عندما فكّر أريس في الدماء والعائلات النبيلة شعر بغضب شديد، فقد عانى كثيرًا بسبب تلك الكلمات: "النبلاء فوق العامة". وكان السبب في ذلك قانون الإمبراطورية الشمس الذي منح الحصانة والقوة للنبلاء. هذا القرار صدر من قِبل الإمبراطور المؤسس عندما وحّد الممالك الست تحت راية واحدة، حيث منح الصلاحيات للعائلات النبيلة التي تبعته في ذلك الوقت.

قد تتساءل: ألم يخَفْ الإمبراطور المؤسس عندما منحهم تلك الصلاحيات؟

الجواب الذي تعلمه أريس في حياته السابقة هو: لا.

لأنها كانت جزءًا من خطته لجعلهم يغرقون في الفساد حتى النخاع. ونتيجة لذلك، تركوا التدريب والقوة ليستمتعوا بحياة الترف، وإذا فكّر أحدهم بالوقوف ضد هذا المسار، يُرسَل إلى الحدود للقتال، فيضعف تدريجيًا. هكذا أضعفت العائلة الملكية النبلاء، بينما استمرت هي في زيادة قوتها ونفوذها.

كما زُرعت فكرة مفادها: "دماء النبلاء تبقى للنبلاء"، ولا يجوز أن تختلط بغيرها حتى لو امتلك شخص عادي موهبة عظيمة. لأن الأطفال الذين قد يولدون من هذا الاختلاط سيكونون ذوي موهبة أقوى وهالة أو طاقة سحرية أعظم تجري في عروقهم.

وبسبب هذا، احتفظ هؤلاء الخنازير بمكانتهم، متكبرين ومتراجعِين عن أي إصلاح.

ونتيجة لذلك، فإن الإمبراطورية الشمس في المستقبل ستضعف أمام الحروب، ولولا أن "ريان" بطل الضوء، ومعه اثنان من الأبطال الآخرين وُلدوا من رحم الإمبراطورية، إضافةً إلى "آرثر" ولي العهد، و"أريس"، وخمسة من الأعمدة الاثني عشر... لكانت نهاية الإمبراطورية الشمس قد حانت بالفعل.

كان هؤلاء هم الوجوه الذين ردعوا الأعداء والطامعين.

"لا يهم إن كنت سأوقظ بُنية جسدية خاصة أم لا... ما يهم هو أنني سأستطيع استخدام الهالة والطاقة السحرية."

لم يهتم أريس بشيء آخر، ولا بما سيحدث في المستقبل. في النهاية، لقد ملَّ من العمل كالكلب من أجل أناس لم يمنحوه قيمته.

"حتى وإن عاد إنتاريس في المستقبل هذا دور ريان لذلك هذه مرة ليؤدي عمله كالبطل... فأنا، في هذه الحياة، سأسعى إلى مكانتي الحقيقية في القمة."

رفع أريس القارورة الفضية وشرب الجرعة دفعة واحدة.

ما إن لامست الجرعة فمه حتى انفجر إحساس بارد ومنعش في داخله، كأن نسمة ثلجية انطلقت في عروقه. ومع انتشار هذا الإحساس الممتع في أنحاء جسده،

ما إن انتشر الإحساس البارد المنعش في جسد أريس حتى

تلاشى فجأة، واستُبدل بصاعقة تمزق أحشاؤه من الداخل.

شعر أن عروقه تتمدد بجنون، كأن نارًا سائلة تجري فيها، بينما دماؤه تغلي وتفور، تصطدم بجدران أوعيته الدموية حتى كادت تنفجر.

بدأت عضلاته ترتجف بعنف، ثم شدّت نفسها بقوة كأنها حبال من الحديد على وشك التمزق. العظام تحت جلده أصدرت أصوات طقطقة متواصلة، كأنها تتحطم ثم تعود لتتشكل من جديد، وكان كل ارتطامٍ منها يرسل رجفة ألم عبر جسده.

شعر بضلوعه تضيق على رئتيه، كأن قفصه الصدري يريد أن يسحق قلبه.

أعصابه اشتعلت كخيوط نحاسية موصولة بالبرق، كل نبضة كهربائية فيها كانت تُمزق وعيه إلى أشلاء.

