90 - إرغام على التدرب

سرعان ما أوقف منير ركضه وجلس القرفصاء متأملا


ردد التعويذة "بين الأرض والسماء، عالم الفراغ مقصد المختار، أنا التلميذ الذي أراد أن تركع له جميع الكائنات"


امتلكه ذات الشعور وكأن نفسه تسافر عبر الأزمنة، ثم وجد نفسه في النطاق السماوي يقابله الشيخ الشبحي


عندما رآه الشيخ الشبحي ابتسم وقال "أوه ! تذكرتني أخيرا، ما الأمر؟"


قال له منير "لقد طلبت مني سابقا ملكة الدماء لقاءك وها أنا ذا"


طار الشيخ الشبحي مرارا وتكرار حول منير ثم أمسك ذقنه بيده وقال "ليس سيئا ليس سيئا لكن لا يزال ضعيفا جدا، الوقت لم يحن بعد"


احتار منير فأسرع متسائلا "ما الذي تقصده يا سيدي؟"


قال الشيخ الشبحي "لا تلقي بالا لما قلته، فلنراجع الآن ما تعلمته"


"فلترني سحر الماء"


قام منير باستدعاء كرة ماء كبيرة، ثم من تلك الكرة أخرج عواميد ماء وسكاكين، ثم تلاعب بشكل الكرة فجعلها منبسطة مستوية وغيرها لأشكال أخرى، بعدها بدأ بتصغيرها حتى أنه جعلها كذرات وتحكم بها


طبعا سحر الماء يحوي 4 فروع: الجليد، الدماء، السحاب، الكوارث


"الآن فلترني سحر الجليد"


قام منير باستدعاء أسلحة جليدية متنوعة، ثم تلاعب في سرعتها واتجاهها وشكلها وحجمها


أشاد الشيخ الشبحي قائلا "تحكم جيد، الآن فلترني البنية البيضاء"


صرخ منير "البنية البيضاء" تضخم عضلات جسده، ثم قام بلكم الهواء لكمات سريعة لكنها ثقيلة، كانت كل لكمة تخلف صدى


قال الشيخ الشبحي "جيد" ثم بحركة من يده أخرج بضع تماثيل حجرية


"الآن فلترني البنية الزرقاء"


تحول منير فورا لهيئة مائية، بل واستطاع تفريق نفسه على نطاق واسع في اتجاهات مختلفة


قال له الشيخ الشبحي "رائع حقا، الآن ألغي تفعيل بنيتك واستعمل "مخلب التنين" الذي تدربت عليه سابقا"


طبعا تقنية مخلب التنين تحوي 3 مستويات: محطم الأراضي، محطم المعادن، محطم الفضاء


منير للآن أتقن المستوى الأول محطم الأراضي


ركض منير بسرعة، مستخدما المستوى الأول من "مخلب التنين" "محطم الأراضي" حطم كل التماثيل التي كانت واقفة هناك


فجأة عم الظلام المكان، صدى صوت اخترق الظلام قائلا "الآن فلترني سحر الضوء"


سحر الضوء له 4 فروع أيضا: البرق، الحمم، الشمس، الجحيم


باستخدام سحر الضوء لأقصى درجة، انبعث من منير ضوء يفقد البصر أضاء كل ذلك المكان


أشاد الشيخ الشبحي بمنير مرة أخرى "أحسنت، سأذكر لك بعض الملاحظات ثم سأصحح لك بعضا من عيوبك"


"أعلم أنك تعلمت القليل حول سحر الدماء لكن أنصحك أن لا تستخدمه، فكما قالت لك ملكة الدماء سابقا، من الأفضل أن لا تستخدم سحر الدماء إلا عندما تدخل المستويات الروحية، لأن لذلك السحر بعض الخصائص المميزة التي لا يستطيع جسدك تحملها حاليا وإن كان خالدا"


"أيضا بخصوص تقنية "ختم الروح" التي استخدمتها سابقا، أذكر أني أخبرتك أن لا تستخدمها إلا في وقت الحاجة، لكن باعتبارك فضوليا ، سأغفر لك استخدام التقنية بغير وقتها"


"هناك أيضا سيف الجن ودرع الجن الأزرق، هذين الأداتين مرتبطين ارتباطا وثيقا، الأفضل أن تكون حذرا عند استخدامهما، سأترك لك كشف الغموض حولهما"


"الآن فلنأتي لتصحيح العيوب"


"أرى أنك تركز كثيرا على سحر الماء في قتالاتك وتدربك، وهذا خطأ كبير، صحيح أن لسحر الماء إمكانيات لا نهائية، لكن سحر الماء وحده لن يجعلك تكسب كل قتالاتك، يجب أن تنوع مصادر قوتك، عليك أن تركز أكثر على سحر الضوء، ولتتدرب عليه كما أخبرك ملك الشموس سابقا، أمامك طريق طويل حتى تصل إلى سحر الشمس، مرورا بسحر البرق ثم الحمم"


"طبعا لفيفة سحر النار لن تحتاجها إذا وصلت لسحر الحمم، إذ يعد سحر الحمم أقوى من سحر النار، لكن سحر النار أكثر مرونة من سحر الحمم، لذلك ميزان القوى الفعلية معتدل نوعا ما ويتوقف على المستخدم وظروف المعركة"


