في تلك الليلة ذهب للختم الموجود في غرفة المعلم رشيد
قام منير بصعوبة بالغة بقطع ذراعه و رماها اتجاه الدرع ، اتسخ الدرع بدماء منير ليظهر على الختم غلاف أحمر شبه شفاف ثم ينكسر الختم فيسقط الدرع و السيفين من على الجدار ، أما دم منير الذي على السرير فسرعان ما اختفى بمجرد ما برزت ذراع جديدة لمنير
فجأة فتح سرداب عميق إلى الأرض ، نزل منير السلالم بحذر شديد
كان السرداب محفوفا بالشموع طول الطريق ، كلما مشى منير في ممر السلالم الضيق تبدأ الطريق بالاتساع تدريجيا حتى وجد فسحة أمامه
في تلك المساحة الواسعة نوعا ما ، وجد رسم نجمة خماسية بالدماء و في كل رأس نجمة هناك وعاء فارغ موضوع ، و بجانب تلك الرسمة هناك كتاب مفتوح لكن مقلوب على وجهه ، أخذ منير الكتاب و قرأ عنوانه "كتاب طقوس الدم"
ورد في الكتاب " ... إذا أتى المختار و استطاع ختم ملكة الدماء داخله ، سيمتلك جسدا خالدا و قوى كبيرة ، بطبيعة الحال لن يتمكن من السيطرة على قوى الملكة الخالدة ، لذا الحل الوحيد أن يقوم بعقد اتفاق إجباري عبر شرب دماء الملكة ، حينها فقط يمكنه البدأ في التدرب على فنون الدماء ، من حين لآخر سيضعف الختم الذي يبقي الملكة مسجونة ، لذا يجب عليه أن يقوم بالاتفاق الإجباري مرة كل شهر ..."
أخذ منير يقلب صفحات الكتاب و يقرأ عناوينه العريضة حتى استرعى انتباهه التالي :
" الشخص الذي سيخدمه المختار ، سيتمكن من امتلاك قوة عظيمة ، و لإجبار المختار أن يطيعك عليك أن تقوم بـ "طقوس السيطرة" بعدما يقوم المختار بالاتفاق الإجباري مع الملكة
طقوس السيطرة هي ختم قوي يوضع على أي شخص بغرض السيطرة عليه ، و طريقة عملها تستلزم رسم نجمة بدماء الساحر و 5 مواد و تعويذة :
جوهرة الدماء : و هي جوهرة عادية تغمس في دماء 3 أنواع وحوش مختلفين ، و تستخدم في الطقوس لفرض السيطرة على دم البشر
جوهرة اللهب : هي جوهرة نادرة موجودة في أحد الكهوف التسعة للمملكة الذهبية ، تستخدم لعقاب المختار في حالة عدم الإطاعة
طاقة حياة الساحر : حيث يضع الساحر طاقة حياته في أحد رؤوس النجمة ، و هي بمثابة قسم إجباري حتى لا يخرج المختار عن السيطرة
سيف فضي : و هو سيف عادي من الفضة يقوم به الساحر بقطع وريد المختار و صب دمه في إناء و يضع ذلك في أحد الرؤوس ، الدم لن يختفي و لن يعود إذا قطع بسيف من فضة ، لكنه سيتجدد في الجسد الخالد و يشفى الجرح
عصا الساحر السحرية : هي عصا تكون قد رافقت الساحر لأزيد من 30 سنة ، فتقوم بفتح ثغرة في ختم الملكة و تدخل الطاقة السحرية للساحر لتوثق السيطرة أكثر على كل من الملكة و المختار معا
تحذير : إذا تم الإخلال بأحد هذه المواد ، و تمت محاولة السيطرة على الملكة ، فستمتص الملكة كل طاقة حياة الساحر و يموت جراء ذلك
أيضا عليه هو و المختار معا أن يلقيا التعويذة التالية :
" بغرض السيطرة التامة ، أهدي دمائي لتكوين رابطة وثيقة لا تكسر أبدا " ...