بطنه انقبضت حتى شعر وكأن معدته تُعصر بيد خفية، وأحشاؤه تلتف حول نفسها. حلقه امتلأ بطَعم معدني لاذع، طعم دمائه التي صعدت من الداخل مع حرارة خانقة.

حتى عينيه لم تسلما، فقد شعر وكأنها تغلي في محجريهما. الرؤية أمامه بدأت تهتز، وكل شعيرة دموية في عينيه انفجرت لتغطيهما باللون الأحمر الداكن.

الأذنان التقطتا دويًا غريبًا، كأن هدير محيط كامل يضغط على رأسه، وفي أنفه امتزجت رائحة حديدية حادة برائحة لحم محروق.

" أعععععع "

صرخته اخترقت الغرفة، لكن جسده تحرك بغريزة البقاء، أغلق فمه بقوة وعضّ على يده حتى انغرست أسنانه في جلده، لينكتم صراخه. ومع ذلك، الدماء تسربت من بين أصابعه.

سقط على الأرض، يتلوى، وكل حركة منه كانت تصاحبها شقوق دموية تنفتح على جلده، وكأن جسده يتمزق من الداخل للخارج. العظام تحت جلده واصلت الطَقطَقة، بعضها كُسر بالفعل، ثم أعيد لحمه لتثبيته في مكانه بالقوة.

كان الألم يفوق حدود الوصف، كأنه يُسحق من الداخل بألف إبرةٍ نارية في وقت واحد.

وعندما بدأ وعيه يذوب في الظلام، لم تكن آخر كلماته سوى:

"اللعنة... هل جسدي لم يستطع تحمّل قوة جرعة من الدرجة الخامسة؟... هل هذه هي النهاية؟"

كانت تلك آخر فكرة خطرت بباله قبل أن يفقد وعيه.

سكنت الغرفة فجأة، كأنها فارغة من الحياة. لم يبقَ سوى جسد أريس المستلقي في منتصفها، يرتجف بقوة ويُصدر بين الحين والآخر أنينًا مكبوتًا وصوت طَحْطَمة عظام تتكسر ببطء. كان ضوء القمر يتساقط عليه بقوة، كما لو كان يحرسه ويتفقده. لكن فجأة، بدأ لون القمر يتغير... تحوّل إلى رمادي باهت.

في الخارج، كانت السماء مزينة بالقمر والنجوم، صافية بلا سحب. لكن في غمضة عين، تغيّر كل شيء.

اختفت الزرقة، وحلّ ظلام مطلق، أسود كثقب بلا قرار، كأنه يستعد لابتلاع العالم.

تشكلت سُحب كثيفة تجمعت في دوامات هائلة في السماء، تشبه عيونًا عملاقة تحدق في كل شيء. دوّى صوت الرعد، وتقطعت السماء بوميض برق لامع.

اشتدت الرياح، تصاعد زئير الوحوش من بعيد، كأنه يتجاوب مع كارثةٍ ما. ارتجف العالم بخوف خالص، وكأن شيئًا مرعبًا قد قَدِم.

انفجرت براكين في مناطق شاسعة، وزلازل ضربت الأرض، بينما في المحيط ظهرت دوامات عملاقة كهاوية لا نهاية لها.

شعر جميع سكان العالم بالخوف، ليس في السماء فقط، بل حتى في الجحيم ذاته ارتجفت الأرواح.

في مدينة القلب، استيقظ الجميع مذعورين، وقد ملأت عيونهم رهبةٌ طاغية، وأجسادهم ترتجف لدرجة أن كثيرًا منهم سقطوا راكعين، وبعضهم أغمي عليه.

في أكاديمية القلب، ظهر عدد من الأشخاص فوق مبناها العظيم، يتقدمهم المدير "ألان فورستر" وعدد من المعلمين. كما ظهرت كيانات أخرى لا تحمل ملامح بشرية، بل كانت من أعراق أخرى عريقة. لم ينطق أحدهم بكلمة، بل كانوا جميعًا يرفعون أبصارهم نحو السماء.

وفي قصر الفخر، كان هناك شاب ذو شعرٍ أصفر يميل إلى الذهبي، وعينين زرقاوين كسماوات صافية، يركع على الأرض وجسده كله يرتجف من شدة الرعب. بجانبه، كانت امرأة شابة جميلة تطفو في الهواء، ذات شعرٍ أصفر وعيون خضراء. كان هذا هو "ريان" ومعلمته.

