لم تمض إلا برهة بعدما أغمض منير عينيه ليرتاح قليلا حتى سمع صراخ


"السيد الشاب... السيد الشاب... السيد الشاب"


فتح منير باب المنزل وخرج ليلقي نظرة، ليصطدم بصدر شاب قوي


رفع نظره ليرى ذلك الشاب، كان الشاب قوي البنية وطويلا، حيث أن منير يصل لصدره، وكان ذو شعر أصفر وعينين صفراوين غريبتين وذو ملامح جميلة، ارتدى الدروع الحديدية من صدره لرجليه


بجانبه فتاة جميلة أيضا، ذات شعر أسود مشكل على هيئة ضفيرتين بشرائط زرقاء كانت ترتدي فستانا بسيطا أبيض تتخلله خطوط رمادية على نحو عامودي، كان الفستان يصل لفخذها


ما أثار دهشة منير، أن هناك وميض من ضوء أزرق يشع من عيني الفتاة، جعلها ذلك الوميض ساحرة


قال ذلك الشاب "من أنت، وما الذي تفعله في بيتي؟"


قبل أن يجيب منير، امتدت يد ذلك الفتى وأمسك بقميص منير، ورفع منير في الهواء بيد واحدة، وألقاه أرضا خارجا ليتسخ ببعض التراب


نهض منير ونفض التراب العالق على ملابسه، ونظر للشاب بنظرة عدوانية


ابتسم ذلك الشاب، وتقدم نحو منير، توقف أمامه مباشرة ولمح فيه قائلا "ما خطب هذه النظرة، هل تريدني أن أكسر عظامك؟ ! "


لم يجب منير وإنما ازدادت نظرته حدة


رفع ذلك الفتى يده، وانهال بها على وجه منير


رفع منير يده اليسرى وأمسك بمعصم الشاب، ثم ضغط قليلا


شعر ذلك الشاب بالألم، لكنه تحمل، وألقى لكمة بيده الأخرى على منير، الذي قام بإبعاد تلك اللكمة عرضيا بيده اليمنى


قال منير "اركع" ثم شدد مسكته على معصم الشاب، ما اضطره للركوع ألما


صرخ الشاب "آآآآه، اتركني أيها الوغد وإلا سأقطعك وأرميك في الغابة"


قال منير ببرود "لولا أختك سارة لقمت بتحطيم وجهك وغطرستك هذه، لكني لن أفعل ذلك احتراما لها" ثم حرر معصم الشاب وركله


وصل الشاب لباب منزله من ركلة عادية لمنير


تغير تعبير كل أهل القرية، وومض من بعضهم وميض عداء نحو منير


بالطبع، كان هذا السيد الشاب للقرية وهو أخ سارة الأكبر، وتلك الفتاة بجانبه زوجته


أن يهان سيدهم الشاب وسط قريته، من الطبيعي أن يلحظ منير عداء من الجميع من حوله


استقام ذلك الشاب، استل سيفه وقال "سأقتلك" ثم هرع بجنون نحو منير


السيف اقترب من رأس منير حتى أنه لامس شعره، في هذا الوقت، تقدم منير خطوة واحدة للأمام، وقام بصفع الشاب بقوة، حتى أن سنا سقط أرضا، بينما حلق جسده على اليسار وصولا لشجرة قريبة، التي تحطمت فوق الشاب


فقد الشاب وعيه مضرجا بدمائه


في هذا الوقت، ومضت ابتسامة غريبة على وجه زوجة الشاب، أما باقي أهل القرية فقد اختلطت تعابيرهم بين خوف ونية قتل


تقدمت مجموعة من الحراس بسرعة لموقع الشاب وأخذته بعيدا


صاح أحد الحراس الأقوياء بينما يتوجه لمنير "أيها الغر، لقد تماديت كثيرا، حتى ولو كانت سيدتي الصغيرة هي من أتت بك، هذا لا يعني أن تتصرف كما يحلو لك هنا"


قال منير "لقد أهانني وأراد تحطيم عظامي، قبل أن يفهم حتى من أنا، لولا أني كنت رحيما لقتلته في ثانية واحدة بدل إضاعة جهدي عليه وتعليمه درسا"


تطايرت شرارات الغضب من عيني الحارس وانهال برمحه نحو منير "مت"


منير لم يتحرك من مكانه، بلكمة منه تم تحطيم ذلك الرمح، ثم أمسك ياقة الحارس ورماه أرضا، وضع رجله على صدره، وجه نظرته للجميع وقال "من الحكمة أن لا تجعلوني عدوا، وإلا سوف تكون العواقب وخيمة"


"لم آتي إلى هنا لافتعال المشاكل، جئت للراحة قليلا وبعدها سأغادر، لذا لا تثيروني مرة أخرى"


رفع رجله عن الحارس، وتوجه للمنزل مرة أخرى


عندما كان على وشك الدخول، سمع زوجة الشاب تقول "مثير للاهتمام قليلا"، لم يعرها انتباها ودخل وصولا لغرفته


ارتاح لفترة من الزمن، بعدها انكسر الباب الخشبي للمنزل وسمع صراخا "أخرج من هنا أيها الوغد الصغير ! "


فتح منير باب غرفته، وألقى نظرة نحو باب المنزل المحطم، ليجد زعيم القرية والذي هو جد سارة غاضبا


الجدير بالذكر كان حول الزعيم هالة بنفسجية يتخللها بعض الأحمر، ومكان وقوفه محطم تماما


