ظلت ملكة الدماء تكرر هذه الكلمات "ملك الشر الوغد، سأقتله، سأقتله" بينما هي كذلك، ارتفعت دماء قديمة على مر العصور، كانت قد تخللت الأرض السفلية، وكل تلك الدماء اتجهت صوب ملكة الدماء، كان تدور حولها في تناسق تام وكأنها امتداد لهالتها الطبيعية


فجأة سحابة سوداء تكونت فوق ملكة الدماء، خرجت منها صواعق حمراء، وضربت الصواعق كل مكان، وأينما تضرب يتدفق سيل من الدماء، وكأن تلك السحابة حملت دماء أشخاص ماتوا في سماء الأرض السفلية


القمر الأبيض تغطى بلون الدماء، أصبح سطحه أحمر تماما، حتى أن هناك سلاسل دماء متصاعدة من الأرض السفلية نحو القمر الأبيض


الملك وأربوليس والمرافقين على القمر الأحمر وصابر الموجود على الأرض السفلية، فقدوا ألوانهم، وقرروا الابتعاد بسرعة عن مثل هذا المكان الخطير


في غمضة، اختفى الملك وأربوليس والمرافقين من على القمر الأحمر، كما أن آفيان بدوره قفز من على القمر، وصولوا كلهم الأرض السفلية


صابر رأى الملك، فاتجه نحوه بسرعة، انضم لهم وهربوا بسرعة


الأخوان وصابر والمرافقين هربوا اتجاه الغابة، بينما آفيان هرب اتجاه الجبال التي كان فيها، والتي الآن أصبحت ركاما بفعل رفرفة أجنحة الملكين


على القمر الأبيض، شهقت ملكة الدماء، كل الدماء الموجودة حولها دخلت جسمها، فجأة تضخمت وأصبحت عملاقة جدا، لكن برغم ذلك ليست بحجم آفيان، من الممكن أن تصل إلى كتفيه


ملكة الحياة ومنير غادرا بدورهما القمر الأبيض واتجها إلى الأرض السفلية، كانت ملكة الحياة تحمل منير، رغم أنها أقصر وأصغر منه في المنظر، كانت تحمل شخصا أطول منها، كان مشهدا مضحكا نوعا ما


ملكة الدماء العملاقة، بتلويحة واحدة من يدها، شقت القمر الأبيض إلى نصفين، بعدها قامت بهجوم عشوائي عليه باستخدام مخالبها فأحالك القمر الأبيض رغم كبره قطع أحجار صغيرة، ساقطة على الأرض


بفقدان عالم الأموات أحد أقماره، بدأ التوازن يختل، الزلازل ملأت الأرض السفلية، وتدفقت بعض الحمم، كان يبدو وكأن عالم الأموات على وشك التدمر


في هذه اللحظة، بوابة عالم الأموات، أصدرت أضواء عديدة، ظهرت سلاسل من كل مكان وقيدت ملكة الدماء المحلقة، برؤية هذا، ازداد غضبها "أغرب عني" بحركة بسيطة لجسمها العملاق، تدمرت تلك السلاسل


بعد ذلك، ظهر خيال شخص عملاق آخر، يحمل بدوره سيفا عملاقا، غرس ذلك السيف في الأرض، فظهر شق عظيم، من ذلك الشق خرجت أيادي عديدة توجهت نحو ملكة الدماء


وضمت عينا ملكة الدماء، قامت بتحويل الدم إلى سوط، ولوحت به اتجاه الأيادي، ذلك السوط قبل أن يلمس الأيادي، تحول مرة أخرى إلى موجة دماء عملاقة، غمرت الأيادي كلها، كانت الموجة كالجدار الذي منع الأيادي من التقدم أكثر، وكل يد تلمس جدار الدم ذاك، تنفجر فورا


برؤية هذا، رفع الخيال العملاق سيفه، وتقدم ببطء نحو ملكة الدماء


قام بضرب جدار الدم بالسيف العملاق فقسمه قسمين، لينقشع ذلك الجدار


قالت ملكة الدماء بصوت فخم حمل معه رعدا من السحابة السوداء "ظل ملك الموت، إن لم تغرب عن وجهي الآن، سأقوم بتدميرك للأبد"


بدا ذلك الظل العملاق كأنه بلا وعي، ينفذ مهمته لحماية عالم الأموات وفقط، كان أشبه بالآلة، لذلك لم يتجاوب مع ملكة الدماء