تمتمت المعلمة بصوت مرتجف:

"ما الذي يمكن أن يسبب هذا التغيّر في العالم... ويجعل هذه المشاهد تمتد على هذه المساحة الشاسعة؟"

ولو كانت تعرف... بل لو كان الجميع يعرفون... أن هذه المشاهد لم تحدث في عالم واحد فقط، بل في كل العوالم معًا. ماذا كانوا سيعتقدون؟

لكن لا يهم. لأن الحقيقة ستنكشف قريبًا.

اليوم الذي ستُعاد فيه كتابة قواعد العوالم وتاريخها قد بدأ.

اليوم الذي سيرتفع فيه ابن النبوءة، الذي ترتجف منه السماء والجحيم على حد سواء. عندها فقط سيرى الجميع مشاهد أعظم من هذه بكثير.

___

مرّ الوقت شيئًا فشيئًا حتى بدأت السماء تعود تدريجيًا إلى حالتها الطبيعية، ليلٌ مزين بالنجوم وقمر يرقب العالم باهتمامٍ صامت.

اختفى زئير الوحوش، وتبدّد الضغط المرعب الذي خيّم على الأجواء. كل شيء صار ساكنًا، كأن ذلك المشهد المروّع لم يكن موجودًا منذ لحظات قصيرة، وكأن نهاية العالم التي اقتربت قد سُحبت فجأة من تحت الأقدام.

نظر الجميع إلى بعضهم بعضًا بعجزٍ وحيرة، ولا أحد منهم استطاع أن يفهم ما حدث. لكن القوى العظمى لم تلتزم الصمت، فقد بدأت بالاجتماع سرًا، تحاول معرفة ما الذي هزّ العالم بهذه الطريقة المرعبة.

في منزل أريس، كان ما يزال مغمى عليه، لكن جسده عاد إلى طبيعته، وكأنه شخص نائم بهدوء... لولا أن الغرفة امتلأت برائحة الدماء الثقيلة، المختلطة برائحة كريهة نفاذة، ورؤيته في ذلك الوضع: جسد مغطى بملابس ملطخة بالأحمر والأسود، يشبه شخصًا تعذب لأيام طويلة.

ومع ذلك، كان هناك أمر غريب؛ إذ إن جزيئات المانا في الهواء بدأت تتدفق نحوه بهدوء، كأنها تعود إلى أصلها ومصدرها الحقيقي. مع كل نفسٍ يخرجه أريس، كان الهواء حوله يهتز بخفة، كأن جسده صار مغناطيسًا خفيًا يجذب الطاقة.

مرّ الليل وحلّ الصباح، لكن مدينة القلب لم تستيقظ كما اعتادت. النشاط كان أقل بكثير، الأسواق تملؤها همسات القلق، وأسعار الطعام والأسلحة ارتفعت بشكلٍ واضح. ولو سألت أحدهم عن السبب، لقال دون تردد: "نهاية العالم قادمة... لذلك نستعد."

في ذلك الوقت، فتح أريس عينيه أخيرًا. كان أول ما استقبله هو رائحة الدم المتخثر والشوائب التي ملأت الغرفة، فاندفع مباشرةً نحو الحمام قبل أن يُفكر حتى بفحص نفسه.

الماء البارد انسكب على جسده، جرف معه بقايا الدم المتيبس، ورائحة الحديد الثقيلة بدأت تختفي تدريجيًا. ومع كل قطرة تنحدر على جلده، شعر أريس وكأن وزنه يتلاشى، جسده صار أخف وأكثر مرونة، ودفء غريب ينبض في عروقه.

"ما هذا... هل أيقظتُ الهالة؟"

في تلك اللحظة، وكأن النظام كان ينتظر هذا المشهد منذ زمن، ظهرت أمامه شاشة زرقاء مضيئة بخطوط متوهجة:

[مبــارك! لقد أيقظتَ بُنية جسدية خاصة من درجة EX: جسد الفوضى.

(انقر من أجل معرفة مزيد من التفاصيل)]

2025/09/17 · 68 مشاهدة · 1280 كلمة
sir
نادي الروايات - 2025