بعد أن بدأ صابر يتماثل للشفاء سريعا، أتى له ذلك الشخص بعد يومين وقال "لقد تقرر حضورك اليوم للقصر الملكي لتقف بين يدي الملك، فتجهز، سآخذك ليلا" ثم أعطاه دعوة ملكية له

في تلك الليلة، كان صابر في تمام عافيته، جاء المشرف عليه وأخذه في عربة للقصر الملكي

في الطريق بدأ المشرف يثرثر "أنت أروع شخص عرفته في حياتي، لم يمضي على مجيئك مدة لكن استطعت الاقتراب من الملك بهذه السرعة، حتى أن جلالته أوصى بنفسه على اختيارك، يا لك من محظوظ"

بعد المشي لفترة قال أيضا "سأتزوج الشهر القادم بحبيبة طفولتي التي طالما أحببتها، لقد فقدت عائلتها في حريق غامض، ولم يبقى لها في الدنيا إلا أنا"

ثم بدأ يمدح في حبيبته هذه ويخبره درجة حبه لها ويثرثر في أمور أخرى

تلقى صابر أمرا صوتيا من باهر "أقتله"

دون أن يرف له جفن وبلا أي تردد، قام صابر باقتلاع حنجرته من مكانها، ليسقط ذلك المشرف ميتا على الفور

بعدها نفذ أوامر باهر الأخرى، وأحرق العربة بالجثة ثم توجه للمكان الذي أشار له باهر

التقى صابر بباهر في جنح الظلام في واحة لا تبعد كثيرا عن القصر الملكي

قال باهر "طرأت خطة جديدة، ستمكنك من الوصول لهدفك بسهولة عليك فقط إتباعها دون تحريف وستنجح"

أخبر باهر الخطة لصابر

بهت صابر قائلا "هل أنت مجنون؟ يبدو الأمر وكأنك أضفة مهمة مستحيلة لمهمة صعبة أصلا ! "

قال باهر "نفذ الأمر ولا تناقشني"

تنهد صابر وقال "أمتأكد أن الأمر سينجح وأني لن أكتشف إلا بعد فوات الأوان؟"

قال باهر "من رسم الخطة أذكى شخص في المملكة الذهبية أخي الصغير الجنرال ساهر"

أومأ صابر بالموافقة مغتاظا، فليس باليد حيلة

اختفى باهر في بوابته، في حين استمر صابر في السير قليلا حتى وصل للقصر الملكي

كان القصر الملكي لمملكة الرمال عكس قصر المملكة الذهبية

قصر المملكة الذهبية هو قصر داخل مدينة، ولكن قصر مملكة الرمال كان مدينة داخل قصر

أسواره وأبراجه عالية الضخامة مصنوعة من الرمال الكريمة، وهي أقسى أنواع الرمال ولا يمكن تدميرها إلا بطرق معينة

يحرس القصر وحوش أقوياء برؤوس تماسيح وأجسام بشر مع ذيل غليظ لكل منهم

في الأبراج، كانت وحوش برؤوس طيور وجسم بشر وأجنحة لكل منهم

وقف صابر أمام الحارسان، وأظهر دعوته الملكية، صدم الحارسان، لكن لم يتباطآ فورا في السماح له بالدخول، فإظهاره للدعوة الملكية يبين أنه أحد الضيوف المهمين لجلالته

كانت داخل أسوار القصر مدينة بأكملها، مختلطة الأجناس، من بشر ووحوش

كان هناك في الوسط 4 بوابات فارغة تحيط بدائرة فارغة أيضا

تقدم صابر نحو أحد البوابات، كان هناك شيخ هرم، قزم الحجم أقصر حتى من صابر، يتكئ على عصا حادة النهاية

قال ذلك الشيخ القزم "ماذا تريد يا بني؟"

قال صابر "لقد تمت دعوتي من قبل الملك" ثم أظهر الدعوة

رفع ذلك العجوز عصاه، وشكل رموزا سحرية على الفراغ داخل البوابة، فظهرت دائرة سحرية بنفسجية كبيرة، ومضت بالضوء بعدها، قام العجوز بإمساك فراغ البوابة وإزاحته

ظهر من اللامكان مدخل قصر من الطرف المزاح، يبدو أن قصر مملكة الرمال موجود في بعد آخر تماما

دخل صابر القصر، كان المسار مباشرة أمام الملك في حد ذاته

يبدو أيضا أن تلك البوابات الفارغة مسارات مختصرة للمكان الذي يقصده الأغراب مباشرة

تقدم صابر منحني الرأس مظهرا الدعوة الملكية

اقترب من الملك، وتوقف عند خط أحمر مرسوم على البساط الملكي

هناك صرخ فيه أحد الحراس "توقف عندك"

كان ملك مملكة الرمال، شابا جدا، من مظهره يبدو وكأنه في سن 16 أو ما يقاربها

يرتدي رداء ذهبيا أعلاه حديدتين حادتين عند كتفيه، رجليه لم تكونا بشريتان، بل كانتا رجلي حصان، وفوق ذلك فهو بشري

في الحقيقة، الناظر له، لا يعرف هل الملك بشري أم وحش أم هجين أو شيء آخر مختلف تماما؟

قال الملك بعينيه الحادتين "مرحبا بك يا صابر، يبدو أنك أبليت بلاء حسنا، من النادر جدا أن نرى شخصا خالدا بين جنودنا"

جميع الحضور بهتوا، حتى أن صابر نفسه غرق في العرق البارد

كان يقول في نفسه "لقد انتهيت، سأموت الآن"