فهم منير قطعا أن المعلم رشيد ينوي السيطرة عليه و على قواه ، يجب عليه أن يجد حلا
أخذ شمعة من الجدار ، و بحث أكثر في المكان ، وجد كل أنواع الأشياء الغريبة : مخلب نسر ، بلورة طاقة الشمس ، وعاء سحري ... حتى لفت انتباهه سيف ، يبدو أنه حديث ، تفحصه وجده يشبه السيوف العادية الموجودة في القلعة
منير شك بالأمر فمن الممكن أن يكون هذا هو السيف الفضي الذي سيستعمل في الطقوس ، قام منير بجرح كتفه قليلا ، عندما سقطت الدماء على النجمة لم تختفي لكن الجرح التئم ، فهم منير أن هذا حقا سيف فضي
فكر قليلا ... ثم طرأت بباله فكرة ما ...
في الصباح أتى المعلم رشيد باكرا ، وجد منير نائما في سريره ، أيقظه قائلا له
" لقد رجعت ، سنخرج بعد المغرب و نذهب لذلك الكهف و نقوم بالطقوس الليلة "
قال منير بفضول " ماذا أحضرت يا معلم "
ابتسم المعلم " أحضرت جوهرة الدماء و جوهرة اللهب ، الأمر احتاج بعض الوقت لصنع جوهرة دماء و لإيجاد جوهرة لهب ، مررت بتجارب لا تتخيلها لأجل الظفر بهما "
قال منير " اووووه ، يجب أن تروي لي القصة "
ربت رشيد على رأس منير " غدا يا بني ، غدا سأخبرك "
بعد فترة من تبادل أطراف الحديث ، خرج منير من الغرفة و توجه إلى المكتبة
أدرك منير أنه يجهل أشياء كثيرة جدا حول هذا العالم لذلك عليه أن يزيد معرفته
و هو في الطريق ، شعر بسيف يكاد يضرب رأسه
أخفض رأسه ثم تشقلب في الأرض و نظر وراءه
إنه حسين !!!
قال حسين و صبره قد نفذ " أنت تزداد قوة و تمشي بسعادة ، بينما أنا أرى قاتل ابني كل يوم و لا أستطيع فعل شيء ، اليوم ستموت "
أضاف و الغضب يعتريه " لقد قمت ببعض الأبحاث ، يبدو أن السيف الفضي يسبب ضررا للأجساد الخالدة ، فلنتحقق من صحة ذلك الآن "
قال منير " أنا لا أريد قتالك ، كما أني لم أقتل ابنك ، بل العكس حاولت مساعدته "
اندفع حسين نحو منير " أي أحمق تظنني حتى أصدق هذا الهراء "
استطاع منير تفادي ضربات القائد حسين و لم يستطع حسين إصابته
ابتسم حسين " لقد تحسنت قليلا فأنت تستطيع رؤية حركاتي ، يبدو أني سأستعمل قوتي الكاملة لأطيح بك "
صاح حسين " الشمس النارية "
فجأة تحول جسم حسين للون أزرق و أصبحت يده اليمنى مشتعلة بطاقة الشمس و اليسرى بطاقة النار
انذهل جميع الجنود " القائد حسين في مستوى قائد روحي ، و لكن أن يستطيع استخدام نوعين من سحر النار ، إنه كما تقول الشائعات موهوب حقا "
شحب منير قليلا ، فهو في المستوى الأرضي بعد كل شيء ، لن يكون ندا لشخص في مستوى روحي فما بالك بقائد روحي
كرات من النار استمرت في محاولة ضرب منير ، لكن منير كان أسرع و استطاع تفاديها
استل منير خنجره و اندفع نحو حسين ، لم يستطع الاقتراب منه حتى ، فحسين كان كشمس ملتهبة درجة الحرارة العالية التي تشابه حرارة الشمس هي دفاعه الأساسي
توقف منير ، و بدأ يفكر ، و بينما هو كذلك غفل لهنيهة عن حسين ليجده و راءه و لكمة قوية بيد الشمس اخترقت بطن منير ، لكمة أخرى بيده النارية جعلت رأس منير ينفجر كأنه حبة طماطم
استمر حسين في ضرب منير بكل قوته و من الغضب لم يلحظ حتى أنه سحقه ، حتى نفذت طاقته فعاد لشكله الأصلي
