توجه المعلم والملك والإمبراطور والمرافقين إلى شرق الأرض السفلية، أين كانت سحابة ذات مطر غزير


كانت السحابة سوداء وضخمة، وكان المطر غزيرا لكن الغريب في الأمر أنه لم يكن هناك برق أو رعد


وصل الجميع أمام المطر لكن لم يدخلوه، قام الملك باستعارة قنينة فارغة من حيزه الفراغي ثم غطى ذراعه بالطاقة ومددها نحو المطر حاملا القنينة


امتلأت القنينة بقطرات المطر، بعدها فعل الملك ختما على رأس القنينة ثم أغلقها


تساءل المعلم "يا فتى ما الذي ستفعله بدموع السحاب؟"


ابتسم الملك ونظر إلى معلمه قائلا "كما هو متوقع من معلمي، استطعت معرفة أن هذا المطر ليس عاديا إنما هو مطر دموع السحاب"


"في الواقع دموع السحاب هذه ليست لي إنها لأخي أربوليس، سأساعده عندما نعود في ابتلاعها سيحسن ذلك من دم الوحوش عنده ويجعله يسيطر على دماء الوحوش داخله بطريقة أفضل"


"طبعا كما يعلم معلمي نحن لا يمكننا الدخول إلى هذا المطر إلا إذا أحطنا أنفسنا بالطاقة وحمينا أجسادنا، وإلا عندما نصاب بدموع السحاب فسيتفتت لحمنا، وتصبح تلك القطرات كالحمض"


"في وقت سابق وعدت أخي أن أعطيه دموع السحاب وفي المقابل وعدني أن يعطيني قفاز تعديل المصير، أنا لن أخفي ذلك عنك، ولكن كان هذا اتفاقنا قبل أن نأتي إلى عالم الأموات في المقام الأول"


قال المعلم مبتسما "أوه، هكذا إذا"


بعدها فجأة قال المعلم "لكن لدي اقتراح أفضل، لماذا لا نقتحم تلك السحابة ونحصل على جوهر دموع السحاب، سيكون أكثر فائدة بكثير، كما أنه على حسب هذا المطر الغزير من المفترض تواجد أكثر من واحد"


تفاجأ الملك قائلا "لكن يا معلمي، كلما ارتفعنا أكثر نحو السحابة أصبح من الصعب علينا أن نسيطر على تدفق الطاقة في أجسادنا ناهيك عن حمايتها، وستصبح دموع السحاب أغزر وأقوى، كيف يمكننا أن نقتحم السحابة دون أن نتعرض لدموع السحاب؟ ! "


نظر المعلم للملك نظرة غريبة قائلا "هل أنت أحمق؟ أم أنك لا تفكر أبدا؟ ألا يمكننا التحليق خارج السحابة حتى نصل فوقها وبعدها ندخل السحاب من فوق؟ حينها لن نتعرض لدموع السحاب أبدا ! "


قال الملك "لكن يا معلمي حتى داخل السحابة تتواجد دموع السحاب وحتى لو تمكنا من تفاديها جوهر دموع السحاب ليس شيئا يمكننا لمسه كما نريد، حتى أنه لا يمكننا ابتلاعه أبدا لأنه سيحطم الأعضاء الحيوية بالتأكيد"


*باااا*


قام المعلم فجأة بصفع الملك، ثم نظر إليه نظرة غاضبة وقال "لقد خيبت ظني بك حقا، لم أعتقد أنك عديم التفكير"


"أيها الأحمق هل نسيت من أكون؟ أنا معلمك والذي أوصلك لهذه الدرجة من القوة، هل تعتقد أنه سيفوتني شيء مثل دموع السحاب المتواجدة داخل السحابة أو عدم إمكانية لمس جوهر دموع السحاب أو استهلاكه في التدريب، هل تظنني عشت كل هذه السنوات عبثا؟"


أمسك الملك خده وقال "عفوا معلمي، لم أقصد الاستهانة بك أبدا، لكن كنت قصير النظر حيث أني لا أملك فكرة عن كيفية تجاوز دموع السحاب داخل السحاب أو كيفية لمس جوهر دموع السحاب ناهيك عن التدرب به، أرجو أن يغفر لي معلمي سوء تقديري"


