الفصل 50: العوالم الدينية

تفحص النظام جيمس بنظرة شمولية، من أخمص قدميه الحافيتين إلى شعره الملون.

"جيمس.."

رفع الكيان الطاقي رأسه الذهبي نحو السماء المظلمة للحظة، ثم أعاد نظره ليثبته في عيني جيمس السوداوين، مجيبا عن سؤاله الوجودي بنبرة حازمة لا تقبل الشك:

"أنت لا تتوهم.. كل الأشياء التي حدثت، هي حقيقة مطلقة يا جيمس. حتى لو صرخ منطقك البشري بأن هذا مستحيل، فإن قوانين هذا العالم تتجاوز منطقك القديم. أنت حي، وألمك حي."

اقترب الكيان د، وتغيرت نبرته لتصبح أكثر جلالا:

"أما عن اسمي.. فببساطة، أنا نظام روهان. سميت بذلك لأن وظيفتي الوجودية هي مساعدة سلالة روهان، التي أنت سيدها الآن، لتكون مالكة الأكوان وحاكمة العوالم. اسم عائلتك في هذا العالم هو روهان يا جيمس، وأنا جزء لا يتجزأ من ميراث هذا الاسم."

نظر إليه جيمس ببرود جليدي، وارتسمت على شفتيه تلك الابتسامة الباردة والميتة، وكأنه يسخر من قدره الذي يلاحقه حتى باسمه.

....

في أعالي السماء، فوق مدينة تشين تمزق السحاب بفعل هالة مرعبة.

"هل هذا هو مقر تلك العائلة المزعومة؟"

جاء الصوت كهدير الرعد المكتوم، صادرا من شخص يطفو في الهواء بثقة مطلقة. كانت هالته القدسية قوية لدرجة أنها جعلت الهواء من حوله يتموج وينحني كسراب الصحراء.

كان رجلا مهيبا، يرتدي سروالا أحمر فضفاضا، بينما ترك جذعه العلوي عاريا ليبرز عضلاته التي تشبه الصخور، وفي وسط صدره، كانت هناك بلورة حمراء دموية مغروسة في لحمه، تشع بطاقة نابضة ومخيفة.

كان هذا "لوريال"، القديس الرابع وحاكم القمة الرابعة في "الأرض المقدسة كورفين".

بجانبه، كان يطفو قديس آخر، ينحني باحترام ورهبة، رغم أنه يمتلك قوة تضاهي قوة نليير، وقال بصوت خافت:

"أجل يا سيدي.. هذا ما وصلتنا به تقارير إمبراطورية الرياح البنفسجية، التي تعد أقوى عائلة استخباراتية في قارة شينيا. هذا هو المعقل."

ضيق لوريال عينيه وهو يمسح المدينة التي تطورت بشكل مذهل وأصبحت ذات أسوار شاهقة، لكنها في نظره لا تزال مجرد حظيرة صغيرة.

"همم.. يقولون إنها عائلة تمتلك سيدا سماويا.. ولكن يبدو لي من مظهرها وطاقتها أنها عائلة لا ترقى حتى لتكون بقوة أرض مقدسة ضعيفة."

قالها باحتقار، وهو يعلم جيدا معايير القوة في هذا العالم الشاسع.

لفهم غطرسة لوريال، يجب فهم العالم الذي يقف على قمته. عالم "أساريلان" ليس مجرد يابسة وماء، بل هو خريطة معقدة من القوة والنفوذ، مقسمة إلى خمس قارات عظمى، يحكمها قانون صارم: القوة تتركز في "الأراضي المقدسة".

في هذا العالم، الإمبراطوريات قد تكون واسعة، تمتد لآلاف الأميال وتحكم عشرات الممالك وملايير البشر، لكنها تظل في الدرك الأسفل من القوة الحقيقية.

القوة الفعلية تقبع في "الأراضي المقدسة"، وهي مناطق جغرافية صغيرة بحجم مملكة كبيرة، لكنها مبنية فوق "أراض مباركة" نادرة، حيث تتركز الطاقة الروحية بكثافة تسمح بظهور القديسين.

