خرج منير من المنجم واضعا يده على ذقنه وهو يفكر محللا الوضع


"إذا كان الزعيم يخطط للقضاء على قبيلة السراب باستخدام سر النهر المقدس هناك احتمالين:


1- أن يكون هناك جواسيس داخل قبيلة السراب حتى يتمكن من معرفة سر النهر المقدس واستخدامه ضد القبيلة، بالتأكيد هناك جواسيس داخل القبيلة


2- أن تكون قوة هائلة تدعم الزعيم ضد قبيلة السراب أقوى قبيلة هنا، من المرجح أن هناك مصلحة وراء سقوطها وليس شيئا بسيطا


أيضا علاقة سارة بجدها علاقة معقدة ولا تبدو مناسبة، أصلا السيد الشاب للقرية هو ابن الزعيم وعمره مقارب لسارة، من المستحيل أن يكونا إخوة، ناهيك أنها تدعو الزعيم بجدها وليس والدها، هناك أمر غامض أيضا نحو هذه العلاقة"


"أولا علي أن أتوجه للقرية وأجمع بعض المعلومات، لا يمكنني التحرك بتهور"


أسرع منير نحو القرية، أخفى نفسه في ظلال الأشياء مرارا وتكرارا، هو يتدرب على التقنية وأيضا حذر من أي تدخلات مفاجئة


دخل منير القرية التي بدأ قاطنوها في إعادة إعمارها، هناك بيوت جديدة ووجوه جديدة أيضا لم يرهم منير سابقا


قبل أن يصل إلى منزل الزعيم متخفيا في الظلال، شعر بهالات متعددة في الداخل


اقترب منير بحذر متنقلا بين ظل شجرة ثم صخرة وأخيرا في ظل المنزل، واسترق السمع


"حان الوقت للإطاحة برأس الثعبان"


"لا، فلنصبر قليلا، صحيح أن قبيلة السراب في فوضى بسبب وفاة زوجة الزعيم، لكن يجب أن لا نقلل من شأنهم"


"بل هذا أنسب وقت للهجوم، هم غارقون في أحزانهم، كون زوجة الزعيم كانت محبوبة وكانت تتميز بقوى علاجية نادرة، ساعدت العديدين، ومن بينهم ابني، ولكن شاءت الأقدار أن يدمروا، من حسن الحظ، أن السيدة قد غادرت هذا العالم، وإلا كان يؤسفني أن أراها تقتل جراء هجومنا"


"أنت شيخ محترم في قبيلة السراب، ولولا تعامل سيد القبيلة معك بتلك الطريقة ربما لن تفكر بخيانته وتمدنا بمعلومات مهمة، لكن أنت تعلم جيدا أنه يجب أن لا نستخف بذلك الشيخ، هو قوي جدا، حتى زعيم قبيلة السراب محترم جدا اتجاهه"


"أوه، أنت تقصد ضيف الشرف الذي يقيم حاليا في قبيلة السراب، لا تقلق بشأنه قد غادر نحو جبل المغناطيس قبل وقت قليل، لقد شعر بشيء ما ثم توجه هناك دون أن يودعنا حتى"


قال صوت مألوف في هذه اللحظة هو صوت الزعيم "أيها السادة الكرام، نحن نخبة النخبة في غابة الضباب، ربما من حيث القوة ما زال ينقصنا الكثير، لكن من حيث التقنيات نحن نملك ميزة لا يستهان بها، بعملنا معا سقوط قبيلة السراب محتوم، لكن يتوقف أيضا على ذلك السر الذي وجدناه، يجب أن نحسن استغلاله"


"أنت على حق أيها الثامن، قد يبدو للجميع أنك مجرد زعيم لهذه القبيلة، لكن نحن كلنا نعلم أنك سليل قبيلة الجلمود، أنت تحمل إرثها في دمك، ويجب عليك أن تحصل على ذلك الشيء من قبيلة السراب، حتى يتفعل الإرث بالكامل، من حسن الصدفة أن هناك أشياء أيضا نريدها داخل قبيلة السراب، رغم اختلاف أهدافنا الحقيقية إلا أن هدفنا المبدئي بإسقاط قبيلة السراب واحد، لذا لا تنسى وعدك لنا يوم تسيطر على ذلك الشيء"


