مشى صابر والمرافقين الثلاثة الآخرين بحذر في الغابة، كان الشخص الملثم قوي البنية وغريب الهالة، يسير بثقة كبيرة وكأنه لا يخشى شيئا


سابقا أثار هذا الشخص الريبة في نفس صابر، لذلك أخذ حذره منه، والآن الريبة تزداد أكثر وأكثر


فجأة الأرض من تحتهم تحطمت، ودخلوا سردابا عميقا جدا، بمجرد ما دخلوا، حتى أضيئت المشاعل تلقائيا، وظهر صوت ما "تقدموا للأمام أيها المذنبين"


هذا الصوت أدخل الرعب في قلوبهم فقد كان فخما لدرجة تزعزع القلب


مشى الجميع متكتلين حذرين، حتى وجدوا بوابة ضخمة، فتحت البوابة قبل أن يلمسوها حتى


أمامهم، غرفة عتيقة، تحوي مخطوطات منوعة، وعليها أثر من الغبار، وقد نسجت العناكب بيوتا لها في كل ركن فيها، هناك أواني مبعثرة بعشوائية، وشموع حمراء مشتعلة، وكأن أحدهم كان هنا منذ برهة، كتب موضوعة على الطاولة وأخرى منظمة على الجدار


تشجع صابر ودخل فقيل له "أيها المتكفل، لست أنت المعني بالأمر، دع المذنبين يتقدمون"


تراجع صابر، وتقدم الآخرون


كان الصوت يصدر من زاوية مظلمة في الغرفة، هم لا يعرفون ماهية الناطق


قال الصوت "حسنا، أنتم قتلتم صغاري الأعزاء، وبحسب ملك الملوك محرم قتلهم، فما هي حجتكم؟، أخبروني أنا أستمع"


قال أحدهم "سيدي سيد الغابة الموقر، أنا أردت إسعاد جلالة الملك، فذهبت للصيد، ومن سوء حظي كان غراب التوأم الثلاثي صيدي، لم أكن أعلم أبدا بوجود مثل هذا القانون"


قال الصوت "الجهل ليس عذرا لارتكاب الذنب، العاقل يكون محتاطا، كان لابد أن تسأل عن قوانين ملك الملوك في هذا العالم، فلكل عالم قوانين وضعها ملك الملوك، لا يتحداها أحد إلا بعض الملوك أنفسهم الذين يعتبرون استثناءات، ورغم ذلك حتى هم يتقيدون ببعض القيود"


قال الصوت "التالي، ما هو عذرك؟"


قال الفتى الآخر "أنا وجدت، العديد من الطرائد، لكن كان غراب التوأم الثلاثي أوفرها لحما، لذا ارتأيت الأفضل لجلالة الملك"


قال الصوت "الطمع خصلة تذهب الطبع، والولاء للجانب الضعيف جنون، إذا كنت تفضل رضا ملكك على قوانين ملك الملوك، فأنت جاهل أيضا، لكن ذنبك أعظم"


قال الصوت "التالي، ما حجتك؟"


قال الفتى المخيف "أنا أفعل ما أريد، لا حاجة لي بالتقيد بقوانين سخيفة، ملك الملوك؟ ها، أضحكتني، لم نعرف عن هذا الشخص إلا في الأساطير، ولا ندري أحقا حقيقي هو أم مجرد خرافة ابتدعت للسيطرة على قوانين العوالم، إذا استطعت إثبات أن ملك الملوك حقيقي، سأقبل بحكمك وإن كان موتي يا سيد الغابة"


قال الصوت "عيب الجيل الجديد هو الغرور، أن تكون مغترا بنفسك يعني أن ثقتك في نفسها في غير محلها، هذا سيؤدي بك إلى الهلاك، وأنت تجابه من لا تستطيع مواجهتهم بتهور، يعني أيضا الهلاك، يا فتى أنت ميؤوس منه"


بعدها أراد ذلك الفتى التعقيب على كلام الصوت لكن قاطعه الصوت قائلا "صمتا، أعطيتكم الفرصة للدفاع عن أنفسكم، استمعوا الآن لقراري"


فتحت أعين الجميع على مصراعيها وأصغت الآذان


قال ذلك الصوت "الأول، أحكم عليه أن تمحى ذاكرته، والثاني بالاستعباد هنا حتى إشعار آخر، والثالث بالموت"


اندهش الجميع من هذا الحكم


قال صابر متسائلا" سيدي ملك الغابة لماذا حكمت بهذه الأحكام؟"


قال سيد الغابة "لا يحق للمتكفل أن يسأل، لكن سأجيبك، الأول جاهل، لذا عقاب جهله أن تمحى ذاكرته ويبدأ تعليمه على أساس صحيح، الثاني كان جشعا طماعا لذا الاستعباد سيقوم حاله، والثالث كان مغرورا وعقاب المغرور الموت عاجلا أو آجلا، هذه هي قوانين ملك الملوك في هذا عالم الأموات"


قال صابر "كيف سأعود للملك لأخبره أن جميع أتباعه، لم يعودوا ذا فائدة؟ سيعاقبني ! "


قال الصوت "عقاب ملكك أهون من أن يعاقبني ملك الملوك إذا تساهلت في الأمر"


فجأة، اندفع الشاب الثالث للظلام قائلا "فلتمت" كان قد شحذ طاقة على يده


ضربت الطاقة بعض العظام، ثم تخلل الجدار ببضع سنتمترات


قال صابر مذهولا "ماذا تفعل؟"


نظر ذلك الفتى لصابر بغضب قائلا "ليس من شأنك، أن أنتظر موتي على يدي شخص يبالغ في تقدير نفسه، أنا لن..."


