قطعت ملكة الدماء تفكيره "لم نعبر النفق الزمكاني بعد، يجب أن تواجه اختبارين آخرين"


بووووم بوووووم بووووم


بعدها مباشرة سمع دوي أشياء تتحطم


نظر للأمام مرة أخرى، إذ هي مجموعة كبيرة من المذنبات متجهة نحوهما


ابتسم منير وتوجه نحو المذنبات بسرعة صاروخية


فعل بنيته البيضاء، وباشر ضرب كل مذنب


كانت كل ضربة تكفي لتفتيت مذنب، لكن كلما تعمق أكثر في المجموعة ازداد حجم المذنبات


من ضربة واحدة لمذنب واحدة، لعشرات الضربات للمذنب الواحد حتى يتحطم


كانت المجموعة كبيرة، لهذا أخذ وقتا أطول لتدميرها


في الأخير واجه منير، 3 مذنبات غازية


المذنبات الصخرية استطاع منير تدميرها بعد جهد كبير، لكن ماذا سيفعل مع المذنبات الغازية؟


فكر بسرعة، فاستخدم خاصية درع الجن الأزرق الأمواج فوق الصوتية، صنعت تلك الأمواج ثقبا مؤقتا في تلك الغازات المكونة للمذنب، وباستخدام سحر الضوء مع بنيته البيضاء، اخترق من خلال ذلك الثقب بسرعته القصوى كوميض من الضوء


بمجرد استقراره على رجليه، تغير المنظر حوله ووجد نفسه في غابة كثيفة يكتنفها الضباب


ارتبك منير للحظة، ثم صرخ "سيدتي، سيدتي، أين أنت؟"


صراخه قوبل بصدى ثم صمت تام


مشى منير قليلا في تلك الغابة المجهولة


باااااا


فجأة ودون سابق إنذار تم صفع منير


تراجع منير خطوتين، وشدد حذره أكثر


فجأة، تم قلبه وتعليقه رأسا على عقب، كانت جذور الأشجار تزحف على رجليه


استخدم منير خنجره وقطع تلك الجذور ليسقط أرضا، ثم سرعان ما استقام مرة أخرى


ركلة من لا مكان ضربت بطن منير، فجعلته يسقط مرة أخرى


في هذه المرة، خرجت جذور من الأرض، ربطت أطرافه الأربعة وخاصرته، حاول منير التحرر دون جدوى


من الظلام أمامه، ظهرت هيئة صغيرة تحلق، بمجرد ما اقتربت منه اتضحت معالمها


كانت جنية صغيرة، ذات ألوان باهتة وجناحان رماديان وشعرها أبيض، وملامح حزينة


عرفها منير على الفور إنها "جنية الحلم التعيس"


بحسب ما ورد في الكتاب الذي قرأه، جنيات الأحلام التعيسة يعتبرون حراسا لغابات الضباب، إذا المكان الذي هو فيه الآن غابة الضباب


ما أثار حيرة منير، كيف وصل إلى هنا؟


اقتربت تلك الجنية منه وقالت "كيف أبدأ بتقطيعك الآن، هل ألتهم عينيك أولا، أم آكل قلبك مباشرة؟"


تصاعد من تلك الجنية دخان، فتحولت إلى رأس مهرج كبير ذو أسنان صفراء حادة ولسان طويل


أسرع منير وفعل بنيته الزرقاء، تحول تماما إلى ماء وخرج من قيود تلك الجذور، ثم هرب سريعا بهيئته المائية لاتجاه معاكس لتلك الجنية، فقط عند مسافة آمنة أعاد تكوين جسده


تغير تعبير منير إلى الذعر "اللعنة، كيف سأتخلص من هذه المشكلة؟"


فبحسب ما ورد في الكتاب نقطة ضعف جنيات الأحلام التعيسة تعويذة "غناء الحوريات" والتي لابد من امرأة لتأديتها


كان في مشكلة عويصة، كونه ذكرا جعله في موقف صعب، وأضحت هزيمة جنيات الأحلام التعيسة مستحيلة، كل ما يملكه هو الهرب على أمل الخروج سريعا من غابة الضباب


استخدم منير سحر الضوء وبنيته البيضاء، وبسرعته القصوى توجه في الاتجاه المعاكس لجنية الحلم التعيس تلك


فجأة ظهر أمامه نهر جميل جدا


كان ضوء القمر ينعكس عليه، فتتلألأ منه حبات الندى الساقطة من أوراق الأشجار القريبة، وكانت الأسماك الملونة والجميلة تقفز وتغوص مرة أخرى في أنحاء مختلفة من النهر


كان هناك جسر خشبي مشيد هناك، بجانبه فتاة ارتدت رداء أصفر مزين برسوم الأزهار، وعقدت على خاصرتها شريطا أحمر، كانت ترفع شعرها البني، وتلعب بيدها البيضاء بمياه النهر وتغني


اقترب منير منها بروية، وقال "عفوا"


نهضت الفتاة التي كان يرى فقط ظهرها، والتفت له


قلب منير صدم لوهلة، كانت تلك الفتاة آية في الجمال، تقاسيم وجهها وكأنها منحوتة لتحمل كل صفات الجمال، رقبتها البيضاء النحيفة كانت تزيدها جمالا أخاذا