قال الزعيم "ههههههه، لا تقلق بصفتي الزعيم الثامن لقبيلة الجلمود أعطيك كلمتي بأنني سأكون عند وعدي لكم جميعا"


"هههههه، الزعيم الثامن محترم جدا، نحن نصدقك" سكت ذلك الشخص قليلا ثم قال "نحن نعلم أن مراسم الحزن تبقى أسبوعا في قبيلة السراب، ولم يتبقى لدينا إلا 4 أيام، يجب أن نهجم خلالها، وإلا سنضيع فرصة ذهبية"


اتفق الجميع على هذا الاقتراح، إلا أن أحدهم قال "مع معارضتي للتسرع في الهجوم، ولكن رأي الأغلبية أولى، حسنا أنا معكم"


استمع منير بهدوء وقلبه ينبض بمختلف المشاعر


كان زعيم القرية هو سليل قبيلة الجلمود؟ وأيضا هو الزعيم الثامن؟ ماذا يعني ذلك؟ هل يعقل أن قبيلة الجلمود لازالت متواجدة لكنها تخفي نفسها؟


إذا كان كذلك فالسبيل الوحيد لنجاتها من الهجوم المدمر يعني...


بالتفكير بذلك، تنهد منير قائلا "يا لها من خطة شريرة وماكرة"


وأيضا من هو ذلك الشخص الذي توجه لجبل المغناطيس؟ يبدو أنه قوي جدا حتى أن زعماء القبائل يعدون له ألف حساب قبل التعامل معه


قال منير "الآن، يجب أن أعرف مقر قبيلة السراب، وأتوجه نحوهم، لم أعد أملك مزيدا من الوقت، يجب أن أسرع"


سأل منير عن مقر قبيلة السراب، فأطلعه أحدهم على الاتجاه


لما وصل المقر، وجده مهيبا جدا


لقد كان مغطى بالضباب، لكن في الأعلى ظهرت عدة أبراج كرستالية بيضاء


حاول منير التسلل للداخل دون جدوى، فذلك الضباب منعه تماما من الدخول، بل أنه استنتج أنه لو بقي مدة أطول فيه لانفجر جسده، يبدو أن ذلك الضباب نوع من الحمايات السحرية، هو دفاع غريب حقا لكن فعال


ذهب منير في مختلف الاتجاهات محاولا إيجاد ثغرة ما، تخوله الدخول إلى قبيلة السراب


بينما هو كذلك، إذ ظهر أمامه مجموعة من الحرس، يرتدون دروعا بيضاء ويحملون رماحا وفؤوسا وسيوفا


تقدم قائد تلك المجموعة نحو منير قائلا "من أنت؟ ولماذا تحاول منذ مدة الدخول إلى قبيلتنا؟"


ابتسم منير قائلا "أعذرني على محاولة التسرع إلى قبيلتكم، لكنني أريد مقابلة شخص ما داخل القبيلة وأحتاج لرؤيته بسرعة"


قال قائد الحرس "شخص ما؟ من هو؟"


أجاب منير "في الواقع هي تدعى ياسمين، وهي زوجة السيد الشاب لقرية ما"


تغير تعبير الحرس، قال قائدهم "أيها الغر، لا تدعو سيدتي الشابة بزوجة لشخص وضيع مثل ذلك الفتى، سيدتي الشابة جوهرة نقية لا تشوبها شائبة، هي عبقرية وجميلة ولطيفة وطيبة و...." فجأة انتبه القائد لما يقوله، سعل سعلتين ليهديء نفسه ثم توجه لمنير قائلا "أعتذر على هذا، هل يمكنني أن أعرف اسم السيد المحترم حتى أخبر سيدتي؟"


ابتسم منير قائلا "قل لها أتى منير لزيارتك، هو الشخص الذي لقن زوجك درسا في قريته"


تغير تعبير الحرس للمفاجأة، لكن بعد مدة ملأت الضحكات المكان


تقدم قائد الحرس ووضع يده على كتفي منير محتضنه قائلا "لست سيئا يا فتى، أنت هو ذلك الشخص الذي تحدثت حوله السيدة سارة والسيدة الشابة، بما أنك جئت، فلتدخل مباشرة للقبيلة"


