الفصل 41: أنا ملك الموت

"هل ترغب في وجبة خفيفة؟"همس جوان وهو يربت بحنان على ريش الغريفن الأبيض الناصع، وعيناه مثبتتان بازدراء على جسد كايروس الملقى بلا حراك.

ذلك الجسد الذي كان قبل لحظات إمبراطوراً مهيبا، وأصبح الآن مجرد كومة من اللحم بلا رأس.

أمال الغريفن رأسه الضخم، ونظر بعينيه الصفراوين بذكاء حاد نحو الجثة، ثم هز رأسه بحماس وحشي، وكأنه يفهم كلمات سيده تماما.

"انطلق."

نطق جوان بالأمر ببساطة مرعبة.

تحرك الوحش الأسطوري بطاعة.

انحنى بمنقاره الفولاذي المعقوف، وأطبق على جسد كايروس.

ارتفع صوت تهشم العظام وتمزق الدروع الملكية، صوت تردد صداه في صمت الساحة المطبق.

أمام أعين جيوش الإمبراطورية المتسمرة، وأمام أنظار والديه المفجوعين، رفع الغريفن الجسد عاليا، وبحركة واحدة سريعة...

ابتلعه.

بلع.

اختفى جسد كايروس في جوف الوحش.

لم يعد له وجود.

لم يبق قبر، ولا جثة لتوديعها.

انتهى وجود الإمبراطور كوجبة لحيوان أليف.

"أحسنت يا فتى... اذهب واستمتع بهضم وجبتك."قال جوان وهو يمسح على رأس الغريفن الملطخ بدماء كايروس، بابتسامة راضية.

كانت الصدمة أكبر من أن تستوعبها العقول.

الجنود الذين كانوا يتبعون إمبراطورهم بثقة عمياء، الإمبراطور الذي كان يفتخر به في جميع قارة شينيا، القوة الأقوى، السلطة العليا في إمبراطورية المياه الزرقاء، رأوه يؤكل كقطعة لحم رخيصة.

رفع جوان صوته عالياً، صوتاً مفعماً بالكبرياء والتهديد، ليصل إلى مسامع كل جندي وضابط في ساحة المعركة:

"انظروا واحفظوا الدرس جيداً... هذا هو مصير أي شخص، مهما علا شأنه، يجرؤ على مواجهة عائلة روهان!"

مرت ثانية من الصمت الثقيل، وكأن العالم يستعد للانفجار.

وفجأة... انشقت السماء.

"ستموت... ستموووووووووووووووت!!"

لم تكن صرخة بشرية.

كانت عواء ذئبة ذبحت صغارها، صرخة حملت كمية من الألم والحقد جعلت السحب في السماء تتشتت وتنقسم من هول الموجة الصوتية.

توهجت أسترا بطاقة هستيرية حمراء، وتجاهلت بتر ذراعها، وتجاهلت جراحها، وانطلقت بسرعة جنونية نحو جوان، مدفوعة برغبة واحدة فقط: أن تمزقه بأسنانها.

حاول قيصر، الذي كان قلبه يعتصر دماً، أن يمد يده ليمسكها، ليعيد لها صوابها، لكنها كانت أسرع من الريح.

"أسترا، انتظري!"

تجمدت يده في الهواء.

شعر ببرودة الموت تسري في ظهره؛ كانت عيون "ليون" تراقبه كصياد ينتظر فريسته تتحرك.

كان يعلم أن التحرك الآن يعني موته المحتم.

لكنه نظر إلى زوجته المندفعة نحو حتفها، وإلى البقعة التي أُكل فيها ابنه.

"تباً لكل شيء."

لم يهتم بليون، ولم يهتم بحياته.

انفجرت هالته الملكية لأقصى حدودها، ودفع الأرض بقدميه بقوة زلزلت المكان، منطلقاً خلف زوجته بأقصى سرعة يمتلكها.

إذا كان الموت هو المصير، فسيواجهونه معاً كعائلة واحدة أخيرة.

شق!

لم يكد قيصر يكمل خطوته الثانية.

توقف الزمن فجأة، وتلاشى صوت المعركة، ليحل محله صوت تمزق اللحم الرطب وتمزق الدروع الملكية.

نظر قيصر إلى الأسفل ببطء، وعيناه لا تصدقان.

