10 - توليف جرعة من درجة 5

ما إن بدأ أريس تمرينه حتى بدأ مفعول الجرعة يظهر، حيث أصبحت بشرته محمرة قليلًا وارتفعت حرارته. مع كل نفسٍ يأخذه ويخرجه كان ضباب أبيض يتصاعد من فمه، حتى بدا جسده وكأنه وعاء يغلي فوق نار.

لم يشعر أريس بمرور الوقت، فقد كان منغمسًا تمامًا في تدريبه. وحين حلّ الفجر كان ضباب رمادي قد غطّى مدينة القلب، والجو بارد لكنه في الوقت نفسه منعش.

امتلأت الغرفة برائحة عرقه الثقيلة الممزوجة برائحة كريهة خانقة، حتى التصقت الرائحة بجدران المكان وضاق صدره بها.

أحس أريس بلسعة برودة ضباب الصباح الذي تسلّل من النافذة التي نسي إغلاقها، فتسرب الهواء البارد يلامس جلده كإبر ثلجية توقظه من نشوة التدريب. عندها استعاد وعيه، وقد اختفى مفعول الجرعة، فعادت بشرته إلى لونها الطبيعي، لكن بقعًا سوداء كثيرة غطّت جسده وملابسه، ورائحة نفاذة كريهة انتشرت منه كالدخان المحترق.

قال وهو يكمش أنفه بشدة، ملامحه متجعدة من الاشمئزاز:

"اللعنة… هذه الرائحة كريهة جدًا!"

رغم ذلك، لمعت عيناه البنفسجيتان ببريق حماس، لأن تلك البقع السوداء لم تكن سوى الشوائب التي كانت تسد مسارات طاقته. الآن بعد أن تخلّص منها، شعر كأن جسده صار أخف وزنًا، وكأن شيئًا يعيق حركته قد تلاشى، وأحس أنه على وشك قفزة نوعية حيث يصل الي مستوي مطلوب و بداية ممارسة تقنية تأمل.

"حقًا… لم أتوقع أن هذه الجرعة قادرة على تطهير الشوائب!"

في حياته السابقة، لم يكن أحد يعرف أن جرعة تقوية الجسد قد تطهر الجسد من الشوائب. معرفة مثل هذه كانت تعني الكثير، فالجرعات التي تملك خاصية التطهير نادرة جدًا وتقع جميعها في أيدي النبلاء.

تمتم متأملًا، صوته يخرج متقطعًا مع زفيره الساخن:

"ربما هذا التأثير يظهر فقط عندما يكون الجسد نقيًّا وخاليًا من قوة الهالة…"

كان هذا الاستنتاج الوحيد الذي خطر بباله.

ثم نهض متجهمًا قليلًا وهو يشم رائحته الكريهة التي التصقت بأنفاسه وثيابه:

"أعتقد أنني يجب أن أستحم بسرعة."

توجّه مباشرة نحو الحمام. حين رأى أريس الحمام لأول مرة شعر بالاستغراب والصدمة، ليس لأن وجوده أمر صعب في هذا العالم، بل لأن شوارع المدن كانت مليئة بالقاذورات والفضلات. لا تُخدع بمظهر مدينة القلب؛ فالنظافة موجودة فقط في الشوارع الرئيسية، أما إذا دخلت الأزقة العميقة فسترى الوجه الآخر القذر. وهناك مدن لا تعبأ حتى بأبسط درجات النظافة.

كان الحمام يستعمل سحر النار لتسخين الماء إلى درجة حرارة مناسبة.

اندفعت قطرات الماء الدافئة على جسد أريس، لتغسل البقع السوداء وتنظف جلده من الشوائب العالقة. كان الماء ينحدر على بشرته متماوجًا، يسحب معه الأوساخ ورائحته الكريهة، ومع كل قطرة تنزل شعر بثقل يغادره شيئًا فشيئًا. حين أغمض عينيه، شعر كأن جلده يتنفس بحرية لأول مرة منذ سنوات. وعندما انتهى من الاستحمام، غمره انتعاش غامر جعل جسده يرتجف بلذة.

رغم أنه قضى الليل بأكمله في التدريب، لم يشعر أريس بالنعاس أو التعب، بل بالعكس، أحس بحيوية غريبة تتدفق في جسده.

جلس على كرسي وأمسك الطعام بشراهة، يلتهمه بجنون وكأنه عاش مجاعة طويلة. كان صوته وهو يمضغ يملأ الغرفة، تختلط أصوات الطقطقة مع حركة فكه المتسارعة.

وبينما كان يأكل، شرد ذهنه بفكرة أخرى:

"ماذا لو استعملتُ صندوق التوليف ودمجتُ جرعة تقوية الجسد؟"

لمع بريق في عينيه، ارتفعت زاوية فمه بابتسامة صغيرة:

"أعتقد أن هذا يمكن أن ينجح… لماذا لا أفعل ذلك؟"

ما إن انتهى من تناول طعامه حتى بدأ في صناعة جرعات تقوية الجسد، واستغرق ذلك منه وقتًا طويلًا. أشرقت الشمس وامتلأت المدينة بضجيج العمل كالمحرّك الضخم، ثم سقطت الشمس معلنة نهاية يوم مليء بالنشاط والحركة. ومع هبوط الظلام وهدوء الشوارع، ظل أريس مستمرًا في صنع الجرعات حتى انتهى قبل اختفاء آخر شعاع للشمس.

وبينما كان أريس يشعر بفخر بعمله، ظهرت شاشة زرقاء أمامه:

[لقد حصلت على لقب متدرب كيمياء: قابل للنمو (انقر من أجل معرفة وظيفة اللقب)]

رغم أنه مجرد سطر واحد ظهر على الشاشة، إلا أنه جعل عيني أريس تتسعان من الصدمة.