احتار منير، يبدو أنه كان حديث الساعة لتلك الفتاتان


تقدم قائد الحرس نحو الضباب وأخرج شعارا ما ، عبارة عن حجر ثماني الشكل ويحوي داخله حرق S منقوش بلون أزرق


بمجرد ما لمس الشعار الضباب، حتى توهج الحرف S وظهر أمامهم ممر على جانبيه الضباب، يوصل مباشرة إلى القبيلة


عندما دخل منير استقبلته بوابة ضخمة جدا، لقد كانت خشبية لكن السلاسل التي كانت تحملها ضخمة جدا


أمسك قائد الحرس بالشعار مرة أخرى ولمس البوابة الخشبية، للمفاجأة، ظهر باب داخل البوابة لما فتحه القائد، يبدو وكأنه عالم آخر وراء البوابة


رغم دهشة منير إلا أنه تبع الحرس، بمجرد ما دخلوا اختفى الباب الذي ظهر مرة أخرى


في الداخل، كانت السهول الخضراء على مرمى البصر، والعديد من النباتات والأزهار والأشجار المتفرقة، وكذا الجسور الخشبية التي نصبت فوق وديان صغيرة تسري في كل مكان


كان الأمر أشبه بدخوله لمكان مقدس أخضر جميل


تقدم قائد الحرس مرة أخرى حاملا الشعار ولمس الأرض


نزلت طبقة من الأرض أمامهم مكونة بابا تحت الأرض، نزلوا جميعا فيه


لقد كانت جدران الممر تحت الأرضي كرستالية بيضاء، وهناك كريستالات بيضاء منصبة في كل مكان للإضاءة، بعد برهة من المشي في ذلك الممر الجميل، استقبلتهم عدة بوابات تحوي ضوءا أبيض


اختار الحرس أحد البوابات ودخلوا وطبعا تبعهم منير


في الداخل، كان المكان جليديا، والجبال في كل مكان، وكانت هناك عدة قصور منصبة فوق الجبال، وفي كل قصر هناك عدة أبراج مبهرة شاهقة الطول وجميلة الشكل


منذ مروره عبر الضباب دهش منير كثيرا، فقط ما الذي يحدث هنا؟ هل يعقل أنه انتقال بين العوالم؟


ولكن الانتقال بين العوالم لا يحدث بهذه السهولة؟ فقط ما الذي يحدث؟


اقتاده الحرس نحو قصر عملاق، حتى تصله يجب أن تمر بسلالم كثيرة لتصعد الجبل، وكلما صعدت يزداد الضغط عليك، في كل 1000 درجة يتواجد باب، وراء تلك الأبواب عوالم أخرى مناسبة لمن يملكون تلك القوة


كان في المجموعة مليون درجة حتى تصل إلى القصر العملاق، لكن الحرس توقفوا عند 3000 درجة وفتحوا الباب


دخلوا هناك، يبدو أن وراء ذلك الباب غابة كثيفة، ولكن كان هناك ممر شفاف فوق الغابة، لذلك قال قائد الحرس لمنير "تابع خطواتي بعناية ولا تسقط في الغابة فهي مليئة بالوحوش، وهناك العديد منهم من الوحوش الروحية، لذلك توخى الحذر"


عند سماعه لهذا أضاءت عيني منير، الوحوش الروحية؟ أليس هذا هو الهدف من قدومه لعالم الفوضى؟


مشى الجميع بحذر يتبعهم منير، الذي أصبح وسطهم لحمايته من السقوط،من وقت لآخر، يسمعون صرخات وحوش داخل الغابة وهمهمة بعض الأشباح


وصل منير لكوخ خشبي مزين بالزهور، أمامه نافورة بتمثالي طائرين على جوانبها


قال قائد الحرس "هذا منزل سيدتي الشابة، أرجو الانتظار هنا حتى أبلغها"

2018/07/04 · 870 مشاهدة · 1307 كلمة
3asheq
نادي الروايات - 2024