نزل الملك من السلالم، ثم أمسك صابر من شعره ورفعه في الهواء قائلا "لقد اخترتك ضمن مرافقي لشيئين، أولا، لأنك خالد، ثانيا، لأنك خالد"

ثم وضعه أرضا، ورجع لكرسيه، ضاحكا، فضحك جميع الموجودين رغما عنهم من "خفة دم" جلالة الملك

قال الملك بعد أن استوى على كرسيه "الآن سنسير غد للأرض السفلية كما يعلم الجميع، هذه الأرض تقبع في كهف يقع ضمن حدودنا مع إمبراطورية الوحوش"

"لطالما كنا نسعى أن ندخل هذا العالم، لكن خلافنا الدبلوماسي مع الإمبراطورية حال دون ذلك، فكل منا كان يطالب بشرعية تلك الأرض، لكن الاتفاق خير، أن نتقاسمها وندخلها معا خيار مثالي، يحل كل المشكلات ويزيد من متانة علاقاتنا وثقتنا ببعض"

طبعا كان هناك بعض ممثلي إمبراطورية الوحوش ضمن الحضور، لهذا استمعوا لكلمات الملك بعناية شديدة

أكمل الملك "من أجل غد أفضل، وعلاقات أحسن، ومستقبل مشرق، يجب أن نتكاتف يدا بيد، حيث أن إمبراطورية الوحوش وإمبراطورها الموقر أربوليس، مد يده لنا وكان مبادرا لصلح مشترك، لم نجد بدا من رفض تواضعه الكريم، فمددنا يدنا بدورنا وتصافحنا، كل هذا لما فيه مصلحة للشعبين، فبكم نرتقي وعنكم نفتدي"

"شعب مملكة الرمال خليط متجانس كالبنيان الواحد من وحوش وبشر، عاشوا معا لأحقاب طويلة، وخلال فترة حكمي التي تراوحت لـ 1000 سنة، قمت بإذابة المشاحنات والفروقات الغبية بين الجنسين، سواء كنت بشرا أو وحشا، ما دمت مواطنا في مملكة الرمال، لكن حقوقك كاملة لا ينقص منها شيء، وفي المقابل عليك تأدية واجباتك دون نقصان، معا نبني المملكة لتكون الأقوى"

"أعزائي الحضور، بصفتي الملك عليكم وأنتم تعيشون مطيعين لي، فأنا سيد قراركم وأنا ممثلكم وأنا فخركم وأنا عزتكم، أنتم بدوني لا شيء وأنا بدونكم لا شيء، فلا وطن لشعب دون حاكم، ولا وطن لحاكم دون شعب، لقد أعلنا سابقا صدق نوايانا وأعلنا شفافية تامة عن حيثيات قرارنا بخصوص التحالف مع إمبراطورية الوحوش ورفض التحالف مع المملكة الذهبية، إن في تحالفنا هذا صلاح للمجتمع وحفظ للكرامة ونتاج تحكيم عقل لا مصالح، إني أنا ملككم ارتأيت أن أخير ما هو أفضل لكم، لذا أرجو منكم تقبل قراري بحكمة وإنصاف ودون تسرع كما عودنا شعبنا الحليم والحكيم الداعم لمواقفنا الجلية الظاهرة"

استمر خطاب الملك طويلا، وكان يبث في كل أرجاء مملكة الرمال

طبعا كحال أي دولة، كان الشعب منقسم ل3 فئات: مع، ضد، محايد

هذا الملك الذي يبدو فتى في الـ 16، حكم لألف سنة كاملة ! هذا جعل عقل صابر يكاد ينفجر

لقد التقى لتوه بأحد القدماء الذين يذكرهم التاريخ بمعاركهم الشرسة وحنكتهم، بدمويتهم وقوتهم، بتواضعهم وحكمتهم، احد الشخصيات التي تضم جميع النقائض

بعدما أنهى الملك خطابه، أمر الحراس بإعداد غرفة هنيئة لصابر وأن يعامل كضيف محترم

غدا صباحا، نهض صابر لمرافقة الملك لحدود مملكة الرمال مع إمبراطورية الوحوش

في الوقت نفسه، في إمبراطورية الوحوش

أعد ركب عظيم للإمبراطور ورافقه بضعة حراس شخصيين له، ركب في عربته الملكية الضخمة التي يقودها حصانين عملاقين سوداوين يحلقان في السماء

بدأ العد العكسي لحدث الأرض السفلية أو عالم الأموات

في الوقت نفسه، كان منير برفقة الجنرال جاسر متوجهين لمكان ما

كانت دنيا تعتني بجدها المريض المقعد، وتعطيه الدواء في وقته المحدد

نوري كعادته يمزح في الأرجاء، في حين أن والدته تعقد اجتماعا مع شيوخ القبيلة

في كوخ خشبي كان ذلك الرجل الغامض الذي أنقذ منير وسيليا ذات يوم من ملاحقة حسام يضمد جراح شخص ما

في أعماق القلعة الزرقاء، كانت سيليا ترتدي زي خادمة وتقدم الشاي لبهار بعينين شاخصتين

قال الظل في داخلها "ستصبح الأمور مثيرة للغاية، أرى أشياء ستجعل عقول البعض تتوقف من فرط الحماس والمفاجآت، المستقبل يخبئ لنا أمورا مذهلة"

بهتان والد سيليا كان في عربته أيضا يتوجه نحو القصر الملكي

عالم الظلمات كان يعج بالفوضى لأن شيئا أسطوريا لا يقهر قد استيقظ من سباته

كانت الأمور تسير في اتجاهات غامضة وأخرى تبدو معلومة لكنها أكثر غموضا

2017/07/22 · 909 مشاهدة · 1195 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024