مشى حسين مبتعدا و هو يضحك كالمجنون ، فجأة الدم تجمع في المكان و أعيد منير كما كان كأنه لم يحدث له شيء
غضب حسين غضبا عظيما لهذا المنظر و صرخ " روح الفارس "
" روح عظيمة ظهرت خلفه لفارس مهيب الشكل ، ثم غطت تلك الروح جسد حسين ، ليظهر حسين بهيئة ذلك الفارس بدرعه و سيفه ، قام حسين بإلقاء ذلك السيف و استبدله بالسيف الفضي
نظر منير بدهشة لحسين ، إذا الروح التي سيطر عليها حسين كانت روح فارس
تجهم الحضور " إنها روح الفارس المقدس للعائلة المقدسة التي حكمت المملكة الذهبية قبل 100 سنة "
الفارس المقدس ؟ منير سمع عنه فقط من الشيخ مختار الذي حكى له ذات مرة :
" ... فالعائلة الملكية الحالية قامت بانقلاب منذ 100 سنة ضد العائلة المقدسة التي كانت تحكم المملكة الذهبية ، و كان الفارس المقدس عثرة في طريق انقلابهم ، حيث قاتل لـ 10 أيام متواصلة ضد المتمردين ، حتى استخدمت العائلة الحالية " عائلة الدر " قوة التنين الأبيض ضده فقتل ، لكنه قاوم لآخر رمق و مات كفارس حقيقي ... "
ارتعب وجه منير ، هذا الفارس المقدس أسطورة بحق فهو أمهر من حمل السيف في كل تاريخ المملكة الذهبية
ببضع خطوات خفيفة استطاع حسين قطع ذراع منير اليسرى ، و العجيب في الأمر أن الذراع بقيت مكانها و لم تتجدد ذراع جديدة ، لم يفهم منير ماذا حدث فعلا
قام حسين بقطع الذراع الثانية لمنير ، و لم تتجدد كذلك ، ضحك حسين ضحكة هستيرية " الآن أستطيع قتلك ، سأنتقم لابني المسكين " وجه حسين ضربته الأخيرة لجبهة منير
منير أيقن من موته في هذه اللحظة
فجأة ضغط رهيب جعل حسين يقع أرضا قبل أن يسدد ضربته الأخيرة و كل الجنود في القلعة كذلك ، بل شعر بهذا الضغط كل من في مدينة التنين الأبيض
إنه زعيم القلعة قد خرج من خلوته أخيرا
زعيم القلعة شخص في مستوى زعيم روحي و هو كيان أقوى من حسين
قال حسين و وجه يكاد يسحق في الأرض " زعيم ، دعني أنتقم من قاتل ولدي ، أرجوك يا زعيم "
تكلم الزعيم " مهيب " بصوت فخم " إنه ليس هو يا حسين ، لقد كنت أراقب كل المدينة في وقت تدريبي ، و أعرف من القاتل "
سحب الزعيم مهيب ضغطه عن الجميع و أضاف " إنها حقا جنية حلم سعيد ، فقد أحسست بدخولها قبل مدة من مجيء هذا الفتى إلى هنا ، لكن لم أكن أستطيع قطع تدريبي ... آسف يا حسين "
انفجر حسين بالبكاء " لماذا يا زعيم لماذا ؟ ابني العزيز مات حتى قبل أن أحقق له حلمه ، لماذا لماذا ؟! "
للحظة شعر حسين بضعف تام ، أسرع مهيب قائلا له " تمالك نفسك ، استعد وعيك بسرعة ، أنت في حالتك الروحية هذا خطر " كان هذا الكلام بعد فوات الأوان
اختفت روح حسين بالفعل و سيطر على جسده الفارس المقدس
صرخ مهيب بسرعة " فليغادر الجميع القلعة هذا خطر جدا ، هو ليس خصما يمكنكم التعامل معه ، حتى أنا قد أواجه صعوبة في كبحه "
قال الفارس المقدس " بعد انتظار عشرات السنين تمكنت أخيرا من العودة حرا ... يا لهذا الجسد الضعيف ، لكن لا بأس سيفي بالغرض حتى أقتل الجميع هنا "
نظر لمهيب " كلانا في مستوى زعيم روحي ، لكنك لن تستطيع هزيمتي أبدا "
اندفع الفارس المقدس مباشرة صوب مهيب