خرج منير بهدوء، وقف أمام الجد على بعد مسافة آمنة وقال "ما الأمر؟ هل جئت للانتقام لابنك؟"


صرخ الزعيم "اخرس، من أنت حتى تفعل ما فعلته هنا وكأن القرية ملك لك أو هي تحت رحمتك؟ نحن قبلناك ضيفا وأنت ترد جميلنا بنكران؟"


ابتسم منير "جميلكم؟ على حسب ذاكرتي الضعيفة سارة هي من جلبتني وأنت عارضت وجودي، فلا تحدثني عن الجميل وأنت تقف على الهامش من ذلك"


تغير تعبير الزعيم "لا تتفوه بالترهات، دعنا نتقاتل"


فجأة، صوت صدى من المجهول "توقفا"


بالنظر لمصدر ذلك الصوت، كانت فتاة تحلق، نزلت تلك الفتاة بين منير والزعيم، بالتأكيد كانت الفتاة سارة "جدي لماذا تصر على القتال مع أن منير هو المظلوم، هو دافع عن نفسه فقط"


قال الجد "اخرسي، يبدو أنني دللتك كثيرا حتى أصبحت تقفين مع الغرباء ضد أفراد قريتك، ابتعدي من هناك أو لا تلوميني على أي شيء يحدث لك"


تغير تعبير سارة "ما الذي تقصده؟ هل ستضربني؟"


قال الجد "فتاة مدللة مثلك تحتاج إلى تأديب، كان خطأ مني أن أسمح لك بفعل ما تريدين"


نزلت دموع من عيني سارة "إذا كان الأمر كذلك فلتضربني إذا، أنا لن أتخلى عن مساعدة الضعفاء والمظلومين حتى ولو كان ذلك يعني موتي"


تنهد الجد "فتاة حمقاء" اختفى من مكانه وظهر أمام سارة في ومضة، رفع يده وهم بضربها


فجأة شعر بأن جسده تجمد، لم يستطع أن يتحرك إطلاقا وبقي مجمدا وهو رافع ليده


صوت بدا من الحشد الذي كان يشاهد المعركة "يبدو أن علي التصرف شخصيا لحل هذه المسرحية السخيفة"


خرجت من الحشد فتاة، هي نفسها زوجة أخ سارة


عندما نظر إليها الزعيم قال "ما الذي تفعلينه يا ياسمين؟"


قالت ياسمين "لقد بالغت في ردة فعلك، كان زوجي هو الذي تجرأ على مهاجمة ذلك الفتى دون أي سبب، وما قام به الفتى هو تعليمه درسا قاسيا فقط"


لوحت بيدها فأزيل ذلك التجمد من على جسد الزعيم، التفت الزعيم إليها وقال "إنه زوجك، يجب أن تدعميه في السراء والضراء، ما الذي تقولينه الآن؟"


قالت ياسمين "بالرغم من أنه زوجي، أنت وأنا وكلنا نعلم أنه مجرد مسمى، نحن لم نتزوج حقا، ثم لولا صديقتي سارة التي طلبت مني الإقامة هنا وحثتني على إعطاء فرصة لأخيها بإتباعه لمدة، ما كنت أتيت وقبلت مسمى زوجة لأحمق مثله"


تغير تعبير الزعيم "هل قلت عن ابني أحمق؟" كان من الواضح أنه غاضب أكثر من قبل


في مواجهة ذلك، ابتسمت ياسمين "أجل هو أحمق تماما، هل لديك مانع من ذلك؟ أم هل تريد معارضة قبيلتي قبيلة السراب؟"


في هذه اللحظة، عم الصمت المكان، حتى الزعيم اختفت هالته واستبدل غضبه بحقد باد في عينيه


فجأة اختفت ياسمين من مكانها، وظهرت كالدخان أمام سارة، قامت بالتربيت عليها وقالت "لا تقلقي بوجودي هنا، كائن من كان يحاول أذيتك سأبيده هو وعشيرته" ومض من عينيها ضوء بارد وأطلقت نية قتل مخيفة، حتى الزعيم ارتعد منها


بعدها وجهت نظرتها لمنير وقالت "لماذا لا ندخل أنا وسارة غرفتك ونتحدث قليلا؟"


منير بموقف اللامبالي لم يعارض هذا، ودخل أولا تتبعه الفتاتان


في الخارج صر الزعيم على أسنانه وقال في نفسه "قبيلة السراب؟ وماذا يعني ذلك؟ انتظروا فقط حتى تكتمل التجهيزات وسأبيد شخصيا تلك القبيلة العفنة، بعدها سأرغمك على الزواج بابني وإن أبيتي سأجعلك لعبة لباقي رجال القرية، أما عن تلك سارة سيكون لي معها شأن خاص، وبخصوص ذلك الغريب سأقتله متى ما سنحت لي الفرصة لذلك"


وفي نفس الوقت في وسط الحشد، فتيان انبعثت منهما نية قتل


قال أحدهما للآخر "ماذا سنفعل الآن؟ يبدو أن العلاقة أعمق بين سارة وذلك الوغد وإلا لما فضلت الموت على أن تحيد عن طريق أبيها"


ابتسم الآخر وقال "كل ما حدث اليوم يصب في مصلحتنا، وزوجة السيد الشاب عامل إضافي إيجابي حتى نقتل ذلك الغريب، فقط انتظر سنتمكن منه بالتأكيد"

2017/11/20 · 1,040 مشاهدة · 1175 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024