بمجرد ما دخل الثلاثة السحابة، انهال عليهم ضغط هائل، كان الأمر يبدو وكأنه سيتم تحطيم أجسادهم


الملك والإمبراطور واجها بعض المشاكل في تحمل الضغط لكن المعلم لم يفعل، كان هذا الضغط بالنسبة له شيء عادي جدا


نظر المعلم للأخوان فوجدهما يتصببان عرقا وعروقهما ظهرت وتكاد تنفجر


تنهد، ثم بإشارة منه، الأفعتان على كتفيه توجهتا للأخوان، ثم قامتا بعض رقبة كل منهما، فجأة ذهب شحوب وجههما واستعاد ألوانهما


نظرا باستغراب للمعلم، لكن سرعان ما قطع هذا الأخير تلك النظرة بقوله "لقد قمت بسكب بعض من قوتي في نقطتي الحياة الموجدتان على الرقبة، بهذا قمت بإزالة الضغط الموجود داخل أجسامكما، لا تستغربا فهذا الشيطان الأسطوري مقدرته هائلة أكثر مما تتصوران"


لم يطيلوا الحديث كثيرا سرعان ما توجهوا أعمق في السحابة، هنا بدأت دموع السحاب تهطل عليهم، لقد كانت كثيرة العدد متفاوتة الحجم


رغم ذلك لم تؤثر عليهم البتة، استخدم أربوليس سحره سحر الماديات الفرع الثاني من سحر الأرواح، فكانت دموع السحاب تمر عبره دون حتى أن تترك أثرا، وفي المقابل استعمل الملك سحر الإلغاء فأضحت كل دمعة سحاب تتجه نحو تتلاشى فجأة، ومن ناحية أخرى تكفلت الأفعتان على كتفي المعلم بكل دموع السحاب المتوجهة نحوه، لقد كانت سرعتهما هائلة، والأغرب من ذلك كانت الأفعتان تبتلعان دموع السحاب، وهذا ما أثار استغراب الأخوان، لكن لم يعلقا


استمروا على هذه الحالة لحوالي ربع ساعة، حتى وصلوا أخيرا لمركز السحابة


كان هناك عدة جبال ضخمة كرستالية بيضاء لامعة، داخل كل جبل كرة مضيئة زرقاء


قال المعلم "لم أتوقع أبدا أن نجد قلب دموع السحاب هنا"


قال الملك باستغراب "قلب دموع السحاب؟ ما هذا الشيء؟ هذه أول مرة أسمع أن دموع السحاب تملك قلبا ! "


قال المعلم "هذه الجبال التي أمامنا هي جوهر دموع السحاب، أما الكرات المضيئة داخلها فهي قلب دموع السحاب"


"إن دموع السحاب تتكون عندما يكون هناك ضغط عال جدا غير طبيعي في السحاب، وقد ينجم هذا الضغط عن معركة بين شخصيات قوية تقاتلا في السحابة، طبيعيا ذلك الضغط يتم امتصاصه من السحابة، وبمرور الوقت تتطور تلك السحابة ويتكثف الضغط على شكل كرستالة بيضاء، عندما تتشكل الكرستالة يصبح المطر عبارة عن دموع السحاب"


"لكن في هذه السحابة تتواجد جبال كرستالية عديدة، هذا يدل على أن المعركة التي وقعت هنا لم يكن فيها طرفان فقط بل عدة أطراف وأيضا كلهم أقوياء على أقل تقدير كانوا روحانيين مقدسين، ومما أرى العشرات منهم"


"ما أستغربه هو وجود قلب دموع السحاب، هذا يدل على أن هذه السحاب امتصت أرواح المحاربين، ومن المرجح أنهم لم يقتلوا بعضهم بعضا بل هذه السحابة التي قتلتهم بطريقة أو بأخرى، فقلب دموع السحاب يتكون أساسا من روح مقاتل... لا أدري ما حدث هنا، ولكن هذه السحابة بالفعل غير عادية على الإطلاق"