"أيضا لقد حاولت سابقا دمج البنيتين البيضاء والزرقاء، إن دمج البنيات ليس شيئا سهلا، صحيح أنه ليس مستحيلا لكنه شيء صعب جدا، لذلك بدل التركيز كثيرا على دمج البنيتين فلتركز أكثر في التدرب على سحر الضوء وأن تبدأ في شحذ فروعه الأربع، على الأقل وصولا لسحر الشمس، يتبقى سحر الجحيم، وهو مرحلة متقدمة جدا جدا من سحر الضوء، قبل أن تتدربه عليك أن تدخل المستويات الروحية أولا، فهو مماثل لسحر الدماء، جسدك لن يستطيع تحمل استخدامه"


"أيضا لقد حصلت سابقا على لفيفة تقنية "جلد التنين" ستعمل بتكامل مع تقنيتك "مخلب التنين" صحيح أن تقنية "جلد التنين" تقنية دفاعية تزيد من صلابة جسدك، وهي ذات مستوى ضعيف مماثلة تماما لـ"مخلب التنين" إلا أنها ستغطي أمر خلودك، وسيبدو الأمر أكثر كتقنية"


"إنها تتكامل تماما مع مخلب التنين، بحيث تحوي تقنية "جلد التنين" أيضا 3 مستويات: درع الأرض، درع المعدن، درع الفضاء، وكما يبدو الأمر، كل مستوى هجومي من مخلب التنين يتناسب طردا مع المستوى الدفاعي لجلد التنين، فمثلا أنت في مستوى محطم الأراضي في تدربك على مخلب التنين، يجب أن تتدرب على مستوى درع الأرض في جلد التنين، وهكذا، حتى يتكامل هجومك ودفاعك"


"حاول أن لا تتدرب على شيء جديد، فقط زد قوتك في ما عندك، وأتقن ما تملك، بعدها لكل حادث حديث"


منير استمع بحرص شديد كل كلمة قالها الشيخ الشبحي، ووجد أنه محق


إرساء قاعدة ثابتة راسخة في التدريب، من أهم الأشياء التي تضمن آفاق واسعة مستقبلا، أما التذبذب وتعلم سطحيات الأمور، تخلق الثغرات في التقنيات وتقيد الإمكانيات المستقبلية


لقد سبق وقال له الشيخ الغامض الذي إلتقاه في كوخ ضواحي مدينة التنين الأبيض عندما هرب منير وسيليا من حسام الزعيم 13 لعصابة الدوامة الزرقاء، أن لا يسرع في رفع مستواه وأن يرسي قاعدة راسخة لتدريبه


بعد مدة من التفكير، سأل منير "سيدي ماذا عن سحر الموت؟"


ابتسم الشيخ الشبحي وأجاب "اعتقدت للحظة أنك لن تسألني عنه... لا تتدرب على سحر الموت إطلاقا إلا عند وصولك لسحر الشمس"


"إن طبيعة سحر الموت تفوق خيالك، وإن قدرته ليس لها مثيل، لكن ما دمت تقوي سحر الضوء داخلك، ووجود ملكة الحياة معك، فالأمر سيسير على ما يرام، لكن احذر أن تتدرب على سحر الموت قبل أن تصل لسحر الشمس، أي قبل أن تدخل المستويات الروحية"


"الأمر المرعب في سحر الموت، أن فروعه لا نهائية وتتوقف على المستخدم، وكونه كذلك يعني أن طريقة التدرب عليه فريدة جدا وتستلزم تجارب مؤلمة ترمي بك إلى حافة الموت، حتى تفهم ماهيته، لا يزال الوقت مبكرا على هذا الآن"


بينما غرق منير بالتفكير، قام الشيخ الشبحي بسرعة فائقة بضرب بعض الأماكن في جسد منير باستخدام عصاه


شعر منير أن جذور سحر الماء داخله، بدأت تختفي، وكأن هناك ضبابا فوقها


أراد منير استعمال سحر الماء أو سحر الجليد لكنه لم يستطع


تطلع نحو الشيخ الشبحي وقال "ماذا فعلت؟"


ابتسم الشيخ الشبحي وهو يمشط لحيته بيده قائلا "لقد ختمت سحر الماء داخلك، لن يفتح الختم قبل أن تصل إلى سحر الشمس، الآن عليك أن تتدرب فقط على سحر الضوء، وتركز فيه ولا تشتت بسحر الماء"


أراد منير أن يلعن الشيخ الشبحي، لكنه كتم غضبه


لقد تناقصت قوة منير، فهو فعلا يعتمد بصفة كبيرة على سحر الماء، بدونه ماذا يفعل؟


على منير أن يتأقلم بسرعة ويتكيف مع سحر الضوء ويتقنه، وإلا لن يستطيع تجاوز محنة غابة الضباب تلك مع كل المؤامرات التي تحاك هنا وهناك


قطع الشيخ الشبحي تفكير منير قائلا "إن الوضع الذي أنت فيه الآن يجب أن تجد حله وحدك، لن أساعدك، وكذلك لن تساعداك لا ملكة الدماء ولا ملكة الحياة، فلتجد مخرجا بنفسك، يجب أن تكون بخير"


"ولتتقدم في المستوى الانفجاري أنت بطيء جدا"


لم يعرف منير أيضحك أم يبكي، وكأن التقدم في المستوى الانفجاري شيء سهل


فجأة، اختفى النطاق السماوي، وعاد منير لغابة الضباب


وجد نفسه وسط القرية المحطمة، وكانت النيران قد أخمدت ولكن لا يزال آخرون يئنون من إصاباتهم، ولا تزال رائحة الدماء والرماد تملآن المكان

2018/05/05 · 940 مشاهدة · 1157 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024