طبعا صفعة الملك هذه أثارت دهشة بدت على وجوه الجميع، لكن لم يتكلموا أبدا لأنه بعد كل شيء من الطبيعي أن يعاقب المعلم تلميذه، مهما كان لذلك التلميذ من مركز فالمعلم أكثر قدرا منه، وله الأحقية في عقابه أو مكافأته


حتى الملك في حد ذاته، لم يغضب من صفعة معلمه، لأنه كان يعلم أن معلمه فعل ذلك لمصلحته وتبيان خطئه


قال المعلم "حسنا سندخل أنا وأنت وأخيك للسحابة، نحن يمكننا أن نعتني بأنفسنا، أما هؤلاء فليبقوا هنا"


"لتجاوز دموع السحاب داخل السحابة ولمس جوهرها عليكما باستخدام سحركما، تحولا لهيئتكما الروحية أولا، بعدها استخدما سحركما"


"أنت سحرك هو الإلغاء تستطيع إلغاء أي شيء يتكون من الطاقة، سيكون سهلا للغاية بالنسبة لك تجاوز دموع السحاب، أما أخوك أربوليس فسحره هو سحر الأرواح وأعتقد أنه وصل للفرع الثاني منه سحر الماديات، باستخدام هذا الفرع يمكنه اختراق أي شيء مادي أو طاقوي، وبهذا يمكن أن تمر من خلاله دموع السحاب دون أن تتمكن من إيذائه"


بسماع هذا دهش أربوليس، لم يتوقع أن يقدر معلم ملك مملكة الرمال درجة إتقانه لسحر الأرواح


لقد أتقن فرعين من سحر الأرواح، الفرع الأول سحر التجسد، الفرع الثاني سحر الماديات


الفرع الأول يجعله يستطيع تجسيد الأرواح لتحارب معه، والفرع الثاني يمكنه من اختراق أي شيء مادي أو طاقوي


لكن كونه يحمل دماء الوحوش لم يعر اهتماما كبيرا في السحر لهذا لم يتقنه جيدا، كان كل اهتمامه منصب على التقنيات والقوة الجسدية، وخاصة "فن الوحش الكامل"، هذا الفن الذي يحوي تقنيات ومهارات كثيرة كان محط اهتمام أربوليس وأمضى أغلب وقته يتدرب عليه حتى وصل لدرجة كبيرة من الإتقان فيه


كون أربوليس موهبة متواضعة بطبيعة الحال لم يتقن "فن الوحش الكامل" بالدرجة التي أتقنها الملك الذي كان أكثر موهبة من أخيه


في هذا الوقت، أظلم وجه صابر، منذ لقائه بهذا المعلم بدأ تهميشه ودائما ما يقف على الجانب، هذا أغضبه حقا لكن لا يملك خيارا سوى كتم غضبه في حضرة الأقوياء


المرافقين الآخرين لم يبدو عليهم أي تغيير، كان الأمر سيان بالنسبة لهم، سواء البقاء أو المرافقة كل شيء يتوقف على أمر سيدهم إمبراطور إمبراطورية الوحوش أربوليس


أما بالنسبة للملك، فقد زاد احترامه وتقديره لمعلمه، لم يفكر أبدا باستخدام الهيئة الروحية وسحره يمكنه أن يتجاوز دموع السحاب بسهولة


طبعا عرف الملك لماذا طلب منهم المعلم التحول إلى هيئتهما الروحية أولا، كان ذلك ضمانا أكيدا لعدم حدوث أي مفاجآت، فحتى لو أصابتهم ملايين من دموع السحاب ولم يتمكنوا من الدفاع ضدها، بهيئتهم الروحية لا يمكن أن يتأذوا أبدا، فيجب أن يتلقوا هجوما من روح حتى تتمكن من أذيتهم، وبما أن دموع السحاب شكل من أشكال الطاقة لا يمكنها أذية الأرواح