بسماعهم لهذا، تغير تعبير الأخوان، قاما بتشديد حذرهما لأقصى درجة


سحابة قادرة على قتل خبراء من مستوى روحاني مقدس، وأيضا العشرات منهم، أي نوع من المفهوم هذا؟ وهل يمكن أصلا تواجد سحابة مثل هذه؟


قال أربوليس فجأة "ماذا نفعل الآن؟ هل نتراجع؟"


ابتسم المعلم وقال "لقد أتينا إلى هنا، لماذا لا نأخذ المخاطرة قليلا ونكتشف سر هذه السحابة؟ هيا فلنقطع أحد تلك الجبال ونستولي على الجوهر والقلب"


كان أربوليس مترددا، نظر إليه الملك وقال "مما أنت خائف؟ أنت في مستوى إمبراطور روحي يجب أن لا تعرف معنى الخوف من أشياء مجهولة، تشجع ولنتابع المعلم"


ابتلع أربوليس ريقه، ثم استجمع شجاعته وتوجه للأمام


قام المعلم بتشريح أحد الجبال لعدة شرائح صغيرة باستخدام مخلب الشيطان الناري، بعدها ظهر أمامهم قلب دموع السحاب، ولمفاجئتهم حاول ذلك القلب الفرار وكأنه كان مسجونا داخل الجبل الكرستالي


لكن أين يفر وخصمه ملكة الدماء، بسرعة تصرفت تلك الأفعتان وقامتا ببث نوع من الحمض، لما أصاب قلب دموع السحاب توقف وكأنه أصيب بالشلل، مد المعلم يده المغطاة بالنار وأمسكه


بعدها استدار للأخوان وقال "هذا هو قلب دموع السحاب، هو كائن يتمتع بالذكاء وله وعيه الخاص، لكن لا يستطيع الهجوم كل ما يفعله هو الهروب بسرعة خيالية، لكن في المقابل يملك درجة عالية جدا من الحرارة، يجب استخدام سحر النار أو سحر الماء للقبض عليه"


"دعوا أمر قلوب دموع السحاب علي، وأنتما اختما بالجوهر عندما أقوم بتحطيم هذه الجبال الكرستالية التي هي عبارة عن جوهر ضخم لدموع السحاب"


"سأعلمكما لاحقا طريقة استهلاكه والتدرب به"


وبهذه الطريقة قام المعلم مرة أخرى بتحطيم نصف الجبال واستولى على قلوب السحاب بذات الطريقة باستعمال الأفعتان، أما الأخوان فقد جمعا شرائح الجبال المحطمة والتي هي عبارة عن جوهر دموع السحاب


بعدها قال المعلم "حسنا انتهينا هنا، فلنعد الآن"


قال أربوليس فجأة "لكن لم نأخذ كل شيء، ما زال هناك العديد من الجوهر والقلوب ! "


قال المعلم "سأعطيك درسا يجب أن تحفظه وتعمل به، إن الأشياء التي تولد طبيعيا وتستهلك سنوات عدة حتى تولد يجب عليك احترامها، لا تكن جشعا، خذ نصف ما تجد واترك النصف الآخر"


"إن هذا الجوهر أخذ عشرات السنين حتى تكون وهذه القلوب أخذت آلاف السنين، يجب أن نترك بعضها، لا تأخذ أبدا كل شيء يتكون طبيعيا وإلا سيأتي عليك وقت تشعر بشهية غير متناهية ويعتريك الطمع، فتصبح أسير رغبتك في المزيد والمزيد، وهذا سيحولك لشخص شرير أناني يضحي بكل شيء من أجل الثروة"


طأطأ أربوليس رأسه، لكن يبدو أنه لم يعجب بكلام المعلم


فبعد كل شيء كمية هذه الثروة التي أمامهم خيالية، وهذه فرصة نادرة قد لا تتكرر العمر كله