تتوزع القوى كالتالي:

قارة كليغتون: القارة الثانية من حيث القوة، موطن الجبال الشاهقة، وتحتوي في جوفها على ثلاث أراض مقدسة جبارة تتنافس فيما بينها.

قارة لينزن وقارة جينغوان: قارتان متوازنتان في القوة، تمتلك كل واحدة منهما أرضين مقدستين تفرضان السيطرة المطلقة على الإمبراطوريات التابعة لهما.

قارة شينيا : القارة التي كانت تعتبر نائية وضعيفة مقارنة بالبقية.(الأرض المقدسة فليليا)

ولكن، فوق كل هؤلاء، تتربع القارة الأسطورة، قارة سيوما.

قارة سيوما ليست مجرد يابسة، بل هي التاريخ بحد ذاته.

تشهد المخطوطات القديمة أن نسل البشر في عالم أساريلان بدأ هناك قبل 500 ألف عام.

هناك ولد "القديس كارلي"، قبل 350 ألف عام، أو كما يلقب بـ "السيد الأعلى".

كان أول بشري يخترق حدود السماء ويصل لمرتبة القديس، وهو أول من وضع مفهوم "الأرض المقدسة".

بعد أن أسس كارلي أرض سيوما المقدسة، انطلق لاستكشاف العالم، ورسم حدوده، وأعطى للقارات أسماءها، ووضع القانون الحديدي الذي لا يزال ساريا حتى اليوم: "لا يمكن لأي قارة أن تحتوي على أكثر من أربع أراضي مقدسة، لضمان توازن الطاقة".

لكن "سيوما" كسرت كل القواعد. فهي ليست مجرد أرض مقدسة عادية، بل هي "قارة مقدسة".

حجمها بحجم قارة كاملة، وكل شبر فيها هو أرض مباركة.

تحت راية سيوما العظمى، تنضوي أربع أراضي مقدسة فرعية، مشكلة بذلك القوة الأعظم في الوجود.

سيوما هي "العاصمة العالمية"، مقر "الاتحاد القاري"، والمكان الذي يجتمع فيه أباطرة العالم وقديسوه عندما يصدر قانون جديد أو يواجه العالم خطرا وجوديا.

هي الحاكم الفعلي، والشرطي، والجلاد لعالم أساريلان.

ومن هذا المنظور، كان لوريال، القادم من أرض مقدسة عريقة تابعة للقارة المقدسة سيوما، ينظر إلى مدينة جيمس كقرية متمردة، غير مدرك أن ما يقبع داخل تلك الجدران ليس مجرد "سيد سماوي"، بل كارثة بحجم الكون.

"ماذا ستفعل يا سيد لوريال؟.. هل نهاجم الآن ونمحوهم بالكامل؟ إن قتل عشرة مليارات إنسان هو رقم يخرج عن نطاق جميع المجازر المسموح بها في قوانيننا الضمنية. لو أنه قتل عشرة ملايين، أو حتى مئة مليون، لكان بإمكاننا التغاضي عن الأمر واعتباره جانبا من طبيعة القوي، ولكن عشرة مليارات؟ لا يمكن إخفاء هذا."

قال القديس التابع وهو يرتعد أمام لوريال، ليس خوفا من المعركة، بل خوفا من العواقب الكونية.

اقترب القديس أكثر، وهمس بصوت يقطر فزعا:

"أنت تعرف جيدا يا سيدي القوانين غير المكتوبة. إذا تسرب خبر هذه الإبادة ووصل إلى مسامع أحد العوالم البشرية الأخرى المعادية، وبالأخص تلك العوالم الدينية المتعصبة، سنواجه كارثة وجودية."

تصبب عرق بارد على جبين القديس بمجرد ذكر "العوالم الدينية"، وانتقلت العدوى إلى لوريال. اهتزت يد سيد القمة الرابع للحظة، ارتعاشة خفيفة وسريعة، لكنها كانت كافية لتكشف عن الرعب الذي يسكن حتى أقوى القديسين تجاه ذلك العدو العقائدي، قبل أن يخفي ارتعاشته بقبضة قوية.

