الفصل السادس: مرحلة الحكام.
استمرت المعركة لساعات عديدة، ولكن في النهاية، تم القضاء على جميع البرابرة. حتى قائدهم، الذي كان في مرحلة "ما بعد الولادة"، لقي حتفه على يد جين روهان.
بالإضافة إلى ذلك، قُتل العديد من الأشخاص الذين كانوا في نفس المستوى القتالي على يد لينغ وتشانغ وشين، مما أظهر القوة الساحقة لأفراد عائلة روهان.
عمت الفرحة العارمة بين مواطني مدينة "تشين يا"، واعترف الجميع بقوة عائلة "روهان" التي لا تُقهر. بدأ السكان يصيحون بذهول: "فقط أربعة أشخاص من عائلة روهان تمكنوا من القضاء على جيش كامل من البرابرة في بضع ساعات!" انصدم سكان المدينة بشدة وبدأوا يتخيلون القوة الحقيقية لسيد العائلة الغامض.
لم يكن أحد يعرف سيد العائلة، ولم يره أحد من قبل، لكنهم استنتجوا من خلال القوة المرعبة التي يمتلكها أفراد العائلة أنه شخص قوي جداً بلا شك.
"سيد لينغ، شكراً جزيلاً لك. لن أنسى هذا المعروف ما حييت"، قال "كاو بينغ" وهو ينحني باحترام عميق للينغ وأفراد عائلة روهان الذين كانت ثيابهم ملطخة بدماء البرابرة.
أجابه لينغ باستغراب وهو يمسح الدم من على وجهه: "عفواً؟ هذا أمر مباشر من زعيم العائلة، ومن واجبي القيام بتنفيذ أوامره فقط".
"أجل، أجل، أتفهم ذلك تماماً. ولكن أرجو منك أن توصل لسيد العائلة فائق احترامي وتقديري"، قال "كاو بينغ" وهو يمسح مؤخرة رأسه بحرج.
تنهد لينغ وقال: "حسناً".
قال "كاو بينغ" في نفسه: "يا تُرى ما هو المدى الحقيقي لقوة سيد العائلة هذا؟ لدرجة أن شخصاً بمستوى فارس يكن له كل هذا الاحترام ويستمع إلى أوامره بلهفة!".
"آه، السيد كاو، أرجو منك ألا تسمح لأي أحد بالدخول إلى جبل تشينغماو"، التفت لينغ لحاكم المدينة وقال بنبرة حازمة.
"حسناً سيد لينغ، سأفعل ذلك"، قال "كاو بينغ" وهو ينحني مجدداً.
بعد ساعات من انتهاء المعركة التي خاضها أفراد عائلة "روهان"، بدأ جنود المدينة في تنظيف ساحة المعركة؛ يحرقون الجثث وينظفون الدماء المسكوبة.
ولكن فجأة، لاحظ الجنود سحابة كبيرة من الرمال تتصاعد في الأفق البعيد، وأصوات اهتزاز الأرض تهز الأرض من تحتهم. تسمر الجنود في أماكنهم، كل شخص يفكر بطريقته، لكنهم جميعاً اتفقوا على احتمالية أن تكون تلك تعزيزات إضافية للبرابرة، وقالوا في أنفسهم بيأس: "انتهينا".
مع مرور الوقت، ازدادت أصوات أقدام الخيول علواً، والجنود لا يعرفون ماذا يفعلون.
"إنهم من الإمبراطورية!" صاح أحد الجنود فجأة، وأحس بسعادة غامرة تسري في أنحاء جسده.
"أجل، انظروا! إنها راية وعلم إمبراطورية "مينغ"!" قال جندي آخر.
بعد مدة، وصل الآلاف من الفرسان بدروع حديدية وهالات قوية تشع من أجسادهم.
وفي المقدمة كانت تقف فتاة جميلة ذات وجه دائري وشعر حريري ومفاتن واضحة، من صدرها إلى عنقها.
وعلى يمينها وقف رجل عجوز ذو لحية بيضاء، ومن وجهه يشع نور العلم والحكمة.