في عالم التدريب، تحتل الفرص نصيب الأسد، الفرص هي كل شيء، والفرص تدل على عظم مصير صاحبها


شعر أربوليس أنه إذا عمل بكلام المعلم، فسيضيع فرصا عديدة، الاستيلاء على كل شيء هذا مبدأ الأقوياء منذ مر الزمن، لطالما كان القوي هو الحاكم، والضعيف هو الذي يعطي كل شيء، هذا هو قانون العالم


إذا كان القوي يعطي الفرصة للضعيف أن يصبح قويا، كأنه يقوم ببناء عدو له، ومن يدري لعل هذا الضعيف عندما تشتد شوكته، سينازع القوي في الحكم وربما يقتله


من الحكمة أن يقوم القوي بسد كل طرق الضعفاء أن يصبحوا أقوى، وإلا سيكونون تهديدا حتميا له في المستقبل


لكن في الواقع، تناسى أربوليس أن مبدؤه مبدأ الجبناء، الأقوياء حقا يحبون التحدي، يحبون قتال الأقوياء وليس ظلم الضعفاء


منير داخل ملكة الدماء، عرف فعلا ما يفكر فيه أربوليس، لهذا ابتسم بخفة


قال المعلم "هيا فلنغادر الآن"


حلق ثلاثتهم نحو الأعلى لفترة من الوقت، استغرقوا نصف ساعة لكن لم يخرجوا بعد، هذا حير الجميع


تغير تعبير أربوليس وقال "هل يعقل أنه وهم الزمن مرة أخرى؟"


قال المعلم مبتسما "عرفت الآن لما استطاعت هذه السحابة قتل العديد من الروحانيين المقدسين"


"يبدو أن وهم الزمن هذا حال دون خروجهم، ولكن هناك شيء آخر مع وهم الزمن هذا"

قال الملك "شيء آخر؟ ما هو؟ ! "


"إنه سراب الطمع"


قال الأخوان معا "سراب الطمع؟"


ابتسم المعلم وقال "ستعرفون عما قريب عن ماذا أتحدث"


فجأة فوقهم ظهرت ثغرة تؤدي إلى الخارج، لكن تلك الثغرة تكفي لشخص واحد فقط، وبحسب تدفق الطاقة حولها، ستغلق بمجرد مرور ذلك الشخص


بمعنى آخر، تقول لهم السحابة، أن شخصا واحدا سينجو وسيموت البقية


الآن عرف الأخوان ما يعنيه المعلم


يبدو أن هذا الأمر حدث لأولئك الروحانيين المقدسين، لهذا تقاتلوا فيما بينهم وامتصت الساحبة أرواحهم لما كانوا في أضعف حالاتهم ناهيك عن طاقاتهم


بغض النظر عما إذا نجا أحدهم أو ماتوا جميعا، تمكنت هذه السحابة من خداعهم فعلا


فجأة، صرخ المعلم اتجاه السحابة "سراب مثل هذا لن ينفع أمامي، أعلم جيدا أن هذه الثغرة خيالية، حتى لو بقي أحدنا، ستقومين بسراب آخر وستقتلين الجميع على أية حال"


"الآن سأقوم بتحطيم وهمك وسرابك معا"


بعدها استدعى المعلم صندوقا، كان ذات الصندوق الذي يحوي البيضتين


بمجرد ما فتحه، طاقة امتصاص قوية صدرت منه، وما هي إلا برهة حتى صدرت عويل ألم قوي من السحابة


مهما صرخت تلك السحابة، لم يكن مجديا، سرعان ما تم امتصاصها كليا من طرف البيضتان


كون البيضتان ذات أصل سماوي، فأمر عادي لهما أن يمتصا هذه السحابة


بعدها أغلق المعلم الصندوق وأعاد تخزينه

2017/09/13 · 942 مشاهدة · 1215 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024