قبل أن يكمل، يدان عظميتان خرجتا من الظلام، أمسكتا برأسه وقامتا بلفه 3 مرات قبل انتزاعه


تطاير الدم في المكان، بينما خرجت بعض العروق وفقرات من العمود الفقري من الرأس المبتور


هذا المشهد أرعب الجميع


تقدم من الظلام، هيكل عظمي وقال "أن تتحداني أنا سيد الغابة، هذا التعجرف بعينه"


نظر الهيكل العظمي للفتيين "حان وقت تنفيذ عقوبتكما"


تجمد الفتيان في مكانهما، وكذلك فعل صابر


بإشارة منه، نزلت سلسلة حديدية بطوق من سقف الغرفة، وطوقت رقبة الشخص الثاني، بعدها طوقت يداه ورجلاه، ثم ارتفعت السلسلة نحو ثقب أسود ما، ظهر من العدم في سقف الغرفة، دخلت السلسلة مع الشخص الثاني الثقب


بعدها، بسرعة خاطفة، أمسك برأس الشاب الأول، وبضغطة بإبهامين عظميين على جبهته، فقد الوعي


بعدها نظر لصابر وقال "الآن، اذهب وخذ معك صديقك هذا"


أشار بذراعه، رياح قوية قامت بدفع الشاب وصابر لخارج الغرفة، لتغلق بوابة الغرفة في وجههما مباشرة، بعد خروجهما


بقي صابر يرتعد خوفا مما رآه قبل قليل، كان الفتية الثلاث أقوى منه، لكن تعرضوا لمثل هذا العقاب المخيف، بفضل فعل ارتكبوه وهم لا يعلمون، فقط كم كان ملك الملوك هذا قاسيا


تدارك صابر نفسه، حمل الفتى على كتفه وعاد راجعا


عندما عاد للملك لم يجده، فبقي في المخيم هناك


بعد قليل عاد الملك، قال الملك برؤية صابر "ماذا حدث؟"


روى صابر ما حدث بالتفصيل، تنهد الملك طويلا وجلس على صخرة قريبة، يبدو وكأنه أحس بالضعف بشكل ما


فجأة، صرخ الملك صرخة مدوية "آآآآآآآآ" ثم ذهب لمخدعه ونام


أربوليس ومرافقيه كانوا يصارعون ما أوتوا من قوة لبلوغ السحب الداكنة


كلما يصعدون أكثر كلما تعرضوا لصاعقة ترجعهم للأرض، كان من المستحيل الوصول على السحب الداكنة حتى بالنسبة لإمبراطور روحي


قال أربوليس في نفسه "حقا قوة الملوك رهيبة، فقط أي نوع من الكائنات هم وكيف تمكنوا من بلوغ هذه القوة، حتى على إمبراطور روحي مثلي من المستحيل أن أصل حتى للختم، ناهيك عن تحطيمه، تبا... تبا... تبا"


قال أحد المرافقين "جلالة الإمبراطور، من المستحيل أن نفعل أي شيء، يجب أن نجد خطة أخرى"


قال مرافق آخر "لما لا نستخدم تشكيل ضوء النجوم، من المفترض أن تجعلنا تلك التشكيلة منيعين ضد أي نوع من الهجمات السمائية؟"


بدا ضوء من الأمل على وجه أربوليس وقال "أحسنت، حسنا لنفعلها"


شكل أربوليس مع مرافقيه الأقوياء الثلاث دائرة ورسما فيها 4 نجوم، كل واحد منهما ضخ طاقته فيها، توهجت تلك الدائرة مشكلة نجمة عملاقة تحيطها دائرة طاقة


حلق أربوليس بالتشكيل نحو السحاب، صاعقة من العدم نزلت عليهم، لكن يبدو أن التشكيل مستمر في الارتفاع، ويبدو أن الخطة نجحت فالصواعق لم تعد تشكل عائقا بالنسبة لهم


دخل التشكيل السحب الداكنة، كانت الصواعق تنهال عليهم كالمطر الغزير، لكن لم تتمكن من اختراق التشكيل أبدا


ابتسم أربوليس قائلا "لقد وصلنا وجهتنا"


كانت أمامهم منصة كبيرة، في وسطها أختام لا حصر لها، وتحيط المنصة دائرة حماية ضخمة وغليظة، من المستحيل اختراقها بالقوة


الصواعق لم تتوقف عن ضرب التشكيل، لكن التشكيل كان يشتت الصواعق بكل بساطة، كأنها شيء لا يذكر


قام الجميع بالتركيز ووسعوا مجال دائرة التشكيل حتى شملت المنصة ودائرتها كلها


قام أربوليس بإلقاء نظرة على هذه الدائرة ثم قال "يبدو أنها ختم حماية من النوع الناري، غريب حقا"


كان من الغريب تواجد ختم حماية ناري يغذي صواعق لا نهائيا، في الواقع كان أربوليس يعتقد أن ختم الحماية سيكون ضوئيا، لم يفكر أبدا أنه ناري


فقدوا جميعهم الأمل، فلا يوجد أحد منهم ذو اختصاص ناري


قال أربوليس وهو يائس "يبدو أننا سنعلق هنا للأبد، إلا إذا انهارت السموات والأرض"


صوت غير معروف بدا من العدم "لست متأكدا بخصوص ذلك يا جلالة الإمبراطور، إمبراطور إمبراطورية الوحوش"

2017/07/26 · 804 مشاهدة · 1141 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024