توجهت الفتاة نحو أحد الجنود وقالت باستغراب وهي تنزل من صهوة جوادها: "هل أنتم من قتلتم هذا الكم الهائل من البرابرة؟"
أجابها أحد الجنود بتواضع: "لا يا سيدتي، نحن ننظف الساحة فقط، أما من قتلهم فهم أربعة سادة من عائلة "روهان"".
"عائلة روهان؟ أربعة أفراد فقط؟" قال العجوز الواقف بجانب الآنسة الشابة وهو مصدوم تماماً.
لم يصدق ما سمعته أذناه، فكيف يعقل أن قوة بهذا الحجم، جيش جرار من ألفي مقاتل متمرس وعشرات الأقوياء في مرحلة "ما بعد الولادة"، قد تم سحقها بهذه السهولة؟
ارتسمت على وجهه علامات الذهول المطلق، وعيناه جحظتا من الصدمة، إذ إن المنطق العسكري والاستخباراتي الذي يعرفه انهار في لحظة واحدة أمام هذه الحقيقة المستحيلة.
لم يكن القضاء على هذا الجيش مجرد نصر، بل كان مذبحة أحادية الجانب لم تتطلب سوى أربعة أشخاص! بدأ العجوز يعيد حساباته كلها، فمن تكون هذه العائلة الغامضة التي لم يسمع عنها في سجلات عائلته نينغ العريقة، والتي تمتلك مثل هذه القوة المرعبة والمخفية؟
"ماذا؟ هل تمزح معي؟!" صرخت الفتاة الجميلة في وجه الجندي بغضب وعدم تصديق.
"سيدتي، أنا أقول الحقيقة فقط، أقسم لكِ أنهم أربعة شبان من عائلة روهان"، قال الجندي والخوف واضح في عينيه. "هم من قتلوا أغلبية فرسان البرابرة. إذا لم تصدقيني، اسألي حاكم المدينة، فهو من طلب يد العون منهم أصلاً"، أكمل وهو يرتجف.
"من هم عائلة روهان هذه؟ لم أسمع عنها من قبل"، قال العجوز باستغراب. "أعرف العديد من العائلات القوية في الإمبراطورية، ولكن أول مرة أسمع باسم عائلة روهان هذه، هل هي قوة جديدة؟"
"سيدي، عائلة روهان معروفة في جميع أنحاء المدينة"، قال الجندي وهو يمسك عنقه بتوتر. "ولكن لا أحد يعرف عنهم الكثير، فقط المعلوم أنهم يقيمون في جبل تشينغماو".
"وأيضاً، إنهم أقوياء جداً. هناك بعض الشائعات التي تقول إنهم عائلة قديمة جداً تسكن جبل تشينغماو منذ زمن بعيد"، أضاف الجندي.
"وغير مسموح لأي شخص بالدخول إلى الجبل بدون إذن مسبق من العائلة"، أكمل مرة أخرى، وسط دهشة تامة من الفتاة والعجوز اللذين لم يصدقا ما سمعاه.
"سيدة نينغ إير، هل نذهب ونلقي التحية على هذه العائلة؟" قال العجوز وهو لا يزال مصدوماً من المعلومات التي سمعها للتو.
أجابت الفتاة "نينغ إير" بحماس: "أجل، هيا بنا".
توجهت "نينغ إير" ومعها العجوز وبعض الحراس الأقوياء نحو داخل المدينة، وبعدها انطلقوا باتجاه جبل "تشينغماو". ولكن ما إن سمع حاكم المدينة "كاو بينغ" بنواياهم حتى أصابه رعب شديد؛ فقد وعد "لينغ" بأنه لن يسمح لأحد بالدخول إلى الجبل إلا بإذن من العائلة، لذا توجه بأقصى سرعة ممكنة للحاق بهم.
"هذا هو جبل تشينغماو... إنه عملاق بحق!" قالت "نينغ إير" وهي تنظر إلى الجبل بدهشة من ضخامته المهيبة.
"أجل، وأيضاً الطاقة الروحية داخل الجبل قوية جداً!" أجابها العجوز، الذي كان هو الآخر مصدوماً من الكمية الهائلة من الطاقة الروحية التي تملأ المكان.
"أيها السادة، توقفوا!" جاء صوت قوي من خلف "نينغ إير".
التفتت "نينغ إير" والعجوز وحراسهم بسرعة واستغربوا من هذا الشخص الذي كان يجري بسرعة باتجاههم.
