2 - مدينة الرياح العاصفة

مدينة الرياح العاصفة.








لو قيل أن منزل هان يقع في مدينة صغيرة، لكنها في الواقع قد تكون بلدة لا أكثر مقارنة بمدينة كبيرة كمدينة الرياح العاصفة، فقط أولائك الذين يعيشون في المناطق الجبلية و الزراعية و السكان المحليين الذين لا يعلمون حول المناطق الخارجية جاهلون بمدى اتساع العالم الخارجي، السبب الذي جعل هان يدرك هذا و هو اطلاعه الواسع بالكتب المرجعية في قريته، فقد درس هان الطب لمدة عشر سنوات، و قد كانت كيفية ممارسة الطبيب لسم العنقاء من مدينة الحصان البنفسجي المعروفة بطينة متميزة من خيرة الأطباء.

لم تكن مدينة الرياح العاصفة بعيدة جدا عن مدينة الغيمة السماوية، كان لديها طريق رئيسي واحد فقط يعرف بإسم شارع التنين المزدوج، الذي امتد من الحدود الغربية والشرقية للبلدة، كانت هناك حانات في كل مكان، منتشرة كالوباء في الساحة الرئيسية للمدينة.

كانت هناك طرق فرعية للعربات في الجزء الشمالي من مدينة الرياح العاصفة، يمتد من بوابات المدينة على طول الطريق إلى المنطقة الداخلية، التي كانت المكان الوحيد و الأقرب لأي شخص سيزور المدينة.

حانة الربيع الأخضر لم تكن كبيرة بأي شكل من الأشكال و كانت قديمة جدا، إلا أنها قبعت في وسط الساحة لتعطي منظرا شائعي للقرى الصغيرة، كان لهذه الحانة إقبال غفير، كل يوم عندما تشرق الشمس ستجد هناك حشد من الناس، مما يجعل هذا المكان مزدحما للغاية.

ظهر رجل نحيف مع وجه حازم من عربة بنية اللون جنبا إلى جنب مع بشرة بيضاء، و طفل صغير كان ملامحه تظهر قلة تقثه في نفسه و الذي بدا أصغر من هان بسنة واحدة على أقل تقدير، كلاهما دخلا إلى حانة الربيع الأخضر، كل العملاء و الرواد الدائمين للحانة يعرفون من كان هذا الرجل، أغنى تاجر في المدينة، شياو هي، و مع ذلك الطفل لم يكن معروفا أبدا.

"سيد شياو هي، ما الذي أتى بشخص بمكانتك لهذا المكان المتواضع"

سارع مدير الحانة الذي كان سمينا و مدبوغا، لتملق هذا الرجل أمامه بشتى العبارات التي ستغدي فخره.

بعد انتهاء المدير من كلامه، كامل المطعم تقدم نحو الرجل لتقبيل مؤخرته، كأغنى رجل في المدينة فهذه فرصة لا تعوض إن أخد انطباع جيد عن البشري أمامه.

"بيه، أريد غرفتين" قال الرجل بصوت جاف و لم يكلف نفسه عناء التحديق بمن حوله أو حتى الرد عيهم.

سافر هان لمدة أربعة أيام كاملة دون أي راحة قبل وصوله لمدينة الرياح العاصفة، كان هان يشعر بتوعك في كامل أنحاء جسده، عرقه الذي جعل ملابسه تلتصق مع جسده، كأن مادة زيتية تم رشها عليه، كان قذرا لأبعد درجة.

تقدم هان لحانة الربيع الأخضر ليقف في الجزء الخلفي منها، قام هان بالدخول ببطئ، ليرمق رجلا أشيب في أواخر العمر واقفا يستقبل عددا من الزبناء.

"سيدي، أريد غرفة واحدة لو سمحت"

استدار العجوز، ليحدق في هان بنظرات تظهر احتقارا واضحا.

"أيها الطفل، الإقامة ليلة واحدة تكلف عملة فضية واحدة، إنه مبلغ لا تستطيع دفعه على ما أعتقد، لذلك من الأفضل أن ترك هذه الحانة"

بعد سماع رد العجوز، إبتسم هان ليخرج من جيبه تلات عملات فضية و يقدمها للعجوز.

ليحدق فيه العجوز و يرافقه لغرفة ذات أتات بسيط، سرير أبيض لشخص واحد.

"هذه غرفتك أيها الشاب، الطعام سيقدمه لك الخادم بعد نصف ساعة من الآن" ليغادر العجوز.

أومأ هان رأسه ببطئ و راحة و سار إلى الغرفة.

بعد أن دخل هان إلى الغرفة، شعر فجأة بالإنهاك، التوعك عاد ليصيبه بصداع حاد، لحظة وضع رأسه على وسادته، غرق في النوم العميق، كان محيطا مختلفا و لم يسبق له السفر من قبل، إلا أنه كان هادئا رغم بقائه وحيدا.

بعد غروب الشمس، إستيقظ هان على إثر رائحة زكية أنعشت أحاسيسه، جاء خادم مع بعض الطعام، على الرغم من أنها ليست وجبة فخمة من إعداد والدته، كان لا يزال لذيذا. أكل هان الطعام ليقوم الخادم بإبعاد الأطباق.

"أفتقد المنزل" تمتم هان بصوت ضعيف.

بدأ هان بإعداد نفسه نفسيا و جسديا للإختبار، الذي سيحدد مصيره.