"لقد حصلت على لقب أخير!"

يجب أن تعلم أنه عندما درس أريس النظام، أدرك أهمية الألقاب التي تساعد المرء على النمو وإتقان أشياء ليست من اختصاصه. بسرعة، مد إصبعه وضغط مباشرة لمعرفة المزيد عن أول لقب حصل عليه.

[متدرب كيمياء:

وصف: قد أظهرت براعتك في الكيمياء باختراعك وصفة جديدة في هذا العالم، وبسبب صبرك ودقتك وتفانيك حصلت على لقب متدرب.

وظيفة: يمكنك صنع العديد من الجرعات والإبداعات في الكيمياء ذات مستوى متدرب كيمياء، وبفضل اللقب سترتفع نسبة نجاحك 30%.]

عندما رأى أريس المعلومات شعر أن الأمر غير منطقي قليلًا، فهو لم يخترع شيئًا بل أعاد صياغة وصفة فقط.

"إذن هل هذا يعني أن مخترع الجرعة أصبحت أنا؟ وبهذا حصلت على هذا اللقب؟"

شعر أريس بحزن لمدة ثانية واحدة فقط، لكنه سرعان ما أزاحه بابتسامة باردة.

"ومن يهتم؟ المهم أنني حصلت على لقب وهو قابل للنمو، وهذا يعني أنني استطعت السير في طريق كيمياء العين."

رغم أنه مجرد لقب "متدرب كيمياء" ونسبة نجاح 30%، إلا أن هذا كافٍ الآن. في المستقبل سيقوم بتطويره، وبكل ذكرياته حول الوصفات والموارد، سيصبح من أعظم الكيميائيين في العالم.

أخذ أريس نفسًا عميقًا وهدأ مشاعره وأعاد تركيزه على الجرعات، حيث لم يتبقَّ لديه سوى 10 جرعات لتقوية الجسد بعد أن نفدت موارده.

فعّل "عين الملك":

[الاسم: جرعة تقوية جسد

الرتبة: جرعة من درجة 1

الوصف: جرعة صُنعت من موارد بسيطة لكنها أحدثت تغيرًا كبيرًا في كيمياء هذا العالم.

المفعول: تقوية الجسد وتطهير الشوائب عندما يكون الجسد غير مدرّب ولم يستعمل الهالة، بينما عندما يستعملها مستخدم الهالة تقوم فقط بتقوية الجسد.]

عندما قرأ أريس المعلومات التي أظهرتها "عين الملك"، كانت كما توقع.

في هذا العالم يتم تقسيم الجرعات من درجة 1 إلى درجة 9.

بعد ذلك انشغل أريس بتوليف الجرعات، والوقت يمر ببطء. السماء فوقه سوداء مرصعة بالنجوم، والقمر ينير بضياء هادئ. نسيم الرياح العليل تسلل إلى الغرفة، يحرك روحه ويغمره بالهدوء والسكينة.

كان أريس قد انتهى بعد ساعتين من توليف عشرة جرعات، وظهر أمامه سائل لم يعد أسود برائحة قوية، بل صار فضيًا متلألئًا كأنه يحتوي على ضوء خافت، ورائحته منعشة تغمر الروح بالطمأنينة.

عندما شم أريس تلك الرائحة العطرة، ارتجف جسده كله، وشعر أن كل خلية فيه ترقص فرحًا. مباشرة فعّل "عين الملك":

[الاسم: جرعة فضية

الرتبة: جرعة من درجة 5

الوصف: كانت في الأصل مجرد جرعة من درجة 1، إلا أنها خضعت لتغير بقوة مجهولة أدت إلى ولادة جرعة من درجة 5.

المفعول: تقوية الجسد وتطهير الشوائب بشكل شامل، وقد تتسبب في إيقاظ بنية جسدية خاصة بنسبة احتمال 0.01%.]

عندما رأى أريس المعلومات بدأ تنفّسه يتسارع بقوة، حتى بدا صدره وكأنه يعلو ويهبط بعنف. جرعة من الدرجة الخامسة! هل يمكنك تخيّل ما يعنيه ذلك؟ أريس، الذي عاد بالزمن أربعة أيام فقط، يحصل الآن على جرعةٍ تصنع عادةً على يد كيميائيين متقدّمين.

لو عُرضت هذه الجرعة في السوق، لتوافد عليها العديد من النبلاء بشراهة، يتنافسون كذئابٍ جائعة من أجل الحصول عليها. رائحة الأعشاب النادرة امتزجت بخفّة مع الهواء، حادّة بعض الشيء، لتذكره بأنها ليست جرعة عادية على الإطلاق.

ومع استخدام هذه الجرعة، فهذا يعني أن جسد أريس سيتجاوز قيوده الجسدية السابقة، ويفتح له الطريق لبدء تدريبه على تقنية التأمّل. شعر بحرارة خفيفة تشتعل في أوردته، كأن نارًا صافية تسري داخل دمه، فانعكس ذلك على عينيه اللتين تلألأتا ببريق قوي .

تمتم بصوتٍ خافت وهو يبتسم بخفة:

"بهذه الجرعة أنا متأكد أنني سأبني أساسًا قويًا... أما مسألة إيقاظ بُنية جسدية؟ آسف، هذا شيء أشبه بالمستحيل."

أول نسبة نجاح لإيقاظ البنية الجسدية تكاد تعادل الصفر، بل أقل. فلكي يحصل المرء على بنية جسدية يجب أن يسري في عروقه دمٌ قديم، دمٌ لا تحمله إلا العائلة الملكية، الدوقات الأربعة، وبعض العائلات العريقة ذات التاريخ الطويل في إمبراطورية الشمس.

2025/09/17 · 49 مشاهدة · 1168 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025