الروح

"لا.. لا يا هوا، لا تفعـ..." حاول شوان الصراخ للمرة الأخيرة، وعيناه تفيضان بالدموع والدم، ماداً يده المرتعشة نحو ابنه.

سوييييييييش!

هوى السيف بسرعة خاطفة كبرق فضي، قاطعاً الهواء والكلمات معاً. لم يشعر أحد بمرور النصل إلا بعد فوات الأوان.

تشششششخ!

صوت مقزز لتمزق اللحم وانفصال الفقرات دوى في صمت المكان. تجمد جسد شوان للحظة وهو راكع، قبل أن ينزلق رأسه ببطء عن عنقه ويسقط.

دب!

سقط الرأس المقطوع على الأرض بملامحه المتجمدة في رعب أبدي، وتدحرج ببطء.. لفة تلو الأخرى.. حتى ارتطم بحذاء السلف يانهوي وتوقف هناك، وعيناه مفتوحتان تنظران إلى إبنه بحزن وعدم المقدرة على فعل شيء.

شششششش!

انفجرت نافورة من الدماء القانية من رقبة الجسد المقطوع، لتصبغ وجه هوا وثيابه باللون الأحمر الداكن، قبل أن ينهار الجسد بلا حراك بجانب رأسه.

ساد صمت القبور، لم يسمع فيه إلا صوت قطرات الدم وهي تسقط من طرف سيف هوا على الأرض.

تك.. تك.. تك..

"موتٌ جميل.." كسر جيمس الصمت بصوت هامس ومستمتع، وعيناه تلمعان برضا شيطاني.

حرك جيمس يده في الهواء ببرود مطلق، وكأنه يتحكم بدمى عديمة الفائدة، جاذباً هيون وتشون الهائمين في السماء ليهويا نحو الأرض.

دب! دب!

ارتطم الجسدان بالأرض بقوة جعلت الغبار يتطاير، بينما كان الرعب قد استنزف كل قطرة دم من وجوههم، والدموع تنهمر كالشلالات من أعينهم.

"أرجوك.. أرجوك يا أخي! لست أنا من قتلها! قسماً لك لم أفعل شيئاً! لماذا تريد قتلي أنا؟" صرخ هيون بصوت مخنوق بالبكاء، يزحف على ركبتيه نحو هوا، يضرب رأسه بالأرض متوسلاً لحياة بائسة لا قيمة لها.

لم يرف لهوا جفن.

سوووووووووش!

ومض السيف بحركة خاطفة أسرع من الصوت. توقفت كلمات هيون فجأة، وتجمدت تعابير التوسل على وجهه، قبل أن ينزلق رأسه ببطء ويسقط بعيداً عن جسده.

طرااااااااااخ!

وقبل أن يسقط الجسد الهامد، سدد هوا ركلة وحشية بكامل قوته نحو صدر الجثة، قاذفاً إياها لتطير عشرات الأمتار وترتطم بالجدار وتتحول إلى كومة لحم مشوهة.

شاهد تشون المشهد بعينين فارغتين؛ أخوه تحول لرماد، والده جثة بلا رأس، وجده السلف يانهوي... نظر تشون بلهفة نحو جده لعله يجد نظرة شفقة أو نجدة، لكن يانهوي أشاح بوجهه فوراً إلى الجهة الأخرى متظاهراً بعدم رؤية حفيده لكي لا يثير غضب الوحوش المحيطة به.

في تلك اللحظة، انكسر شيء ما داخل تشون. تلاشت ملامح الخوف وحلت محلها ابتسامة مجنونة ويائسة.

"هوا.. أنا آسف حقاً على ما فعلت.." نطق تشون بصوت هادئ ومبتسم بحزن. توقف هوا عن الحركة، وخفض سيفه قليلاً، منتظراً سماع اعتذار هذا الوغد، راغباً في رؤيته يذل نفسه قبل النهاية.

ساد الصمت، وبدأ تشون يكمل كلامه وعيناه تلمعان بجنون خالص:

"لو عاد بي الزمن للوراء..." صمت للحظة، ثم انفجر ضاحكاً بوجه شيطاني: "لكنت اغتصبتها! هاهاهاها! نعم، لكنت اغتصبت تلك العاهرة وقتلتها بيدي، ثم قتلتك أنت أيضاً لكي لا أجلب لنفسي هذا الموت المخزي!"

شهق الجميع من هول ما سمعوا، لكن تشون لم يتوقف، بل استمر في الضحك بهستيريا وهو ينظر في عيني هوا مباشرة:

"هاهاهاها! لقد كانت أمك جميلة حقاً.. تباً! تباً لغبائي! لماذا لم أستمتع بجسدها قبل موتها؟ هاهاهاهاها!"

خيم صمت ثقيل ومطبق على المكان، وتحولت أنظار الجميع بذهول بين تشون المجنون وهوا الصامت. كانت لحظة توقف فيها الزمن، قبل أن ينكسر ذلك الصمت بصوت غير متوقع.

"هاهاهاهاهاها!"

انفجر هوا ضاحكاً، ضحكة سوداوية لا تقل جنوناً عن ضحكة تشون، جعلت الدماء تتجمد في عروق الحاضرين.

"أجل! لماذا لم تغتصبها؟ تباً لك أيها الغبي! لو كنت قتلتني حينها، لما جلبت لنفسك هذا الجحيم الآن! هاهاهاها!"