انهال بسيفه العملاق على ملكة الدماء، هذه الأخيرة، أمسكت السيف بيد واحدة، رغم القوة الهائلة التي تحملها الضربة، والتي يمكنها أن تقسم الأرض وصولا للحمم، أمام ملكة الدماء، أمسكت السيف وكأنه لعبة


أدخلت طاقتها إلى السيف وصولا إلى المقبض، وبعدها قالت "فن الدمار، الانفجار" اهتز ذلك السيف وانفجر لآلاف القطع


بعدها أمسكت ملكة الدماء بالظل الذي كان مساو لها في الطول، وخدشت وجهه، فانقسم ذلك الظلم فورا واختفى


بعدها نزلت للأرض السفلية، وبدأت تصرخ بجنون


الجميع، أيقنوا أن هذه نهايتهم


رغم أن الملك وأربوليس والمرافقين وصابر، رأو ملكة الدماء الضخمة، لكن لم يعرفوا ما هي، لم يستنتجوا حتى أنها ملكة، فبعد كل شيء، هالتها كانت فوضوية، كأن هالة لملايين الأشخاص، هي بعد كل هذا لم تطلق هالتها الملكية حتى، نتيجة لغضبها ونية القتل القوية التي أبدتها اتجاه ملك الشر اليافع، أصدرت هالة حملت كل هالات الأشخاص اللذين قتلتهم


فجأة، ضوء خرج من عقل منير واتجه نحو ملكة الدماء العملاقة


وووووش... بووووووم


الضوء وقف أمام ملكة الدماء العملاقة، وتضخم أكثر فأكثر


تجسد شكل شيخ عجوز، برؤية ذلك قال منير "الشيخ الشبحي؟"


قال الشيخ الشبحي بعد أن أصبح مساو لحجم ملكة الدماء العملاقة "أيتها الشقية، لن أسمح لك بتدمير عالم الأموات، إن لم تهدئي نفسك، فسأرغمك على فعل ذلك"


في مواجهة هذا التهديد، ملكة الدماء فقدت صوابها، لم تعد تفرق بين الصديق والعدو، ركضت بحجمها العملاق نحو الشيخ الشبحي تريد قتله


الشيخ الشبحي قام بضم يديه فوق بعضهما، فجأة، ظهر ضوء أعلى وأسفل ملكة الدماء، بدأ الشيخ الشبحي يقرب يديه أكثر، ذلك الضوء أيضا أصبح يضغط أكثر على ملكة الدماء


هذه الأخيرة، أصبحت كأنها محاصرة في صندوق، مهما تلكم وتركل وتفعل سحر الدماء، لم تتمكن من اختراق ذلك الصندوق الضوئي، في حين أن الصندوق يضيق أكثر فأكثر من كل اتجاه


توقف الشيخ الشبحي وقال "اهدئي ولا تجعليني أضطر أن أقتلك، لقد أمرتك أن تحمي حياة الصبي وتدربيه، لم آمرك أن تقتليه، هذا آخر إنذار لك، إن تجرأت على فعلها سأحولك إلى رماد"


بدأت أخيرا ملكة الدماء تهدأ، فعادت تدريجيا إلى حجمها الطبيعي واختفت السحابة السوداء فوقها


قالت معتذرة "آسفة معلمي، لقد فقدت السيطرة عندما عرفت أن ملك الشر اليافع قتل أخي، معلمي أرجوك ساعدني، وقم بإرجاع أخي للحياة"


قال الشيخ الشبحي "قطعا لن أفعل، وعدت على نفسي أن أترك مسار الزمن يأخذ مجراه وأن لن أتدخل مهما يحدث، كل الأفعال سواء صواب وخطأ، يجب أن تتحمل العوالم مسؤوليتها، إن تدخلت في كل شيء إذا لما قمت بصنع الملوك؟ صحيح أني لست بقوتي الأصلية، حيث أني جزء صغير من إدراك وقوة جسدي الحقيقي، لكن ما زلت أملك القوة الكافية لردعكم وهزيمتكم، الآن يجب أن أجعل تلميذي يتعلم من الحياة، وأمرر له معرفتي تدريجيا، عندما يحين الوقت، سيسقط جسدي المتهالك الذي خبأته وبهذا سأختفي بدوري، وبحلول ذلك الوقت سيكون منير ملك الملوك الجديد"


