وجهة نظر إيلاريون
كانت المياه كأمواج البحر، سلَّم إيلاريون نفسه للماء ولاحق لهيب الفجر. شتم بسبب التوتر، ورمى نفسه ناحية الحفرة، وقبل أن يسقط أمسك بسيفه، ثم غرسه في الجدار وتعلق.
كان الأمر أسهل بسبب أن الأرض لم تكن متجمدة وزلقة. لم يكن عليه الإسراع، حيث إن كل الجليد الذي أصبح ماءً سقط في الحفرة.
من ناحية ثايد...
كان إيلاريون يستغرق وقتًا طويلًا للعودة، وبالطبع، كان بالكاد يرى بسبب الضباب والجو البارد. فكر ثايد بروية وبطء:
"هل سقط ومات أم لا؟ سيكون ذلك مؤسفًا."
تشائم ثايد، حيث مضى على ذوبان الثلج مدة ليست طويلة وليست قصيرة. كان ثايد واقفًا، وبجانبه أورك مستلقٍ على الأرض. لم يكن مستلقيًا للراحة بالتأكيد، حيث كان الدم ينزف من عنقه للأسفل، وكان هناك سيف أسود فوق صدره. الجثة كانت هامدة وهادئة، وعيناها ميتتان في حالة ضعف.
استطاع ثايد رؤية شيء يتحرك من الأسفل وشيء آخر بجانبه يلمع. تأكد أن ذلك هو إيلاريون. ابتسم ولوح بيده قائلًا:
"حقًا، استفدت من سيفك هذا، ايلاريون!"
كان الجو مرعبًا عندما دخل إيلاريون الحفرة، لكن ثايد لم يكن يعرف ذلك، حيث لم يقترب منها بنفس مستوى العمق إيلاريون. كان تعبير الأخير متعبًا وهو يمشي، وعيناه مرهقتان. اقترب من ثايد، الذي فهم حالته، بعد أن أعاد له سيفه. ثم ساعده على النهوض واتجهوا نحو منزل الأورك.
عندما دخلوا المنزل، كان الجو داخله أكثر لطفًا من الخارج. كانت الأرض بدائية، لكنها مريحة أكثر بكثير. كان هناك عدة غرف مبنية بشكل بدائي. ترك إيلاريون ليستلقي في زاوية مريحة، وأعطاه ماءً من قارورته الخضراء.
بدأ ثايد يتمشى في المنزل، فوجد ثلاث غرف. أمامه باب خشبي نظيف، فتحه، وكانت تلك بالتأكيد غرفة الأورك وزوجته. أما الغرفة الثانية، فكانت فارغة، مما أثار استغرابه. والغرفة الثالثة كانت مثلها.
بدأ بالبحث في الغرفة، فوجد أن الأرض مليئة بالتراب وكأنها قديمة، لكن كان هناك زاوية مخفية. ابتسم ثايد قائلًا:
"غرفة سرية؟ هممم..."
أمسك بميدالية الخناجر، وأخرج خنجرين، ثم جمع كل قوته وكسر الجدار. وجد لحم غزلان وكائنات أخرى بعدد كبير، كانت مؤونة الغيلان. ابتسم وضغط على صندوق صغير في جيبه، ثم رماه ليكبر حجمه. أمسك باللحم ووضعه في الصندوق الخاص به.
عاد إلى الغرفة السابقة وبدأ بالبحث. لم يجد زاوية نظيفة، لكن شعر أن الأرض ناعمة ودافئة. وجه ضربة قوية للأرض، لكنها لم تنكسر، فوجه عدة ضربات متتالية. سئم، فأخرج نيرانه ووجه قوته عدة مرات، حتى انكسرت الأرض.
ما وجده كان صادمًا...
عشرة غيلان صغيرة بأعمار مختلفة.
كانوا بلا شك أبناء الغيلان. أول شيء فعله ثايد عندما بدأوا بالبكاء هو قتلهم بضربة واحدة.
عبس ثايد وفكر:
"هل حقًا الغرفة لا يوجد فيها سوى أبناء الغيلان؟"
كان يعلم أنها غرفة سرية لإخفائهم أثناء الحرب، لكن ألا يوجد شيء ذو قيمة هنا؟
بدأ بفحص الغرفة واستنتج أن المدخل الحقيقي لم يكن من هنا، بل قام هو بتدمير المكان بشكل عشوائي. نظر حوله، فوجد أن الغرفة واسعة نوعًا ما، لكنها لا تحتوي على طعام. ربما لم يتوفر للأورك الذكر والأنثى الوقت لإخفاء أطفالهم بسرعة، بسبب الهجوم المفاجئ.
خرج ثايد من الغرفة، ثم تسلق الجدار ليصعد إلى الغرفة الأساسية في الأعلى. بعد ذلك، قرر الاطمئنان على ستون وفابيان. خرج وبدأ يتمشى في أرجاء القرية، فوجد جثثًا كثيرة محترقة. بحث عن ستون حتى رأى ظل مطرقة كبيرة مغطاة بالدماء، وصاحبها كان يستريح.
كان ستون ينظف ملابسه من الدماء، فجاء صوت ثايد قائلًا:
"أهلًا، ستون."
كان ثايد ينظر إلى جثة أورك الجليد الشاب وعشرات الغيلان الميتة، ثم قال:
"قمت بعمل جيد، لكن أين الأمير؟"
أجابه ستون:
"أراد التجول في القرية والبحث عنكما."
ابتسم ثايد وقال:
"حسنًا، اذهب إلى منزل الأورك، سنستريح قليلًا."
بدأ بالمشي في أرجاء القرية، التي كانت في وضع لا يُحسد عليه. تغيرت معالمها بسرعة. النيران كانت تلتهم الأكواخ، جثث الغيلان متناثرة وأحشاؤها مبعثرة في أماكن كثيرة.
وجد الأمير يتأمل جثث الغيلان، فسأله ثايد:
"ماذا تفعل هنا؟"
كان تعبير الأمير متألمًا قليلًا، ثم قال:
"هل تعتقد أننا نفعل الصواب؟"
سأله ثايد:
"ما قصدك؟"
أجابه فابيان:
"أنا أعني... هل تعتقد أنه يجب علينا قتل الصغار والكبار؟ ألا يجعلنا ذلك مثلهم؟"
ابتسم ثايد وقال:
"لا يمكنك أن تتوقع ألّا يؤذيك صغير العقرب. وأجنحة الموت... تلك الوحوش وذلك النوع من المخلوقات سيؤذينا دائمًا. يجب علينا أن نوجه الضربة قبل أن تتجه نحونا. اعتبر الأمر مثل التخلص من الحشرات، لا تهتم بشأن ذلك."
أكمل قائلًا:
"بعد أن أنتهي من التأكد من سلامتك، سأعود إلى منزل الأورك للقاء ستون وإيلاريون. عندما تنتهي من تأملك، تعرف أين تجدنا."
بدأ ثايد يمشي بين الثلوج والصخور في القرية، متجهًا نحو منزل سيد الأورك مجددًا. دخل المنزل ووجد إيلاريون مستيقظًا، فسأله الأخير:
"هل الجميع بخير؟"
أجابه ثايد:
"نعم."
ابتسم إيلاريون وقال:
"ذلك جيد... بعد قليل سنتجه نحو القلعة."