"من أنت؟" سحب حراس "نينغ إير" سيوفهم في لحظة واحدة باتجاه الشخص القادم.
"أعتذر عن هذا!" قال الشخص وهو يقف لاهثاً. "أنا كاو بينغ، حاكم مدينة "تشين يا". لو سمحتم أن ترجعوا إلى داخل المدينة، فهذا المكان محظور على أي شخص"، قال "كاو بينغ" بسرعة، محاولاً يائساً إرجاعهم إلى المدينة لأنه لا يريد إغضاب "لينغ" أو عائلة "روهان".
كان يدرك تماماً أن الأشخاص أمامه أقوياء، فالحراس كانوا في مرحلة "ما بعد الولادة"، والعجوز والفتاة كانا في قمة مستوى "الفارس"، ورغم قوتهم تلك، لم يكن يريد السماح لهم بالدخول إلى الجبل.
"من أنت لكي تمنعني من دخول الجبل؟" قالت "نينغ إير" بانزعاج واضح، مطلقة هالة قوية باتجاه "كاو بينغ".
"سيدتي، هذا لمصلحتك. أرجوكِ ارجعي إلى المدينة، فأنا لا أريد أن يموت أحد الضيوف الأقوياء في مدينتي"، قال "كاو بينغ" بسرعة رغم خوفه من هالة الفتاة الطاغية.
"ماذا تقول؟ أتريد أن تموت بسيف هذه الفتاة؟" قالت "نينغ إير" بغضب جامح وأطلقت قوة هائلة أخرى باتجاه "كاو بينغ".
ولكن فجأة، دوى صوت قوي من مكان قريب:
"من يجرؤ على التصرف بهذه الطريقة أمام جبل تشينغماو؟" بدأ شخص ما يطلق هالة شديدة القوة، أقوى حتى من هالة "نينغ إير" بكثير.
التفتت "نينغ إير" بسرعة، لكن قلبها بدأ يضرب كالصاعقة؛ فهذا الشخص أقوى منها بكثير. حتى العجوز والحراس تراجعوا خطوة إلى الوراء وهم يشعرون بالخوف والرهبة.
"سيدي، أنا أعتذر عن هذا"، قال "كاو بينغ" بخوف وهو ينحني. وأكمل موضحاً: "هؤلاء يريدون فقط أن يلقوا السلام على عائلة روهان".
خرج شاب طويل القامة وجميل الوجه من داخل الأشجار، تحيط به هالة زرقاء قوية. ولكن بعد سماعه أنهم هنا ليلقوا السلام، كبح هالته.
"تلقون السلام؟" قال الشاب.
"أجل. سمعنا عن قتلكم للبرابرة، لذا أتينا لملاقاتكم وتقديم احترامنا لكم يا سيدي"، قالت "نينغ اير" بسرعة.
"حسناً، حسناً. ولكن لماذا كنتم تتشاجرون قبل قليل؟" قال الشاب باستغراب.
"لا، يا سيدي، ليس هناك أي شيء ذو أهمية"، قال العجوز بسرعة، فقد أحس بالطاقة الهائلة المنبعثة من الشاب وقال في نفسه: "هذا الشاب على أقل تقدير هو في المستوى الثاني من مرحلة الحكام! يا إلهي، من هي هذه العائلة؟"
"من أنت يا سيدي؟" قالت "نينغ إير" وهي ترتجف قليلاً.
"آه، نسيت أن أقدم نفسي"، قال الشاب بخجل مصطنع. "أنا الابن الثاني لعائلة روهان، جيلان روهان".
"تشرفت بلقائك يا سيدي"، قالت "نينغ إير" وهي تنحني انحناءة صغيرة لـ "جيلان". "أنا نينغ إير من مدينة ليان نينغ، من عائلة نينغ"، أكملت وهي تنحني.
"وأنا العجوز ياو نينغ من عائلة نينغ"، قال العجوز. "وهؤلاء بعض المرافقين"، أشار نحو الفرسان وهو يكمل كلامه.
"أنا كاو بينغ، حاكم مدينة تشين يا يا سيدي"، قال "كاو بينغ" وهو ينحني لـ "جيلان".