ذراع "ليون" لم تكن بجانبه، بل كانت داخله.

اخترقت يده المغلفة بهالة خضراء لزجة صدر الإمبراطور من الخلف، وخرجت من صدره الأمامي وهي تقبض على شيء ينبض بعنف.

اقترب ليون من أذن قيصر، وهمس بصوت فحيح هادئ، كأنه يعطي درسا تكتيكيا وليس كأنه يغتال إمبراطورا:

"إذا كان الخصم يراقبك، فمن المنطق أن تراقبه أنت أيضا... لماذا تركض كالحيوان الهائج تاركا ظهرك مكشوفا؟"

بحركة خاطفة وباردة، سحب ليون يده للخلف.

انتزع القلب من مكانه.

خرج القلب الساخن بين أصابع ليون، وما زالت الشرايين تتدلى منه.

"ماذا... كيف... كـ...؟"تلعثم قيصر، والدماء تتدفق كالنهر من الفجوة الهائلة في صدره.

مد يده المرتجفة نحو صدره الأجوف، محاولاً إمساك شيء لم يعد موجوداً.

تلاشت الحياة من عينيه في ثانية، وهوى الجسد العظيم، جسد سلف إمبراطورية المياه الزرقاء، على الأرض كجثة هامدة لا قيمة لها.

سمعت أسترا صوت الارتطام الثقيل خلفها.

توقفت عن الركض.

لفت رأسها ببطء شديد، والدموع المتحجرة في عينيها تحولت إلى رعب خالص.

كان المنظر كفيلاً بتحطيم عقلها.

زوجها، رفيق دربها لمئات السنين، ملقى على وجهه، وفجوة دموية تخترق ظهره.

رفعت نظرها للأعلى قليلاً، لتلتقي بعيني ليون المبتسمتين.

كان يرفع يده أمامها، وفي كفه يستقر قلب قيصر الذي توقف عن النبض للتو.

ابتسم ليون بدموية وقال بصوت مستفز:"هل يعجبك هذا؟"

طشششش!

أطبق ليون أصابعه بقسوة، وسحق القلب بضغطة واحدة.

انفجر العضو الحيوي، وتناثرت الدماء الساخنة والأشلاء لتغطي وجه ليون ووشمه بالكامل، مما جعله يبدو كشيطان خرج للتو من بحر الدماء.

"لااااااااااا! لماذا كل هذا؟!"أطلقت أسترا صرخة مزقت حنجرتها، سقطت على ركبتيها وهي تنظر إلى زوجها الميت وابنها المأكول.

لقد خسرت كل شيء في دقائق.

فجأة، جاء صوت بارد، صوت يحمل ثقل الجبال وعمق المحيطات، من ورائها مباشرة:"هذا بسبب ابنك... الذي فعل ما فعل بزوجاتي."

ما إن نطق ذلك الصوت، حتى تغير قانون الجاذبية في الساحة.

استدار ليون فوراً، وتلاشت ابتسامته الساخرة لتحل محلها ملامح الخضوع التام.

ركع على ركبة واحدة وخفض رأسه للأرض.

وعلى الجانب الآخر، فعل جوان الشيء نفسه.

وظهر لوسين من العدم وخر راكعاً.

في السماء، نزل عشرات الآلاف من جنود "الأرض والسماء" عن غريفيناتهم، وركعوا في الهواء في آن واحد كأنهم جسد واحد.

تسمر جنود الإمبراطورية في أماكنهم، وعيونهم تتسع من الرعب.

هؤلاء الوحوش... جوان الذي سحق جمجمة الإمبراطور، وليون الذي انتزع قلب السلف، ولوسين الذي ذبح الآلاف... هؤلاء "الكائنات" الدموية يركعون الآن ويرتجفون احتراماً لهذا الشخص؟

استدارت أسترا ببطء، وهي ترتجف، لتنظر إلى صاحب الصوت.

كان شاباً يقف ببرود، يداه خلف ظهره، ينظر إليها بنظرات خاوية من الرحمة.

قالت بصوت مكسور ومبحوح:"من أنت؟... لماذا فعلت كل هذا؟"

نظر إليها "جيمس" بعيون مظلمة كالجحيم، وأجاب بصوت دوى في أرجاء ساحة المعركة:"أنا ملك الموت... الذي جاء ليسحب منكِ حياتك، ويسحب كل ذرة حياة من إمبراطوريتكم."