اقترب هوا ببطء، ووجهه يحمل ابتسامة شيطانية مرعبة، حتى أصبح أنفه يلامس أنف تشون. مد يده برفق مخيف ومسد على وجه تشون كأنه يداعب طفلاً، وهمس بنبرة جعلت روح تشون ترتعد:

"والآن.. هل تريد الموت؟ هه.. لا تحلم بذلك يا حبيبي.. هاهاها! ستتوسل إليّ لأقتلك، ستصرخ طالباً الرحمة والموت، لكنك لن تحصل عليهما أبداً."

بينما كانت يده تمسد وجهه، انزلقت فجأة نحو بطن تشون بسرعة البرق.

طرااااااااااااااااااااااخ!

دوى صوت تكسر عظام مرعب، متبوعاً بصوت تحطم شيء زجاجي داخل جسد تشون.

"آآآآآغغغغغ!"

جحظت عينا تشون وكاد يغمى عليه من الألم؛ لقد حطم هوا نواته الجوهرية (الدانتيان) بيده العارية، مدمراً تدريبه ومستقبله في لحظة واحدة.

"هيا بنا الآن.. لدينا رحلة طويلة من 'المتعة'." قالها هوا وهو يمسك تشون من ساقه ويسحبه خلفه محلقاً نحو السماء، تاركاً وراءه صدى ضحكاتهما المختلطة بالألم والجنون.

عاد الصمت ليطبق على الساحة، والجميع ينظرون إلى السماء بوجوه شاحبة.

"أيها السلف يانهوي." قطع صوت جيمس الجليدي حبل الصمت، وهو ينفض الغبار عن ملابسه بلامبالاة. "الإمبراطور الجديد لهذه الإمبراطورية هو 'هوا'. وظيفتك هي إزالة أي عقبات تعترض طريقه.. هل اتفقنا؟"

انتفض السلف يانهوي من مكانه، وقد أدرك أن حياته معلقة بخيط رفيع. "أجل! أجل يا جلالتك! أمرك مطاع!"

مشى جيمس ببطء نحو يانهوي، ونظر في عينيه مباشرة: "ما رأيك أن تقسم بولاء الدم لعائلة روهان وتصبح تابعاً أبدياً لي؟"

لم يتردد يانهوي للحظة؛ فقد رأى بعينيه للتو حفيده يُذبح، والآخر يُساق للتعذيب، وابنه مقطوع الرأس. الرعب من أن يلحق بهم كان كافياً لكسر كبريائه. "أقسم أنني لن أخون عائلة روهان أبداً يا جلالتك!" صرخ يانهوي وهو يسجد ويضرب جبهته بالأرض بخضوع تام.

"أحسنت." أخرج جيمس ورقة صفراء قديمة، نُقشت عليها طلاسم بلغة غير مفهومة تشع بضوء قرمزي خافت. "ضع قطرة من دمك هنا."

دون تفكير، جرح يانهوي إصبعه وقطر دمه فوق الورقة.

تششششش!

بمجرد ملامسة الدم للورقة، اشتعلت بوهج أحمر واختفت داخل صدر يانهوي.

"هذه 'وثيقة الروح'. إذا فكرت ولو للحظة في خيانتنا أو مخالفة أوامري، ستنفجر روحك وتتلاشى من الوجود في أقل من ثانية." قال جيمس بابتسامة باردة، بينما كان يعض على شفته في داخله: (تباً! لقد كلفتني 20,000 نقطة من النظام! اللعنة، إنها باهظة الثمن!)

شعر يانهوي ببرودة تسري في روحه، وأدرك أن حياته لم تعد ملكاً له. كان مصدوماً من قوة هذه اللفافة؛ كيف لشيء بهذه القوة والرعب أن يوجد؟ لكنه ابتلع ريقه وقال بصوت مرتجف: "لا تخف يا سيدي.. هذا العبد لن يخون جلالتك أبداً ما حييت."

"جيد.. خذ هذا مكافأة لك."

فوش!

رمى جيمس كتيباً قديماً مهترئ الأطراف نحو يانهوي. التقط يانهوي الكتاب بيدي مرتعشتين، وما إن قرأ العنوان وتصفح أولى الصفحات حتى كادت عيناه تخرجان من محجريهما.

"هـ.. هذا..!"

تدفقت هالة مقدسة من الكتاب، وشعر يانهوي بقشعريرة تسري في جسده. لقد أدرك فوراً أنه يمسك بتقنية صقل من "المستوى القدسي". كنز أسطوري قد لا يوجد مثله حتى في الأراضي المقدسة.

"يا إلهي.. تقنية صقل قدسية؟! بهذه التقنية.. سأصل إلى مستوى القديس عاجلاً أم آجلاً!" تمتم يانهوي بذهول، وقد تحول الخوف في عينيه إلى مزيج من الطمع والامتنان والولاء المطلق. سجد مرة أخرى، وهذه المرة بصدق أكبر:

"شكراً لك يا سيدي! شكراً لك! هذا العبد سيتبعك إلى الجحيم والموت!"

****

تنويه هام:وصلت الرواية لأكثر من 50 ألف كلمة، وبناء على ذلك سآخذ استراحة مؤقتة لترتيب الأفكار ومراجعة الحبكة لضمان عدم خروج الأحداث عن المسار المرسوم لها.سأنشر فصولا الليلة في حال انتهيت من تدقيقها، وستكون بمثابة ختام مؤقت قبل فترة التوقف.

(قد لا أنشر حتى تلك الفصول.)

أراكم قريبا.

منصف الوردي.

سيرفر ديسكورد: https://discord.gg/VdWMra3ccj

2025/12/10 · 139 مشاهدة · 1086 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025