قالت تلك الفتاة بصوت شجي وابتسامة ساحرة "كيف أساعدك؟"


منير لم يستطع قول شيء لفترة من الزمن، بعدها تدارك نفسه وقال "هل لي أن أعرف كيف أخرج من غابة الضباب هذه؟"


ابتسمت الفتاة وقالت "الخروج من هنا يستغرق يومين، أنت في النهر المقدس، وهو أأمن منطقة في غابة الضباب، طالما بقيت بجانبه لن تستطيع الجنيات الدخول، فلا تقلق"


تنفس منير الصعداء، يبدو أن هذه المكان محرم على الجنيات بطريقة ما


فجأة، تبادر لذهن منير سؤال "عفوا، هل لي أن أسألك كيف أتيت إلى هنا؟"


ابتسمت تلك الفتاة وقالت "لقد أتيت مع جدي هنا، لكنه ذهب في عجالة من أمره بعد تلقي خبر ما، نحن من قاطني ضفاف النهر المقدس، وقريتي ليست بعيدة عن هنا، آتي أحيانا هنا لأصفي عقلي"


تفاجأ منير من أن هناك أناس يقطنون غابات الضباب ولا يخافون الجنيات، لكن بالتفكير مرة أخرى هذا أمر طبيعي، بما أن النهر المقدس مكان لا تقربه الجنيات فهو آمن تماما


قالت الفتاة مرة أخرى "فلتعد معي إلى قريتي ولترتح قليلا هناك"


لم يمانع منير واتبعها للقرية


كانت الفتاة تمشي بطريقة تدل على أنها نبيلة، كل خطوة كانت خفيفة، وكأنها تحلق ولا تلمس الأرض أبدا، كانت تمشي ويديها فوق بعض داخل الأكمام


مشيتها وحدها أذهلت منير، وكأن العالم توقف معهما فقط، تمنى أن يستمر الوقت أطول وهو يراقب مشيتها من الوراء


لكن سرعان ما وصلا إلى القرية


كانت القرية بسيطة، بنيانها من الطين وسقوفها من أوراق الأشجار، كل أوانيها من الطين، على طول النهر هناك رجال يصطادون وهناك آخرون يحملون الرماح ويقفون في كل مكان كالحراس، وأطفال يلعبون ويركضون، ونسوة تطبخ هناك


كان الجو حميميا، ذكر منير بقريته السابقة


غرق منير بالذكريات، لم ينتبه إلى فتيين تقدما نحوه لتحيته، انتبه فقط عندما شدت يد بيضاء ناعمة ذراعه، كانت يد تلك الفتاة التي تعلوها الابتسامة دائما


وضع منير ذكرياته المثارة جانبا، وسرعان ما أعاد التحية للشابين


فجأة صراخ بدا "سارة، لماذا تجلبين الغرباء إلى القرية، ألم أنبهك أن لا تفعلي ذلك أبدا؟"


بالنظر لمصدر الصوت، كان شيخا تبدو عليه علامات الوقار، وكان قوي البنية أيضا، سرعان ما قالت تلك الفتاة بسرعة "جدي، أعتذر عن ذلك، ولكن غابة الضباب خطرة، ما المانع من مساعدة بعضنا البعض، بدل أن نرى الآخرين يقتلون؟ ! "


تنهد الجد وقال "لا تعبثي معي، أنت تثقين في الناس بسهولة وهذا خطأ كبير، مساعدة الآخرين؟ ها، نحن بالكاد نساعد أنفسنا ناهيك عن غيرنا"


تجاهلت تلك الفتاة جدها للحظة وقالت لمنير "أيها الفتى لم تعرفني باسمك، بماذا أناديك؟"


قال جدها "وأيضا لا تعريفين حتى اسمه ! "


قال منير "اسمي منير"


قالت الفتاة "أنا سارة، سعيدة بمعرفتك" سرعان ما أمسكت يداه الاثنتان من فرط الفرحة


تغير تعبير الشابين أمامه، من الواضح أنهما يغاران من منير، يبدو أنهما يكنان مشاعر للفتاة المدعوة سارة، ومن الواضح أيضا أن الجد لم يرحب بمنير


سرعان ما سحبت سارة منير وتوجهت إلى بيت كبير من الطين، دخلاه وقالت "غرفتك هنا، وأنا غرفتي بجانبك تماما، وفي الأمام تجد غرفة جدي، وبعدها غرفة أخي الأكبر وزوجته


قال منير "أخوك الأكبر؟"


قالت "هو الآن ذهب رفقة زوجته ليقتل بعض الجنيات، في قريتنا، من يقتل أكبر عدد ممكن يستحق أن يكون خليفة زعيم القرية والذي هو جدي، زعامة القرية لا تؤخذ بالنسل وإنما بالجدارة"


قال منير "إذا هكذا هو الحال"


بعدما تبادلا أطراف الحديث قليلا، غادرت سارة وتركت منير وحده في غرفته

2017/10/29 · 988 مشاهدة · 1067 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024