"لا تصعبي الأمور أكثر علي، لقد انتظرت كثيرا، وبدأت أفقد الأمل، وظننت أن ملك الملوك سيختفي نهائيا دون وريث، لذلك قمت بتقسيم وعيي وقوتي وخزنتها، وفي كل عدة ملايين من السنين أبعث وعيي لمكان ما في العوالم، وعلى آخر وعي لدي نجحت في إيجاد خليف لي، والآن جئت أنت وتريدين قتله، سأقتلك قبل أن تفعلين ذلك"


يبدو أن الشيخ الشبحي كان جزء صغيرا من وعي وقوة ملك الملوك الحقيقي، لم يكن ملك الملوك فعلا بل كان آخر جزء من وعيه


قالت ملكة الدماء "لا يا معلمي، لم أكن أنوي قتله، لقد غضبت فقط"


قال الشيخ الشبحي "هذه نتيجة أخطائك فلولا عقدة كرهك للبشر، لما ساعدتي ملك الشر اليافع، ولما قتل أخوك، لو أنك تقبلت البشر، لوقفت في وجه ملك الشر اليافع قبل أن يقتل أخاك حتى"


"إن المرء إذا أعمته الكراهية، وأعماه الانتقام، خسر أكثر مما يربح، إن أكبر انتقام من أعدائك ليس أن تقتلهم، بل أن تجعل حياتهم مريرة"


"اذهبي الآن، فلتجعلي أختك تساعدك على الاعتناء بمنير، بمجرد أن تكونوا في أمان، وقبل أن تنفذوا الخطة، ذكري منير أن يلاقيني أولا، هي اذهبي"


اختفى ذلك الصندوق، وضوء دافئ دفع ملكة الدماء اتجاه منير، عندما وصلت، اعتذرت له ولأختها، بعدها الشيخ الشبحي تحول مرة أخرى لضوء ودخل عقل منير


بالنسبة للملك وأربوليس وصابر والمرافقين ومنير وملكة الحياة لم يسمعوا الحوار الذي دار بين ملكة الدماء والشيخ الشبحي، لأن هذا الأخير فعل مجالا يمنع خروج الصوت


بعدها عاد الشيخ الشبحي في الزمن، فعادت الجبال وعاد القمر الأبيض، واختفت الشقوق في الأرض

أخبرت ملكة الدماء أختها بأمر الشيخ الشبحي، تحولت أختها إلى ضوء أيضا ودخلت عقل منير، بعدها استخدم منير "خطوات السلام" ودخل في ملكة الدماء التي تحولت إلى معلم ملك مملكة الرمال مرة أخرى


ذهب المعلم اتجاه البقية، وجاءهم من الوراء، حتى أنهم تفاجؤوا عندما رأوا المعلم مرة أخرى


قال الملك "معلمي، ماذا حدث قبل برهة؟"


"قال المعلم، لقد كانت تلك ملكة الحياة في أقصى درجات غضبها، ولقد استخدمت تقنية سرية، حولتني لضوء وجعلتني أتمكن من هزيمتها، بعدها غادرت المكان"


ذهل الملك والبقية، معلمه هزم ملكة؟ هل من الممكن فعل ذلك حتى؟!


في الواقع المعلم (ملكة الدماء) اضطرت للكذب لتغطي على الأحداث العظيمة التي جرت، لن تدع أحد يكتشف أن ملك الملوك أصبح فعلا في آخر لحظات حياته، ولم يبقى له إلا وعي أخير


طبعا من المفترض أن يكون ملك الملوك خالدا، ولكن لا أحد سيكون خالدا فعليا للأسف، حتى لو عاش لملايين الملايين من السنين، سيأتي لمرحلة أين جسمه لن يكون قادرا على التجدد مرة أخرى، وحتى أنه استطاع، بعد العيش لملايين السنين ورؤية كل شيء، سيغزوه الملل، وهذا بالضبط ما حصل لملك الملوك


لقد فقد ملك الملوك أمله في الكائنات لإيجاد خليفة له، لذا أنشأ نظام الملوك، وقرر الانعزال وعدم التدخل والموت في سلام، لم يكن يعتقد أنه على آخر نفس يمكنه أن يجد خليفة لائقا


ولكن تمرير هذه القوة والعلم لن يأتي بين عشية وضحاها، يجب أن يدرك التلميذ معاني مختلفة ويجب أن يرى أشياء تفوق خياله، فقط عندما يدرك المفاهيم يمكنه استيعاب العلم والقوة


قال الملك "فلنتجه إلى شرق الأرض السفلية"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفصل الثاني والأخير

2017/08/05 · 941 مشاهدة · 1385 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024