وبهذه الطريقة، مر يومين بسرعة.

في اليوم التالت، بعد أن انتهى هان من الإستعداد، سارع بالخروج من الحانة ليواكب موعد الإختبار، كان متحمسا و لم يستطع النوم جيدا طوال هذه الأيام.

و هو يمشي مترقبا، عربات بلون أسود لامع و أخضر فتان و أحمر قرمزي ساورت أنحاء الطرقات، كانت لذوي العوائل الغنية الذين أتو من شتى المدن الإتنا عشر للقيام بالإختبار، على إطارات كل عربة، توجد نقوش تظهر إسم المدينة و الطائفة بأحرف فضية.

عربة كبيرة الحجم و قد لونت هذه العربة بلون الأبيض التلجي، و حتى الحصان الذي يجر العربة كان ناذرا، حصان ذهبي كان له بروز كبير، إلا أن ما لفت الإنتباه و هو أن على إطار العربة كانت كلمة "النسر الذهبي" مكتوبة بأحرف صفراء ممزوجة بعبير أسود شفاف في وسط مربع فضي الذي تزينه لافتة خضراء كالعشب، كما أن الصورة الموجودة على اللافتة تنبعث من الهواء.

برؤية هذه الافتة، كل من تواجد في الساحة قد انحنى احتراما و تبجيلا للطائفة التي تحكم المدن الإتنا عشر، "النسور الذهبية"، لأنه بلا شك ضيف مفخم قد وصل إلى مدينة الرياح العاصفة.

و قد عرفت طائفة النسور الذهبية، قبل مئة سنة، تم تأسيس الطائفة من قبل طائفة الصقر الفضي كأساس فرعي، بعد أن اجتاحت مرة واحدة و هيمنت على الإمبراطورية بفضل فناني القتال الذين وصلوا إلى مرحلة الخلود، زعيم عشيرة طائفة الصقر الفضي قد قام بإسقاط نظام الوراثة للإمبراطور، لإمبراطور السابق قد كافح لمجابهة هذا التسلط من قبل هذه الطائفة المستبدة، إلا أن القوة هي الحقيقة و المنطق المطلق، قامت الطائفة بتوجيه ضربة مدمرة و انخفضت دفاعات الإمبراطورية بنسبة كبيرة، لتقوم الطائفة بتعيين إمبراطور من أكمامها، يمكن القول أن زعيم طائفة الصقر الفضي هو الإمبراطور وراء الكواليس.

محليا، لا توجد هنك قوة منافسة لتردع طائفة النسر الذهبي و قد أخدت نصاب قيادة المدن الإتنا عشر، و إن شائت الصدف أن تعاونت الجهود المشتركة من الطوائف المتنافسة و المدن الإتنا عشر، فستتدخل حينها طائفة الصقر الفضي و هي وجود مرعب لا تستطيع طوائف محلية إتارة غضبه.

بعد توقف العربة، قفز رجل نحيل بمنصف العمر و ظهره محني قليلا، كانت تحركاته رشيقة لا تواقف مع هيئته النحيفة، ليتقدم نحو مطعم حانة الربيع الأخضر، يبدوا أنه على دراية جيدة بهذه الحانة، و سار باقتدار نحو الغرفة التي كان يقيم فيها شياو هي.

بعد رؤيته للرجل أمامه، شياو هي استقبله باحترام.

"حامي لانغ، ما سبب قدومك شخصيا لهذا المكان القذر!"

"أوووه" ليلق حامي لانغ تنهيذة طفيفة.

"مدينة الرياح العاصفة تشكل مصدرا ماديا مهما لطائفة النسور الدهبية، و لكن دفاعاتها ضعيفة في الآونة الأخيرة، أمر الشيوح أن أتوجه شخصيا"

"نقدر لك و للطائفة العريقة قلقكم الدائم، بالمناسبة حامي لانغ هذا هو إبني"

"همف، هذا إبنك الذي تريد ترشيحه للإختبار" حامي لانغ تنهد بهدوء و هو يفرك لحيته.

شياو هي على الفور أخرج حزما ذات مظهر تقيل و قدمها للحامي لانغ، لم يكلف نفسه عناء تمريرها بسرية، من يتجرأ على إيقاف هذه العملية المغشوشة و الغير عادلة.

بعد تقييم الحزم، ملامح الحامي لانغ استرخت، لتظهر ابتسامة خفيفة و لكنها كانت واضحة.

"شياو هي، إن سخاءك كبير كالعادة، إبنك سيلقى جميع احتياجاته و أكثر، هل إبنك له إطلاع بفنون القتال؟"

"أجل، حامي لانغ، لقد أنفقد العشرات من العمل الذهبية لأجعله قادرا على تخطي الإختبار، لكن من ناحية المعلومات و المعرفة فهو جاهل بكل ما تعنيه الكلمة، همف" تشاو هي أطلق تنهيدة حسرة.

"بتوصيتي لإبنك، سأجعله يتفادى مرحلة الأسئلة الشفوية"

"حامي لانغ، شكرا لرعايتك" ليهمس تشاو هي في أذن الحامي لانغ.

" أنت تعرف حقا كيفية التعامل مع الأمور!، إن الوقت متأخر جدا الآن. من الأفضل التعجل في طريقنا"




-بانتظار آرائكم البنائة و الجميلة^^





2017/09/28 · 302 مشاهدة · 1164 كلمة
هان
نادي الروايات - 2024