إضافة إلى ذلك، بتحولهما لهيئتهما الروحية يستطيعان لمس جوهر دموع السحاب دون أن يتأثران، فهذا الجوهر يؤثر على الجسد وكونهما مغطيان بجسد روحي لن يؤثر عليهما أبدا


بالتفكير بذلك، شعر الملك أنه غبي فعلا، بالرغم من خبرته وعمره كيف تاه عنه أن يتحول لشكله الروحي ليتمكن من احتواء آثار دموع السحاب الساقطة ولمس جوهرها؟ ! كان هذا فعلا مدعاة للسخرية تماما


فجأة، قال المعلم "عليكما أن لا تستهينا بدموع السحاب، صحيح أنها لا تستطيع أذيتكما في حالتكما الروحية، لكن عليكما استعمال سحركما، لأنه بعد كل شيء دموع السحاب شكل من أشكال الطاقة، والروح كذلك شكل من أشكال الطاقة، لو تركتم الكثير من دموع السحاب تلمس هيئتكما الروحية ستتضرر الروح، ومن الممكن أن تستغل الروح الأمر فيتم إلغاء العقد بينكما"


قال المعلم بتعبير جدي"احذرا ولا تبالغا في الاستهانة بدموع السحاب"


بعد سماع تحذير المعلم، تغير تعبير الأخوان، كانا فعلا يضنان أنهما محصنان تماما، لم يدركا الأضرار الجانبية للمس الكثير من دموع السحاب لشكليهما الروحيين، لولا تحذير المعلم لاستهانا تماما بالأمر


الآن، توضح لهما لماذا كان عليهما استخدام سحرهما أيضا، كان ذلك لتقليل أكبر قدر ممكن من دموع السحاب التي يمكن أن تصل لهما، حتى لا تتضرر روحهما أو يهرب كل من الروحين اللذان سيطرا عليهما


بتوضيح كل شيء، حلق ثلاثتهم نحو السحابة السوداء، طبعا لم يدخلوا المطر الغزير إنما حلقوا من الجانب وصولا فوق السحابة


استدعى الملك روحه سيد الأرواح، فنمت لحيته، وظهر سيفان عظيمان على ظهره وملأ جسده بالوشوم


استدعى أربوليس روحه التنين المعدني، فغطي بمعدن التنين، وظهرت جمجمة تنين غطت رأسه، وتحولت يداه لمخلبي تنين وظهر ذيل معدني خلفه


كلاهما نظرا إلى المعلم، وتحرقا شوقا لرؤية روح المعلم


استدعى المعلم روحه، لقد كانت روح "الشيطان الأسطوري"، ظهر خلفه جسم عضلي أزرق مزود بجناحان سوداوان، امتلك رأس تخرج منه أفعتان، وامتلك يدان من النار تحويان 3 مخالب في كل منهما، كما أن جسمه السفلي كان أسودا تماما


دخلت تلك الروح جسد المعلم، فظهر جناحان خلف المعلم وتحولت يداه لذات المخلبين من النار، كما أنه ظهرت على كتفيه أفعتان، وتم تقسية جلده لدرجة كبيرة جعلته يبدو كالفولاذ الأزرق المسود، كما ظهرت حوله هالة ظلام قديمة جدا


برؤية هذا دهش الأخوان، رغم أن الملك يعرف أن معلمه يملك روحا، لكن كانت هذه أول مرة يرى هذه الروح


لم يتمالك الملك نفسه، فقال بحماس "معلمي، الروح التي تسيطر عليها هي بالتأكيد على المستوى الأسطوري مساوية لروحينا سيد الأرواح والتنين المعدني"


"هذه أول مرة أراك فيها تستخدم روحك، لم أكن أعتقد أبدا أنك تسيطر على الشيطان الأسطوري كل هذا الوقت، كيف حصلت على عقد مع هذه الروح بالضبط؟ ! "


المعلم لم يجب، نظر للسحابة وقال "كفى حديثا، حان وقت العمل"


اتجه ثلاثتهم نحو السحابة بسرعة كبيرة

2017/09/12 · 926 مشاهدة · 1289 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024