"تشرفت بلقائكم هي بنا الى مقر العائلة لضيافتكم" قال جيلان وهو يشير اليهم للدخول .
اتبعت "نينغ إير" والوفد المرافق لها "جيلان" بخطوات متأنية، ولكن عقلها كان مشغولاً بالتفكير والتحليل.
كانت تحدث نفسها قائلة: "هذا الابن الثاني لعائلة روهان قوي جداً. إنه يمتلك هالة تضاهي أقوى الأقوياء في الإمبراطورية بأكملها، وربما يكون الأقوى بين أبناء الجيل الشاب. عمره لم يتجاوز العشرين عاماً، إنه موهبة حقيقية ونادرة!".
ثم بدأت هواجسها تتسع وتزداد عمقاً وهي تتساءل بذهول: "ولكن ماذا عن أبيه وأمه؟ ماذا عن إخوته وأعمامه؟ يا إلهي، يبدو أن هذه العائلة قوية للغاية! على أقل تقدير، يجب أن يكون هناك شخص بمستوى
الملوك
أدركت "نينغ إير" بسرعة أهمية الموقف وغيرت استراتيجيتها الذهنية على الفور: "عليّ أن أترك انطباعاً جيداً للغاية لدى هذه العائلة الغامضة والقوية، وأن أخلق علاقة جيدة ومتينة معهم. قد يكون هذا هو مفتاح قوتي وقوة عائلتي مستقبلاً".
كانت تسير خلف "جيلان"، الذي كان يقودهم عبر مسارات الجبل الملتوية والمحاطة بالأشجار الكثيفة، وهي تحاول جاهدة السيطرة على مشاعر الدهشة التي انتابتها بمجرد أن وطأت قدمها أرض جبل "تشينغماو" الساحر والمليء بالطاقة الروحية الكثيفة التي كانت تشعر بها تتدفق حولها بقوة لم تختبرها من قبل.
كانت كل خلية في جسدها تنبض بالحياة في هذه البيئة الغنية، مما زاد من قناعتها بأن هذه العائلة تخفي أسراراً عظيمة.
وذات الأفكار كانت تدور في عقل العجوز "ياو نينغ" أيضاً، فلم يكن ممكناً لشاب في مقتبل العمر أن يصل إلى هذا المستوى المذهل من القوة دون داعم قوي يقف خلفه، وموارد وفيرة، وعائلة عريقة ذات نفوذ.
كان يمعن النظر في "جيلان" الذي يسير أمامهم بثقة، وكلما زادت الهالة الكامنة التي يشعر بها، زاد قلقه وتساؤله: "هل نستحق حقاً مقابلة رئيس هذه العائلة الغامضة والقوية؟ وما مدى القوة التي يخفيها هذا الجبل؟".
كانت عينا العجوز تتفحصان محيطهما بحذر، مدركاً أنهم دخلوا للتو إلى عرين قوة لم تكن مسجلة في أي من وثائق الإمبراطورية.
بعد مدة من المسير عبر المسارات الجبلية، وصلوا أخيراً إلى أمام قصر عملاق ومذهل. كانت أسوار القصر هائلة، يبلغ ارتفاعها تقريباً مئة متر، وبوابته ضخمة وعملاقة تثير الرهبة. كان يقف على جانبي البوابة حراس أقوياء ومهيبون، يرتدون دروعاً مميزة، مما زاد من شعور الوفد الزائر بالدهشة والانبهار من عظمة المكان وسكانه.
توجه "جيلان" نحو البوابة، وما إن لاحظه الحراس حتى هتفوا باحترام بالغ: "تحيتنا للسيد الشاب!" انحنوا بسرعة أمامه وفتحوا البوابة الضخمة على مصراعيها.
التفت "جيلان" للوراء وقال لـ "نينغ إير" والأشخاص الآخرين: "هيا ادخلوا، مرحباً بكم في ممتلكات عائلة روهان".
فتح الجميع أفواههم بذهول وهم ينظرون إلى البوابة الضخمة التي كشفت عن فناء القصر الفاخر من الداخل.
**************
تم الانتهاء من فصول اليوم بنجاح.
نلتقي غدا إن شاء الله لاستكمال القصة.
إذا أعجبتكم الرواية، فلا تنسوا التعليقات تحياتي لكم.
المؤلف: Moncef