"تبا.. العوالم الدينية مرة أخرى.. ذلك التعصب الأعمى يلاحقنا كظلال الموت."

زفر لوريال بغضب، ونظر إلى البشر في الأسفل باحتقار شديد، كأنه ينظر إلى مستعمرة نمل:

"ما العيب في قتل هذه الحشرات أصلا؟ إنهم يتكاثرون بسرعة ويموتون بسرعة، ما قيمة عشرة مليارات من الفانين أمام ولادة سيد قوي؟ تبا.. لو لم يكن بسبب ضغطهم المستمر وتربصهم بنا، لكنت نزلت الآن وزرت هذا السيد، وحييته، وقدمت له الهدايا كعربون صداقة واحترام لقوته وجرأته."

اشتدت قبضته حتى تفتت الهواء في يده:

"ولكن.. نحن مقيدون. إذا علمت تلك العوالم الدينية أننا، نحن حكام وحراس هذا العالم، تركنا مجرما سفاحا أباد مليارات البشر يفلت بدون عقاب، هل تظن أنهم سيتركوننا وشأننا؟ لا.. بل سيعتبرونها الذريعة الذهبية. سيهاجموننا بحجة أننا شياطين ملعونين، حماة للقتلة، وسيبدأون حملتهم المقدسة."

توقف لوريال عن الكلام للحظة، وعيناه تسرحان في الأفق الدموي الذي يتخيله، ورأسه يدور من التفكير والغضب من هذا النفاق الكوني المفروض عليه:

"أنت تعلم كيف يعملون.. لا يكتفون بالقتل. إنهم يغزون العقول. سيبدأون في نشر تلك الديانة المسمومة لتأكل عقول الناس هنا، ليحولوا عالمنا إلى مزرعة طاقة لأسيادهم."

التفت إلى تابعه، وبدأ يسرد التاريخ الأسود بصوت منخفض ومشحون بالرهبة:

"أتذكر ما حدث قبل عشرين ألف سنة في عالم لنيزوان؟.. لم يكن مجرد قتال. كانت حربا طاحنة بين الأراضي المقدسة هناك، صراع على الأراضي المباركة، وزهقت فيها أرواح مليارات من البشر الفانين كأضرار جانبية. بالنسبة لهم كان أمرا عاديا، لكن بالنسبة لأحد العوالم الدينية المتربصة، كانت تلك هي 'تذكرة الدخول'."

ارتجف صوت لوريال وهو يكمل الصورة البشعة:

"لقد استغل أحد الحكام السماويين في ذلك العالم الديني تلك المجزرة كحجة أخلاقية. أرسل جيشه المقدس الجرار، لم يأتوا كمحتلين، بل كمنقذين. دمروا جميع قوى الأراضي المقدسة في عالم لنيزوان، أبادوا الأباطرة والقديسين بحجة تطهير الشر. وبعد أن فرغت الساحة.. نشروا ديانتهم."

نظر لوريال إلى الأسفل برعب حقيقي:

"تلك الديانة.. التي تجبرك عند الإيمان بها أن تقدم روحك، طاقتك، إرادتك، وكل ذرة من كيانك لصاحب الديانة. عالم لنيزوان اليوم ليس سوى قشرة فارغة، سكانه مجرد بطاريات بشرية تغذي حاكما في عالم آخر. وهذا ما سيحدث لنا إن لم نتحرك. يجب أن نقتل هذا السيد، لا انتقاما للبشر، بل حماية لأنفسنا من الآلهة المزيفة التي تنتظر زلتنا."

....

كل هذا الذي تقرأه شيء غير حقيقي شيء فكرت به تخيلته وأنا أريد أن أكتب، فكر و تيقن ان كل هذه الأشياء خيالية.

قصة خيالية فقط ليس لها أي صلة بالواقع او معتقدي.

2025/12/21 · 62 مشاهدة · 1211 كلمة
Moncef_
نادي الروايات - 2025