خطى خطوة نحوها وأكمل بلهجة قاطعة لا تقبل النقاش:"أما لماذا؟ فالجواب لديكِ. كل هذا الدمار هو الثمن... الثمن الذي تدفعونه لأن ابنكم تجرأ وفعل شيئاً لم يكن عليه فعله."

لم يطل جيمس النظر إلى أسترا المنهارة، بل حول بصره بملل نحو "ليون" الذي ما زال جاثياً ورأسه يلامس الأرض خضوعاً.

كانت النظرة في عيني جيمس خاوية، خالية من أي ذرة رحمة أو تردد، وكأنه يصدر أمراً بتنظيف ساحة المنزل لا إبادة حضارة كاملة.

قال جيمس بصوت هادئ ولكنه حاد كالنصل:"ليون، أنهوا هذه المهزلة... أريد أن ينتهي كل هذا. لديكم اليوم فقط، لا أريد أن تشرق شمس الغد وهناك جندي واحد من جنودهم يتنفس."

توقف قليلاً، ثم اتسعت هالة الموت المحيطة به لتخنق الهواء في صدور الجميع، وأكمل بنبرة آمرة:

"وبعدها، اتجهوا مباشرة إلى قلب الإمبراطورية. وهناك... اسمعني جيداً... أي عائلة تحمل إرثاً، أو لديها شخص واحد - سواء كان عجوزاً أو طفلاً - أصبح فنان قتال، اقتلوه. أريد محو تاريخهم القتالي من الوجود. اتفقنا؟"

ارتعش جسد ليون، ليس خوفاً، بل إثارة وحماس لتعطش سيده للدماء.

ضرب بقبضته على صدره وهو لا يزال خافضا رأسه، وصرخ بصوت جهوري:

"حاضر يا سيدي! إرادتك هي قانون هذا العالم."

ما إن أنهى جيمس كلامه حتى استدار بظهره لأسترا ولجيش الإمبراطورية المرتعب، وكأنهم لا يستحقون حتى النظر إليهم.

بدأ يمشي ببطء مبتعداً عن مركز المعركة، والجنود من الإمبراطورية يفسحون له الطريق بخوف ورعب شديد، بينما الأجساد الممزقة تفرش له سجادة حمراء من الدماء.

"لا... مستحيل..."همست أسترا بصوت مبحوح، وعيناها تتسعان بذهول.

لقد استوعبت للتو معنى كلماته.

هو لا يريد قتل الجيش فحسب، ولا يريد احتلال الإمبراطورية... هو يريد "تطهيراً عرقياً" لكل من يحمل قوة.

إنه يخطط لإعادة إمبراطورية المياه الزرقاء إلى العصر الحجري، وتحويل شعبها إلى مجرد عبيد بلا قوة ولا حماية.

"أنت شيطان... أنت لست بشراً!"صرخت أسترا وهي تحاول النهوض بجسدها المكسور، تريد الهجوم عليه، تريد فعل أي شيء لوقف هذا الكابوس.

لكن قبل أن تتحرك خطوة واحدة، وقف ليون.

اختفت ملامح الخضوع التي كان يظهرها لجيمس، وعاد وجه "الوحش".

استدار ببطء نحو أسترا وجنود الإمبراطورية المتجمدين، وابتسامة عريضة ومرعبة تشق وجهه حتى أذنيه.

وبجانبه نهض جوان وهو يطقطق رقبته بملل، ومسح لوسين دماء الجنرالات عن خنجره.

قال ليون بصوت منخفض ومرعب موجه لأسترا وللجيش:

"هل سمعتم السيد؟... لديكم يوم واحد فقط لتموتوا جميعاً."

انفجرت الهالات القاتلة من الأباطرة الثلاثة (ليون، جوان، لوسين) في آن واحد، مشكلة ضغطا جويا سحق الأرض تحتهم.

"ابدؤوا الحصاد!"صرخ ليون.

وفي تلك اللحظة، تحولت ساحة المعركة من قتال بين جيشين، إلى مسلخ بشري من طرف واحد.

2025/12/14 · 84 مشاهدة · 1233 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025